في الوقت الذي تتصاعد فيه مناشدات المواطنين تطبيق العزل المنزلي في العالم كله للحد من انتشار فيروس كورونا، يتحايل المصريون على الوباء المستجد في ظل تهاون واضح في التزام معايير العزل على الرغم من التحذيرات المتواصلة من خطر التجمعات البشرية.
وهذا ما دفع بالكثيرين إلى التساؤل عن مدى قدرة السلطات المصرية على مواجهة أزمة كورونا إذا استفحل الوباء في البلاد، وتالياً إلى القلق من تكرار تجربتَيْ إيران وإيطاليا.
شبح التجربة الإيطالية
قالت طبيبة مصرية لرصيف 22 إنها لا تثق بقدرة الحكومة على احتواء الفيروس، وبخاصة مع مواصلة تسيير قطارات مترو الأنفاق وخطوط المواصلات العامة.
وأضافت الطبيبة التي فضلت عدم ذكر اسمها أن "العزل الصحي يحتاج إلى قرار سياسي يُلزم الناس بالبقاء في بيوتهم وإلغاء التجمعات البشرية كونها البيئة الأنسب لنقل الفيروس إلى عدد أكبر، وهذا ما ينذر بتكرار التجربة الإيطالية".
ولفتت إلى "عدم قدرة المنظومة الصحية على احتواء الأزمة التي حتماً ستتفاقم في ظل السماح بالتجمعات البشرية".
وأشارت إلى أنه "مع استمرار السماح بالمزيد من التجمعات وتسيير عربات المترو المغلقة ذات الأسطح المعدنية واستقبال آلاف الركاب يومياً، قد يتجاوز عدد الحالات المصابة الألف، وهذا ما سيصعّب الرصد والتتبع".
توقعات بأزمة صحية مقبلة
وتابعت الطبيبة: "من المفترض أن يتضح الوضع نهاية الأسبوع الجاري، وخاصة بعد إقامة صلاة الجمعة في 20 آذار/مارس بشكل جماعي في المساجد".
مواطنون ونشطاء مصريون يطالبون بتطبيق العزل المنزلي لمواجهة جائحة كورونا التي قد تجتاح البلاد. هل قلقهم مبرر؟
وأيّد رأيها هذا طبيب شاب في أحد مستشفيات الدلتا، معرباً عن شكوكه في دقة الأرقام التي تعلنها وزارة الصحة بشأن عدد الإصابات. وأشار الطبيب الذي فضّل عدم ذكر اسمه إلى أن "التقديرات قد تتجاوز ضعفَيْ الرقم 289 الذي أعلنه المتحدث باسم وزارة الصحة في 20 آذار/مارس".
وعزا الأمر إلى عدم قدرة السلطات على الحصر الحقيقي لعدد الحالات الفعلية.
ولفت إلى أنه "في ظل مواصلة التجمعات البشرية في المواصلات العامة ودور العبادة، فإن المنظومة الصحية لن تتمكن من مواجهة الأزمة في مرحلتها المقبلة".
وانخفضت الموارد البشرية من أطباء وأطقم تمريض وعاملين صحيين بشكل ملحوظ خلال الأعوام الثلاثة الماضية بسبب هجرة عدد كبير منهم إلى الخارج.
مسجد مزدحم لصلاة الجمعة
ولا يبدو أن المؤسسات الدينية المصرية تساعد في هذا المجال. إذ بعد انتظار طويل، قرر شيخ الأزهر، السبت 21 آذار/مارس، تعليق الصلاة في جامع الأزهر أسبوعين.القرار نفسه اتخذه وزير الأوقاف في جميع المساجد التابعة لها.
إلا أن ناشطين اعتبروا أن القرار جاء متأخراً.
وكان المتحدث باسم وزارة الأوقاف أحمد القاضي قد قال، الخميس 19 آذار/مارس، إن المساجد مفتوحة لإقامة صلاة الجمعة مع اتخاذ "إجراءات عديدة لتعقيم كل شبر في المسجد".وأضاف في مداخلة هاتفية مع برنامج "يحدث في مصر" عبر قناة "إم بي سي مصر" أن لا حرج في ظل الظروف الراهنة من الأخذ بالرخصة وأداء الصلاة في المنزل.
كورونا مش هتقرب مننا
في ما يتعلق بالتجمعات الكنسية، أعلن البابا تواضروس السبت 21 آذار/مارس تعليق "القداديس والمناسبات الاجتماعية المنعقدة في الكنائس أسبوعين كإجراء احترازي لمواجهة تفشي الفيروس".
طبيبة مصرية: "العزل الصحي يحتاج إلى قرار سياسي يلزم الناس بالبقاء في بيوتهم. وإلغاء التجمعات لأنها البيئة الفضلى لنقل الفيروس إلى عدد أكبر وتكرار التجربة الإيطالية". هل يرتفع معدل انتشار كورونا في مصر؟
جاء هذا القرار بعد جدل دار بين عدد من النشطاء بشأن طقس تناول القربان، مطالبين بإلغائه أو تعديله. وواجهت هذه الاقتراحات رفضاً واسعاً لدى أوساط المسيحيين والأقباط الذين اعتبروا أن تناول القربان أحد أركان الإيمان المسيحي. وصف حساب باِسم زارا ليون الدعوات إلى تغيير طقس التناول بـ"الهرطقة"، قائلاً في تغريدة: "اللي خايف إنه يتعدي من دم بابا يسوع في التناول ميستحقهوش".
ورفضت جينا نبيل التشكيك في قدسية طقس التناول، قائلة في حسابها على تويتر: "الناس اللي بتشكك في قدسية سر التناول وإنه ينقل الفيروس عن طريق الماستر... الموضوع كله إيمان واللي شاكك إنه ممكن ينقل فيروس ميتناولش بس محدش يفتي في حاجة وخلاص".
وتداول عدد من المستخدمين فيديو للأب يؤانس سُجل في إحدى كنائس محافظة أسيوط، يقول فيه "لو صلينا من كل قلبنا، كورونا مش هتقرب مننا".
وكانت مذاهب مسيحية عدة قررت تعطيل بعض الطقوس. فالكنيسة الإنجيلية أعلنت تعليق أنشطتها والصوم ثلاثة أيام لمواجهة فيروس كورونا، كما أعلنت الكنيسة الكاثوليكية الجمعة 20 آذار/مارس وقف القداديس.
مصاعب أخرى في وجه العزل
لا ينتهي خطر التجمعات في مصر عند الشعائر الدينية. ففيما يلتزم عدد من المواطنين إجراءات العزل المنزلي، يواجه مواطنون آخرون مشكلة على هذا الصعيد لعدم قدرتهم على توفير الحاجات الأساسية، وهذا ما يضطرهم للعمل يومياً.
يقول خالد، وهو سائق سيارة أجرة: "بلف من الساعة 2 الضهر والحال واقف، مفيش زباين، بحرق بنزين على الفاضي، وما ينفعش أقعد في البيت".
يُذكر أن المواد الوقائية نفدت من الأسواق، وإن وجدت فإن أسعارها تضاعفت ثلاث مرات على الأقل.
على صعيد آخر، لا يبشّر الوضع في مستشفيات العزل بالخير، بحسب نادية، وهي سيدة في نهاية عقدها السادس خضعت بعد الاشتباه في إصابتها بكورونا لحجر صحي أربعة أيام في أحد مستشفيات شرق القاهرة. قالت لرصيف22 إنه كان من المفترض أن تخضع لملاحظة طبية في المستشفى يومين، لكن الطبيب المعالج رأي أن الحجر في منزلها أكثر أمناً. وأضافت: "المستشفى يستعد لتجهيز عنابر إضافية للمصابين الجدد".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون