أجلت محكمة يمنية إصدار الحكم في قضية الطفلة مآب (10سنوات) التي قتلها والدها، تحت مسمى "غسل العار" إلى "جلسة سرية" خلال الأسبوع الجاري بحسب ما أعلنته حقوقيات يمنيات الاثنين، بعد أكثر من 4 سنوات على وقوع الجريمة.
ووقعت الجريمة في نهاية ديسمبر/كانون الأول عام 2014، عندما أقدم بائع عقيق يمني، يدعى نوح علي اليمني، على إطلاق الرصاص على طفلته قبل رميها من فوق منحدر جبلي بعد تعذيبها بشكل وصفه شهود بالمخيف والوحشي.
"انتقاماً من الأم"
عثر رعاة غنم على جثة الطفلة ملقاة في منطقة نقيل سمارة الجبلية التابعة لمحافظة إب وسط اليمن. وحددت السلطات هوية "مآب" ليعترف الأب بارتكاب الجريمة.
كشفت السلطات اليمنية آنذاك عن أن الأب البالغ من العمر 33 عاماً أطلق رصاصتين من مسدسه في ظهر ابنته خرجتا من الصدر، لافتةً إلى أن الطفلة كانت تعيش مع أخوات أخريات لها عند شقيق والدها بعد طلاق أبويها. وأضافت السلطات أن الطفلة تعرضت للتعذيب بصورة "وحشية ومقززة"، مشيرةً إلى أن الأب برر جريمته بالدفاع عن الشرف.
ورغم انتشار "جرائم الشرف" في اليمن، فإن قضية "مآب" مثلت صدمة للجميع إذا كانت المرة الأولى التي تكون ضحيتها طفلة بعد تعذيب وحشي.
وخرجت تظاهرات منددة بالجريمة في المحافظة وطالب المحتجون بإنزال أقصى العقوبات بالأب المجرم، في حين طالبت الأم بإعادة طفلتيها الأخريين إلى حضنها وإعدام الوالد القاتل أو إعادة طفلتها المقتولة"، مؤكدةً أن الأب قتل الطفلة انتقاماً منها لزواجها بعد طلاقها منه.
إجبار على "الاعتراف"
وفي مقطعين مصورين للفتاة المعذبة قبل قتلها، ظهر "العم" وهو يستجوبها ويسألها هل والدتها هي التي دفعتها لممارسة علاقة جنسية مع شبان، لتجيب بالإثبات. وطالبها بتعرية جسدها الصغير المشوه في أحد المقطعين لتُكشف آثار تعذيب مخيف، زاعمةً أن والدتها عذبتها لإجبارها على الجنس مع شبان لا تعرفهم.
وفي الثاني، يقول العم الذي يبدو أنه حرص على امتلاك "دليل" لتبرئة أخيه حال افتضاح الجريمة: هل علّمت (يقصد الأم) العيال أن يشتموا فيكِ (يمارسوا ألعاباً جنسية معك)؟
لتجيب الطفلة المنهكة: أيوة.
فيرد آمراً: تكلمي صدق.
تقسم: والله صدق.
فيسأل: أنتِ ما سمعتِ كلام أبوكِ؟
تقول: صح.
فيسألها: ما هي آخر كلماتك؟
ترد وهي تتنفس بصعوبة: ما عندي كلمة أخيرة.
يختم: إذاً تلقين ربك إلى جهنم؟ فلا ترد.
إثر ردود الفعل الغاضبة، خرج العم منكراً أي علم بالجريمة أو المشاركة فيها زاعماً أن شقيقه غير متزن نفسياً، مطالباً بعرضه على أطباء نفسيين لأن هذه "جريمة منكرة لا يتصورها العقل".
لكن الأب القاتل كان اعترف، في لقاء أجري معه من محبسه عام 2014، بقتل ابنته مبرراً فعلته بأن "البنت اعترفت بأن والدتها كانت تجبرها على الحديث وإقامة علاقات جنسية مع صبية انتقاماً من الأب"، مردفاً "ليس هناك من هو أرحم بالبنت من أبيها. لكن لا أحد يعرف الظروف".
ودافع الأب عن جريمته زاعماً أنه كان أباً جيداً ولم يحرم طفلته أي شيء مدللاً على ذلك بأنه "اصطحبها إلى مصر وقطر ودبي من قبل" ولم يكن يمانع منحها دمه.
قانون قاصر
ووفق ما نشرته المحامية اليمنية هدى الصراري، رئيسة مؤسسة دفاع للحقوق والحريات، عبر حسابها على تويتر، ينص قانون الجرائم والعقوبات اليمني في المادة (59) منه: "لا يقتص من الأصل بفرعه وإنما يحكم بالدية أو الأرش على حسب الأحوال"، وهذا ما يعني أن والد الفتاة لن يحكم عليه حكماً مشدداً.
واعتبرت الصراري مواد القانون اليمني "مدخلاً لارتكاب الآباء ضد أبنائهم جرائم لا يحاسبون عليها قانوناً"، مطالبةً بتغيير القوانين وحماية الأطفال.
أجّلت محكمة يمنية إصدار الحكم في قضية الطفلة مآب (10سنوات) التي قتلها والدها، بدعوى "غسل العار"، إلى "جلسة سرية" خلال الأسبوع الجاري بعد أكثر من 4 سنوات على وقوع الجريمة.
تقول هيفاء طاهر، الباحثة اليمنية في علم الاجتماع، لرصيف22، إن جرائم "قتل وتصفية الفتيات والنساء منتشرة في اليمن"، ولا يشار إليها كجرائم شرف بل إلى أسباب أخرى "كالتسمم أو السقوط من نافذة”.
الأب مسؤول في جميع الحالات
وكان نبيل الخضر، رئيس مؤسسة ضمانات التي تُعنى بحقوق الإنسان باليمن، صرح لسي إن إن بأن هناك فهماً مغلوطاً لقضايا الشرف، متحفظاً على المصطلح، ومشدداً على أن ما حدث للطفلة "اغتصاب وهو عنف. فهي طفلة وما حصل لها إغواء وهنا لا بد من معاقبة الجاني وليس معاقبتها".
منتشرة في المجتمع اليمني
وتقول هيفاء طاهر، الباحثة اليمنية في علم الاجتماع، لرصيف22، إن جرائم "قتل وتصفية الفتيات والنساء منتشرة في اليمن"، لافتةً إلى أنه في الغالب لا يشار إليها كجرائم شرف بل تعزى إلى أسباب أخرى كالتسمم أو السقوط من نافذة"، معتبرةً أنه من الصعب إحصاء أعداد ضحايا هذا الجرائم.
وتوضح طاهر أن بشاعة قضية مآب ظهرت بسبب تصويرها، مشيرةً إلى أن العقاب في مثل هذه الجرائم عادةً يكون مخففاً وغير رادع.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...