شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"أزواجنا همجيون وسخفاء"... معنفات ومطلقات والسبب "لا يجدن الطبخ"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 25 فبراير 202104:21 م

"الله يقرفك شو هاد الطبيخ"، كلمات قاسية، وذكورية تسمعها الشابة فريال حسين (26 عاماً) من زوجها في حضور الآخرين، حتى باتت تستعد وهي تُعد الأطباق لسماع نقده اللاذع، والذي يصل إلى أنه يسكب الطعام عليها في بعض الأحيان.

"دبّر نفسك بالأكل"

تعيش فريال (تعمل محاسبة في إحدى الجهات الحكومية بغزة، ومتزوجة منذ عامين) حالة من التوتر النفسي بسبب العنف اللفظي، والجسدي اليومي على يد زوجها "العصبي، والهمجي"، كما تصفه، بسبب ردود فعله في عدم تقبله الطعام الذي تقوم بإعداده. تقول: "في بعض الأوقات أثناء تناول الأكل أُصدم ببعض الطعام المتطاير في وجهي، ومعه شتائم كبيرة".

حاولت فريال مرات عديدة معرفة ما الفرق بين طعامها وطعام حماتها، ولكن لم تجد فروقاً، لتبدأ في الشك في نفسها، امتنعت عن الطهو شهرين متتالين، ما دفع زوجها إلى استخدام عنف أكبر بحقها عقب امتناعها، وكانت في كل مرة تقول له "طعامي ما بيتاكل، دبر نفسك".

ومع مرور الأيام عادت للطهو بعد التوصل إلى اتفاق، أن يعدَّا الطعام معاً، حتى يصلا إلى نتيجة يتقبلانها، تقول: "ولكن بعد البدء في تنفيذ الاتفاق أخلّ هو، وكانت النتيجة أكثر عنفاً من سابقتها بشكل مفرط، وصلت الأمور إلى الضرب المبرح في بعض الأوقات".

"يشتمني أمام الجميع، وأخوه يعايرني بأن زوجته أكلها أحسن"، "لو عايزة تنامي معي اعملي أكل أحلى من ضرتك"، "انتي ما تصلحي زوجة، أهلك ضحكوا علي".. كلمات تسمعها زوجات لا يجدن الطبخ

المفاجأة بالنسبة لها كانت في رد حماتها على سؤالها حول الحل، أجابتها: "تصرفاته اتجاه عدم قبوله طعامي بأنه منذ صغره يمتلك مزاجية حادة خاصة بمذاق الطعام، حتى والدته كانت دوماً تعيش معه حالة من التوتر والخلافات حول الطعام ومذاقه، لأجد نفسي أمام واقع معقد لا أمتلك أدنى فكرة كيف أتصرف معه؟".

"نهاية قصة حب وزواج"

تزوجت هالة عبد الحكيم، اسم مستعار (31 عاماً)، تعمل رسامة تشكيلية، والابنة الصغرى بالعائلة، بعد قصة حب استمرت عاماً وثمانية شهور من أحد زملائها في الكلية.

تروي: "انتهت حكاية الحب بعد زواج استمر أربعة شهور بطلبي الطلاق منه، كنت أعيش معه حياة سوداء، ضبابية، لا تُنسى بتفاصيلها المؤلمة، والتي كانت تدور حول نقده وشتمي المستمرين لعدم قبوله مذاق طعامي، ووصفه بأوصاف لا تعقل".

تقول هالة لرصيف22 إنه كان يعرف أنها لا تجيد الطبخ، وتضيف: "وجدت التوبيخ والشتائم على مدار اليوم، وتجاوز ذلك لشتمي أمام إخوانه، ونقل تفاصيل حياتنا عند أهله، حتى بت أسمع النقد من أحد إخوانه يعايرني بزوجته التي يمجد طعامها".

حاولت هالة تعلم الطهو خلال فترة الخطبة، ولكن لم تستطع، تقول: "منذ صغري أحظى بكل الاهتمام والدلع بالمنزل ومع ذلك أدركت أنني مقبلة على حياة جديدة، ويجب أن أتعلم ما أجهله، وبالفعل تعلمت العديد من الأمور".

يحاول حموها "أبو زوجها" دائماً إنصافها، ومدح طعامها، والتدخل لتخفيف حدة أفعال ابنه، ولكن بلا فائدة، حتى طلبت الطلاق، "وكان الأمر سهلاً بالنسبة له، مما جعلني أعيش أصعب مراحل حياتي، وترك أثراً في داخلي، أصبحت أعيش حالة من العناد في طهو كل شيء، وبدأتُ أتولّى مهام داخل مطبخ أهلي بشكل كامل"، تقول متحسرةً.

تنهي هالة حديثها ساخرة: "كانت نهاية حكاية زواج بسبب أطباق الطعام".

على العكس من هالة، تحملت حنان يوسف، اسم مستعار، (29 عاماً) سبعة أعوام كل الضغوط النفسية، والضرب الجسدي للحفاظ على أبنائها الصغار.

تقول حنان لرصيف22: "أحدث لي تشوهاً بوجهي بعد كسر أطباق الطعام الزجاجية، بسبب عدم إعجابه بالطعام".

وهي تعدّ نفسها بارعة بإعداد الطعام، ولكن لا تحب المذاق المالح، على عكس زوجها، مما دفعها إلى تخصيص طبق حسب رغبته، "مع مرور الوقت تفاقمت حدة الأمور، في يوم وجدت الضرب ينهال عليّ من كل مكان دون سابق إنذار، احتميت بحماتي، ولكن كانت الأمور أكثر قسوة"، بحسب قولها.

أقسى ما سمعته حنان، عبارة: "لو بنعرف إنك هبلة بالطبخ لما أخذناك"، حاولت أن تصل لتفاهم مع زوجها، ولكنه كان يرى أنها "لا تصلح أن تكون زوجة".

"هجرني وتزوج عليّ"

تعاني سمر عليان، اسم مستعار، (32 عاماً)، ممرضة في مستشفى بغزة، من تعنت زوجها بسبب الطعام، إلى الدرجة التي تزوج عليها بأخرى، وسكنا في الطابق الأعلى، وبات يهملها، ولا يأكل معها.

تقول عليان لرصيف22: "في كل يوم أسمع جملة من الانتقادات على طعامي، وبات لا يتناول الطعام معي ومعظم أوقاته مع ضرتي التي تسكن بالطابق العلوي في نفس المنزل".

"يشترطون أن تكون البنت أو الزوجة حلوة، وبنت عيلة، وحاصلة على شهادة، وتشتغل موظفة، وتعلّم، وتطبخ، وفي حال نقصت أي صفة من تلك تعتبر البنت فيها عيب"

تطورت الأمور إلى أن وصلت إلى الهجران الكامل، وتشعر عليان بالغبن لأنها لا "تحصل على حقوقها كزوجة"، بينما هو "يعيش حياة وأجواء جميلة، وأنا في عتمة الليل أعيش أوجاعي، وبات يتلاعب بمشاعري، ويشترط أن أحضّر له طعاماً ينال إعجابه أكثر من طعام ضرتي إذا ما رغبت في إشباع رغبتي معه، وهذا ما جعلني أشعر باحتقار لوجودي بهذه الحياة".

"ذكورية ورجعية"

وانتقدت تغريد جمعة، المديرة التنفيذية لاتحاد لجان المرأة الفلسطينية، جملة من الأمور الذكورية التي تسود عقول المجتمع الفلسطيني، خاصة في غزة، تقول: "طبيعة المنطق القائم في غزة أن النساء في مجتمع ثقافته ذكورية ضد النساء، هذا يجعل الأمور أكثر تعقيداً أمامهن".

وتوضح تغريد لرصيف22: "غير قليل من الشباب يتشرطوا أن تكون البنت أو الزوجة بها كافة المواصفات، أن تكون حلوة، وبنت عيلة، وحاصلة على شهادة، وتشتغل موظفة، وتعلم، وتطبخ، وفي حال نقصت أي صفة من تلك تعتبر البنت فيها عيب. في المقابل يجب أن يراعي الذكر أنه يوجد أولويات، والاهتمام بها أكثر من الحديث عن مذاق وأسلوب الطهو".

وتشدد تغريد على ضرورة وجود "نوع من المشاركة، والتعاون بين الزوج والزوجة، وأن يدرك الرجل جيداً أن البنت في بيت أهلها تكون مدللة، خاصة إذا كانت طالبة أو كان الزواج مبكراً، وهذا يجعلنا نرى الخلافات بسبب عدم جودة الطهو، وهي ليست أساسية بالمقارنة بقضايا أخرى مثل التربية".

وتشير تغريد إلى أن قضايا الطلاق والانفصال بسبب عدم "جودة الطهو" تسود "فئات معينة في المجتمع الغزي"، ووصفت ذلك بـ"السخافة الذكورية".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image