شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
انطلاقاً من وازع ديني…

انطلاقاً من وازع ديني… "الصهيونية المسيحية" ودور متزايد في تشجيع الهجرة إلى إسرائيل

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 10 مارس 202109:59 ص

الأعمال الخيرية اليهودية آخذة في التقلص، بما في ذلك تمويل "عودة" يهود الشتات إلى إسرائيل، والجماعات المسيحية الدولية المتدينة التي تمثل ما يعرف بـ"الصهيونية المسيحية" تحل محلها.


حين وصل 300 من يهود الفلاشا الإثيوبيين إسرائيل في 12 شباط/ فبراير المنقضي، احتفت بهم الحكومة الإسرائيلية كثيراً من دون أية إشارة إلى الجهات التي موّلت رحلتهم إلى إسرائيل. والفلاشا هم الإثيوبيون الذين اعتنق أسلافهم اليهود المسيحية قبل أجيال، يرجح بالإكراه. وثمة 140 ألف يهودي إثيوبي في إسرائيل، وهم أقلية صغيرة مقارنةً بعدد السكان الذي يناهز تسعة ملايين.


كانت الرحلة الفوج الأخير في إطار عملية "Rock of Israel" التي أدت إلى عودة 2000 من أفراد مجتمع الفلاشا ضمن موجة "عليا" (Aliyah) - مصطلح عبري صهيوني يشار به إلى هجرة اليهود إلى إسرائيل.


موّلت "السفارة المسيحية الدولية في القدس"، وهي منظمة مسيحية صهيونية، الرحلة التي تعثرت بفعل جائحة فيروس كورونا وإغلاق المجال الجوي الإسرائيلي وأيضاً بفعل نقص التمويل للوكالة اليهودية، المؤسسة شبه الحكومية المعنية بإعادة يهود الشتات. منحت المنظمة كل مهاجر 1300 دولار قبل بدء الرحلة.


ليست هذه الرحلة فقط، بل العديد من المهاجرين الإثيوبيين الجدد، الذين وصلوا إسرائيل خلال الأشهر الأخيرة، غطت الجماعات الإنجيلية تكاليف سفرهم، وفق صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.

مساهمةً في تحقيق "نبوءات الكتاب المقدس"... لماذا تموّل منظمات مسيحية "متدينة"، بما في ذلك في ماليزيا وإندونيسيا، عودة يهود إلى إسرائيل؟ ولماذا لا تمولها حكومة إسرائيل؟

لماذا يموّل مسيحيون "عليا"؟

أشارت الصحيفة إلى أن تمويل "عليا" الذي كان ذات يوم "قضية مقدسة" للمنظمات اليهودية في الشتات، تضرر بشدة من "استمرار تراجع الأعمال الخيرية اليهودية، فيما "تتقدم الجماعات المسيحية على نحو متزايد لسد الفراغ بحماسة وحيوية ظاهرتين".


يُطلق على الجماعات الإنجيلية المعنية بعودة اليهود لإسرائيل "الصهاينة المسيحيون"، وهم متدينون ومحافظون جداً، ويرجع تمويلهم "عليا" إلى أسباب تتعلق بأجندتهم السياسية ومعتقداتهم الدينية.


بعبارة أخرى، تُعد المساهمة في جمع يهود الشتات فرصة - بحسب اعتقادهم - للمشاركة في تحقيق نبوءات الكتاب المقدس، كمقدمة لمجيء المسيح المنتظر والمخلص والمنقذ ليخلص شعبه إسرائيل.


وانخراط جماعات التيار المسيحي الصهيوني في تمويل الهجرة لإسرائيل ليس أمراً جديداً. فمنذ 30 عاماً، قدمت المنظمات الإنجيلية المساعدة لليهود الذين كانوا بصدد مغادرة الاتحاد السوفياتي السابق إلى إسرائيل. 


الجديد هو التوسع في تمويل هذا النشاط وصولاً إلى "تحمل المجتمع الإنجيلي نصيباً أكبر من العبء"، وفق هآرتس، التي توضح: "ليس فقط الإنجيليون في الولايات المتحدة وأوروبا، بل يأتي المزيد والمزيد من التبرعات في السنوات الأخيرة من المنظمات والكنائس في البلدان التي لا توجد فيها جاليات يهودية تتحدث باسمها، مثل الصين وكوريا الجنوبية، وأبعد من ذلك من دول مثل إندونيسيا وماليزيا، وهما دولتان فيهما أغلبية مسلمة لا تربطهما علاقات دبلوماسية مع إسرائيل".


على سبيل المثال، وفي حين أنه يكاد يكون وجود اليهود نادراً في كوريا الجنوبية، تعمل منظمة "عليا كوريا" على الترويج لهجرة يهود بلدان أخرى إلى إسرائيل. جمعت المنظمة 350 ألف دولار، كانت كافية لجلب 300 يهودي فرنسي إلى إسرائيل، وتمويل رحلة طيران حديثة ضمت 120 مهاجراً من كازاخستان.

"نحن، كمسيحيين، ننعم بالخلاص من يسوع ومن ربنا الله. لذلك، نحن ملزمون بمباركة إسرائيل والمشاركة في عملية تحقيق النبوءة تمهيداً لعودة المسيح"

تعكف المنظمة حالياً على جمع المزيد من الأموال لهجرة المزيد من الفلاشا لإسرائيل. رغم نقل الآلاف منهم لإسرائيل على فترات منذ عام 1984، يعتقد أن 8000 من يهود الفلاشا الذين لديهم أقرباء في إسرائيل لا يزالون في إثيوبيا.


وعن ذلك، قال القس سانغ جيل جانغ، من المنظمة الخيرية الكورية، لهآرتس: "نحن كمسيحيين ننعم بالخلاص من يسوع ومن ربنا الله. لذلك، نحن ملزمون بمباركة إسرائيل والمشاركة في عملية تحقيق النبوة تمهيدًا لعودة المسيح".


وفي حين أثرت جائحة فيروس كورونا على السفر عالمياً، هاجر إلى إسرائيل عام 2020 - وفق الوكالة اليهودية - 20 ألف شخص، بانخفاض 40% عن عام 2019. ساهمت الجماعات المسيحية في تمويل نحو ثلث هؤلاء المهاجرين، ليس في تكاليف الرحلات فحسب، بل أيضاً في المصاريف الشخصية، بما في ذلك تكلفة أسبوعين حجر في فندق كورونا في أغلب الأحيان.


ولفتت هآرتس إلى صعوبة تحديد الأرقام الدقيقة لمساهمات الجماعات الإنجيلية في "عليا" نظراً لإحجام الوكالة اليهودية وصندوق "كيرين هايسود"، المنظمتين اللتين تتم عبرهما عمليات تحويل القدر الأكبر من الأموال، عن مشاركة المعلومات. 


إلى ذلك، تظهر أرقام اطلعت عليها الصحيفة الإسرائيلية أن "كيرين هايسود" جمع نحو 10 ملايين دولار العام الماضي من متبرعين مسيحيين، أي ما يمثل 5% من إجمالي التبرعات التي وصلتها، وقد خُصص مبلغ ثمانية ملايين دولار لأنشطة الهجرة. يعني هذا أن تبرعات الإنجيليين غطت المبلغ المخصص للهجرة.


لا تمويل حكومياً 

من  جهتها، تموّل الحكومة الإسرائيلية بالقدر الأكبر المزايا المقدمة للمهاجرين الجدد لدى وصولهم إلى البلاد. في حين أن امتناعها عن تمويل الرحلات الجوية والأنشطة الأخرى على الأرض التي تهدف إلى إعادة يهود الشتات ليس مؤداه نقص السيولة وإنما لخشيتها على علاقاتها الدبلوماسية مع الدول الأخرى.

يهود أمريكا يفضلون التبرع لاحتياجات اليهود المحلية لا في إسرائيل. مع ذلك، يرى قادة يهود أن التبرعات المسيحية لإعادة يهود الشتات "مهينة" و"معيبة" وتعبّر عن "التخلي عن الصهيونية"

بعبارات أكثر توضيحاً، لن يكون جيداً إذا كانت الحكومة الإسرائيلية منخرطة بشكل مباشر في نشاط تشجيع المواطنين اليهود في البلدان الأخرى على تركها والانتقال لإسرائيل. لذا أوكلت المهمة للوكالة اليهودية التي لا تعد جهةً رسمية.


اليهود أقل اهتماماً بالتبرع لإسرائيل

على الجانب الآخر، سلطت هآرتس الضوء على "الانخفاض المستمر في التمويل الذي تتلقاه الوكالة اليهودية من الجماعات اليهودية الأمريكية". خلال الـ20 عاماً الماضية، انخفض مقدار الأموال التي قدمتها هذه الجماعات اليهودية إلى الوكالة بأكثر من 60%، وقلت عن 70 مليون دولار في العام الماضي.


عزت مصادر الصحيفة ذلك إلى أن "اليهود الأمريكيين الشباب أكثر ميلاً للتبرع لسد الاحتياجات اليهودية المحلية (في أمريكا) لا إسرائيل". حتى حين يرغب هؤلاء في التبرع لنشاطات في إسرائيل، يفضلون فعل ذلك مباشرةً وليس عبر جمعيات، وفق الصحيفة.


وفيما التبرعات الإنجيلية موضع ترحيب منظمات يهودية مثل الوكالة اليهودية، هناك فريق في العالم اليهودي يراها "مهينة" و"معيبة". أبراهام فوكسمان، المدير السابق لمنظمة "رابطة مكافحة التشهير" اليهودية، أحد أبرز منتقدي هذا النشاط. 


قال فوكسمان: "عدم قدرتنا على تحقيق هذا الهدف الصهيوني الأساسي المتمثل في جلب اليهود الذين يريدون العودة إلى إسرائيل، والاعتماد على المسيحيين للقيام بذلك، هو التخلي عن صهيونيتنا"، مضيفاً "هذا ما يفترض أن تكون عليه الصهيونية. وإلا فلماذا لدينا دولة يهودية صهيونية؟".


ذهب فوكسمان أبعد بالزعم أن قادة العالم اليهود بحاجة إلى أن يكونوا أكثر تشككاً في دوافع أولئك المسيحيين المتحمسين جداً لهجرة اليهود، مردفاً "عندما يقول المسيحيون الإنجيليون إنهم يريدوننا هناك (في إسرائيل)، وإنهم بحاجة إلى اليهود في إسرائيل، وإنهم بحاجة إلى أن تكون إسرائيل قوية، فإننا نعرف السبب. إنه من أجل مجيء المسيح الثاني. إذن، لا أعتقد أنه يجب على اليهود الذهاب إلى إسرائيل من أجل عودة المسيح".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image