شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"أحلم بخيانة زوجي"... عن رومانسية تفتقدها زوجات مغربيات

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأحد 23 أغسطس 202004:15 م
توقعت صورية (30 عاماً) عندما تزوجت من شخص تحبه في سن مبكرة لم تتجاوز العشرين ربيعا، أن زوجها هو فارس أحلامها، الذي طالما تمنته، وعاشت خيالاتها آنذاك، حياة زوجية تشبه الجنة، مليئة بمشاعر الحب، والأحلام، ولكن بعد مرور شهور قليلة تحولت علاقته معها لـ"برودة، وقساوة"، على حد تعبيرها.

"أخي وليس زوجي"

تحكي صورية، تسكن الدار البيضاء، لرصيف22 عن علاقتها التي استمرت 12 سنة مع زوجها: "افتقاد الرومانسية لم يجهض علاقتي مع زوجي فحسب، بل أطفأ العلاقة، وحولها إلى روتين ممل".

"أشعر وكأنني أعيش مع أخي في بيت واحد: لا كلام معسول، ولا لمسات ولا جلسات رومانسية. إذا تحدث، يتحدث بفظاظة كلاماً جافاً".

ترى صورية الكثير من الرجال في المغرب "أغبياء" في تعاملهم مع المرأة، حيث يتجاهلون تأثير "الكلام المعسول" عليهن، واحتياجهن إلى الحب والرعاية والاهتمام والحنان. كل المشاعر التي تريد أن تختبرها كامرأة باتت مفقودة في حياة صورية.

"أشعر وكأنني أعيش مع أخي في بيت واحد: لا كلام معسول، ولا لمسات ولا جلسات رومانسية. إذا تحدث، يتحدث بفظاظة كلاماً جافاً"

وهي جالسة ترتشف قهوتها على مهل، وعلى وجهها علامات الارتياح، تقول بنبرة واثقة وقوية: "لا أخفيك أنني عندما أشاهد كيف يتعامل أبطال المسلسلات مع حبيباتهم أتحسّر على حالتي، وتمنيت مئات المرات لو أتمكن من خيانته مع أحدهم على أرض الواقع، وأتلذذ بخيانته، لأعيش جميع اللحظات التي أراها في الأفلام والمسلسلات".

تشرد صورية، مضيفة: "تخيلوا ردة فعل امرأة تعيش جفافاً عاطفياً مع زوجها في بيت واحد، تخيلوها تعيش دون خجل أو ندم، ودون اعتراف بالأعراف والقيم، فهذه السيدة حتما ستفكر في خيانته، وستتلذذ في ذلك".

"لست امرأة عادية"

"لا شيء يخيفني أكثر من الارتباط برجل تقليدي بحت، ذوقه رديء في الملابس والكلمات، رجل بليد، لا مشكلة لديه بأن يفوت ولادة طفلنا الأول، أو ذكرى زواجنا من أجل مباراة فريقه المفضل. لا يقرأ، لا يكتب، لا يمارس الرياضة، ليس لديه ما يفعله في وقت فراغه، عدا التمدّد، وحشو معدته بالدهون، يخجل من مناداتي (حبيبتي) ويستبدلها بكلمات خاوية من المشاعر، كأم العيال أو الأهل".

لا يراني أكثر من امرأة تطبخ له في النهار وتدلـله في المساء، وما بين الاثنين أكون (لا شيء). رجل كهذا آمل أن يكون قد انقرض...".

أثّر في منال رفيقي (27 عاماً)، من مدينة مراكش، تعمل في مجال التسويق، هذا المقطع من رواية "ليتني امرأة عادية"، للروائية السعودية هنوف الجاسر.

"لن أقبل برجل تقليدي ممل".

تقول منال لنفسها دائماً: "أنا لست امرأة عادية، ولن أقبل برجل تقليدي يجعل حياتي رتابة ومللاً".

"أنا امرأة يبهرها رجل يمسح دموع زوجته، ويضمها إلى صدره عندما تحزن، أنا امرأة يبهرها رجل يعدّ الموائد في أعياد الحب والميلاد، يضع الشموع ويقدم الورود، ويجعل من الكلام المعسول والموسيقى الحالمة قاموساً له، عكس من يعتبرها رجساً من عمل الشيطان، فهذا أعتبره متخلفاً وغبياً، أنا بحاجة لرجل يغرقني بالكلمات واللمسات، ولن أقبل بأقل من ذلك".

ترى أمل شباش، أخصائية الأمراض النفسية والجنسية، أن الحياة الزوجية السعيدة تقوم على الحب المتبادل والتفاهم بين الزوجين، وأن غياب مشاعر المودة عن العلاقة الزوجية، يفقدها الدعامة الأساسية التي بُنيت عليها ويهددها بالجفاف العاطفي، وهذا بطبيعة الحال يحوّل الحياة الزوجية إلى روتين يومي، يغيب عنه دفء العاطفة بين الشريكين، ما قد يودي بها إلى الفشل في الكثير من الأحيان.

وتضيف شباش لرصيف22: "على الزوجين أن يبنيا حياة مشتركة فيما بينهما، يتشاركان فيها جميع التفاصيل، الكبيرة منها والصغيرة، في جميع الأوقات، وأن يجددا حبهما بجميع الطرق الممكنة، كلما شعرا بغيابه أو أنه بدأ ينطفئ شيئاً فشيئاً، وألا يبني كل منهما حياة خاصة به، لأن ذلك يعمق التباعد والجفاء ويجعلهما غريبين بالرغم من أنهما يعيشان تحت سقف واحد".

"لن أشبه أمي"

بكل ثقة، تشعل خديجة سيجارتها بتلذذ، وتقول: "لا أريد أن أكون مثل أمي ولن أرضى بالحياة التي عاشتها مع أبي، لا أريد أن أرى نفسي بعد عشرين سنة من الزواج، منفصلة عن زوجي في غرف النوم، وكل منا يعيش عالمه وحياته".

تقول، خديجة سبيح (31 سنة)، من الدار البيضاء، تعمل سكرتيرة في شركة خاصة، إنها لم تر يوماً ما أمها سعيدة مع أبيها: "كنت أراهما يعيشان وكأنهما جاران أكثر من زوجين، لم تكن حياتهما مليئة بمشاعر الود والحب والاحترام. لم أر غير الاستعباد وجفاء المعاملة، حتى أنني لم يسبق لي أن وجدت أمي تجلس قرب أبي وتقطع له الفواكه، أو أنه في يوم ما وضع يده على يدها أو كتفها. لم أره يفتح لها باب السيارة، أو يقدم لها هدية بسيطة في إحدى المناسبات. كانت أمي دائماً ما تغض الطرف عن ممارساته الفظة، وكنت أشعر أنها وُجدت في بيته من أجل التفريخ فقط، وهذا ما لا أرضى به".

يقرّ رشيد أفقير (35سنة)، يعمل في مجال صناعة الأسنان، أن الكثير من الأزواج في المغرب غير ناجحين في امتلاك طرق ووسائل تدليل زوجاتهم.

يقول أفقير لرصيف22: "زوجتي دائماً ما تشتكي من أني لست الرجل الذي كانت تحلم به، الذي يدللها ببعض الكلمات والأفعال الرومانسية، مع الأسف، ذلك لأنني ببساطة أجهل كيفية تدليل زوجتي".

"عندما أشاهد كيف يتعامل أبطال المسلسلات مع حبيباتهم أتحسّر على حالتي، وتمنيت مئات المرات لو أتمكن من خيانة زوجي مع أحدهم على أرض الواقع، وأتلذذ بخيانته، لأعيش"

ويعزو رشيد عدم كونه "رومانسياً" كما تحلم زوجته، إلى عدة أسباب، يقول لرصيف22: "بسبب انشغالي بأمور الحياة اليومية، والجري وراء توفير ما هو مادي لأسرتي، والسبب الثاني راجع إلى طبيعة البيئة التي نشأت فيها، فهي بيئة محافظة جداً تضع مسافة بين الرجل والمرأة، وترى بأن مثل هذه الأمور "قلة حياء"، فمثلاً، عيب وسط العائلة أن تسمع الرجل يجامل زوجته أو يداعبها أو يمازحها، ومن النادر جداً أن تجد الزوج جالساً قريباً من زوجته وسط العائلة، وأنا شخصياً لا أستطيع أن أضع يدي على زوجتي بوجود العائلة".

ترى الأخصائية أمل شباش أن الكثير من الرجال يفتقدون الحس الرومانسي، ولا يعيرونه بالاً، بل إن الكثيرين منهم يظنون أن معيار الرجولة هو الخشونة والصلابة في القول والفعل، وذلك ناتج عن الجو الذي عاشوا فيه طفولتهم، وناتج أيضاً عن الأحكام المسبقة المتراكمة لديهم عن المؤسسة الزوجية.

وتنهي شباش حديثها قائلة لرصيف22: "هناك أنواع من الرجال أخذوا مسؤولية الزواج بجدية كبيرة جداً، جعلتهم يغفلون الجانب الحسي والرومانسي منها، ما يجعلهم يعتقدون أن الجو الرومانسي في البيت مضيعة للوقت".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard