كشفت صحيفة "الراي" الكويتية، في 29 تموز/يوليو، عن خطة لحل مشكلة من وصفتهم "المقيمين بصورة غير قانونية" (البدون) تقسمهم فئات وتضع حلولاً لكل منها، مع الإشارة إلى أن "تجنيس أبناء الكويتيات وأحفادهن وزوجات الكويتيين آتٍ لا محالة".
وبحسب الصحيفة، فإن الخطة التي "بدأت تتكشف شيئاً فشيئاً"، انطلقت خطواتها "بشكل صارم وجازم" بناء على توجيه من أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، أعلنه رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، وشكلت على إثره "لجنة مصغرة تضم الغانم ورئيس مجلس الوزراء جابر المبارك ونائب رئيس الوزراء وزير الداخلية خالد الجراح ورئيس جهاز معالجة أوضاع ‘المقيمين بصورة غير قانونية‘ صالح الفضالة".
وكان الغانم قد كشف، في 22 تموز/يوليو، عن "حل جذري وشامل وعادل لهذه القضية، لا يمسّ الجنسية والهوية الوطنية، ويراعي بشكل كامل الجوانب الإنسانية للمقيمين بصورة غير قانونية بتوجيهات سامية (من أمير البلاد) لحسم هذا الملف، خلال الصيف الجاري".
ومعلوم أن مصطلح البدون يعود في الأصل إلى "أهل البادية" الذين لم يحصلوا على جنسية دولة الكويت منذ استقلالها عام 1961. ويشير القانون الكويتي إلى هؤلاء بـ"غير محددي الجنسية"، وتعود مشكلتهم إلى عدم تطبيق مواد قانون الجنسية الكويتي بعد الاستقلال.
تقسيم "البدون" إلى فئات
أما في ما يتعلق بتفاصيل الخطة المزمعة، فقد نقلت "الراي" عن مصادر لم تذكرها أن "ملامح الخطة ستعتمد على أمور عدة، منها استمرار التجنيس وفق قانون الـ4000 شخص سنوياً، في حين يعمل مجلس الأمة بهدوء على إخراج القانون الذي يعكف على وضعه الغانم بالتعاون مع الجهات ذات الصلة والمتوقع الانتهاء منه في شهر أيلول/سبتمبر المقبل"، لافتةً إلى أن تلك الخطة "ستضع أزمة البدون على سكة حل لا تعرف التراجع".
أضافت المصادر: "الخطة المقبلة تقوم على تفكيك المشكلة المزمنة إلى جوانب عدة على نحو يسهل وضع الحلول لكل جانبٍ على حدة".
وكانت الصحيفة نفسها ذكرت، في 25 تموز/يوليو، أن أعداد "البدون" في انخفاض ملحوظ، إذ يوجد حالياً "نحو 83 ألفاً من المقيدين والحاملين بطاقات الجهاز المركزي للمقيمين بصورة غير قانونية"، بعدما كان عددهم قبل الغزو العراقي قرابة 220 ألفاً.
وأشارت إلى أن "أبناء الكويتيات من "البدون" حوالى 12 ألفاً، فضلاً عن 3 آلاف من الأحفاد، ونحو 3 آلاف من الزوجات. أي 18 ألفاً من إجمالي الـ83 ألفاً، مشيرةً إلى وجود نحو 5 آلاف غير مسجلين لدى الجهاز.
"تجنيس على أساس القرابة لا الوجود"
في ما يتعلق بأبناء الكويتيات وأحفادهن وزوجات الكويتيين من "البدون"، أكدت الصحيفة أنه "سيتم حل مشكلتهم والتعامل معها ضمن أكثر من محور" في إطار الخطة المزمعة.
واعتبرت المصادر أن "تجنيس هذه الفئة آتٍ لا محالة، وأن أساس منحها الجنسية قائم على القرابة وليس الإقامة، وتالياً فإن هذه الفئة ستُعفى من شرط إحصاء 1965، ثم تُجنس اعتماداً على قانون تجنيس الـ4000، ومن لن يجنّس فوراً يحصل على تسهيلات ويُعامل معاملة الكويتي".
وشهد العام 2013 إقرار قانون "تجنيس الـ4000" الذي ينص على تقديم الجنسية الكويتية لنحو 4000 من البدون سنوياً. غير أن منظمات حقوقية تقول إن "الكيفية التي يتم على أساسها اختيار من سيجري تجنيسهم تبقى غير واضحة"، في حين يشكك آخرون في تنفيذ هذا القانون.
واستشهدت المصادر بالتعامل مع "زوجات الكويتيين المقبلات على التجنيس وفق قانون تجنيس زوجة الكويتي، الذي يحدّد فاصلاً زمنياً بعد إبداء الرغبة في الحصول على الجنسية، إذ تتم في هذه الحالة معاملتها معاملة الكويتية ريثما تكمل المدة القانونية وتحصل على شهادة الجنسية".
وتتضمن خطة التجنيس "في ما يخص أبناء الكويتية المطلقة طلاقاً بائناً، منحهم الجنسية بعد انقضاء سبع سنوات على الطلاق، وستتم وفق الحلول المقبلة معاملتهم معاملة الكويتي ريثما يكملون المدة القانونية. والأمر نفسه يُطبّق على من توفي والده وأمه كويتية، فيعامل معاملة الكويتي قبل انقضاء السنوات الخمس المفروضة بعد وفاة والده للحصول على الجنسية"، وفق المصدر نفسه.
وأوضحت المصادر أن اعتماد هذا الحل القائم على فصل أبناء الكويتيات وأحفادهن وزوجات الكويتيين، "سيعالج مشكلة 18 ألفاً من البدون، أي 21 % من إجمالي المسجلين".
مزايا لتسوية الأوضاع
وبشأن التعامل مع بقية الفئات، كشفت المصادر للرأي عن أن "ما بقي من الـ 83 ألفاً (65 ألفاً) سيتم التعامل معهم وفقاً لمبدأ أساسي هو: من يعدل وضعه فسيتحسن وضعه بالفعل ولن يكون كما يجري حالياً"،
وواجه "البدون" الذين عدلوا أوضاعهم في فترات سابقة "تراجعاً في أوضاعهم بدل التحسن" بعدما حرموا امتيازات يحصلون عليها حالياً.
لكن مصادر الرأي شددت على أن "من سيعدّل وضعه في المرحلة المقبلة لن يخسر شيئاً من المزايا، بل سيحصل -حسب التصورات المطروحة ولم تعتمد بعد على امتيازات عدة بينها التعليم المجاني والعلاج المجاني، بالإضافة إلى ميزة أن يكون كفيل نفسه".
وفق الخطة التي لم تعتمد بعد، فإن تجنيس أبناء الكويتيات وأحفادهن وزوجات الكويتيين من البدون "آتٍ لا محالة"، أما من يعدل وضعه فسيحظى بالعديد من الامتيازات مثل الرعاية الصحية والتعليم المجانيين واعتباره كفيل نفسه
"تنسيق مع العراق" و"مزايا عديدة لمن يسوي وضعه بعكس السابق"... هذه تفاصيل خطة تجنيس "البدون" في الكويت خلال الصيف الحالي
وبينت أن "من يرفض تعديل وضعه، يعامل كمعاملة الوافدين، وسيكون مطلوباً منه دفع الرسوم، ويخسر بعض الامتيازات وأبرزها الإعفاء من رسوم الصحة والتعليم على حساب الدولة من الصندوق الخيري والحصول على رخصة القيادة من دون شرط الراتب، وامتيازات أخرى ستصبح في طي النسيان".
أزمة مستمرة مند عشرات السنين
أزمة "البدون" مستمرة منذ أكثر من 50 عاماً. ويعاني هؤلاء الذين ولد غالبيتهم في الكويت أو لأسر عاشت أجيال منها بالبلاد، مأزقاً قانونياً وصعوبات في الحصول على توثيق مدني ويحرمون من حقوق أساسية بينها العمل والتعليم والصحة.
وبعيداً من الإحصاءات الكويتية تقدر منظمات حقوقية دولية مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية عددهم بنحو 106 آلاف.
وأعاد انتحار أحد شباب "البدون"، عايد حمد مدعث (20 عاماً) في 7 تموز/يوليو الجاري بسبب رفض السلطات منحه أوراقاً ثبوتية، تسليط الضوء على القضية.
ونظم نشطاء "بدون" اعتصاماً سلمياً في ساحة الحرية في مدينة الجهراء احتجاجاً على انتحار عايد وعلى تجاهل السلطات مطالبهم. واعتقل الأمن الكويتي 14 ناشطاً منهم، بين يومي 11 و14 تموز/يوليو، لأن القانون يمنع غير الكويتيين من المشاركة في التجمعات.
وطالبت الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان بالإفراج عن النشطاء، مشيرةً إلى أن "وضع البدون بات أكثر سوءاً من ذي قبل".
حلول "غير ظالمة"
وأثارت زيارة رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي الأخيرة إلى الكويت قلق العديد من "البدون" لا سيما مع الحديث عن وجود "تنسيق كويتي مع العراق في تقصي ملفات البدون العراقيين".
وأعرب نشطاء "بدون"، عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن قلقهم من أن تكون الخطة المزمعة "ستتركز على استخراج بيانات العراقيين منهم (البحث عن إثبات أصولهم العراقية) من العراق"، تمهيداً لإعطائهم بالجنسية العراقية بدلاً عن الكويتية.
وتتزامن مخاوف النشطاء مع التعاون غير المسبوق بين البلدين، إثر الزيارة التاريخية التي قام بها أمير الكويت إلى بغداد في حزيران/يونيو الماضي.
غير أن الصحيفة ذكرت في الوقت نفسه أن "التنسيق مع العراق بشأن ‘البدون‘ الذين ينحدرون منه لن يكشف عنه شيء الآن".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...