شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"متسلط ومتطلب ومغتصب"... "الرجل" كما تتخيّله نساء في مجتمعات محافظة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 9 سبتمبر 202004:32 م

تعتبر العلاقة العاطفية أو الجنسية بين الرجل والمرأة في المجتمع المحافظ نوعاً من "التابوهات"، ولذلك تعيش هذه العلاقة مهددة من نظرة المجتمع الذي يترصدها بلا رحمة، بل ويحرّمها أيضاً، فلا يسمح لهذه العلاقة بالنمو خارج إطار الزواج. وفي ظل هذا المناخ من التشكيك والتحريم، ينسج خيال المرأة فكرة سلبية حول الرجل، كونها تراه نوعاً من المجهول الذي يصعب الوثوق به أو بنواياه، وتظل متوجسة في علاقتها به، وذلك يرجع للنظرة السلبية للمجتمع تجاه هذه العلاقة.

وربما تعود نظرة المرأة السلبية هذه إلى ذكورية المجتمع، الذي يعطي للرجل كل المبررات وفي كل المناسبات، بينما يترصد خطواتها وتحركاتها، فتعيش جواً من القلق إزاء علاقتها مع الرجل، بل وتخشى الاقتراب من هذا الذي يؤيده المجتمع ويبارك خطواته على حسابها في أحيان كثيرة.

"مهووس بالجنس"

تقول علا بخيت، 22 عاماً، تدرس أصول دين في الجامعة الإسلامية، حول نظرتها للرجل، خاصة وأنها تعيش في مجتمع محافظ في غزة: "لا أثق بالرجل ولا أحبذ أي علاقة معه إلا بالزواج، لأنه الضامن الوحيد لئلا "يلعب بديله"، كما أن المجتمع المحافظ يترصد لحركات المرأة، فنجده يثرثر في سمعتها إن اضطرت للوقوف مع زميل في الجامعة أو أحد الأقارب".

"الرجل في بلادنا متسلط، متطلب، يرى العلاقة، سواء بالزواج أو غيره، من منظار مصالحه وأهوائه، وأراه مغتصباً لأنه تتحكم به الشهوة والغريزة، فهو جنسي بطبعه، وهذا أمر مخيف"

وعن إحساسها بالرجال انطلاقاً من تجربتها الشخصية، تقول علا لرصيف22: "الرجل في بلادنا متسلط، متطلب، يرى العلاقة، سواء بالزواج أو غيره، من منظار مصالحه وأهوائه، وأراه مغتصباً لأنه تتحكم به الشهوة والغريزة، فهو جنسي بطبعه، وهذا أمر مخيف".

ويذكر أن المرأة تعيش في أغلب البلاد العربية وسط نظام اجتماعي محافظ، يرى علاقة المرأة بالرجل خارج إطار الزواج، نوعاً من التمرد غير المسموح على منظومة العادات والتقاليد التي وضعها لتحدد العلاقة بين المرأة والرجل، كما وتشارك العادات والتقاليد بنصيب وافر في تأجيج الأزمة.

"لا أثق به"

أما سعادة خليل، 30 عاماً، خريجة آداب لغة انجليزية من قطاع غزة، فتقول: "أنا أخشى التعامل مع الرجل لأنه مستغل، إذ ينسج مشاعره حول المرأة كي يستغل عاطفتها وربما أنوثتها، لا يمكنني الوثوق به إطلاقاً".

وتضيف سعادة لرصيف22: "أكره التقرّب الدبق الذي يمارسه كثرة من الرجال مقابل نظرة أو ضحكة من امرأة، لكنه لا يتوقف أمام عقلها ليخاطبه بنضج، لأن عينيه مشغولتان غالباً بتصفّح شكلها".

"الرجل في بلادنا لا يثق بالمرأة، ويتسلط عليها، ويتدخل في شؤونها، ويعاقبها تحت مسميات الغيرة، والرجولة"، وفقاً لسعادة.

وترى سعادة أن كثيراً من الرجال هم أيضاً ضحية أفكارهم الذكورية، تقول: "على الرجل في بلادنا أن يعترف أن لديه مشكلات في التربية والإرث القبلي، ومشكلات في المناهج المدرسية، ومشكلات في فهم الدين وتفسيره، وهي مشكلات جدية وقاسية، ولا يستطيع حلها خلال محاضرة واحدة، وربما يحتاج لتجريفات هائلة في ثقافته وقناعاته الموروثة تجاه المرأة، فهي ضحية مثله تماماً"".

"لا يعنيني"

ريهام عودة، 20 عاماً، طالبة جامعية من غزة، فقد كفت عن التفكير بالرجال، فهي تصف نفسها بـ"الملتزمة"، وأهلا بالرجل الذي يطلب منها الزواج.

تقول ريهام لرصيف22: "هو لا يعنيني بالمطلق، ولا أجرؤ على التفكير به، فعائلتي متدينة وأنا فتاة ملتزمة، وأعتقد أن الزواج هو الإطار الوحيد لأي علاقة يمكن أن تحدث بيني وبين رجل، أما غير الزواج فلا وألف لا".

وتضيف ريهام لرصيف22: "أخشى الاقتراب منه فهو قد يكون مستغِلاً أو محتالاً، فمشاعر المرأة، برأيي، أرقى من أن يتم استغلالها، والسبب أن الرجل تنحصر نظرته للمرأة في إطار ضيق جداً ألا وهو الجسد، فهو يعتبرها وعاء لسد شهوته ليس إلا".

وتختم ريهام حديثها: "إن نظرة الرجل الشرقي للمرأة هي في الغالب تكون نظرة خاطئة، لأن معظم الرجال الشرقيين ينظرون للمرأة نظرة جسدية وليست نظرة إنسانية وروحانية".

"قد يكون رومانسيا"

وعلى العكس من ريهام، لميس أبو حدايد، 30 عاماً، تعمل كوافيرة في الأردن، تعيش علاقة "غرامية" مع أحد زملائها في المهنة: "رغم أننا نعيش في مجتمع محافظ إلا أنني لا أرى أن هناك ما يمنع قيام علاقة بين المرأة والرجل، بغض النظر عن إطار هذه العلاقة، فالصداقة مثلاً أجمل ما تكون بين المرأة والرجل الذي أراه عاطفياً يحتاج إلى دفء وصدق في التعامل ليس إلا".

وتدافع ريهام عما تراه هجوماً على الرجال، مضيفة: "لماذا كل هذا الهجوم على الرجل ووصفه بالشرقي دائماً، هو أخي وابني وصديقي وزميلي وزوجي أيضاً، وهناك مئات العلاقات الناجحة بين المرأة والرجل في المجتمع، سواء في نطاق الزواج أو غيره من العلاقات البعيدة عن الزيف والتمثيل".

وعن نمط الرجل الذي تتخيله، تقدّر ريهام في الرجل إحساسه بالمسؤولية، وحبه للرومانسية والهدايا، والتواصل الروحي لا الجسدي فقط، ويتقن احترام ذات المرأة وكينونتها.

معاملة الأب والشعور بـ"الخيبة"

يعلق حسام أبو ستة، دكتور علم اجتماع، لرصيف22 حول ما يشكل نظرة المرأة للرجل في المجتمع المحافظ: "الفتاة التي تعيش في أسرة مغلقة أو متشددة تنظر للآخر "كل من هو ليس أخيها أو أبيها" على أنه المخلّص، وليس العكس، حيث يكون المجتمع الأسري ضاغطاً على الفتاة".

"أخشى الاقتراب منه فهو قد يكون مستغِلاً أو محتالاً، فمشاعر المرأة، برأيي، أرقى من أن يتم استغلالها، والسبب أن الرجل تنحصر نظرته للمرأة في إطار ضيق جداً ألا وهو الجسد، فهو يعتبرها وعاء لسد شهوته ليس إلا"

ويشير أبو ستة إلى عاملين مؤثرين في نظرة المرأة في المجتمعات المحافظة للرجل، وبحسبهما ينسج خيالها القصص حوله، الأول هو إحباط الرجل لتطلعاتها، أو تلاعبه بمشاعرها، يقول: "شعور الخيبة والقلق جراء تعرضها لتجارب فاشلة مع شباب لاهين دون أن تحظى بفرصة زواج، وقتها تنكسر ثقتها بالرجل، وتخشى بعدها أي تجربة حتى وإن كانت حقيقية، وهذا هو الخطر".

العامل الآخر هو الأب، يضيف أبو ستة: "أيضاً الأب الجيد يعطي للفتاة صورة جيدة عن الرجل، ولذلك فالعلاقة الأسرية بين الأم والأب تنعكس على رؤية الفتاة للآخر، فإن كانت العلاقة سليمة تكون نظرتها إيجابية، والعكس صحيح".

وفي النهاية يأتي دور "المجتمع المتشدد في حظره لأي علاقة بين الرجل والمرأة خارج إطار الزواج"، ما يدفع للعلاقات أن تكون "في الظلام".

ولايزال من غير المسموح للمرأة أن تقيم علاقة مع الرجل خارج إطار الزواج وسط معظم المجتمعات المحافظة، كأحد قيم المجتمع المحافظ، لذا فإن ضعف الخبرة لدى المرأة فيما يتعلق بالرجل هو سيد الموقف، فتبقي نفسها بعيدة عن أي مغامرات قد لا يحمد المجتمع عقباها، تفادياً لمزيد من النقد والترصد لتحركاتها.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image