البداية كانت مع أفلام شاروخان الرومانسية، ثم بدأ حلم مونيا يكبر بعدما دخلت الدراما الهندية إلى الوطن العربي، وتحديداً المسلسل الشهير "من النظرة الثانية"، والذي حقق نسب مشاهدة عالية منذ عرضه لأول مرة على الشاشات العربية عام 2013، وتسبب نجاحه في تكرار عرضه 7 سنوات متتالية، قصة المسلسل كانت تدور حول قصة حب رومانسية بين البطل الهندي القوي الناجح والمسيطر، وفتاة بسيطة جعلت من هذا الشاب العملي رمزاً للحب والرومانسية والقتال من أجل حبيبته أيضاً.
"دمائي حارة وزوجي هادئ"
تروي مونيا قاسم (27 عاما)، مصرية، والتي تحول اسمها بعد الزواج إلى مونيا خان، قصتها مع حلم الزواج من رجل هندي، قائلة: "دائماً ما كانت تجذبني رومانسية الأفلام الهندية، وتحديداً أفلام شاروخان، فير زارا وديفداس، ولكن بعد مشاهدة مسلسل "من النظرة الثانية"، حلمت بالحصول علي زوج هندي والسفر معه إلى تلك البلد الساحرة، التي كنت أشعر أنني زرتها من قبل، بعد متابعة 176 حلقة كاملة من المسلسل، ولأنني مؤمنة كثيراً بالأحلام، كنت أنتظر أن تجمعني الصدفة بحلم حياتي، رغم سخرية أصدقائي وصعوبة استيعاب عائلتي للفكرة، وخلال رحلة إلى دبي قابلته، زوجي الحالي، بوبي خان، ووقعت في حبه من النظرة الأولى، وبعد 5 أشهر فقط تزوجنا بالفعل، وسافرت معه إلى الهند لأعيش في مدينة مومباي منذ خمس سنوات حتى الآن".
"بعد الزواج اكتشفت أن الحياة لن تكون كما الأفلام والمسلسلات، فالزواج واحد مع اختلاف ثقافة الشعوب وعاداتهم، شقيقتي الكبرى متزوجة من فرنسي، وأنا تزوجت من هندي، وشقيقتنا الصغرى متزوجة من مغربي، وبعد مناقشة حياتنا الزوجية اكتشفنا تلك الحقيقة"، تقول مونيكا لرصيف22.
أهم الاختلافات التي وجدتها مونيا، حسب روايتها، كانت الهدوء الشديد الذي يتميز به الشعب الهندي، في بعض الأحيان كان يسبب لها الضيق، حيث أنها، كما ترى، تحمل دماء شمال أفريقية الحارة.
وفي واقعة حدثت معها، تقول مونيا: "أنا لا أصنف شخصية عصبية المزاج، ولكن في بلادنا العربية إذا ما حدثت مشكلة ما بين غرباء في الأماكن العامة قد ينتهي الأمر بتشابك الأيدي، بينما هنا في الهند، الجدال هو الأداة الوحيدة للتعبير عن الغضب، حتى أنني كنت بصحبة زوجي ذات مرة، ووقع حادث تصادم سيارتين، واستمر الجدال ما يقرب من نصف الساعة، حتى أنني سألت زوجي أمازحه: متى سيتم التشابك بالأيدي إذن؟".
"بعد الزواج اكتشفت أن الحياة لن تكون كما الأفلام والمسلسلات، فالزواج واحد مع اختلاف ثقافة الشعوب وعاداتهم، شقيقتي الكبرى متزوجة من فرنسي، وأنا تزوجت من هندي، وشقيقتنا الصغرى من مغربي، وبعد مناقشة حياتنا الزوجية اكتشفنا تلك الحقيقة"
أما عن الجانب الرومانسي، والذي كان سبباً أساسياً في زواجها، تقول مونيا: "لن أنكر أن الرجل الهندي رومانسي، ولكن بالتأكيد ليس له علاقة بما يحدث في الأفلام والمسلسلات، فهو في بعض الأحيان يصبح عملياً بشكل كبير، ولكن هناك العديد من الإيجابيات، مثل أن الزوج الهندي مخلص، ويعتبر السفر وقضاء وقت جيد مع زوجته من أساسيات الحياة وليس مجرد رفاهية".
التفاهم والصبر والحب
ياسمين علاء الدين، مصرية تزوجت من الشاب الهندي، أفضل قدري، منذ عامين، وتعيش في مدينة مومباي الجديدة، ياسمين تعتبر قصة زواجها من أفضل القصص "نموذجية"، وتتويج لقصة حب بدأت عندما كانت في زيارة إلى الهند، لتبدأ قصة "تشبه أساطير بوليوود"، على حد تعبيرها.
ورغم "الحب والسعادة" التي تعيشها ياسمين إلا أنها لم تنكر أن تجربة الزواج من شاب هندي تتطلب الكثير من التفاهم، والصبر، والحب حتى يتم التغلب على كل الاختلافات الثقافية والاجتماعية، بالإضافة إلى اللغة والعادات والتقاليد. ولكن حب وشغف ياسمين بالهند جعلها تتخطى الصعاب، وتجعل من زواجها مثالاً حياً، لأن الحلم قد يكون حقيقة في بعض الأحيان، كما تؤمن ياسمين.
ياسمين تشغل الكثير من أوقات فراغها في الهند بتصوير مقاطع فيديو تعريفية عن الهند وثقافتها، وأكثر ما تشتهر به من خلال صفحاتها عبر موقع التواصل الاجتماعي، وتعلل ذلك بأن ما تفعله يجعلها تمزج بين عالمها وعالم زوجها بصورة شيقة، أما عن أهم الاختلافات التي وجدتها ياسمين، تقول: "زوجي مثقف ومتفتح، كما أنه عاشق للحضارة العربية، بالإضافة إلى تدينه الذي جعلنا لا نصطدم في عاداتنا الأساسية، كما أنه دوماً يرغب في التعلم ليفاجئني ويجعلني سعيدة، وأنا عاشقة للهند حتى قبل الزواج، وكنت أتابع أفلام سلمان خان شاروخان الرومانسية، وأحلم بأن أعيش قصتي الخاصة، وبالفعل حصلت على ما تمنيت، وبالنسبة لي تكيفت بشكل سريع و تلقائي مع ثقافة زوجي، والبلد التي طالما تمنيت تمضية حياتي بها، وبالتدريج تعلمت اللغة الهندية أيضاً".
العائلة في الهند
على عكس ياسمين، تزوجت اليكسندرا ستشيلكونوفا، فتاة روسية (24 عاماً)، جاءت إلى الهند أول مرة عام 2016 لتعمل عارضة أزياء، وبعد قضاء 6 أشهر فقط كانت مدة صلاحية تأشيرة دخول الهند قد انتهت.
قررت اليكسندرا العودة مرة أخرى إلى بلادها، ولكن الاستقرار في مدينة مومباي بعد أن حققت نجاحاً كبيراً جعلها تشعر بالراحة والسعادة في "بلاد العجائب".
تقول اليكسندرا عن تجربتها مع الرجل الهندي لرصيف22: "بعد 8 أشهر من استقراري في مومباي، التقيت بخطيبي السابق روهيت، حيث شعرت بالحب بعد فترة صداقة لم تتعد شهراً واحداً، وبعد 5 أشهر من ارتباطنا عاطفياً، انفصلنا بسبب رفض عائلته الزواج من أجنبية، ولكن في المجمل كانت تجربتي معه جيدة من حيث التفاهم والاهتمام، الآن أعطي لنفسي بعض الوقت، ولكنني أفكر جدياً بالزواج من رجل هندي، حيث أنني أجد أن التفاهم بيننا ممكن، كما أن الرجل الهندي عملي، يحترم المرأة ويقدر حريتها في اتخاذ القرار، ولكن لابد أن تكون عائلته تتمتع بالتفاهم، حتى لا تتكرر تجربتي السابقة".
أما آلاء علي، تقيم في القاهرة وتبلغ من العمر 19 عاماً، فلاتزال تحلم بالزواج من رجل هندي، حيث أنها تتابع كل الأعمال الهندية بشغف بالغ، وأصبحت ملمة بالثقافة الهندية من خلال متابعة الأفلام والمسلسلات.
"أنا عاشقة للهند حتى قبل الزواج، وكنت أتابع أفلام سلمان خان شاروخان الرومانسية، وأحلم بأن أعيش قصتي الخاصة"
تتحدث آلاء لرصيف22: "بدأت أتابع الأعمال الهندية، منذ أن كان عمري 10 سنوات ولم أتوقف منذ ذلك الحين، في البداية كنت أتابع عبر التليفزيون ولكن الأمر تطور معي حتى أصبحت أتابع أيضاً عن طريق الانترنت، وأبحث عن المسلسلات الجديدة، وكذلك أتابع صفحات الفنانين والفنانات عبر موقع التواصل الاجتماعي، وأستمع إلى الأغاني الهندية وأرددها، وأحاول الآن تعلم الرقصات الهندية، وسيظل حلم حياتي هو السفر إلى الهند يوماً ما، ولقاء فارس أحلامي هناك".
حلم الفارس الهندي أصبح مؤخراً حلم العديد من الفتيات، على خلفية مواصفات أبطال بوليوود والدراما الهندية، ولكن عندما زرت الهند، وبعد سنوات من الإقامة فيها، اكتشفت أن الواقع في المجتمع الهندي يجعل الزوج الهندي بعيداً عن تلك الصورة التي جسدها الفن، ومن أهم تلك الحقائق التي تصدم الأجنبيات هنا، عدم الاستقلال، حيث أن كل فئات الشعب الهندي لا تسمح للابن بالعيش في منزل منفصل بعد الزواج.
منزل العائلة هو "عش الزوجية " لكل الأبناء، سواء كانوا يمتلكون قصراً أو حتى غرفة واحدة، وهذا التقليد مقدس لدى معظم العائلات الهندية، ولا يسمح بتغيير تلك العادة إلا في إطار محدود، مثل ظروف عمل الابن في مدينة أو دولة أخرى، في تلك الحالة يسمح له باصطحاب زوجته، ولكن فور العودة إلى مسقط رأسه، لابد وأن يعود إلى منزل العائلة.
الأفراح الهندية
معظم الفتيات ترغب في الزواج من رجل هندي حتى تعيش مراسم الزواج الهندي المبهجة، والتي تشمل حفل للرقصات الهندية، زفاف وسط الورود، ارتداء الساري الهندي وتبادل الوعود، ولكن هذا لن يحدث لفتيات الوطن العربي حتى إذا تزوجن من رجل هندي، لأنه ببساطة، تلك المراسم هي تابعة فقط لزفاف الهندوس في الهند، وغير مسموح للمسلمين أن يتبعوا نفس المراسم، وبالتالي، هناك أسباب دينية ستقف بوجه حلم الزفاف الهندي لفتيات الوطن العربي.
رغبة العائلة في عدم زواج أحد أبنائها من أجنبية، في آخر إحصائية قامت بها الهند عام 2019، من خلال جريدتها الرسمية الأولى، "إنديا تايمز"، لم تتخط نسبة زواج الرجال في الهند من أجانب 1.5%، ويرجع ذلك إلى العديد من الأسباب أهمها: معتقدات الديانة الهندوسية، والتي تمثل أغلبية الشعب الهندي بعدم السماح للزواج من أي ديانة أخرى، بالإضافة إلى معتقدات العائلة بأن الزوجة لابد أن تكون من نفس الطائفة لتتحدث نفس اللغة، وتكون إقامتها في منزل العائلة، دون أي أزمات متعلقة باختلاف اللغة أو الثقافة أو حتى اللون.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ يومالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ يومينوالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت