هذا الموضوع من إنتاج "خطيرة" وينشره رصيف22 في إطار تعاون بين الموقعين
عبر أثير "حمّام راديو" تجتمع أصوات نساء عربيات، وتختلط في أحاديثهنّ القصص الخاصة بالقضايا العامة.
خلال العزل المنزلي الناتج عن كورونا، انطلقت تجربة الراديو على الإنترنت، من خلال مبادرة أطلقتها مجموعة نساء عربيات مقيمات بأغلبيتهن في برلين، تتألف من عبير غطّاس، رشا حلوة، مروة فطافطة، باولا ضاهر وجوجو أبو حميد. هو "مشروع تشاركي نسوي، يؤمن بأن أصوات النساء تهمّ الآن أكثر من أي وقت مضى، في زمن تواصل فيه الرأسمالية والأبوية قمع أصواتنا".
الراديو امتداد لمبادرة "حمّام توكس" التي أسستها رشا حلوة، عبير غطّاس وطاقم مقهى "بيكش" في برلين، هو امتداد أيضاً لمبادرة "راديو الحي" الذي أطلقه مجد الشهابي، ومجموعة من أصدقائه في بيروت، خلال فترة الحجر الصحي.
في الحمّام الشعبي وزيارتنا له، نتعرّى، نغنّي، نفكّر ونخلق مساحة خاصّة بنا، وحدنا وبأجسادنا، وبحسب مؤسِّسات التجربة، فإنّ "تسمية الحمام جاءت من وحي ما تشكّله الحمامات الشعبية في الثقافات العربية، الفارسية، التركية وغيرها، في حيوات الناس، نساءً ورجالاً، حيث تتحوّل الفضاءات العامّة إلى خاصّة، تستعيد "ملكيتها" النساء من خلال الاستحمام، القصص، النميمة، الترابط المجتمعي، وما إلى ذلك من تفاصيل نعرفها".
منذ انطلاقته، جمع "حمّام راديو" برامج وفقرات تقدّمها مجموعة من الناشطات العربيات، من المقيمات في المنطقة وخارجها. يستعدن مساحتهنّ من خلال المواضيع التي يطرحنها، يُرفقنها بالموسيقى، النميمة وحتّى الصمت. على برمجة الراديو، فقرات ثابتة وأسبوعية، وحلقات أخرى تولد بناء على تعليقات وأفكار المتابعات.
خلال العزل المنزلي الناتج عن كورونا، انطلقت تجربة الراديو على الإنترنت، من خلال مبادرة أطلقتها مجموعة نساء عربيات مقيمات بأغلبيتهن في برلين، وهو "مشروع تشاركي نسوي، يؤمن بأن أصوات النساء تهمّ الآن أكثر من أي وقت مضى، في زمن تواصل فيه الرأسمالية والأبوية قمع أصواتنا"
يسقط التهذيب ويسقط الخوف
تقدّم كلّ فقرة امرأة أو مجموعة نساء، يتناولن موضوعاً محدّداً من اختيارهنّ. تقول إحدى مؤسسات المبادرة، عبير غطاس، إنّ النساء المشاركات هنّ من يخترن مواضيع الحلقات، يضعن العناوين ويسجلن، من دون أي تدخّل من القيّمات على المشروع، باستثناء تفاصيل تقنيّة محدّدة لا تتناول المحتوى.
تحكي المشاركات في "حمّام راديو" قصصهن من دون أن يصلنا أدنى شعور بالخوف أو الخجل، فتنتقل الطاقة المليئة بالجرأة إلى المستمعات، ونظن للحظة أن هذه المساحة ترفّعت عن كل ما يحيط بالنساء من حسابات ومخاوف: المجاهرة بالآراء وبالحكايا فعل يكسر الخوف.
تقول عبير غطاس: "هناك خوف وقلق، لكنّ المحيط الذي شكّلناه يلغي شعور الوحدة ويقوّي كل امرأة، فنحصل على نتيجة: (أنا منّي لحالي)، سواء من قِبل المرأة التي تدير الحلقة أو من قِبل المستمعات، ومنذ الحلقة الأولى، حين عرّفنا أنا ورشا حلوة عن المشروع، كنّا صادقات، وعرّينا أنفسنا لأننا بحاجة إلى هذه الأصوات، وقررنا أنه حان الوقت ليسقط التهذيب ويسقط الخوف".
لستُ وحدي
رغم ذاتيّة المساحة التي خلقها "حمّام راديو"، إلا أن مشاركة القصص الخاصة، عبر أثير إذاعة تبثّ على الإنترنت، يجعلها عامة، وكل عنوان أو موضوع أو أغنية بثّت على الراديو، تجد من تسمعها وهي تفكر: "هذه قصّتي أيضاً، لست وحدي".
تقول إحدى مؤسسات المشروع، رشا حلوة: "هناك أمر سحري حين نستمع إلى القصص، وأمر مضيء يعطينا مساحة لنطرح أسئلة شخصية عن ذواتنا وعن الحياة. الهدف الأساسي كان خلق مساحة للنساء خالية من الإملاءات، الرقابة، القمع والنظام الأبوي، مساحة تحرّر، على الرغم من أنها ذاتية، إلا أنها تمسّنا وتأخذنا إلى أماكن جديدة، تفاجئنا وتعلّمنا أكثر عن أنفسنا، وعن قضايا النساء. قد لا نتّفق على كل شيء، لكن في هذه المساحة نطرح الأسئلة ونجيب عنها".
تتنوّع المواضيع المطروحة، بين الثقافة، السياسة، الاجتماع، الجنس والجنسانية، ويظهر تنوّعها من خلال العناوين التي تنشر في برنامج اليوم، وقبل عرض الحلقة، من بينها: "لن أعيش في جلباب أبي"، و"ليش ليلى ما كلت الذيب؟"، وViva la vulva، و"نسوية خارج الإطار: كيف نكتب بشكل تقاطعي عن قضايانا؟".
تخوض المشاركات والمؤسِّسات في صلب المواضيع المطروحة ضمن برمجة الراديو، بعمق وخفة، وليس هناك مواضيع لا يمكن طرحها، وعن هذه النقطة تقول رشا حلوة: "بإمكان النساء استخدام أسماء مستعارة لأمانهنّ الخاص، ما يجعلهن يقلن قصصهن بالكامل، وحتى أن يشتمن، ففي الواقع، البيوت ليست دائماً آمنة، وهذه الحماية من خلال عدم كشف الهويّة تفتح المجال أمام النساء ليخرجن كل ما بداخلهنّ ويكسرن كل الحواجز، دون أي رادع اجتماعي أو خوف".
الشعبية التي حظي بها "حمام راديو" بعد فترة وجيزة من انطلاقه، أظهرت أنّ المساحة الآمنة للبوح ليست فقط ضرورية بل هي حاجة. هذا المشروع يغيّر شيئاً في حياة كثيرات، ولو على نطاق ضيّق، ويظهر كيف يمكن استخدام كل الأساليب الممنوعة والحكايات المكتومة، لخلق فضاء يحمي النساء ويحررهن
"على بلاطة"
تناولت حلقة "على بلاطة" التي قدّمتها نورا، الزواج في الدول العربية، وتحديداً في السعودية، وأهميته بالنسبة للمجتمع ومدى حرية النساء باختيار أزواجهن، وإن كن يرغبن بالزواج، وما هي الشروط والحقوق التي تفرض وتعطى لهن، وذلك من خلال القصص الشخصية والعامّة، الإيجابية والسلبية، الموجودة في السعودية.
تقول نورا: "القضايا التي أختارها تنبع من المجتمع السعودي غير المكشوف كما باقي البلدان، بسبب السريّة المحاطة والأفكار النمطية المرتبطة به، من الدّاخل ومن البلدان الأخرى، ومحاولة تغييرها أو شرحها بمنهج علمي وواقعي".
من جهتها، تحدّثت الفنانة البحرينية حياة، عبر "حمام راديو"، عن الوحدة وكيفية التعايش معها، قصص الأطفال المحمّلة بموروث ذكوري، مثل "ليلى والذئب"، الحب المشروط من الأم والأب وكيفية الشفاء منه، وفي إحدى الحلقات قرأت نصوصها وأشعارها المفضّلة.
تقول حياة إن الراديو منحها حرية للتعبير عن مشاعرها من دون حدود، وتضيف: "(حمام راديو) من أفضل تجارب البثّ الإذاعي على الإنترنت، ليس فقط لأنه خلق مساحة آمنة للنساء كي يحكين، ويتبادلن الموسيقى والقصص، لكن أيضاً لأن التجارب الشخصية والحميمية التي يشاركها المستمعون شكّلت صدمة لي بعد بدء البث. لم أتوقّع يوماً أن يتملّكني شعور رائع بعد انتهائي من التحدّث عن تجاربي الخاصّة، أو أن أسمع كلمة (كس) على الهواء".
الشعبية التي حظي بها "حمام راديو" بعد فترة وجيزة من انطلاقه، أظهرت أنّ المساحة الآمنة للبوح ليست فقط ضرورية بل هي حاجة. هذا المشروع يغيّر شيئاً في حياة كثيرات، ولو على نطاق ضيّق، ويظهر كيف يمكن استخدام كل الأساليب الممنوعة والحكايات المكتومة، لخلق فضاء يحمي النساء ويحررهن.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع