يعلم رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس أن تناول مسائل يعتبرها البعض دينية أمرٌ شديد الحساسية في نظر الكثيرين في مصر، فهو نفسه تعرض لأزمة كبيرة عام 2012 قادته إلى محكمة الجنايات حين نشر على حسابه على تويتر صورة كاريكاتورية لميكي ماوس باللحية، مع شخصية ميني وهي ترتدي النقاب، وهذا ما جعله يعتذر بعدما رفع بعض المحامين دعاوى ضده متهمين إياه بـ "ازدراء الأديان والإساءة إلى الدين الإسلامي".
لم تمنع الحادثة السابقة رجل الأعمال الأغنى والأشهر في مصر من الحديث مرة أخرى عن قضية لطالما أثارت جدلاً كبيراً في صفوف المصريين، إذ خرج في 11 تشرين الثاني/نوفمبر، ليصرح لموقع "آرابيان بيزنس" (Arabian Business) قائلاً: "إذا أراد الله أن تكون المرأة محجبة لخلقها بالحجاب"، وهذا ما تسبب بهجوم كبير عليه في تويتر.
وساويرس من أنشط رجال الأعمال في مصر على وسائل التواصل الاجتماعي، وكثيراً ما يعبّر عن رأيه في قضايا عديدة، كما يرد على مستخدمين كثر يطرحون عليه أسئلة في أمور عديدة.
قال ساويرس: "المرأة جميلة. إذا كان الله لا يريد النساء جميلات فلماذا خلقهن هكذا، لو أراد الله أن يكنّ محجبات، لخلقهن بالحجاب، الله جميل ويحب الجمال، الله يعلم ما يفعله. من نحن لنعلق على ذلك؟".
كلام ساويرس عن الحجاب صاحبته تصريحات أخرى، منها أن العالم العربي يعاني من الأصوليين الإسلاميين، إذ اعتبر أن هذا العالم "مصاب" بالأصوليين الإسلاميين، معتبراً أن مهرجان الجونة السينمائي (الذي يشرف عليه ساويرس) لا يلبي حاجات المشاركين فيه، مؤكداً أن المهرجان سيظل على موقفه من الإيمان بحرية المبدع والفنان، وتحديداً الفنانات من حيث ارتداء ما يحلو لهن أثناء فعاليات المهرجان.
ووصف ساويرس نظرة بعض المصريين للنساء بالمتناقضة، قائلاً: "لسوء الحظ في مصر، هناك نزعة للنظر إلى النساء والقول إنهن يرتدين ملابس نصف عارية. العالم العربي كله يعاني من هذه الأعراض، وعندما يسافر العرب إلى الخارج وتذهب النساء إلى الشواطئ فهذا أمر جيد، لكن عندما يحصل ذلك في مجتمعنا، يصبح غير مقبول".
"هزلت والله هزلت"
فيما وجد البعض في حديث ساويرس شجاعة كبيرة، هاجمه آخرون معتبرين أنه أهان الإسلام، كما ظهرت تعليقات وصفها البعض بالعنصرية، إذ أشارت إلى أن رجل الأعمال المصري ليس من حقه الحديث عن الحجاب لكونه مصرياً مسيحياً.
"المرأة جميلة. إذا كان الله لا يريد النساء جميلات فلماذا خلقهن هكذا، لو أراد الله أن يكنّ محجبات، لخلقهن بالحجاب، الله جميل ويحب الجمال، الله يعلم ما يفعله"... تصريح جديد لنجيب ساويرس يثير الجدل، فكيف جاءت الردود؟
نجيب ساويرس لم يكن الوحيد الذي انتقد فكرة الحجاب ونفى ضرورتها، فقد سبقه لذلك كثر في مصر كحلا شيحة وعبير صبري وعادل إمام وفاروق الفيشاوي. ردود الفعل على كلامهم كانت قاسية، ودفعت بكثر للاعتذار
على سبيل المثال قال أحدهم: "هزُلت والله هزلت، حتى القبطي أصبح يتدخل في شؤون المسلمين ويحلل ويحرم ويفتي في الحجاب وفروض وسنن المسلمين. هزلت والله هزلت".
وفوجئت مستخدمة بأن ساويرس يتحدث عن الحجاب، فغردت: "لو سمحت خليك في نفسك وبلاش المنطقة دي تدخلها، علشان إللي داخل فيها خسران على طول".
ويتعامل مصريون كثر مع الحجاب بحساسية شديدة رافضين المساس به، وكثيراً ما تخرج شخصيات دينية شهيرة للدفاع عنه خصوصاً من جامعة الأزهر.
وفي كل مرة يتم فيها تناول قضية الحجاب، يُصدر أحد شيوخ الأزهر بياناً يؤكد فيه أن "حجاب المرأة المسلمة فرض على كل من بلغت سن التكليف، وهي السن التي ترى فيها الأنثى الحيض، وهذا الحكم ثابت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة".
كذلك تحدثت نساء غير محجبات عن تعرضهن لقص شعرهن من محجبات في وسائل المواصلات لإجبارهن على ارتداء الحجاب.
شخصيات شهيرة عبّرت عن رأيها في الحجاب
كانت الممثلة حلا شيحة قد تعرضت لهجوم شديد من قبل كثيرين بعدما أعلنت خلعها للحجاب وعودتها للتمثيل. كما انتقد بعض المستخدمين كلام شيحة عن الحجاب قبل أيام حين قالت: "ليس الأساس في الدين، بدليل أنه لم يذكر في الآيات الأولى في القرآن، بل ذكر في منتصف القرآن، في سورة النور".
وبعد هجوم الكثيرين عليها، خرجت شيحة لتقول إنها ليست ضد الحجاب وإنها لم تقل إن الحجاب ليس فريضة، مضيفة "أنا بتكلم عن الناس اللي بتحكم على تدين المرأة من خلال الحجاب، ده لا يصح".
وقبل شيحة، تعرض الممثل خالد أبو النجا لهجوم حاد، عام 2018، بعدما أعلن عبر حسابه على تويتر أن "الحجاب ليس فرضاً في الإسلام".
في العام 2015، واجه الممثل الراحل فاروق الفيشاوي هجوماً شرساً حين قال في أحد البرامج التلفزيونية إنه يرفض الحجاب والنقاب تماماً، مشيراً إلى أن "ما بداخل الإنسان يظهر على وجهه، والحجاب حجاب داخلي".
وفي العام 2016، عانت المخرجة المصرية إيناس الدغيدي من حملة كبيرة بعد أن انتقدت الحجاب في أحد البرامج التلفزيونية، إذ قالت إنها تُفضل الموت على ارتداء الحجاب بسبب عدم اقتناعها به، مؤكدة أن الحجاب ليس زياً إسلامياً، وأنه موجود قبل مجيء الدين الإسلامي بعهود طويلة.
وعلّقت الدغيدي وقتها بالقول: "ربنا ما يحكم عليّ بالحجاب، هل الحجاب هيخليني أكثر أدباً وصدقاً؟ لأ ده مش حقيقي، وياما ناس تخفت وراء الحجاب".
وبرغم تقدم عدة محامين ببلاغات ضد الدغيدي متهمين إياها بإهانة الحجاب، تمسكت برأيها فيه وكررته في برامج أخرى.
وفي العام 2015، دعا الصحافي المصري شريف الشوباشي فتيات مصر إلى خلع الحجاب في تظاهرة عامة في ميدان التحرير، مطلقاً على دعوته شعار "تظاهرة خلع الحجاب"، وقال وقتذاك إن هذه التظاهرة لا تقل أهمية عما فعلته المصرية هدى شعراوي عام 1923. حينها، واجه الشوباشي هجوماً شديداً من قبل شخصيات سلفية، وتعرض لتهديدات كثيرة جعلته يتراجع عن دعوته.
وفي العام 2015 كذلك، واجه الممثل الراحل فاروق الفيشاوي هجوماً شرساً حين قال في أحد البرامج التلفزيونية إنه يرفض الحجاب والنقاب تماماً، مشيراً إلى أن "ما بداخل الإنسان يظهر على وجهه، والحجاب حجاب داخلي".
وأضاف: "السيدة صاحبة الأخلاق والمبادئ والتقاليد أهم بكثير من المرأة التي تضع على رأسها غطاء".
كذلك واجه الفنان حسين فهمي هجوماً قاسياً، عام 2006، حين أعلن تضامنه مع وزير الثقافة المصري وقتذاك فاروق حسني بعد قوله إنه يرفض الحجاب.
وقال فهمي: "90 في المئة من مجتمعاتنا العربية متخلفة بسبب لكون المرأة محجبة، فالمرأة محجبة ثقافياً وعلمياً وفكرياً"، وأضاف واصفاً المرأة المحجبة بأنها "معاقة".
رُفعت ضد فهمي بلاغات عدة، فخرج ليعلن اعتذاره قائلاً إنه لم يقصد ذلك، وإنما قصد أن الحجاب يعوق الفتاة عن ممارسة الرياضة وخفة الحركة، مشيراً إلى أن ابنته محجبة ولا يمكنه وصفها بأنها معاقة.
ورفض فهمي أن يستغل البعض تصريحه عن الحجاب لإشعال فتنة بلا مبرر، قائلاً إنه يعتذر إلى كل السيدات المحجبات ليس في مصر بل في جميع أنحاء العالم.
وفي العام 2010، عبّر الممثل عادل إمام عن رأيه في الحجاب، معتبراً أنه "ليس من الإسلام"، بل مسألة شكلية تعمق الفتنة الطائفية، وفق قوله، مضيفاً أنه يعتبره مرتبطاً بالأجندة السياسية للجماعات الدينية، كما هاجم حجاب الفنانات.
وبرغم الهجوم الشديد الذي تعرض له وقتذاك، رفض إمام الاعتذار عما قاله بشأن الحجاب.
أما الممثلة عبير صبري التي وضعت الحجاب بعض الوقت فقالت بعد خلعه عام 2007 إنها تعتبره "أمراً شكلياً"، لكن كلامها هذا لم يعجب المحامي المثير للجدل نبيه الوحش فقدم بلاغاً ضدها يطالب فيه "بقطع يديها ورجليها، وصلبها طبقاً للشرع الإلهي" عقاباً لها على خلع الحجاب، بحسب ما أعلنت صبري وقتذاك، مضيفة أنها تقدمت بدعوى قضائية ضده متهمة إياه بالتحريض الصريح على هدر دمها.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Tester WhiteBeard -
منذ 17 ساعةtester.whitebeard@gmail.com
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 4 أيامجميل جدا وتوقيت رائع لمقالك والتشبث بمقاومة الست
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال مدغدغ للانسانية التي فينا. جميل.
Ahmed Adel -
منذ أسبوعمقال رائع كالعادة
بسمه الشامي -
منذ اسبوعينعزيزتي
لم تكن عائلة ونيس مثاليه وكانوا يرتكبون الأخطاء ولكن يقدمون لنا طريقه لحلها في كل حلقه...
نسرين الحميدي -
منذ اسبوعينلا اعتقد ان القانون وحقوق المرأة هو الحل لحماية المرأة من التعنيف بقدر الدعم النفسي للنساء للدفاع...