فجّرت محاولة انتحار شاب من البدون في الكويت الغضب وسط اتهامات للدولة بالتعنت ضد منح هذه الفئة "أبسط حقوقها" مع اختلاف العهود وتعاقب الحكومات والأمراء.
وعبر وسم #انتحار_بدون_بالصليبية، قال ناشطون إن طالباً من البدون انتحر حرقاً يائساً من وضعه، لافتين إلى أن "حقه في رقبة الحكومة وكل من وقف في وجه إعادة حقوق البدون". وتداول بعضهم تغريدةً من حساب زعم صاحبه اعتزامه الانتحار لكونه من البدون وفقده الأمل في حل أزمتهم.
ورد في التغريدة: "قررت أنتحر. أنا شخص غير مدخن خاف يقولون مدمن بعدين. أنا شخص محافظ ع صلاتي خاف يقولون ضعيف الإيمان"، في إشارة إلى الاتهامات التي تلقى على من يقدم على الانتحار في البلاد إنكاراً لسوء أوضاع البدون. وأضافت: "دوافع الانتحار: ضيق المعيشة + تعبت وأنا أصبر وما شوف أي بوادر حل حق هالقضية. أشعر بأنني عالة على المجتمع وعلى عائلتي".
ويبدو أن الشاب لم يمت إذ أفادت جريدة الأنباء الكويتية، في 28 كانون الأول/ ديسمبر، بأن "شاباً من غير محددي الجنسية (27 عاماً) قد نقل إلى مستشفى الجهراء للعلاج من حروق متفرقة جراء حريق شبّ داخل منزل عائلته في منطقة الصليبية"، وهي التفاصيل التي تنطبق على حالة الانتحار المشار إليها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وفق المعلومات التي ذكرتها مصادر رسمية للصحيفة، شبّ الحريق "بفعل فاعل" فجر 27 كانون الأول/ ديسمبر، مؤدياً إلى خسائر في منزل الشاب وخمس مركبات بالمنطقة التي تقع شمال غربي البلاد.
"50 حالة انتحار موثّقة لبدون"... #انتحار_بدون_بالصليبية وما زال البعض يزعم أن الكويت "بلد الرحمة والإنسانية والعطاء" و"أن تكون بدوناً في الكويت أفضل من أن تكون مواطناً في أي دولة في العالم"
تعنت الحكام والحكومات
ورأى المغردون أن ما وصف بأنه "أول حالة انتحار لبدون في العهد الجديد"، في إشارة إلى عهد الشيخ نواف الأحمد الصباح الذي تولى السلطة قبل بضعة أشهر، يؤشر إلى وجود إصرار من أعلى مستويات القيادة في البلاد على عدم إنهاء أزمة هذه الفئة حتى مع تغير الحكومات وأمراء البلاد و/ أو "إهمال المسؤولين القضية".
وفيما اغتنم بعض البدون الفرصة لتسليط الضوء على معاناتهم الشخصية، سخر معلقون من الشعارات العديدة التي تتغنى بالكويت كـ"بلد الرحمة والإنسانية والعطاء" أو الزعم "أن تكون بدوناً في الكويت أفضل من أن تكون مواطناً في أي دولة في العالم".
وأشارت المحامية دلال الملا إلى "50 حالة انتحار موثقة لبدون" في السنوات الأخيرة، متسائلةً: إلى متى يستمر هذا الظلم؟. فيما تعجب البعض: "إذا البدون طالب بجنسية قالوا هذا خاش جنسيته وشاق جوازه الأصلي! وإذا طلب جواز للهجرة قلتوا له عدل وضعك بالأول. وإذا طالب بحقوق مدنية قلتوا عنه ما له مركز قانوني معين أو حنسية محددة، وإذا انتحر قلتوا مريض نفسياً أو متعاطي!" و"إذا شكى الظلم سُجن".
في حين أوضح الكاتب والمؤرخ الكويتي مهنا حمد المهنا: "أكثر انتحار البدون ليس فقط من أجل الحاجة أو الفقر أو انعدام العمل والزواج والطب وإنما للقهر الذي يقتل الرجال والاضطهاد الذي يرونه كل يوم والحسرة التي تعتمل في صدورهم منذ 50 عاماً ثم لا أمل ولا بصيص نور في الحل وكشف الغمة"، مبرزاً أن الدولة تتعنت حتى في منح هؤلاء جوازات سفر للخروج منها.
"أكثر انتحار البدون ليس من أجل الحاجة أو الفقر أو انعدام العمل والزواج والطب فقط، بل بسبب القهر والاضطهاد اللذين يرونهما كل يوم والحسرة التي تعتمل في صدورهم. منذ 50 عاماً لا أمل ولا بصيص نور في الحل وكشف الغمة"
من هم البدون؟
يعود مصطلح البدون إلى "أهل البادية" الذين لم يحصلوا على جنسية دولة الكويت منذ استقلالها عام 1961. ويشير القانون الكويتي إلى هؤلاء بـ"غير محددي الجنسية". وتعود مشكلتهم إلى عدم تطبيق مواد قانون الجنسية الكويتي. وهم يشكون التمييز ضدهم على جميع الأصعدة وصعوبة التمتع بخدمات الدولة الأساسية من تعليم وسكن وعمل ورعاية صحية وغيرها.
بشكل خاص، يعاني هؤلاء الذين ولد غالبيتهم في الكويت أو لأسر عاشت أجيال منها في البلاد، مأزقاً قانونياً وصعوبات في الحصول على توثيق مدني أساسي للدراسة والعمل والزواج.
وفيما يتباهى المسؤولون بأن أعداد البدون في انخفاض ملحوظ، بالقول إن هنالك حالياً "نحو 83 ألفاً من المقيدين" منهم، بعدما كان عددهم قبل الغزو العراقي قرابة 220 ألفاً، تقدرهم منظمات حقوقية دولية مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية بنحو 106 آلاف.
ولا تنتهي وعود الدولة الكويتية بإنهاء أزمة البدون وتصحيح أوضاعهم، وخاصةً عقب حوادث الانتحار بينهم، أحدثها انتحار عايد حمد مدعث (20 عاماً) في 7 تموز/ يوليو من العام الماضي بسبب رفض السلطات منحه أوراقاً ثبوتية. لكنها تفضي إلى لا شيء كما هو واضح.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين