شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!

"طالما ربطتُ صدري بقماشة تلافياً للحرج"... 10 شهادات تروي خوف نساء من أجسادهنّ

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 21 مايو 202002:49 م

"كُلهّم
حتى القبيلة

أعرافها، عاداتها، أفكارها

هُم

قانونهم، أديانهم

رغباتهم

كلهم شرفي وعرضي

كلهم جسدي وعقلي

كلهم أنا

إلايَ أنا

لستُ أنا". 

قالت هذه الكلمات الناشطة النسوية العُمانية مروة بلوشي تعليقاً على سؤال طرحته منصة "نحو وعي نسوي" التي تحمل شعار "نحو معرفة نسوية، نحو تضامن نسوي"، على تويتر، في 20 أيار/مايو الجاري.

وجاء في تغريدة "نحو وعي نسوي" التي تلقّت مئات المشارَكات النسائية أن "الحصار الأبوي يفرض الصمت تجاه أجسادنا بعدما بلورته تنشئة اجتماعية وثقافية ودينية. وأنتِ، هل شعرتِ يوماً بالخوف من جسدك وطبيعته أو بعدم الثقة التي تنتج من هذا التخويف وما هي الخرافات السائدة حول جسد المرأة في مجتمعك؟".

برغم تعاسة المواقف/التجارب التي ولّدت لدى بعض النساء كرهاً لأجسادهن، أشاعت مشاركتها عبر منصات التواصل الاجتماعي تضامناً واسعاً في صفوف النساء. فكثيرات "طبطبن"، ولو افتراضياً، على أخريات شاركن قصصهنّ، بعضهنّ لا يزال أسير الماضي حتى اللحظة، إذ كان للجميع شأن في جسد الأنثى: الأب والأخ والأم.

في ما يأتي 10 شهادات لنساء شاركن في ما ولّد لديهن ذات يوم شعوراً بعدم الأمان تجاه أجسادهنّ.

"كل حركة تصدر مني يحطون لها معنى جنسي وأني متعمدة أسوّيها!"... نساء يكسرن صمتهنّ ويتحدثن عن أسباب شعورهنّ بالخوف من أجسادهنّ

"لكل تصرّف معنى جنسي"

"وين أبدأ ووين أنتهي؟ منذ الطفولة، حتى قبل 'البلوغ' وأنا sexualized (يُنظر إليّ نظرة جنسية) من قِبَل الجميع لمجرد كوني بنت. وكل حركة تصدر مني يحطون لها معنى جنسي وأني متعمدة أسويها! والمشكلة الأكبر أنهم يتهموني بمحاولة إغراء محارمي (الأقارب المحرّمون دينياً)، ويوم صرت ما أجلس معهم زعلوا. عفواً، مو هذا الي تبونه؟ (أليس هذا ما تريدونه؟)".

هذا ما قالته مغردة لم تكشف عن اسمها. ولفتت إلى أنها شعرت بعدم الأمان منذ بلوغها وما رافقه من تغيرات جسدية، والطلب منها "احترام جسدها" بعدما صارت "حُرمة" (أي سيدة). كتبت في سلسلة تغريداتها: "كنت أحب أتحرك كثير وأتسلق وأرقص. الآن حتى نزلة الدرج والمشي العادي ينتقدوني عليها. بس بنفس الوقت ينتقدون ليش أسمن وقاعده طول اليوم، مو ما تبوني أتحرك عشان ما أصير whore (عاهرة)؟". 

وكشفت عن أنها تعاني اضطراب التشوه الجسمي، وهو اضطراب وسواسي نفسي ناتج من "قلق مفرط بسبب عيب في الشكل أو في معالم الجسد"، متوعدةً بإجراء عملية تجميلية عند أول فرصة لأنها "معقّدة" من جسدها.

"لا شيء يتخطى أثر الحجاب"

وتحدثت إحدى المشاركات عن أثر الحجاب عليها، وكيف لا يزال يقيّد حرّيتها برغم أنها نزعته لرفضها إياه. قالت: "أعتقد ما فيه شيء رح يتفوّق على تأثير الحجاب، لا زلت أعاني بسببه حتى خارج السعودية لما أسافر وأشيل الحجاب والعباية أحس بخوف، أحس فيه شيء غلط وكأن أعين الناس كلها عليّ. أمشي بحذر وخوف كأني مرتكبة جريمة، وأطالع حولي وأشوف كيف الإناث ماخذين راحتهم ويتصرفون بشكل طبيعي وأحزن على نفسي... فيه أمور مو بسهولة نقدر نغيرها في تصرفاتنا حتى لو تغير تفكيرنا، أعتقد هذي الآثار ما راح تروح مني لحد ما أموت". 

وحيال الخوف من تمزيق غشاء البكارة وتعليق المرأة "من حلمة صدرها" صدرت مواقف لافتة تحت تغريدة "نحو وعي نسوي". هذه عيّنة منها:

- "أنا كنت أربط صدري بشيلة (قطعة قماش تُضع على الرأس لتغطيته) من كثر ما كنت منحرجة منه. كنت طفلة بجسد أنثى، مع أن أهلي ما حسسوني بهالشي، بس إذا طلعت كانت تجيني تعليقات كثيرة، بمعنى استروا بنتكم، ومن هالسوالف، فصرت أنحرج من نفسي".

- "غشاء البكارة كان مخوفني لدرجة وأنا صغيرة إذا طحت (سقطت أرضاً) بقوة أو لعبت سيكل (دراجة هوائية)، كنت أخاف إني إذا تزوجت ما ينزل دم ويحسبون أني سويتها مع أحد (مارست الجنس مع أحد) بس الحين خر* عليهم هم والغشاء".

- "عندنا في السودان ناس بقولوا لو أنتي ما مختونة معناها إنسانة قذرة،  وبنت ما كويسة. عندهم الختان مهم. على حسب اعتقادهم أنو المرأة ما بتقدر تسيطر على شهوتها إلا بالختان لدرجة الواحدة بتتختن عشان زوجها المستقبلي طلب منها كدا. ولازم تكوني ملانة (ممتلئة) من حتات (أماكن) معينة عشان تكوني امرأة جميلة. وما تتكلمي عن الدورة الشهرية في العلن عشان دي حاجة عيب ومقرفة للناس. واللون الأبيض المحبب عندهم وأغلبهم بتعنصرو على لونك الأسمر-الأسود. ولازم تشيلي شعر جسمك عشان بقرف الناس".

"طول عمري كنت خايفة ما أكون محبوبة".

- "طول عمري كنت خايفة ما أكون محبوبة من أحد لا صديق ولا حبيب بسبب كل عبارات التنقيص والتخويف اللي كانت تنقال لي يومياً: 'ما أحد يبغاك (لا أحد يريدك)، ما أحد بيتزوجك ولا أحد بيحبك وأنتي كذا، ما تخجلين من نفسك'".

- "الشكل الأنثوي المثالي...كان مشكلتي لطالما تم زرع فكرة أن جسد المرأة يتشكل بالطريقة الصحيحة. لون أبيض وشعر ناعم وطويل وجسم ممتلئ، هي المقومات المطلوبة حتى يقال: 'أنثى'. بسبب بشرتي السوداء وقوامي النحيل، فأنا أنتمي لجنس ثالث". 

- "فترة البلوغ كانت من أسوأ فترات حياتي، لأن التنمر والانتقاد كانا حاضرين في كل صغيرة وكبيرة، ابتداءً ببروز الصدر وتغير الصوت، وانتهاءً إلى التحدث عن الدورة الشهرية وشعر الجسم. وتأتي كارثة فرض الحجاب لأني 'عورة' وخرافات العذرية، وربط العادة السرية دائماً بالعقاب الإلهي والأسري".

"طُلب مني ألبس عباية لأنه جسمي ممكن يسبب شهوة للرجال".

- "بلغت تسع سنوات وكنت طويلة، محط أنظار الجميع، وكل الوصايات تشكلت حولي، فجأة توقفني امرأة في مدينة ألعاب وتطلب مني ألبس عباية لأنه جسمي ممكن يسبب شهوة للرجال، تعرضت للتحرش اللفظي أول مرة في سن 9 سنوات، وبسبب كل هذا قررت ألبس العباية والحجاب في هذا العمر وما سلمت برضو. في مرحلة من مراحل حياتي ترددت بين الحجاب وخلعه فكنت بأسبوع أتحجب وبأسبوع أشيل الحجاب واستمريت في هذه المرحلة سنوات طويلة، غير قادرة على الاستقرار، كارهة لنفسي…

من الجيد إني تجاوزت هذه المرحلة واستقريت على شيء معين ولكني حتى الآن غير قادرة على تجاوز كرهي لجسمي الي مريت فيه بسبب أن وزني بيزيد وبينقص بشكل متذبذب، وحتى الآن غير قادرة على تقبل شكل جسمي بسبب هذا الشيء، وأتمنى أتقبله في يوم من الأيام، وأبطل أخجل منه ويبطل نقطة ضعف عندي".

- "في المدرسة قالوا لينا المرأة اللي ما بتلبس حجاب طويل يغطي صدرها، بعلقوها في جهنم من حلمة صدرها. فعلياً كنت بكره صدري جداً وخفت لمن بدأ يظهر".

من خوف تمزيق غشاء البكارة إلى تعليق المرأة "من حلمة صدرها" في جهنم... نساء يتحدثن عن مواقف أدّت إلى خوفهنّ من أجسادهنّ

"نقطة من بحر"

تعليقاً على هذه الشهادات وعلى غيرها، قالت مغردة تُطلق على نفسها اسم "المعجزة" على تويتر إنها "بكت كثيراً أثناء القراءة"، مضيفة: "تتشابه معاناتنا. آسفة لجميع النساء وآسفة لنفسي أيضاً". 

وأشارت أخرى إلى أن في هذه الشهادات "الكثير من القصص الحزينة اللي تبين لنا الواقع البائس، وكله بسبب أجساد ما كان لأحد دور باختيارها!". 

واعتبرت مغردة ثالثة أن هذه المشاركات "دروس للأجيال المقبلة ولأمهات المستقبل" فيما حرصت مغردة رابعة على التذكير بأن هذه القصص "نقطة في بحر".

ففي هذه الشهادات صوت غير القادرات على البوح، أو اللواتي لم تتسنَّ لهنّ فرصة الانضمام إلى مثل هذه الأحاديث لمحاربة الثقافة القمعية المفروضة في العديد من المجتمعات.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image