قتلها أشقاؤها الثلاثة بدم بارد بعد تحريض من الأب وبالتعاون مع زوجة أحد الأشقاء القتلة. إنها الطفلة إصباح مهدي ابنة الـ16 ربيعاً هي آخر الضحايا لما يسمى "جرائم الشرف" في اليمن.
كانت الناشطة هيفاء مالك أول من أثار القضية عبر حسابها على فيسبوك، إذ أوضحت أن طفلةً من قرية صعفان عزلة بني جرين الزبية، "تعرضت للتعذيب والضرب من قبل إخوتها بـ"الكريك" (أحد أدوات البناء) والعصي وقضبان الكهرباء طوال عدة أشهر بذريعة ‘الشرف‘، في حين أن تقرير الطب الشرعي أثبت أنها عذراء".
ولفتت إلى أن القضية منظورة أمام المحكمة الجزائية في محافظة صنعاء، مذيلةً منشورها بوسميْ "#كلنا_إصباح و#لا_شرف_في_جرائم_الشرف.
حرمان وتعذيب وادعاء
وفي منشور لاحق، أوضحت مالك أن "إصباح هي ضحية أبيها الذي لم تعرفه لأنه عاش مغترباً في السعودية 16 عاماً، وأمها متوفاة منذ 13 عاماً"، وأنها عاشت سنوات عمرها "محرومة من التعليم ومن أبسط حقوقها لترعى الغنم والبقر، وتحطب (تجمع الحطب)".
القتلة هم أشقاؤها الثلاثة والمحرض هو الأب… الطفلة إصباح ابنة الـ16 ربيعاً هي آخر الضحايا لما يسمى "جرائم الشرف" في اليمن
وأضافت، نقلاً عن أحد الجيران على ما يبدو، أن "إخوتها بعد أكثر من شهر من تعذيبها أرغموها على تناول السم ثم شنقوها نحو 24 ساعة، وعندما تورمت الجثة أحضروا نسوة لغسلها وتكفينها (على الطريقة الإسلامية). لكنهن (النسوة) فزعن من مشهد الجثة المتورمة والكسور والجروح التي تكسوها فأبلغن الأهالي".
وأشار بعض الناشطين إلى أن الطفلة تعرضت للتجويع ثلاثة أيام قبل أن يسممها شقيقها "المتسلط" الذي كانت تعيش معه ومع زوجته.
وبيّنت مالك أن زوجة أحد الأشقاء القتلة وشقيقة إصباح وخالاتها حاولن تبرير علامات التعذيب التي بدت على الجثمان لخداع الأهالي، وفي النهاية تولين تغسيل الجثة وتكفينها.
غضب الأهالي
غير أن غضب الأهالي وتواصلهم مع السلطات الأمنية في المدينة منعا الدفن.
وبعدما أشادت مالك بموقف أهالي "صفعان" وغضبهم من الجريمة وتعاطفهم مع الضحية، دعت إلى إثارة القضية بقوة عبر مواقع التواصل الاجتماعي حتى "لا يتم التعتيم والتكتم على الأخبار وخروج القتلة بعفو أولياء الدم"، كما هو متبع في مثل هذه القضايا.
ويعد إصرار الأهالي على إحالة الجريمة للقضاء أمراً لافتاً إذ في جرائم مماثلة سابقة، جرت العادة على اشتراك الجميع في التعتيم على قتل النساء ونصرة القاتل.
ومن بشاعة هذه الجريمة تحديداً تلذذ القتلة بتوثيق فعلهم القميئ وتصوير الفتاة وعلامات الضرب والتعذيب تغطي ملامح وجهها الطفولي وجسدها، وتبادل صور الجثة فيما بينهم ومع الأب المحرض عبر الهاتف.
واستعرض ناشطون الصور المروعة لتفاصيل عملية التعذيب الوحشي التي تعرضت لها إصباح، وصور القتلة ووالدهم.
في احدى القرى في اليمن،الفتاة "إصباح" عمرها ١٦ سنة تعرضت للتعذيب من قِبل اخوتها الثلاثة بتحريض من الاب و ثم تم اجبارها على شرب السم و ثم شنقها حتى الموت
— أ.غسق ♀ (@ghasaqu) March 17, 2020
السبب "الشرف"
مالذي يعطي الرجال في هذه البقعة الحق بمعاملة الفتيات بهذه الوحشية؟
و من اين يستمدون الثقة انه لن يتم عقابهم؟! pic.twitter.com/lAAhdIS9U4
كما تبادل القتلة التهنئة بلفظ الطفلة أنفاسها الأخيرة قائلين "ياسعدنا"، حسبما كشفت أجزاء من محادثاتهما عبر الواتساب.
الطفلة إصباح تعرضت للتعذيب والضرب بالحديد والأسلاك، وجوعت ثلاثة أيام، ثم أجبرت على تناول السم وشُنقت يوماً كاملاً فيما القتلة يوثّقون معاناتها ويتبادلون صورها و"التهاني" بموتها. أما آن الأوان لـ #اسقاط_الولاية_عن_المرأة_اليمنية ؟
جرائم "اللا شرف" وإسقاط الولاية
تعليقاً على الجريمة، أكد حساب "Yemeni Feminist Voice" المعني بحقوق المرأة اليمنية أن إصباح "ليست الأولى ولن تكون الأخيرة من ضحايا العنف الأسري في ظل النظام الأبوي المستبد".
الطفلة أصباح إبنة ال 16 عام ضحية جرائم اللاشرف ينهالون عليها بالضرب ويجبرونها على شرب السم ويقتلونها شنقاً
— Yemeni Feminist Voice (@YeFeministVoice) March 17, 2020
ضحية أخرى وليست الأخيرة في ظل هذا النظام الابوي المستبد.#اسقاط_الولاية_عن_المرأة_اليمنية pic.twitter.com/o6VsgJe6Jt
واستنكر الحساب استمرار "جرائم اللا شرف" في البلاد، معتبراً أنها لن تتوقف إلا بـ"ثورة نسوية جذرية"، ومنتهزاً الفرصة لتسليط الضوء على حملة #إسقاط_الولاية_عن_المرأة_
وتهدف الحملة إلى تشجيع المرأة اليمنية التي تعاني التهميش والقهر والعنف على المطالبة بحقوقها ورفض النظام الأبوي وامتلاك قرارها بيديها.
وذكّر الحساب بأن "المرأة اليمنية لا تستطيع الزواج أو استخراج جواز سفر بدون ولي أمر. القانون اليمني يخفف العقوبة أو يعفو عن ولي الأمر حين يقتل. القانون اليمني يقول إن على الزوجة أن تستأذن زوجها في الخروج من البيت" وخلص إلى أن "المرأة اليمنية تابعة وليست إنسانة مستقلة" ذات حقوق، مبرزاً أهم المواد في القانون اليمني التي تهمش وضع المرأة وتستبيح حقوقها.
وحذّر من أن تتحول إصباح إلى رقم أو اسم يضم إلى سميحة الأسدي والطفلة مآب وغيرهما. وكانت مآب (10 أعوام) قد قتلها أبوها عقب تعذيبها وتصويرها بذريعة "غسل العار" أواخر عام 2014.
أما الأسدي فقتلها شقيقها بعد تحريض من والدها داخل المحكمة عام 2018، وحصل على البراءة عقب عفو صاحب الدم وهو الأب المحرض نفسه.
وخشي الناشطون أن تؤول قضية إصباح إلى المصير نفسه بإفلات الجناة من العقاب، وهذا ما دفعهم إلى الضغط على الرأي العام والنائب العام اليمني بغية الاقتصاص من الجناة. قالت الناشطة الحقوقية هدى الصرارب: "أدعو كل الضمائر الحية والمدافعين والمحامين إلى الانتصار لروح الطفلة الضحية وعدم السماح لإخوتها القتلة بالفرار من العدالة".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...