شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
وسط صمت وبلبلة وتحريض… اعتقال دي جي سما عبد الهادي على إثر الحفل في مقام النبي موسى

وسط صمت وبلبلة وتحريض… اعتقال دي جي سما عبد الهادي على إثر الحفل في مقام النبي موسى

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 28 ديسمبر 202005:48 م

بسرعة مهولة، انتشر صباح الأحد، السابع والعشرين من كانون أول/ ديسمبر 2020، شريط فيديو صوره شبان مقدسيون وهم يدخلون مقام النبي موسى في الضفة الغربية ويفضّون، بالصراخ والتهديد والمفرقعات، حفلاً موسيقيّاً أقامته مجموعة من الفلسطينيين الشباب في المكان.

وخلال ساعات قليلة امتلأت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي الفلسطينية بآراء تنتقد إقامة حفل موسيقي في مكان مقدس وتعتبره تدنيساً، وراحت آراء أخرى متطرفة تشهّر بالأشخاص الذين نظموا الحفلة وتهدّدهم على الملأ.بينما خفتت وتأتأت الآراء العقلانية التي تنادي بالاعتمال بالقانون واستنكار الترهيب الذي حصل في المكان والعنف والتحريض الذي أخذ يملأ مواقع التواصل الاجتماعي.

في حين قرر أصحاب القانون اعتقال الفنانة سما عبد الهادي؛ أحد منظمي الحفل وإحدى الرائدات بمجال الموسيقى الإلكترونية في العالم، فلم تنتظر السلطة الفلسطينية أي تحقيق نوت بفتحه وقامت شرطتها باعتقال الفنانة في ساعة متأخرة من ليلة يوم الأحد.

صورة تزيدها الجهات الرسمية بلبلةً

ولعلّ البلبلة التي أحاطت الحدث، من حيث عدم وضوح الجهة المسؤولة عن المكان باعتباره مسجداً ومكاناً سياحياً وفندقاً ومقبرةً؛ هل هي وزارة الأوقاف أم وزارة السياحة أم السكان المجاورين، جعلت الآراء الشعبية تبدو مشوشة ودون بوصلة. لم يخرج صوت رسمي واحد يُسكت الأصوات التي تنادي بالعقاب باسم الدين وتهدئ النفوس حتى بانتقاد إقامة حفل موسيقي في المقام، الأمر الذي أجمعت عليه الكثير من الآراء.

أشار البعض بأن هذا الحفل أقيم بهدف تصوير فيديو فني لمشروع "بويلير روم فلسطين" الذي يصوّر فيديوهات في مواقع أثرية وسياحية في فلسطين، وهو جزء من مشروع بويلر روم العالمي الذي كانت الفنانة المعتقلة سما عبد الهادي شاركت به في الماضي. فخرجت أصوات تقول بأنّ ذلك لا يختلف عن تصوير مشهد سينمائي في مكان سياحي.

لكن القائمون على الحفل أو التصوير لم يدلوا بما عندهم بعد، على الرغم من أن ثمة من قال بأنهم يملكون تصريحاً من وزارة السياحة، التي لم تنف أو تؤكد بدورها استصدار تصريح كهذا.

سما عبد الهادي

من جهتها صرّحت وزارة الأوقاف على لسان وكيلها في رام الله حسام أبو الرب يوم الأحد بأن الوزارة تفاجأت بما نقلته وسائل الإعلام بدخول أشخاص إلى المقام، وبأنها قامت بالتواصل ع مديرية أوقاف أريحا لتتابع الأمر. ونفت إعطاء أي تصريح لأحد لإقامة أي نشاط داخل المقام. في مقابل هذا النفي، نشرت صفحة فلسطينية ساخرة معلومة تفيد بأن هناك شركة وقّعت وزارة الأوقاف معها اتفاقية قبل سنتين من أجل تشغيل وإدارة مقام النبي موسى. ولعلّ تغيّب هذه الجهات الرسمية عن المشهد وحضور شبان مقدسيين يحملون العصي ما يزيد من عبثية المشهد.

تنوّعت الآراء ما بين انتقاد إقامة حفل موسيقي في مكان مقدس وتعتبره تدنيساً، وراحت آراء أخرى متطرفة تشهّر بالأشخاص الذين نظموا الحفلة وتهدّدهم على الملأ. بينما خفتت وتأتأت الآراء العقلانية التي تنادي بالاعتمال بالقانون واستنكار الترهيب الذي حصل

آراء وسط موجة التحريض

خرجت بعض الآراء التي ترى في الحفل اختراقاً لخصوصية المكان وحرمته وقدسيته. لكن ترى في الجهات الرسمية أنها الوحيدة المسؤولة بتطبيق القانون وليس الشبان حاملي العصي. هكذا جاء في منشور الشاعر والصحفي علي مواسي في فيسبوك:

"للأماكن خصوصيّاتها وحرماتها، حتّى بيوتنا، وما حصل في "مقام النبي موسى" ومسجده ما كان يجب أن يحصل. المكان مقدّس وفيه مسجد؛ في الأمر اعتداء على خصوصيّة المكان وحرمته وقداسته.

في الوقت نفسه، لا يملك أحد الحقّ في تطبيق القانون بنفسه، حتّى تجاه مَنْ يَظُنّ أنّه أخطأ خطأً ما. هناك جهات مخوّلة، هي الوحيدة الّتي من حقّها تطبيق القانون، وإلّا لصرنا غابة.

الحفلة في المقام استفزّت لأنّ فيها انتهاك لحرمة المكان وقداسته، لكن ما يجب أن يستفزّ أيضاً مشاهد العصيّ وإطلاق المفرقعات الناريّة والاعتداء على مَنْ كانوا في الحفلة والتكسير والتهديد ونشر فيديو لناس دون إذنٍ منهم، هذه الأمور يجب أن تستفزّ أكثر، ففيها أذًى لبشر، لأرواح، لا لحجر فقط.

كان يجب الاتّصال بالسلطات لإيقاف الحفلة؛ هذا دورها، لا دور أحدٍ سواها، وهي المخوّلة بالأمر، خاصّة أنّ وزارة السياحة هي مَنْ منحت الترخيص بإقامة الحفلة حسب منظّميها."

وتناقل البعض على صفحات التواصل الاجتماعي معلومات تفيد بأن وزارة السياحة سمحت في السابق في إقامة مهرجان موسيقي وحلقات ذكر وتصوف في المكان. وبأن الحفل المذكور ليس استثناءً. فقبل نحو أكثر من عام تم الإعلان عن تحويل المكان إلى مركز ثقافي عالمي بحضور رئيس الوزراء الفلسطيني. جاء في منشور كتبته الناشطة النسوية راية زيادة في صفحتها في فيسبوك:

"الحفل الموسيقي الذي أعطيت سما عبد الهادي الموافقة عليه والتصريح من جهات الاختصاص لم يكن الحفل الموسيقى الأول الذي يعقد في هذا المبنى التاريخي الهام، بل عقدت فيه حفلات موسيقية عدة مرات، وكان الهدف من تحويله إلى مبنى ثقافي هو حمايته من السيطرة الإسرائيلية عليه، حيث أنه (وحتى اللحظة) مكان تجمع للإسرائيلين ونادراً ما يتواجد فيه حضور فلسطيني (وهذا السبب الذي دفع الحكومة بشكل أساسي لتحويله إلى مركز ثقافي)"... "هناك حرب سياسية داخلية، ففي التعيينات الوزارية الجديدة، لم يعطي رئيس الوزراء وزارة الأوقاف الهباش، بل أصبح رئيس الوزراء هو القائم في أعمال وزير الأوقاف، وبما أن الحفل الذي حصل قبل أيام تحول إلى قضية رأي عام، وتحول الموضوع عبر منصات الفضاء الاجتماعي إلى أنه "حفلة صاخبة في مسجد" وبطبيعة الحال هذا الطرح المفرغ من المعطيات التاريخية والمتغيرات في هوية المكان سوف يثير غضب ومشاعر كل فلسطينية وفلسطيني، هذا وضع وزارة السياحة ووزارة الأوقاف ورئيس الوزراء في أزمة حقيقية، فهناك احتقان داخلي، وهناك أيضاً فرصة ذهبية لتوجيه الاتهامات، فكان هناك ضرورة ماسة بإيجاد كبش فداء، لامتصاص الغضب في الشارع، وما سيشفي غليل الشارع هو خبر اعتقال منظمة الحفل سما عبد الهادي".

القائمون على الحفل أو التصوير لم يدلوا بما عندهم بعد، على الرغم من أن ثمة من قال بأنهم يملكون تصريحاً من وزارة السياحة، التي لم تنف أو تؤكد بدورها استصدار تصريح كهذا.

ومن بين الآراء المنددة باعتقال هو رأي الفنان يزن الخليلي التي نشره في صفحته في فيسبوك، والذي جاء فيه بأنّ المكان كان استخدم في السابق لأغراض احتفالية:

"بدل ما تنضم الجهات الرسمية للهجوم على سما وكل اللي عم بطلع عالسوشال الميديا، الأولى كان إنها تدافع عن قرارها بالسماح لسما وبالتصوير بالخان التابع لمقام النبي موسى. أنا ما بشوف في خطأ باللي عملتو سما أو الجهات الرسمية باعطائها الإذن إلا من الناحية الصحية. أما من الناحية الدينية والثقافية فما في إشي خطأ، فالإشي كان عم بصير بالخان، اللي هوه تاريخياً مكان للتجمهر والاحتفال والمبيت أيام موسم النبي موسى، واللي عم بصير كلو انجرار لأخذ موقف الرأي العام المسيطر، اللي بتشكل بلحظة غضب أو عدم قناعة ويتم تضخيمو باستخدام خلطة الدين والأخلاق مع السوشال ميديا. سما وكتيرين غيرها ضحية عدم ثبات موقف الجهات الرسمية باتجاه توجهاتها نحو الانفتاح والحريات، يعني، بعطوك اذن تعمل حفلة أو تجمع، بس إذا في جهة بالمجتمع نطتلك، بنطوا معها عليك، بدل ما يدافعو عن موقفهم وقرارهم وتوجهاتهم، وأنا شخصياً اختبرت هادا بالعديد من النشاطات الموسيقية والثقافية اللي كنت جزء منها. سما جزء من المجتمع والثقافة الفلسطينية العامة، ومش مسموح إنو يتم شيطنتها وإخراجها من ثقافتنا، وشغلها بشكلو العام ما بفرق كتير عن موسيقى الدحية والدبكة الالكترونية اللي معبية الأعراس عنا".

ترددت كذلك عبارة "كبش الفداء" في بعض المنشورات، واصفةً به الفنانة سما عبد الهادي إثر اعتقالها. كتب محمد عدوان:

"إعتقال سما عبد الهادي تحت مسمى "منظم الحفل" ككبش فداء لما حصل استهتار بعواطف الشعب و عقله... لن تستطيع الحكومة إعتقال أي مسؤول، لأن ما حصل نتيجة طبيعية للمشروع الاقتصادي المقرر تحت رعاية وزارة الأوقاف ووزارة السياحة وذلك بكتب رسمية موقعة من تسلسل إداري طويل عريض. لذلك، وحتى تبقى هذه المنصة منصة لحرية التعبير والوقوف ضد الظلم، يجب المطالبة بإعتقال المسؤولين الحقيقيين والمطالبة باستقالة وزيرة السياحة وإعتذار رئيس الوزراء عن سوء إدارته واختياره لوزراءه أو أن يتحمل هو المسؤولية و يقدم استقالته".

ظهرت بعض الآراء التي تحاول فهم الصورة من منظور آخر، وإلى حوادث أخرى حصلت في الشارع الفلسطيني لم تحظى برد فعل غاضب كهذا، من بينها ما نشرته الباحثة إيناس خطيب على صفحتها في فيسبوك:

"كنت بقترح الناس تقرأ تاريخ مقام النبي موسى، وسياقاته.

من أساسه كان هدفه تجميع الناس للاحتفال والعبادة لغايات سياسية

في بدايات الانتداب أصدرت السلطات البريطانية أمر بمنع التجمعات في المقام/ المزار لانها كانت تتحول لاحتجاجات (حسب ادعاءاتهم). عَ فكرة الموسم- اسم الاحتفالات في النبي موسى- كانت في الربيع بالتوازي مع الفصح (الأرثوذكسي) وما كان إلها أي علاقة بالتقويم الإسلامي. يعني جمهور إسلامي بحتفلوا حسب التقويم المسيحي في مقام لنبي العبرانيين. وكل هذه العادة خلقها صلاح الدين على شان يحافظ على حضور إسلامي قريب من القدس في أيام الفصح.

وبعد منع الموسم، سنوات طويلة كان مهمل جدا!

ولإلي إطلاق سراح قتلة إسراء غريب أكثر بشاعة من الحفل في النبي موسى.

ثاروا حنقي انهم بحتفلوا وفِي منع للتجمهر بسبب الكورونا.

أثار حنقي حجم التخريب اللي صار كرد فعل، يعني حفلة فيها مس للأماكن المقدسة وتخريبها حرفيا فش في مس!"

مواقف سياسية

من جهته، وصف رئيس القائمة العربية المشتركة والنائب في الكنيست أيمن عودة بما فعله الشباب الذين فضّوا الحفل بأنه فعل وطني، فكتب في حسابه في فيسبوك:

"وقف شعبنا وقفة أصيلة ضد إحراق شجرتيْ الميلاد في سخنين الحبيبة. واليوم نقف جميعاً بصلابة ضد الاسفاف الذي حصل داخل مسجد مقام النبي موسى حيث أقام ثلّة من الشباب حفلاً داخل المقام، والذي منعه شباب مقدسيون وطنيون غيورون كما منعوا قبلها حرق كنيسة الجثمانية في القدس".

في مقابل هذه الآراء، راحت منشورات عنيفة تتوالى في تويتر وفيسبوك؛ تصف الحفل بالحفل "الماجن" وحفل "الموسيقى والنسوان والحشيش"، وتصف الفنانة سما عبد الهادي بنعوت قبيحة. وكانت أحدث أشكال السخط الذي عبر عنه الفلسطينيون؛ بأن قامت مجموعة من المصلين بزيارة المقام صباح اليوم ثمّ تكسير وحرق أثاث الغرف الفندقية في المكان. في حين لم تعلق أي جهة رسمية أو مالكي الفندق على هذه الأحداث.

من جانب السلطة، كان قرّر رئيس الوزراء الفلسطيني محمّد إشتيّة أمس تشكيل لجنة تحقيق، ودعا إلى "عدم كيل أي اتهامات بحق أي جهة حتى صدور نتائج لجنة التحقيق". لكن يبدو أن النبرة ازدادت حدة اليوم في مؤتمر صحفي عقده إشتيّة قال فيه: "ساءنا ما جرى من أحداث في مقام النبي موسى لما يحمله هذه المكان من مكانة دينية وتاريخية. وسوف نوقع كل العقوبات على الذين تسببوا في هذه الإساءة". في حين تناقل فلسطينيون غاضبون منشورات جاء فيها: في ظل حكم السلطة: الصلاة في البيوت والحفلات في المساجد، في تطرق إلى منع السلطة الوطنية الفلسطينيّة الناس من الصلاة في المساجد بسبب وباء كورونا وتحميل السلطة مسؤولية ما حدث في مقام النبي موسى.

لم يتّضح في هذا المكان التاريخي أين ولّى القانون ومن الذي سيتحدّث باسمه، إلا إذا استُدعي حاملو العصي والألعاب النارية والتهديد إلى التحقيق أو الاعتقال كما اعتقلت الفنانة سما عبد الهادي، أو إلا إذا نطقت لجنة التحقيق الحكومية بشيء في المستقبل القريب

مكان مقدس أم سياحي أم فريسة إسرائيلية؟

لم يتّضح في هذا المكان التاريخي أين ولّى القانون ومن الذي سيتحدّث باسمه، إلا إذا استُدعي حاملو العصي والألعاب النارية والتهديد إلى التحقيق أو الاعتقال كما اعتقلت الفنانة سما عبد الهادي، أو إلا إذا نطقت لجنة التحقيق الحكومية بشيء في المستقبل القريب. إلى ذلك الحين، نفهم بأنّ النزاع الحاصل على ملكية مقام النبي موسى هو نزاع تاريخي وقديم.

يعود تاريخ المقام، الذي يعتبر من أكبر المقامات في فلسطين، إلى عهد صلاح الدين الأيوبي. ويقع المقام على طريق القدس-أريحا التاريخي. فيما يبعد نحو 200 متر عن المنطقة العسكرية الاحتلالية المغلقة منذ عام 1967 والتي تمتد من شمال البحر الميت إلى جنوبه على حدود الخط الأخضر، بحسب ويكيبيديا. ويضم مقام النبي موسى الآن إضافة للقبر والمسجد عشرات الغرف وإسطبلات للخيل وآبارا، وتمتد في الخلاء حوله مقبرة.

وكانت أحدث أشكال السخط الذي عُبّر عنه بأن قامت مجموعة من المصلين بزيارة المقام صباح اليوم ثمّ تكسير وحرق أثاث الغرف الفندقية في المكان. في حين لم تعلق أي جهة رسمية أو مالكي الفندق على هذه الأحداث.

يكتب الباحث في التاريخ غسان دويكات عن مقام النبي موسى في موقع متراس: "بعد تحرير القدس على يدِ صلاح الدين الأيوبيّ، بدأَ موسمُ "النبي موسى" السنويّ، في شهرِ أبريل/نيسان، أيْ بالتزامن مع حجّ الفرنجة المسيحيّين في فلسطين. حينها، اجتمعَ حشدٌ من أهالي القدس وقراها، وأطلقوا الموسم وهم يحملون أسلحتهم، تعبيراً عن الاستعداد الدائم للدفاع عن القدس في وجه الصليبيين آنذاك. تتداولُ الروايات الشعبيَّة أنَّ صلاح الدين الأيوبيّ قد ابتكرَ ظاهرة "المواسم" الدينيّة، لتُنَظَّم بين أواخر شهر مارس/آذار وحتى نهاية شهر أبريل/نيسان من كلّ عام؛ كي يأتي هؤلاء الحجّاج ويجدوا البلاد في حالة استنفار، وقد اجتمعَ أهالي القرى والمدن معاً احتفالاً بالمواسم، والأهمّ؛ تأهّباً لأيّ اعتداء".

لكن عدا عن المعلومات التاريخية التي نعرفها عن المقام، فإن السلطة التي تفرض سيطرتها على المكان غير واضحة. ففي حين يقول رئيس الوزراء الفلسطيني في مؤتمره بأنّ السلطة الفلسطينية قامت بترميم المقام وترتيبه والحفاظ عليه كموقع ديني وتاريخي وأثري- بنبرة تشي بثقة حيال سلطة الفلسطينيين على المكان- تقوم مجموعة من الشباب المقدسيين بفرض سيطرتها بالتهديد. وبين هذا وذاك، لا يبدو أن الفلسطيني، سلطةً ومجتمعاً، يعي الكوارث التي تحيكها إسرائيل تحت الطاولة.

يشير الكاتب الإسرائيلي أمير بن دافيد في مقال له بعنوان "خوف وصرف صحي في الضفة"، إلى أنه في الوقت الذي سُجن الفلسطينيّيون فيه في بيوتهن بسبب الإغلاق الذي فرضه الوباء، خرجت جرافات الاحتلال لتحفر نفقاً تحت نهر وادي النار الملوّث الذي تصب فيه مياه الصرف الصحي، تخرج المياه الملوثة إلى مركز التطهير (سيُبني فوق أراضي منطقة مقام النبي موسى) لتسري حتى تصل إلى مزارع المستوطنين في الجهة الشرقية من النهر. تُضاف هذه المشاريع الآنية إلى حوادث عديدة سيطرت فيها إسرائيل على مقام النبي موسى ومنعت الفلسطينيين من زيارته في المواسم الدينية. وحتى اللحظة التي قد تنتزع فيها إسرائيل سلطة الفلسطينيين على المقام بشكل كامل، يُنتظر من السلطة الوطنية ووزاراتها اتخاذ مواقف عادلة تجاه المرتبطين بقضيّة الحفل الراقص في المقام.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image