بعد أشهر طويلة من الاعتقال، أصدرت محكمة إسرائيلية حكماً بالسجن عامين مع غرامة مالية ضد خالدة جرار النائبة في المجلس التشريعي الفلسطيني، في 1 آذار/ مارس، بسبب عضويتها في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي يصنفها الاحتلال منظمةً "إرهابية".
واعتقلت جرار (58 عاماً) في 31 تشرين الأول/ أكتوبر عام 2019، على خلفية عملية عبوين، التي نفذتها واحدة من المجموعات العسكرية الموالية للجبهة الشعبية، وقُتلت خلالها مراهقة إسرائيلية من سكان المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية المحتلة.
من هي خالدة جرار؟
وجرار الحاصلة على ماجستير في الديمقراطية وحقوق الإنسان، واحدة من أبرز القيادات السياسية والاجتماعية الفلسطينية، وقد اشتُهرت بخطبها النارية ضد إسرائيل.
قبيل انتخابها نائبةً في المجلس التشريعي الفلسطيني، عملت جرار مديرةً لمؤسسة الضمير الفلسطينية لرعاية الأسير وحقوق الإنسان منذ عام 1994 حتى عام 2006. منذ ذلك الحين، عُيّنت نائبةً لرئيس مجلس إدارة المؤسسة الحقوقية بالتوازي مع توليها ملف الأسرى في المجلس التشريعي الفلسطيني. وكانت أيضاً عضوةً في اللجنة الوطنية العليا لمتابعة ملف انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية. وجرى اعتقالها إدارياً لأشهر طويلة بين عامي 2015 و2017.
ومنعت إسرائيل المناضلة الفلسطينية، التي ركزت على قضايا حقوق الإنسان وتحسين وضع المرأة، من مغادرة الضفة الغربية منذ عام 1998. ولم تغادرها إلا مرة واحدة للأردن لغرض العلاج عام 2010 عقب "ضغط دبلوماسي" و"إجراءات قانونية طويلة".
اشتهرت بخطبها النارية ضد الاحتلال… محكمة إسرائيلية تقضي بسجن خالدة جرار القيادية في الجبهة الشعبية عاميْن وغرامة 1200 دولار أمريكي
وخلافاً لتكرار اعتقالها إدارياً، صدر قرار بإبعاد جرار إلى أريحا في آب/ أغسطس عام 2014، وتم تقصير المدة المقررة للإبعاد بعد حوالى شهر من إصداره، عقب اعتصامها داخل مقر المجلس التشريعي الفلسطيني رفضاً له.
وجرار متزوجة من رجل الأعمال الفلسطيني غسان جرار الذي تعرض مراراً للاعتقال الإداري والتحقيق والإبعاد من قبل الاحتلال. ولديها ابنتان، يافا (28 عاماً) وسهى (24 عاماً)، وكلتاهما تكملان الدراسة العليا في كندا حيث تنشطان في حملة المقاطعة الدولية ضد إسرائيل (BDS).
انتهاك القانون الدولي
جاء توقيف جرار عام 2019 عقب ثمانية أشهر من الإفراج عنها بعد اعتقال إداري دام 20 شهراً. آنذاك، اقتحم جنود الاحتلال منزلها بمدينة البيرة، مركز محافظة رام الله والبيرة، صباحاً ونُقلت إلى معسكر عوفر للاحتجاز، وتم تفتيشها واستجوابها بشأن عضويتها ودورها في الجبهة الشعبية.
خلال عملية التحقيق، نُقلت جرار بين عدد من مراكز التحقيق والاحتجاز الإسرائيلية، بما في ذلك سجن هشارون ومركز المسكوبية حيث تعرضت لتعذيب نفسي ولأصوات أشخاص يصرخون. وانتهى بها المطاف إلى سجن الدامون الذي تكمل فيه فترة اعتقالها التي شارفت العامين.
وكانت سلطات الاحتلال قد أعلنت لائحة اتهام جرار في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2019، وقد بُني الاتهام فيها على توليها منصباً في تنظيم الجبهة الشعبية المحظور بموجب الأوامر العسكرية الإسرائيلية.
ويقضي الحكم الإسرائيلي الأخير بحبس جرار عامين وإلزامها دفع غرامة 1200 دولار أمريكي. وهي العقوبة التي تتنافى تماماً مع القانون الدولي الذي يحظر المعاقبة على نفس الفعل مرتين.
يمثل الحكم خرقاً صارخاً للقانون الدولي الذي يحظر المعاقبة على نفس التهمة مرتين، إذ سُجنت جرار عام 2015 مدة 15 شهراً لدورها في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أيضاً
ففي عام 2015، عوقبت جرار للمرة الأولى بسبب انتمائها للمنظمة الفلسطينية، وقضت آنذاك 15 شهراً في سجون الاحتلال حتى غادرتها في حزيران/ يونيو عام 2016. وأعيد اعتقالها إدارياً عام 2017 مدة 20 شهراً على صلة بنفس الدور. ولأن فترة اعتقالها طالت، بقي من محكوميتها هذه المرة سبعة أشهر قبل أن تحصل على حريتها ما لم يُمدّد الاحتلال اعتقالها إدارياً بأي من ذرائعه التي لا تنتهي.
برر الاحتلال إعادة اعتقالها على خلفية التهمة ذاتها بالقول إن جرار كثّفت نشاطها في الجبهة الشعبية منذ إطلاق سراحها من السجن. غير أن مؤسسة الضمير ترى أن ما يفعله الاحتلال مع جرار لا يُبرر إلا بأن "النيابة العسكرية (الإسرائيلية) تعمل على استنفاذ كافة صلاحياتها القانونية لإبقاء النائبة خالدة جرار رهن الاعتقال أطول مدة ممكنة".
سياسة ممنهجة
من جهتها، عدّت مؤسسة الضمير الفلسطينية الحكم مؤشّراً جديداً إلى "السياسة الممنهجة لسلطات الاحتلال باستهداف القيادات السياسيّة الفلسطينيّة لمنع أي عمل سياسيّ مناهض للاحتلال، واستخدام الجهاز القضائي العسكريّ لفرض السيطرة وحرمان الشعب الفلسطينيّ من حقوقه".
وانتهزت المؤسسة فرصة الحكم للتأكيد على "عدم شرعية المحاكم العسكريّة ومخالفتها قواعد القانون الدولي" ومطالبة "المجتمع الدوليّ بتحمّل المسؤولية في إنهاء الاحتلال وإطلاق سراح الأسرى السياسيين الفلسطينيين".
ويسبق الحكم بحق جرار الانتخابات التشريعية الفلسطينية المرتقبة. وكان الاحتلال قد كثّف من استهدافه للنواب الفلسطينيين عقب انتخابات عام 2006 إذ اعتقل 60 منهم على الأقل. منذ ذلك الحين، أعيد توقيف غالبية هؤلاء النواب الفلسطينيين بذرائع مختلفة، فيما لا يزال 11 منهم - بينهم جرار- قيد الاعتقال.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 4 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ اسبوعينخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين