شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
ما تستره الحيطان في غزة تفضحه ملتقيات النساء عبر  فيسبوك

ما تستره الحيطان في غزة تفضحه ملتقيات النساء عبر فيسبوك

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 13 أغسطس 202004:56 م
فضفضي وتكلمي وبوحي بكل شيء، ولكن ليس في برنامج تلفزيوني، كما جاء في الفيلم المصري "احكي يا شهرزاد"، هذه المرة، كل المسكوت عنه مجتمعياً والمرفوض ديناً وعرفاً، تطرحه وتفضحه النساء، ولكن عبر ملتقيات نسائية ومجموعات خاصة عبر موقع الفيسبوك.

هروب من الواقع

"زوج أختي يتحرّش بي بدون مبالغة، ومن غير ما أكون شاكة، أنا متأكدة من نظراته وطريقة كلامه... شو أعمل؟ أشكي لأهلي ولا لأختي؟ خايفة أخرب بيت أختي".

كانت هذه واحدة من المشاكل التي عرضت باسم مستعار عبر أحد الملتقيات النسائية، لتنهال عليها التعليقات بين: "اشكيه لأهلك، أكيد تصرفاتك بتشده، ابعدي وما تزوري بيت أختك" وغيرها من التعليقات التي تحاول بها النساء تقديم المساعدة للضحية التي لجأت للموقع علها تجد ما يريحها.

تقول أم خليل (33 عاماً)، لرصيف22: "بنفضفض بمشاكلنا عبر الفيس لأنه في الواقع فش حدا بالزمن هاد صار يتأمن على سر، لكن على الفيس بننشر أسماء وهمية، وبنطمن إنو ما حدا عارفنا، وبنفس الوقت بنشوف رأي ناس كتيرة في المشكلة وممكن نوصل لحل".

""بنفضفض بمشاكلنا عبر الفيس لأنه في الواقع فش حدا بالزمن هاد صار يتأمن على سر، لكن على الفيس بننشر أسماء وهمية، وبنطمن إنو ما حدا عارفنا"

أما إيمان أحمد، فترى أن معظم النساء يملن لعرض مشاكلهم عبر مواقع السوشيال ميديا لأهداف عدة، منها أنهن لا يستطعن حل مشاكلهن فيعرضنها بهدف إيجاد بعض الحلول، ومنهن من يردن أن يفضفضن بتكتم، خصوصاً لو كانت تتعرض لعنف أو ضرب، ولا تستطيع البوح إلا عبر هذه المواقع.

وتقول أمل صلاح (24 عاماً) لرصيف22: "أنا شايفة أنه عادي تعرض مشكلتها لتستفيد من الأفكار، أو ممكن تلاقي حلول أو أي كلمة حلوة تهدي من نفسيتها. أحياناً النفسية محتاجة حد يدعمها، وبتكون مش لاقية أي توجيه من أي حدا، بتعرض مشكلتها لإيجاد حل أو دعم نفسي".

فضفضة

رانيا الخضري، ناشطة ومؤثرة عبر السوشيال ميديا، وأسست "ملتقى سيدات غزة" والذي يعتبر من الملتقيات النسائية القديمة، إن لم تكن الأقدم في غزة.

تقول الخضري لرصيف22: "جاءت فكرة تأسيس الجروب قبل 6 سنوات، عندما جلستُ مع أحد صديقاتي وطرحنا الفكرة الأساسية: لماذا لا يكون لدينا نحن كنساء خصوصية مستقلة خاصة لمدينة غزة؟".

"وتم بالفعل إنشاؤه وتفاجئنا في أول شهر بانضمام أكثر من ثلاثين ألف عضوة ومتابعة للملتقى، من نساء الجنوب إلى شمال القطاع، حيث لا نقبل من جنسيات أخرى، فقط من غزة. مع مرور الأيام وأقل من سنة تجاوزنا 100 ألف عضوة في الملتقى الذي تديره 23 آدمن من النساء"، تضيف الخضري.

وعن هدف الملتقى تقول الخضري: "حبينا نحول العالم الافتراضي الى عالم واقعي، فأصبحنا نعمل فعاليات نسوية، تم تنفيذ 25 فعالية تضمنت معارض وبازارات، ونستهدف السيدات التي من داخل الجروب. صارت النساء مرتبطات ببعضهن البعض، أصبح الملتقى مرجعاً لكثير من السيدات".

على صعيد المشاكل التي تصل عبر الخاص للسيدة رانيا، تقول لرصيف22: "عندما تصل إلينا مشكلة من سيدة نعمل على تصوير المحادثة ونمسح اسمها، وننشر المشكلة على الجروب لمشاركة الأعضاء بها وإيجاد الحلول المناسبة".

"أحيانا تكون الست مكبوتة ولا تتكلم مع أختها أو أمها أو أي شخص قريب لها، فتأتي هنا إلى الجروب تفضفض. يمكن في ستات ينتقدن هذا الأمر أنه كيف الفتاة تنشر مشاكلها الخاصة. ولكن هناك أيضاً سيدات أخريات يجدن المشكلة قريبة عليها وعلى مشاكلها".

"الكثير من القصص لا تستطيع مسؤولة الملتقى نشرها خوفاً من تداعياتها أو لخطورتها، خصوصاً المتعلقة بقضايا الجنس كالزنا والاغتصاب، وصغيرات يعشقن رجالاً محرمين عليهن، كزوج الأخت وزوج الأم... كلها لا ننشرها، فما ينشر لا يتجاوز قصتين ثلاثة من أصل 50 قصة تصل يومياً عبر صندوق الرسائل".

ما تفكر فيه نساء غزة؟

تطرح النساء عبر "ملتقى سيدات غزة" وغيره من الملتقيات النسائية، قضايا مختلفة ومنوعة، كالاستفسار عن مكان معين أو شخص ما فقد تليفونه أو بحاجة لاستئجار شقة سكنية، فلا تمر 5 دقائق إلا وتجد الإجابات والردود كثيرة.

تبوح النساء أيضاً عبر الملتقيات بالمشاكل الأسرية، كالمشاكل مع أم الزوج وبنت الحماية (أخت الزوج) ورغبة الزوج بالزواج بأخرى، وتحاول صاحبة المشكلة الاستفادة من تجارب النساء الأخريات ونصائحهن.

ولا تكتفي الملتقيات بنشر المشكلة، فحسب رانيا الخضري، يتم تصنيف المشكلات حسب فئات المشاركات في الغروب، مثلاً المرأة التي تتعرض للعنف من قبل زوجها، نرسل قصتها إلى أخصائية نفسية أو اجتماعية ومراكز شؤون المرأة، لإيجاد الحلول المناسبة لها، وبعضهن يكن بحاجة مادية ومساعدات لبعض العائلات المستورة، فيتم التشبيك مع مؤسسات إغاثة لتقديم العون اللازم بشكل سري.

"تجلب مشاكل مع الأزواج"

أم ياسمين كحيل، ترفض فكرة نشر المشاكل عبر الغروبات، على الرغم من أنها عضوة بأكثر من واحد منها، وترى أن النشر يجب أن يكون له هدف، وهو أخذ استشارة مختصين فقط، وليس مجرد تعليقات من العضوات، خصوصاً وأن في كثير من الحالات، حسب وصفها: "ما بلاقو ملجأ ولا مكان يحميهم، ومعرضين للظلم وخايفين يحكوا. بيكونو بحاجة لاستشارة بدون ما حدا يعرفهم".

"الست مكبوتة ولا تتكلم مع أختها أو أمها أو أي شخص قريب لها، فتأتي هنا إلى الجروب تفضفض"

أما أم سمير العكش (45 عاماً)، لا تحبذ الحديث عبر الفيسبوك، وترى أنه أحدث مشاكل عدة مع الأزواج والحموات: "وفي النهاية، كل ست أعلم كيف تحل مشاكلها، لأنه اللي إيده بالمية مش زي اللي إيده بالنار في الآخر، لما زوجها يطلقها بسبب الفضفضة ما حد بفيدها بشي".

الفضفضة وصمة

ويتبنى موقف أم سمير العديد من الرجال في غزة، ومنهم من يصل الأمر به لحظر المحمول على زوجته، مثل أبو عمر (36 عاماً)، حيث قرر سحب الجوال من زوجته، وأعطاها جوالاً قديماً فقط للاتصال، وممنوع الإنترنت عليه، وممنوع تدخل أي مواقع سوشيال ميديا، لأنه حسب رأيه: "بيته كان حيخرب من وراء مشكلة طرحتها زوجته على الفيسبوك، وتحدثت عن علاقتها السيئة بوالدته، والأقارب شاهدو التعليقات المسيئة له ولوالدته، وتفاقمت المشاكل ووصلت للطلاق، لولا تدخل بعض الأقارب، فكان قراره: "ممنوع الإنترنت في البيت لزوجته".

تعلق الإعلامية والباحثة النسوية في قضايا المرأة هداية شمعون لرصيف 22: "ميزة بعض المنتديات النسائية أنها تضم مجموع كبير من النساء، بتنوع شرائحهن وأعمارهن ومستوياتهن التعليمية، وهذه المجموعات يلبي بعضها اهتمامات كافة النساء واحتياجاتهن".

وتثمّن شمعون هذا التنوع، وتأثيره على طريقة تفكير المرأة في غزة، تقول: "هي ميزة جيدة إذ أنهن يتشاركن الخبرة والمعرفة والمعلومات والنكات والترفيه في أحيان أخرى".

من ناحية أخرى، تعتبر شمعون هذه المنتديات "مساحة للفضفضة، والتفريغ النفسي للكثير من النساء، وهذا أمر يمكن فهمه من خلال فهم البيئة التي تعيش بها هؤلاء النساء".

"التفريغ النفسي للنساء ليس مقبولا للجميع في غزة".

وتشير شمعون إلى أن "التفريغ النفسي" ليس مقبولا لكل الشرائح الاجتماعية في غزة، تقول: "لازالت الوصمة موجودة حتى إن خفت درجتها، كونها لازالت نظرة تشككية لمن تتوجه للحصول على الدعم النفسي من المتخصصين، وغير مقبولة بشكلها المطلق مجتمعيا، وخاصة للنساء، وهذا يقلص مساحات الرعاية الذاتية والتفريغ النفسي للنساء، فيجدن سبيلهن وراحتهن في مثل هذه المنتديات النسائية، التي ليست بحاجة لكلفة مالية ولا لأذونات للخروج أو تقييدات على حركتهن؛ فهي بسهولة تتواصل مع مثيلاتها من السيدات في المجتمع، وتتمكن من نسج علاقات صداقة وتعارف مع عدد كبير، وتمكنها هذه المنتديات من القاء الأسئلة التي تحتاج فيها لنصائح واسترشاد من غيرها، ممن لديهن الخبرة السابقة من النساء".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image