اعتبر محلل الشؤون الخارجية في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، ديفيد إغناتيوس، أن "القضية الزائفة" التي تحتجز السعودية على إثرها اثنين من أبناء المسؤول الأمني البارز السابق سعد الجبري، تمثل "إحدى العقبات" في سبيل إيجاد مسار أفضل في العلاقات الأمريكية السعودية في ظل إدارة الرئيس جو بايدن.
كان الجبري مدير ملف الإرهاب في المخابرات السعودية واعتبر أحد أهم رجال ولي العهد السعودي السابق محمد بن نايف الذي أطاحه الأمير محمد بن سلمان عام 2017. سعى MBS إلى استدراج الجبري طويلاً من منفاه الاختياري في تورنتو الكندية، واحتجز ابناً وبنتاً له - عمر (22 عاماً) وسارة (21 عاماً) - منذ آذار/ مارس عام 2019.
اختبار دقيق لإدارة بايدن
في رسالة إلى إغناتيوس، نشرها في مقال في 25 كانون الثاني/ يناير، أوضح النجل الأكبر للجبري، خالد، وهو طبيب مقيم في كندا مع والده، أن الأمير محمد يستخدم شقيقيه "رهائن سياسيين" لتأمين عودة والده.
ولفت خالد إلى أن تأمين حريّة شقيقيه "سيكون الاختبار الأكثر دقة للولايات المتحدة على إظهار قدرتها على التأثير في سلوك محمد بن سلمان وتغييره".
"الاختبار الأكثر دقة"… عقب اتهام نجلي سعد الجبري في السعودية بـ"غسل أموال، وتدبير مؤامرة للهروب من المملكة" والحكم بسجنهما، كيف تؤثر هذه القضية على العلاقات الأمريكية السعودية في ظل حكم بايدن؟
منذ البداية، مثّلت قضية الجبري، الذي اتهم ولي العهد السعودي بإرسال فريق لاغتياله في قضية منظورة أمام محكمة أمريكية منذ آب/ أغسطس الماضي، أمراً شديد الحساسية في أمريكا. كان الجبري من أهم شركاء الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب و"ساهم في إنقاذ أرواح آلاف الأمريكيين" خلال فترة عمله المخابراتي.
في تموز/ يوليو عام 2020، أرسلت مجموعة مؤلفة من أربعة أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي من الحزبين رسالة إلى الرئيس السابق دونالد ترامب ورد فيها أن الجبري "نُسب إليه الفضل من قبل مسؤولي وكالة المخابرات المركزية السابقين لإنقاذ آلاف الأرواح الأمريكية من خلال اكتشاف المؤامرات الإرهابية ومنعها"، معربين عن اعتقادهم بأن "الولايات المتحدة لديها التزام أخلاقي لفعل ما في وسعها للمساعدة في ضمان إطلاق سراح أبنائه".
على الرغم من استبسالها في حماية بن سلمان، لم تتوان إدارة ترامب عن إظهار الدعم للجبري. قالت وزارة الخارجية الأمريكية، الصيف الماضي، إن استخدام أولاد الجبري للضغط عليه "غير مقبول" وحثت على إطلاق سراحهم فوراً، منبهةً إلى أن أي مزاعم سعودية ضد المسؤول السابق "يجب معالجتها من خلال القنوات القانونية القائمة وبشفافية كاملة".
الآن، وقد انتقل عبء القضية الحساسة إلى عاتق إدارة بايدن، التي تريد بالطبع الحفاظ على الشراكة الأمنية مع المملكة، ولكن أيضاً "إعادة تقييم" للعلاقات تهتم بدرجة أكبر بقضايا حقوق الإنسان التي تمتلك الرياض سجلاً سيئاً فيها كثيراً ما انتقده بايدن خلال حملته الرئاسية.
في هذا الإطار، أخبر "مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأمريكية" إغناتيوس: "ستواصل وزارة الخارجية التوضيح للسلطات السعودية أن أي مقاضاة لعائلة الجبري غير مقبولة"، مضيفاً "بالمثل، نحن قلقون من الظروف التي أدت إلى نفيه (أي الجبري) في كندا، سنواصل إثارة هذه المخاوف مع كبار المسؤولين السعوديين".
جزم إغناتيوس بأن الإدارة الأمريكية الجديدة "منزعجة بشدة" من هذه القضية وتسعى إلى توصيل هذا إلى السعوديين، مستدركاً بالقول: "لأن محاكمة أبناء الجبري بدأت قبل فترة طويلة من الانتخابات (التي فاز بها بايدن بالحكم)، لا يرى المسؤولون في ذلك تحدياً مباشراً لبايدن".
إلى ذلك، شدد على أنه "بينما يراجع الأمريكيون مجمل العلاقات الأمريكية السعودية (كما تعهد بايدن إعادة تقييم العلاقات مع الرياض)، سيبحث المسؤولون عن كثب في سجل حقوق الإنسان في الرياض وأي خطوات قد تتخذها في الاتجاه الصحيح".
"إدارة بايدن تريد الحفاظ على شراكة إستراتيجية مع السعودية، تماماً كما فعلت إدارة ترامب. لكن أي إعادة تقييم للعلاقات يجب أن تُعالج القلق الواسع بين الحزبين الأمريكيين، الجمهوري والديمقراطي، بشأن انتهاكات السعودية لحقوق الإنسان"
"قضية زائفة"
في محاكمة سرية خلال تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أُدين عمر وسارة الجبري بـ"غسل الأموال، والتآمر للهروب من المملكة"، وحُكما بالسجن تسع سنوات وستة أعوام ونصف العام.
جادل خالد بأن الاتهامات السعودية مخطئة، إذ اعتبرت بدلات المعيشة العادية لشقيقيه حين كانا قاصرين غسل أموال، كما تعجب من أن خطة الهروب المفترضة تزامنت مع إغلاق حدود البلاد على خلفية تفشّي فيروس كورونا المستجد. وأكد خالد أن المدعي العام السعودي لم يقدم أي دليل مباشر على ارتكاب شقيقيه لهذه الجرائم، وأن المحامي الذي عُيّن لتمثيلهما لم يُسمح له بمقابلة موكّليه في أماكن احتجازهما غير المعلنة.
ومُنع نجلا الجبري من مغادرة المملكة حين كانا في عمر 17 و18 عاماً تقريباً وهما في المطار ينتظران السفر إلى المدرسة في الولايات المتحدة، حيث كان يعيش والدهما.
بشكل مفاجئ وغير مفهوم، اختفت القضية الأسبوع الماضي من السجل الرسمي للقضايا الجنائية السعودية التابع لوزارة العدل السعودية والمتاح عبر الإنترنت. ولم تستطع الأسرة التأكد مما يشير إليه ذلك.
وختم إغناتيوس: "إدارة بايدن تريد الحفاظ على شراكة إستراتيجية مع السعودية، تماماً كما فعلت إدارة ترامب. لكن أي إعادة تقييم للعلاقات يجب أن تُعالج القلق الواسع بين الحزبين الأمريكيين، الجمهوري والديمقراطي، بشأن انتهاكات السعودية لحقوق الإنسان"، مؤكداً أن "القضية الزائفة ضد أبناء الجابري ستكون مكاناً جيداً للبدء".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ ساعةأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ 7 ساعاتحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ يومينمتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ 3 أيامtester.whitebeard@gmail.com