شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
صابرين آخرهنّ… متى يتوقف الهجوم على خالعات الحجاب في مصر؟

صابرين آخرهنّ… متى يتوقف الهجوم على خالعات الحجاب في مصر؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 20 نوفمبر 201903:20 م

"لم أكن محجبة، منذ عام 2010. كنت محتشمة". بهذه الكلمات عللت الفنانة المصرية صابرين (52 عاماً) موقفها، رداً على موجة الانتقادات التي طالتها منذ أن نشرت في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر صورة لها على مواقع التواصل الاجتماعي من دون غطاء رأس، مع أن قرارها شخصي وكان من المفترض أن يعنيها وحدها، ولا يشاركها فيه جمهورها.

وفي مداخلة مع الإعلامي المصري عمرو أديب، قالت صابرين إنها خلعت الحجاب رسمياً، منذ المرة الأولى التي اعتمرت فيها باروكة لتجسيد دورها في مسلسل "شيخ العرب همام" (2010) مع الفنان يحيى الفخراني، بعدما قال مخرج العمل لها: "من غير المنطقي أن تعتمري الحجاب في المشاهد المصوّرة داخل المنزل"، مقدماً الباروكة حلاً بديلاً.

ولفتت إلى أنها منذ اعتمار الباروكة، استغنت عن الحجاب كلياً، مستبدلةً إياه بما يُمسى "التوربان"، وهو قطعة قماش تغطي الرأس، وتشبه كثيراً قبعة السباحة.

وأشارت صابرين إلى أن عدد التعليقات المسيئة التي وصلتها على مواقع التواصل الاجتماعي أتعبتها جداً من الناحية النفسية، مضيفةً وهي تبكي على الهواء: "لم أقدّم سوى الأعمال المحترمة. ما ذنب أولادي لكي يُشتَموا أيضاً من قبل أشخاص لا دين لهم ولا أخلاق؟".

وقالت إنها "تكره الخروج من المنزل" لتفادي هذه الإساءة المستمرّة بحقها، مؤكدةً أنها "حينما تدفن في قبرها، لن يُحاسب أحد معها"، في إشارة إلى أن لا علاقة لأحد باختياراتها وقراراتها الشخصية.

وطالبت جمهورها بالكف عن انتقادها قائلةً: "سيبوني أتصالح مع نفسي".

وفي هذا السياق، نفت أن تكون قد خلعت "التوربان" لزيادة فرصها التمثيلية، مختصرةً الأذى الذي تتعرض له، والتناقض النفسي الذي تواجهه، بالقول: "أنا بتبهدل لمّا أروح على مهرجان أستلم جائزة".

وظهرت صابرين في ستة أعمال معتمرة الباروكة، هي: مسلسل شيخ العرب همام (2010)، مسلسل الشك (2013)، مسلسل دكتور أمراض نسا (2014)، مسلسل أفراح القبة (2016)، فيلم لف ودوران (2016)، مسلسل فكرة بمليون جنيه (2019).

بمعزل عن التعليقات الشاتمة والمُكفّرة، هذه عيّنة مما قيل لصابرين: "ما شاء الله عليكوا، كل ما تكبروا تخيبوا"، "عقب ما عجّزتي خلعتي؟"، "ليه بس، هيثم زكي لسه مخطوف، هنموت في لحظة".

عن الهجوم الذي تتعرض له الفنانات الخالعات للحجاب في مصر، ومن بينهن صابرين التي قالت: "بكره الخروج من بيتي، وبتبهدل لمّا أروح على مهرجان أستلم جائزة"... لكن ما علاقة رجال الدين هنا؟
"الحجاب احترام للمرأة"... كيف ساهم رجال الدين في مصر في الهجوم على الفنانات الخالعات للحجاب؟

ليست الأولى ولا الأخيرة

تعليقات مشابهة تقريباً وُجّهت لعدد من الفنانات اللواتي اتخذن قرار خلع الحجاب، ولم تسلم أي منهنّ من التجريح.

اللافت أن مهاجمي الفنانات خالعات الحجاب يتحدثون من منطلق الدين والحلال والحرام، ولكنّ هذا المنطق نفسه لم يمنعهم من الإساءة من خلف الشاشات ومن على مواقع التواصل الاجتماعي إلى الآخرين.

الفنانة حلا شيحة كانت من اللواتي تعرضن لهجوم حاد في آب/ أغسطس 2018 حينما ظهرت بصورة نشرها طبيب الأسنان المصري محمد عماد، خالعة الحجاب والنقاب معاً، بعد غياب 12 سنة عن الجمهور واعتزالها التمثيل.

وسرعان ما بدأ الجمهور بتذكير شيحة بكلمات كانت قد نشرتها على مواقع التواصل من بينها: "لا أتخيل حياتي أن تعود كالسابق (بلا حجاب ونقاب)".

وفي حوار مع شيحة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، تحدثت عن رد الفعل "المبالغ فيه" عقب خلع الحجاب قائلةً: "كنت أتوقع جزءاً مما حصل. لم أتوقع أن يكون بهذا الحجم"، ولفتت إلى أن "الكلام الذي وُجّه إليها كان قاسياً".

واعتبرت أن الجمهور سيتحدث في كل الأحوال سواء أَفهم الأسباب أو لم يفهمها، مضيفةً أنها "ليست مضطرة إلى توضيحها، لأنها تخصّها وحدها".

ويبدو أن خلع شيحة للحجاب والنقاب لن يُنسى مع مرور الأيام. فلا تزال وسائل إعلامية عدة تُذكّر الجمهور لدى نشرها صوراً لشيحة من جلسة تصوير بأنها "العائدة من النقاب"، وهذا ما يعني أن هناك علامات استفهام حول أي صورة تُظهر فيها شيحة مساحات غير مغطاة من جسمها.

لماذا خلعتِ الحجاب؟

فنانات مصر خالعات الحجاب لا يسلمن حتى من مقدمات البرامج الحوارية. دائماً يُطرح عليهنّ سؤال: "لماذا خلعتِ الحجاب؟"، في استباحة لخصوصياتهنّ. 

وهذا سؤال وجّهته الإعلامية اللبنانية راغدة شلهوب للفنانة عبير صبري، التي اختارت أن تُجيب، بدلاً من أن ترفض الحديث عن قرار يتعلق بها، قائلة: "شعرت بأنني غير قادرة على التحمّل. ظروف حياتي لم تسمح لي بالاستمرار في الحجاب". 

وحينما شعرت شلهوب بأن الإجابة غير كافية، سألتها: "تريدين العودة للتمثيل، صحيح؟"، فأجابت صبري: "لا، كانت لدي ظروف شخصية وأسرية كثيرة. كان هناك انفصال وطلاق ومواجهة منفردة للحياة".

وسرعان ما طرحت الإعلامية السؤال التالي: "يعني كنوع من التمرّد؟"، فجاءتها الإجابة: "لا، كنت صادقة لدى ارتداء الحجاب، وصادقة لدى خلعه". 

وعلى غرار صابرين وحلا شيحة وعبير صبري، خاضت أخريات التجربة نفسها مع اختلاف حدّتها، مثل إيمان العاصي وسهير زكي وشهيرة.

"الشارع العام ليس لكِ"

الهجوم على خالعات الحجاب في مصر، توضحه متابعة بسيطة لما يُقال عن الحجاب من قبل رجال الدين في البرامج الحوارية.

ففي إحدى حلقات برنامج "العاشرة مساءً" المصري، استضاف الإعلامي وائل الإبراشي فتاة خلعت حجابها بعد 11 سنة، وشيخ الدين صبري عبادة ليناقشهما حول ما الذي يدفع بالمرأة إلى ارتداء الحجاب ثم خلعه.

وبينما كانت الشابة تحاول إقناع الشيخ بأن "قطعة القماشة" التي أزالتها لا تعني أنها انحرفت أخلاقياً، أجابها: "فرضية الحجاب لا تقتصر على الشخص، بل من أجل الحفاظ على المجتمع كاملاً". هذا المنطق هو ما يُبرر تدخّل مصريين في قرارات النساء اللواتي يقررن التخلي عن الحجاب بعد ارتدائه، وغالباً منذ مرحلة الطفولة أو المراهقة لكي "تعتاده الفتاة".

وحينما سألته الشابة: "مال المجتمع ومال شعري؟"،  أجاب: "حريتك في داخل أسرتك ومجتمعك. افعلي ما تشائين داخلهما. لكن الشارع العام ليس ملكاً لكِ، بل ملك لي وملك للناس".

واعتبر أن عدم ارتداء الحجاب في الشارع العام فعل منافٍ للأخلاق العامة، قائلاً إن خلعه يتمحور حول "بيع الدين، والتخلي عن ثقافة المجتمع". 

وبعدما تصاعد الجدل بينهما، قال الشيخ: "ما فعلتِه حرام، وأنت مذنبة، وستحاسبين يوم القيامة".

"سقطت حرمة النظر إليهن"

"الحجاب احترام للمرأة… لا أحد يراها إلا بإذن منها". تعود هذه الكلمات لمفتي الديار المصرية الشيخ علي جمعة، الذي "أسقط حرمة النظر الى المرأة في حال خلعت حجابها"، في إحدى حلقات برنامجه "والله العليم". 

وقال جمعة إن المرأة إذا تخلت عن حجابها فإنها بذلك "أسقطت حقها الذي وهبها الله لها في عدم السماح للرجال بالنظر إليها"، مستشهداً بقصة قال إنها حدثت مع الإمام جعفر الصادق، حينما ذهب إلى بلاد ما وراء النهر، حيث كانت جميع النساء غير محجبات فقال حينذاك: "سقطت حرمة النظر إليهن".

بذلك، يكون مفتي الديار المصرية قد أباح للمتحرشين التحرّش بالمرأة غير المحجبة، خاصةً بعد قوله: "تنتقل القضية من العين إلى الدماغ، فلا ينبغي أن تفكر وتستدعي الصور حتى لا تخطو خطوة أخرى".

في مجتمع يحتقر رجال الدين فيه النساء غير المحجبات، كيف نتوقّع أن يكون التفاعل مع فنانة مؤثرة في المجتمع لدى خلعها الحجاب؟

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image