تقدم المجلس القومي للمرأة في مصر بشكوى ضد إدارة إحدى المدارس الحكومية عقب تعنتها في "إجبار الطالبات على ارتداء الحجاب" واعتباره "جزءاً من الزي المدرسي"، وهو ما وصف بـ"الإرهاب وتنشئة الأجيال الجديدة على النفاق".
في 20 تشرين الأول/ أكتوبر، قالت لمياء لطفي، استشارية النوع الاجتماعي والتنمية ومنسقة البرامج في مؤسسة "المرأة الجديدة" الحقوقية النسوية، إن طفلتها ابنة الـ13 عاماً، الطالبة في الصف الأول الإعدادي بمدرسة بلبيس الرسمية للغات الحكومية بمحافظة الشرقية، طُلب منها التزام الحجاب داخل مدرستها مع الزعم بأنه جزء من الزي المدرسي الموحد المفروض على الطالبات. أكدت الأم رفضها هذا الأمر واعتزامها التصعيد في حال الضغط على ابنتها مرة أخرى لارتداء الحجاب.
في اليوم التالي، أضافت أن ثلاث معلمات جلسن مع ابنتها وأبلغنها رسالة مفادها: "الحجاب جزء من الزي المدرسي، البسيه في المدرسة واخلعيه خارجها، لن تدخلي المدرسة بدون حجاب. إذا والدتك غير موافقة ‘مش مشكلتنا، حلي مشكلتك معاها‘". وأوضحت أن هذا يعكس واقعاً خطيراً في المدارس المصرية يتمثل في الكذب بشأن طبيعة الزي المدرسي والضغط على طالبة و"إرهابها وتهديدها" و"إيهامها بأن ثمة مشكلة بينها وبين والدتها".
مع تقديم والد الفتاة شكوى رسمية لإدارة المدرسة، التي أكدت له أن الحجاب ليس جزءاً من الزي المدرسي الإلزامي، بدأت الإدارة"حرباً" من نوع جديد على الطالبة -الطفلة- ووالدتها؛ إذ راحت وكيلة المدرسة (نائبة المدير)، منال أبو النجا، عبر حسابها في فيسبوك، تشهّر بالأم وتحرض المعلمات وأولياء الأمور عليها وتشكك في أخلاقها وسلامة عقيدتها. كما جرى تهديد الأم، وفق منشور لها، بتقديم شكاوى كيدية ضدها وضد ابنتها من أولياء أمور ومعلمات في المدرسة، وهذا ما جعلها تؤكد تخوفها على سلامة ابنتها خلال دوامها الدراسي.
في تعليق أول، قال وزير التربية والتعليم المصري طارق شوقي إن الأمر لا يعدو كونه "حالة فردية تم التعامل معها" بالتكليف بإجراء تحقيق، زاعماً أنه "لا يستحق هاشتاغات (أي اهتمام عبر السوشيال ميديا)".
"انحطاط/ إرهاب مش تدين/ بيربّوا جيل كامل على النفاق"... حادثة إجبار طفلة (13 عاماً) على ارتداء الحجاب في مدرسة حكومية مصرية تثير غضباً. وسؤال عن "حق المواطنة والمساواة للجميع في المدارس". والوزير يقول إنها "حالة فردية مش مستاهلة هاشتاغات"
"إرهاب مش تدين"
تفاعل العديد من الناشطين والكتّاب مع القصة التي كثرت الشكاوى منها منذ تسعينيات القرن الماضي وتتكرر بشكل سنوي وإن كان يغلب الصمت من الأهالي عليها في العديد من المدارس، خاصةً خارج العاصمة، خوفاً من الاتهام بنقص التدين وإفساد أخلاق الفتيات.
كما تكررت حوادث ضرب الفتيات وقص شعورهن لعدم ارتداء الحجاب منذ المرحلة الابتدائية (بين 7 و 12 سنة). وكان مقطع متداول لأحد الأشخاص الذي يقوم بضرب الطفلات غير المحجبات وجذبهن من شعورهن في إحدى المدارس قد أثار غضباً واسعاً العام الماضي.
الطبيبة والناشطة الحقوقية والسياسية عايدة سيف الدولة قالت إن هذه الواقعة تكشف إشكاليات خطيرة، أبرزها أنها تقدم "درساً في النفاق والكذب" و"العقلية الغريبة" التي تدفع إلى أن "تحجيب الفتيات" ضرورة في المدارس المختلطة. في تعليقات لها، قالت وكيلة المدرسة إن إلزام الفتيات بارتداء الحجاب مبعثه الرغبة في حماية الأطفال (الذكور) لكون المدرسة مختلطة.
وأوضحت سيف الدولة أن الأجدر أن يتم "رفع وعي الطلاب الذكور بضرورة احترام الآخر من الجنسين"، واصفة الحملة على الطفلة ووالدتها بأنها "قلة حياء"، ومشددةً على أن "التربية بالأساس للأسرة" وليس للمدرسة.
في حين قالت الناشطة النسوية سمر علي: "أقل حاجة يتوصف بيها اللي بيحصل دا أنه انحطاط. المد الريفي المتدين بيسيطر على كل أوجه حياتنا"، مستدركةً "لا دا إرهاب مش تدين". وأضافت: "بيقولوا للبنت: البسيه في المدرسة وبره أنتي حرة، بيربوا جيل كامل على النفاق!".
وكتب المدون تامر موافي على فيسبوك: "مجموعة من المهاويس تكاتفوا وشنوا حرباً على بنت صغيرة ووالدتها لهدف واحد هو أن البنت تحط حتة قماش على شعرها"، معتبراً ذلك "أحد منتجات نصف قرن من الهراء الرجعي ودعاية إحياء الجهل وتسليطه على عقول الناس وتحويلهم إلى مسوخ متوحشة تنهش أي مختلف".
مسؤولة المدرسة لم تكتف بـ"الضغط على الطالبة وتهديدها وإرهابها" بل شنت عبر فيسبوك حملة "تشهير" على والدتها مشككةً في عقيدتها وأخلاقها لأنها "تلبس نص كُمّ"، وحرضت المعلمات وأولياء الأمور على تقديم بلاغات كيدية ضدها
"القومي للمرأة" يتحرك
من جهتها، دعت مؤسسة "المرأة الجديدة" إلى "المواطنة للجميع بالمدارس ورفض الإجبار على الحجاب"، مذكرةً بوجود قرار إداري سابق بشأن "مخالفة" فرض الحجاب على الطالبات بالمدارس في مديرية التعليم بالشرقية.
كما أشارت إلى التزام الدولة المصرية، بموجب الدستور والاتفاقيات الدولية للمرأة والطفل، بضمان حقوق المواطنة بلا تمييز على أساس الجنس أو الدين للجميع.
بناء عليه، طالبت الجمعية، وبشكل عاجل، كافة الجهات المعنية، بـ"حماية سلامة المواطنة لمياء لطفي، والدة الطالبة ريم صلاح من أي تشهير أو تأجيج أو متابعات غير قانونية، أو بلاغات كيدية من شأنها أن تهدد سلامة الأسرة، أو تنتقص من المطالبة بالحقوق المتساوية".
وأطلقت المنظمة حملة توقيعات على عريضة مطالبها هذه، شارك في توقيعها خلال ساعات عشرات الكتاب والصحافيين والناشطين المعنيين بحقوق المرأة والإنسان.
في الأثناء، تحرك المجلس القومى للمرأة عبر تقديم شكوى رسمية إلى وزير التربية والتعليم المصري، تضم استغاثة من والدة ريم تتضرر فيها من تهديد عدد من المعلمات بالمدرسة لابنتها وإرهابها وإجبارها على ارتداء الحجاب.
وناشدت رئيسة المجلس، مايا مرسي، شوقي سرعة التدخل والتحقيق في الواقعة واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة بما يضمن الحفاظ على حقوق جميع فتيات مصر.
وكان رمضان عبد الحميد، وكيل أول وزارة التربية والتعليم بالشرقية، قد صرح بأن تحقيقاً فتح في الواقعة، مبرزاً أن نتيجة التحقيق ستعلن في 22 تشرين الأول/ أكتوبر، ومشدداً على أن "ارتداء الحجاب حرية شخصية".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...