في أحدث جرائم الأبارتهايد الإسرائيلي، اعتقلت قوات الاحتلال الكاتب الفلسطيني مهند أبو غوش من منزله بمدينة حيفا، واقتادته مباشرةً إلى إحدى محاكمها حيث تقرر اعتقاله إسبوعاً على ذمة التحقيق بتهمة التواصل مع أصدقاء في العالم العربي.
نعم، في ظل حكم نظام الفصل العنصري الإسرائيلي يصبح التواصل بين الأصدقاء في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 والدول العربية "جُرماً" يندرج تحت توصيف "التواصل مع عدو أجنبي". علماً أن أبو غوش ليس الأول ولن يكون الأخير الذي يحاكم بهذه التهمة من "العدالة" الإسرائيلية.
سياسة "إرهاب وعزل الفلسطينيين"
وأبو غوش هو كاتب وفنان فلسطيني ينحدر من مدينة القدس، نُشرت له مواد في مواقع وصحف فلسطينية وعربية، كما صدرت له مجموعة قصصية عن دار الآداب في بيروت. عُرف أبو غوش بمواقفه الداعمة لحقوق الشعوب العربية والمناهضة لنظم الاستبداد.
"جزء من سياسة احتلالية تهدف لإرهاب الفلسطينيين وعزلهم في إسرائيل وحرمانهم من التواصل مع محيطهم العربي ومع أبناء شعبهم في الأراضي المحتلة والشتات"... إسرائيل تعتقل الكاتب الفلسطيني مهند أبوغوش بسبب التواصل مع أصدقائه في العالم العربي بدعوى أنهم "عدو أجنبي"!
اعتقل الاحتلال أبو غوش عدة مرات منذ سن الطفولة، كما اعتقلته الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية عقب مشاركته في احتجاجات طلابية مناهضة لزيارة وزير الخارجية الفرنسي الأسبق ليونيل جوسبان لجامعة بيرزيت عام 2000. كان وجه الاعتراض على الزيارة أن جوسبان اتهم المقاومة اللبنانية بالإرهاب في تصريحات له آنذاك.
قبل ذلك أيضاً، تعرض أبو غوش للتنكيل والاعتقال خلال مشاركته في فعالية مناهضة العقوبات التي تفرضها السلطة الفلسطينية على قطاع غزة في حزيران/ يونيو عام 2018.
وندد العديد من أصدقاء أبو غوش باعتقال الكاتب والفنان الفلسطيني في بيان، لافتين إلى أنه جاء "بعد عدة استدعاءات من قبل أجهزة مخابرات الاحتلال خلال الشهور الأخيرة، وضمن حملة ملاحقات واعتقالات مستمرة يتعرض لها الفلسطينيون في الداخل المحتل".
وشددوا على أن هذه الاعتقالات "جزء من سياسة احتلالية تهدف لإرهاب الفلسطينيين وعزلهم هناك وحرمانهم من التواصل مع محيطهم العربي ومع أبناء شعبهم في الأراضي المحتلة والشتات".
ولفت ناشطون فلسطينيون إلى أن عائلة أبو غوش وأصدقاءه حُرموا من حضور جلسة محاكمته، مبرزين أيضاً انتهاك سلطات الاحتلال حقه في التواصل مع محام.
"الحرية لكل من قال لا للأبارتهايد"
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، طالب كثيرون بالحرية لأبو غوش ولـ"كل من قال لا للأبارتهايد"، مؤكدين أن القائمة الوحيدة التي "توحد الفلسطينيين من حيفا والناصرة والضفة والقدس" هي "قائمة المعتقلين".
"قديش إسرائيل بتحس بالضعف قدام أبسط تجليات اللُحمة بين أبناء الشعب الفلسطيني! قديش هالاحتلال اللي خوفونا منه ضعيف وساذج وخاوي!"... حين تُصبح "صلة الرحم والصداقة" جريمة، إنه الأبرتهايد الإسرائيلي
وفي منشور مطول عبر فيسبوك، قال الكاتب والصحافي الفلسطيني مجد كيّال الذي أوقفته قوات الاحتلال أخيراً للتحقيق: "إحنا أمام حملة اعتقالات متواصلة من أشهر، بالداخل، بالضفّة وبالقدس. عشرات انسحبوا مع مراكز تحقيق الشاباك، اقتحموا بيوت، هدّدوا وخوّفوا وفتّشوا".
ونبه إلى تعرض الكثير من الفلسطينيين، بينهم شخصيات معروفة وناشطة في الجمعيات الأهلية، "مُعتقلين لأيّام وأسابيع طويلة بلا ما أي حدا يسمع فيهن". واعتبر أن هذه التوقيفات التي توجّه في بعضها "تُهَم حكمها بوصل 10 سنين (سجن)" تنتهي من دون أي إدانة لأن هدفها الوحيد في رأيه هو أن "تُرّهب وتقضي على فئة اجتماعيّة فلسطينيّة إلّي بتتعامل مع الداخل والضفّة والقدس واللاجئين على إنهن امتداد واحد".
وبشأن توجيه اتهام "التواصل مع عميل أجنبي"، الذي وصفه بـ"التافه والسخيف"، لفت إلى أنه وصف فضفاض تحدده المخابرات الإسرائيلية في كل مرة من دون أن يفهم المتهم أو محاميه السبب، فهو قد يكون "صديقك من القدس، زميلك بشغل في بيروت، صبيّة بتحكي معها بالضفّة، أي شيء".
ورأى أن كل هذا يندرج فقط ضمن "السعي المرعب والمعيب للانعزال عن الجمع الفلسطيني، وتحويلنا (الفلسطينيون المقيمون في الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1948) إلى جزء من سياسة إسرائيل ومجتمعها وأمنها".
واستطرد: "بظل قمع كل ما هو نضالي بالضفة وبالقدس، وبظل الأسرلة المخيفة بالداخل وبالقدس - إسرائيل عم تجرّب تقمع وترهب أصغر بذور الوصل والاجتماع بين شظايا شعبنا إلّي عم بتمزّق". وختم: "ما في طريقة ثانية لفهم إسرائيل غير إنه كيان جوهره تمزيق شعبنا. ولما نكون بأشد مراحل التمزّق، المخابرات (الإسرائيلية) عم بتشن حرب مجنونة عشان تخوّف أي حدا رافض هذا التمزّق".
أما الناشط الفلسطيني أحمد عبيدات فكتب: "قبل أسابيع كنا بنحكي عن دأب الاحتلال الإسرائيلي على تغريب فلسطينيي الداخل عن قضيتهم وفصلهم عن أبناء شعبهم مش بس مكانياً بل وحتى معنوياً"، مشيراً إلى اعتقال أبو غوش بتهمة زيارة أقاربه بالضفة الغربية.
وبينما استنكر أن تصبح "صلة الرحم جريمة"، تعجب عبيدات: "قديش إسرائيل بتحس بالضعف قدام أبسط تجليات اللحمة بين أبناء الشعب الفلسطيني! تخيل قديش هالاحتلال اللي خوفونا منه ضعيف وساذج وخاوي!"، مذكراً أن "مهند مش أول معتقل لنفس السبب ولا آخر واحد، بل المئات من فلسطينيي الداخل يعتقلون كل سنة مش بس على زيارة بل على مكالمة تليفون أحياناً، بس شاء القدر إنه مهند اليوم يضوي على هاي القضية!".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين