خلال الساعات الماضية، تعالت أصوات الكويتيين النشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، داعيةً إلى إطلاق سراح مواطنة حُكمت بالسجن 10 سنوات، قضت منها ثلاثاً خلف القضبان، إثر "تغريدات" اعتبرت مسيئة للقيادات العليا في البلاد.
كان حساب "نسويات كويتيات"، الذي يتابعه نحو ألفي شخص عبر تويتر، أول من بدأ الدعوة بتدشين وسم #الحريه_لابتهال_الشلال_العنزي في الساعات الأولى من الثلاثاء 16 شباط/ فبراير، ليتصدر قائمة الأكثر تداولاً في البلاد حتى نشر هذه السطور.
على صلة بالوسم، تداول مستخدمون لتويتر تغريدات تعود إلى العام 2016، من حساب باسم "ابتهال الشلال"، يتضمن انتقاداً لاذعاً للمسؤولين في الكويت، لا سيما أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح ورؤساء الحكومة والمؤسسات الأمنية. في واحدة من التغريدات بتاريخ 28 كانون الثاني/ يناير عام 2016، وصفت صاحبة الحساب الأمير الراحل بأنه "أمير الضلال" وحكمه بـ"الفاسد".
ولم يتسنَّ لرصيف22 التحقق بشكل منفصل من الادعاءات. لكن لوحظ أن آخر تغريدة على الحساب تعود إلى يوم 29 من الشهر نفسه، وورد فيها: "وفي دولة المؤسسات، يا هذا وذاك، أكتب رأيي الذي لا يلزم أحداً سواي وبه وحده يتحدد انتمائي! فلا ترفعوا سكرها الله لا يبارك فيكم!"، وهو ما قد يعد رداً على تحريض مواطنين للسلطات على صاحبة الحساب.
تضامن غير مشروط
أعلن مغردون كويتيون وعرب التضامن الكامل مع ابتهال ضد الحكم "غير المعقول بسبب كلمة"، معتبرين أن هذا الحكم "مخيف جداً" لمجتمع "جُبِل على التعبير عن رأيه".
وغرد بعض مشاهير الكويت عبر الوسم أيضاً. شارك المحامي والنائب السابق في مجلس الأمة الكويتي، عبد الحميد دشتي في الدعوة وقال عبر حسابه الموثق: "امرأة كويتية قُضي بالحكم عليها 10 سنوات بسبب تغريدات، وقضت منها ثلاثاً حتى الآن. خلوكم من الإنسانية والدين، على الأقل النخوة! هذه سيدة".
"القتل مع سبق الإصرار جنحة، والتغريد جناية"... كويتيون يطالبون بـ #الحريه_لابتهال_الشلال_العنزي المحكومة بالسجن 10 سنوات بسبب تغريدات هاجمت فيها أمير البلاد السابق، واصفةً إياه بـ"أمير الضلال" وحكمه بـ"الفاسد"
وأضاف في تغريدة أخرى: "دولة المؤسسات والإنسانية والديمقراطية، دولة الحريات والتعبير عن الرأي، دولة القضاء العادل ووو... لكن إن نطقت حرفاً أو قلت كلمةً، تُحكم 73 سنة سجناً وتشرد!".
أما الكاتب الكويتي سعود العصفور، فقال: "لا للسجن بسبب كلمة... مهما كانت هذه الكلمة وكائناً من كان قائلها. #الحريه_لابتهال_الشلال_العنزي ولبقية من في السجن بسبب تغريدة أو قول".
ورفض كثيرون تطرق البعض إلى سبب الحكم المشدد، معتبرين أنه ليس من فعل يبرر سجن إنسان كل هذه السنوات بسبب رأي. كما شددوا على أن السجون ينبغي أن تكون لـ"القتلة والمجرمين والمغتصبين والمتحرشين" وليس لأصحاب الرأي.
وغرد عبد الرحمن: "سجن عشر سنوات بسبب رأي. لا تسأل عن السبب! اسأل نفسك هل طبيعي تبرير السجن لأصحاب الرأي؟ هل طبيعي تبرير قتل واغتصاب النساء؟ هل طبيعي تبرير إبادة البدون في دولة الإنسانية؟ أرجوكم غردوا دفاعاً عن جوهر الإنسان لا عن الأفكار التعليمية الاستبدادية!".
وسخر معلقون من حدوث هذا في بلد يطلق عليه "بلد الإنسانية". وبلهجة ساخرة أيضاً كتب عبد العزيز الدغيم: "المفارقة العجيبة أن القتل مع سبق الإصرار ‘جنحة‘ في بلد الإنسانية، والتغريد ‘جناية‘"، مذكراً بخبر عن تعديل حكم بشأن متهم بقتل شقيقته إلى السجن عامين فقط بعد تغيير مسمى الجرم إلى "جنحة ضرب" أفضى إلى موت.
على الجانب الآخر، هاجم البعض الدعوة للإفراج عن ابتهال، قائلين إن "الخروج على حكامنا والغلط عليهم" لا يعد من قبيل التعبير عن الرأي.
في #الكويت… يتم التغني بـ"دولة المؤسسات والإنسانية والديمقراطية ووو... لكن إن نطقت حرفاً أو قلت كلمةً، تُحكم 73 سنة سجناً وتُشَرَّد!"
لا حرية تعبير للمواطنين ولا للمقيمين
تعد الكويت واحدة من أكثر الدول العربية رقابةً وصرامةً في ما يخص التعامل مع التعبير عن الرأي عبر الإنترنت. وقد تكررت حالات التوقيف والمحاكمات بناءً على منشورات التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة، وخاصةً أولئك المقيمين والمواطنين الذين انتقدوا و/ أو سخروا من إجراءات البلاد لمكافحة جائحة فيروس كورونا.
وتتعدد القوانين المحلية التي تعاقب على المساس بالذات الأميرية وتصنّفها ضمن الجرائم الإلكترونية. على سبيل المثال، تقضي المادة (6) من قانون جرائم تقنية المعلومات في الكويت بـ"السجن والغرامة للمساس بالدين ورموزه، وانتقاد الأمير على الإنترنت". في حين تتضمن المادة (25) من قانون الأمن الوطني المحلي، إقرار عقوبات بالسجن مدة تصل إلى خمس سنوات لكل شخص يهين أمير البلاد علانية.
وهذه المواد وغيرها من القوانين التي تشرّع تقييد الحريات ومحاكمة المعارضين، منبثقة بالأساس من الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات التي صادقت عليها جامعة الدول العربية في كانون الأول/ ديسمبر عام 2010.
كما يعد التناقض في مواد الدستور الكويتي سبباً في ذلك إذ إن المادة (36) مثلاً تتحدث عن أن "حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون"، بينما المادة (54) منه تشدد على أن "الأمير رئيس الدولة، وذاته مصونة لا تمس".
وتجدر الإشارة إلى أن النائب السابق بمجلس الأمة الكويتي، صالح الملا، كان آخر المتهمين بـ"التطاول على الذات الأميرية" في البلاد نهاية العام الماضي، فيما كان الناشط الحقوقي الساخر محمد العجمي، الشهير بأبو عسم، أحد آخر الموقوفين على خلفية تغريدات "تزدري الدين الإسلامي".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين