تُعتبر إسرائيل من أكثر دول العالم سرعة في تقديم لقاح كورونا إلى مواطنيها، لكن يتم وصف ما تقوم به تجاه فلسطينيي قطاع غزة والضفة الغربية والأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، من قبل الكثير من السياسيين ومنظمات حقوق الإنسان والناشطين والأطباء بـ"نظام الفصل العنصري الطبي"، إذ ترفض السلطات الإسرائيلية توفير اللقاحات للفلسطينيين في الضفة الغربية وغزّة، متذرعة باتفاقية أوسلو التي تنص على أن تتولى السلطات الفلسطينية الشؤون الصحية في الأراضي المحتلة عام 1967.
تُفنّد رسالة وُجّهت من منظمة "أطباء لحقوق الإنسان - إسرائيل" إلى وزارة الصحة الإسرائيلية، حصلت رصيف22 على نسخة منها، هذه النقطة. تقول الرسالة إنّ اتفاقيات أوسلو تناقش قضية الأمراض المُعدية وأسس التعاون بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، ففي المادة السابعة عشرة من الملحق الثالث في البروتوكول الخاص بالشؤون المدنية، اتفقت اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية على أنّهما "ستتبادلان المعلومات الخاصة بالأوبئة والأمراض المعدية وعلى أن تتعاونا على مكافحتها وسوف تطوران طرقاً لتبادل الملفات والوثائق الطبية" (الفقرة السادسة من المادة).
بالإضافة إلى ذلك، اتفق الطرفان على أنّ "الأجهزة الصحية في إسرائيل وفي الجانب الفلسطيني ستحافظ على علاقات عمل جيدة في جميع الأمور، وبما في ذلك المساعدة المتبادلة في تقديم الإسعافات الأولية في حالات الطوارئ والتعليم الطبي والتدريب المهني وتبادل المعلومات" (الفقرة السابعة).
لكن، رغم هذه الاتفاقيات، ورغم قدرة اسرائيل على تلقيح عدد كبير من السكان في الشهور المقبلة، مثلما أعلنت في وقت سابق، لم تقم بعدُ وزارة الصحة الإسرائيلية بصياغة سياسة تخصيص علنية لحجز كميات محدّدة من اللقاحات للفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، كما أنّها لم تحدد جدولاً زمنياً لنقل لقاحات إلى الأراضي التابعة للسلطة الفلسطينية.
تُعتبر إسرائيل من أكثر دول العالم سرعة في تقديم لقاح كورونا إلى مواطنيها، لكنها ترفض توفير اللقاحات للفلسطينيين في الضفة الغربية وغزّة، متذرعة باتفاقية أوسلو التي تنص على أن تتولى السلطات الفلسطينية الشؤون الصحية في الأراضي المحتلة عام 1967
مجموعات ضغط وتوجيه رسائل إلى إسرائيل
وكانت منظمة الصحة العالمية قد أثارت في وقت سابق مخاوف بشأن التوزيع غير المتكافئ للقاحات فيروس كورونا بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية، حيث لُقح حتى الآن حوالى 20% من المواطنين الإسرائيليين، دون وصول أية دفعات إلى الأراضي التي تتبع السلطات الفلسطينية. كما قام عدد من المنظمات بتشكيل مجموعات ضغط وتوجيه رسائل إلى الحكومة الإسرائيلية والعمل على توفير اللقاحات اللازمة لأنظمة الرعاية الصحية الفلسطينية.
تنص المادة 56 من اتفاقية جنيف الرابعة على أنّ من "واجب دولة الاحتلال أن تعمل، بأقصى ما تسمح به وسائلها، وبمعاونة السلطات الوطنية والمحلية، على صيانة المنشآت والخدمات الطبية والمستشفيات وكذلك الصحة العامة والشروط الصحية في الأراضي المحتلة، وذلك بوجه خاص عن طريق اعتماد وتطبيق التدابير الوقائية اللازمة لمكافحة انتشار الأمراض المعدية والأوبئة. ويسمح لجميع أفراد الخدمات الطبية بكلّ فئاتهم بأداء مهامهم".
أي أنّه يتحتم على إسرائيل، كدولة مُحتلة لأراضٍ فلسطينية أن تعمل على توفير اللقاحات والمواد الطبية اللازمة لمكافحة الوباء، والحديث عن دولة احتلال ليس حديثاً عاطفياً، بل نقصد به الممارسات التي تقوم بها اسرائيل وتعترف بها، في الأراضي التابعة للسلطة الفلسطينية.
أخيراً ألمح وزير الأمن الداخلي الاسرائيلي، عمير أوهانا، إلى عدم وجود نية لدى الحكومة الإسرائلية في تلقيح الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية مما أثار موجة غضب عارمة من قبل منظمات دولية وحقوقية أسفرت عن تراجع الحكومة الإسرائيلية عن نيتها، فأعلنت مصلحة السجون الإسرائيلية أنّها ستلقّح جميع السجناء لديها بما فيهم الأسرى الفلسطينيون.
يتحتم على إسرائيل، كدولة مُحتلة لأراضٍ فلسطينية أن تعمل على توفير اللقاحات والمواد الطبية اللازمة لمكافحة الوباء
واجب قضائي وإنساني
في الوقت ذاته، انتقد نوّاب إسرائيليون الحكومة الإسرائيلية لعدم تلقيحها الفلسطينيين في الضفة الغربية، حيث استبعدت حملة التطعيم الإسرائيلية، التي شملت المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية، الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزّة، حيث تستغل إسرائيل عجز حكومة حماس في قطاع غزّة عن وقف انتشار فيروس كورونا وتشترط المساعدة في مواجهة الوباء بعودة الأسرى والجنود الإسرائيليين المفقودين، حسب ما قالته غادة مجادلة، مديرة دائرة الأراضي المحتلة في منظمة "أطباء لحقوق الإنسان - إسرائيل"، في مقال نُشر أخيراً. وتقول إنّ تزويد قطاع غزة بلقاح كورونا ليس صدقة، بل واجب قضائي وإنساني، وإنّ إسرائيل تقوم باستغلال حاجة الفلسطينيين للّقاح من أجل أن تسيطر عليهم بشكل أكبر.
إلى الآن رفضت السلطات الإسرائيلية طلباً من منظمة الصحة العالمية ومن السلطة الفلسطينية لتوفير جرعات لقاح للعاملين الفلسطينيين في الخطوط الأمامية لمواجهة فيروس كوفيد-19، في الوقت الذي ترفض إسرائيل مشاركة جرعات اللقاح مع الفلسطينيين في المدى المنظور. يبقى أمام الفلسطينيين الاعتماد على حسن نية المنظمات والشركات الأجنبية.
وبكل الأحوال فإنّ "برنامج التطعيم في الضفة الغربية وقطاع غزّة سيكون أبطأ بكثير من الانتشار السريع للقاح الذي يحصل عليه الإسرائيليون"، حسب ما قال الوزير الفلسطيني السابق، الدكتور مصطفى البرغوثي، وهو الطبيب العامل في لجنة الصحة الفلسطينية المسؤولة عن التعامل مع فيروس كورونا.
"لا يحق للسلطة الفلسطينية استيراد أي لقاح/ دواء من دون موافقة وزارة الصحة الإسرائيلية، فضلاً عن تحكّم السلطات الإسرائيلية بالحواجز والمعابر"
غياب الجهة الرسمية لمعرفة آخر المستجدات
في حديث مع رصيف22، قالت غادة مجادلة إنّه لا يُمكن معرفة كيفية عقد الاتفاقيات بين السلطات الفلسطينية والحكومات الإسرائيلية، إذ لا توجد جهة رسمية واضحة يمكن التوجّه إليها لمعرفة آخر المستجدات. فمثلاً، ذكرت وسائل إعلامية إسرائيلية أنّ إسرائيل قدّمت عشرات اللقاحات للسلطة الفلسطينية، في الوقت الذي نفت فيه وزارة الصحة الفلسطينية ذلك، إلّا أنّ مصادر خاصة أوضحت لموقع الترا فلسطين أنّ هذه اللقاحات نُقلت إلى الطاقم الطبي الخاص بالرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وأضافت مجادلة أنّ السلطة الفلسطينية قد أوضحت أنّها تستطيع توفير اللقاحات ووعدت بوصول مليوني جرعة من اللقاح البريطاني ومئتي ألف جرعة لقاح بتمويل من منظمة الصحة العالمية وخمسة آلاف جرعة هدية من الدولة الروسية، وهذه اللقاحات المُقدمة من روسيا غير معروف مكان وجودها في الوقت الحالي إذ تسيطر عليها السلطات الإسرائيلية.
وختمت غادة مجادلة بأنّ السلطة الفلسطينية لا تستطيع استيراد أي لقاح أو دواء من دون موافقة السلطات الإسرائيلية، إذ بحسب بروتوكول باريس المضمون في اتفاقية أوسلو، لا يحق للسلطة الفلسطينية استيراد أي لقاح/ دواء من دون موافقة وزارة الصحة الإسرائيلية، فضلاً عن تحكّم السلطات الإسرائيلية بالحواجز والمعابر، فلا يمكن أن يدخل أي شيء إلى الأراضي الواقعة تحت إدارة السلطات الفلسطينية من دون موافقة سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع