شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
فيروس كورونا يصيب السياسيين… هل انقلب السحر على الساحر؟!

فيروس كورونا يصيب السياسيين… هل انقلب السحر على الساحر؟!

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الأحد 15 مارس 202002:40 م

كالنار في الهشيم ينتشر فيروس كورونا في العالم، وتنتشر معه الإشاعات حول مصدره، طريقة نشأته ومن قام بتطويره جينياً. إن نظريات المؤامرة غير جديدة، لكن الجديد والمعيب هو تسارع السياسيين لتقاذف التهم بدلاً من التركيز على اتخاذ الإجراءات الضرورية للحد من انتشار المرض، والعمل على توفير الرعاية اللازمة للمرضى وحملات التوعية للمواطنين للوقاية منه.

وبغض النظر عن مصدره، فقد تكاسل معظم السياسيين في التعامل مع هذا الوباء حرصاً على الأوضاع الاقتصادية، رغم رؤيتهم الدول تسقط في براثنه واحدة تلو الأخرى، وعدد المصابين والوفيات يزداد بشكل هائل، في حين أن توقع الانتشار والاهتمام بوقفه، أو إبطائه على الأقل، لم يكن بحاجة إلى سياسي محنّك بقدر ما كان بحاجة إلى عقل عادي جداً لكن لديه بعض التعاطف والشفقة، فهم إن لم يطوروا الفيروس، إلا أنهم أسهموا إلى حدٍّ بعيد بالسماح له بالانتشار.

في ضوء هذا التقاعس والبرود الذي يتعامل به أغلبية المسؤولين مع هذا الوباء، لم يعد من المستبعد أنهم كانوا ينتظرون أن يتحصلوا منه على نتائج اقتصادية إيجابية.

وفي ضوء هذا التقاعس والبرود الذي يتعامل به أغلبية المسؤولين مع هذا الوباء، لم يعد من المستبعد أنهم كانوا ينتظرون أن يتحصلوا منه على نتائج اقتصادية إيجابية، وخاصة في أوروبا التي عدد المسنين فيها كبير، وتتمثل هذه "الإيجابيات" في التخلص من كبار السن ونفقات علاجهم والعناية بهم، الذين بالأساس يحصلون على مبلغ تقاعد قليل بالكاد يسد رمقهم، ويتخلصون أيضاً من مرضى الأمراض المزمنة وتكاليف علاجهم المرتفعة، وربما أيضاً من عدد لا بأس به من ذوي الدخل المحدود، ذوي المناعة المنخفضة بسبب سوء التغذية، المجبرين على استخدام وسائل النقل العامة.

فالصين، مصدر المرض تكتمت بادئ الأمر، بل واستجوبت الأطباء الذين حاولوا التحذير باكراً من المرض، وتأخرت بإبلاغ منظمة الصحة العالمية عن ظهوره، كمن يحاول إخفاء الشمس بإصبعه، ما أدى إلى انتشار الوباء بسرعة بين الصينيين ولاحقاً في كل العالم.

إيران، والأنظمة الديكتاتورية الأخرى المشابهة لها، والتي تفتقد الشفافية، تقاعست بالإفصاح عن حالات الإصابات لديها وساهمت في زيادة الانتشار، وذلك حرصاً على السياحة الدينية وما تجلبه إليها من مردود اقتصادي.

ونفس السلوك قام به النظام في مصر حرصاً على على الدولارات التي يجنيها من السيّاح الأجانب، غير مبالٍ باستيراد المرض من الخارج ونشره لدى الشعب الذي يعاني بالأساس أوضاعاً اقتصادية وصحية مزرية، وتأخرت السلطة الفلسطينية بالتعامل مع الفيروس نظراً للسياحة الدينية في بيت لحم، وأهملت شعبها الذي يعاني ما يعانيه من الاحتلال.

رغم أن النظام السوري يستورد المرتزقة لقتل الشعب السوري من إيران، ويستورد بالتالي فيروس كورونا من هذه الدولة التي تم إعلانها منذ فترة بؤرة للمرض، إلا أنه لم يعلن حتى الآن عن أي إصابة، وكأن الشعب السوري الذي يعيش أسوأ الأوضاع  لا ينقصه إلا تكتم هذا النظام الجاهل عن تفشي الوباء

وحتى أميركا تنشغل بإلقاء اللوم على عدوها الاقتصادي الأكبر الصين، وتتهم نظامها الشيوعي (الذي أحرز تقدماً كبيراً في احتواء المرض) بالتكتم والتأخر بالإفصاح وتطالبها بالاعتذار، وفي نفس الوقت تفاجئنا بعدم قدرتها على احتواء المرض، وحتى عدم توفر أجهزة كافية للكشف عن الفيروس، وعندما بدأ رئيسها المتبجح باتخاذ اجراءات، كان كل ما قام به هو منع الرحلات مع أوروبا عدا بريطانيا، ذات الدولة التي خرج رئيس وزرائها على شعبه يبلغهم بالاستعداد لتوديع أحبائهم.. هل كان سَيفعل ذات الشيء مع عائلته لو كان هو المصاب؟ على أي حال تحرك ترامب أخيراً فكان كالجبل الذي تمخض فولد فأراً.

ورغم تفشي الوباء في لبنان، فلسطين، الأردن، العراق وتركيا (جميع الدول الحدودية لسورية) وحدوث وفيات في بعض هذه الدول، ورغم أن النظام السوري يستورد المرتزقة لقتل الشعب السوري من إيران، ويستورد بالتالي فيروس كورونا من هذه الدولة التي تم إعلانها منذ فترة بؤرة للمرض، إلا أنه لم يعلن حتى الآن عن أي إصابة، وكأن الشعب السوري الذي يعيش أسوأ الأوضاع الأمنية والاقتصادية والصحية لا ينقصه إلا تكتم هذا النظام الجاهل عن تفشي الوباء، فبينما كان كل العالم مشغولاً بتطهير وتعقيم المطارات والنقاط الحدودية والأماكن العامة من الفيروس، كان النظام السوري مشغولاً بـ"تطهير وتعقيم" إدلب من سكانها والنازحين فيها. وفي ضوء العقوبات الاقتصادية على النظام والأوضاع الصحية السيئة، سواء في المناطق التي يسيطر عليها أو المناطق خارج سيطرته، وفي ظل النقص الشديد في الكوادر الطبية المؤهلة بسبب هجرة العديد منهم، واستمرار إنكار النظام للوباء، يتوقع أن تكون النتائج كارثية وأسوأ من البلدان الأخرى.

ربما اعتقد بعض السياسيين أن جلوسهم في قصرهم العاجي، يفركون أيديهم ببعضها البعض بالمعقمات، وينتظرون جني النتائج بالتخلص من نفقات علاج المرضى وتقاعد العجزة، يجعلهم في منأى عن الوباء، إلا أنهم لم يدركوا أن الفيروس لا يعرف المناصب ولا الفروقات الاجتماعية

وربما اعتقد بعض السياسيين أن جلوسهم في قصرهم العاجي، يفركون أيديهم ببعضها البعض بالمعقمات، وينتظرون جني النتائج بالتخلص من نفقات علاج المرضى وتقاعد العجزة، يجعلهم في منأى عن الوباء، إلا أنهم لم يدركوا أن الفيروس لا يعرف المناصب ولا الفروقات الاجتماعية، فانقلب السحر على الساحر المتقاعس المتفرج، وأصيب عدد كبير منهم بالفيروس، ويُشك أن يكون دونالد ترامب أحدهم.

في ظل غياب أو بطء الحراك السياسي الضروري والكافي، يتوجب على الأفراد أن يعوا مسؤوليتهم تجاه هذا الوباء.

وبعد أن أظهرت الدراسة الأمريكية في جامعة جونز هوبكنز، أن سبعة وتسعين بالمئة من المرضى تظهر عليهم الأعراض بعد خمسة أيام، صار معلوماً أن الشخص المصاب يقوم بنقل المرض للآخرين بدون أن يعلم. وبالرغم من أن تطوير لقاح للفيروس قد يحتاج من اثني عشر إلى ثمانية عشر شهراً، ورغم ما قد يسببه البقاء في البيت للبعض من حالات نفسية سيئة، وقد حدث هذا في الصين عند تطبيق الحجر، إلا أنه للضرورة أحكام، وأعتقد أنه من الأنانية لدى الشبان الأصحاء ذوي المناعة الجيدة الخروج والاختلاط، ونقل المرض للآخرين الأكبر سناً والأقل صحة، فالمرض لدى هؤلاء ربما لن يكون أكثر من انفلونزا عادية، أو أشد قليلاً، وأحياناً لا تظهر عليهم أي أعراض إطلاقاً، إلا أنه قاتل لكبار السن ومرضى الأمراض المزمنة وذوي المناعة المنخفضة بشكل عام: هل حقاً يريد أحدهم أن يكون سبباً في وفاة والده أو والدته؟!

في ظل غياب أو بطء الحراك السياسي الضروري والكافي، يتوجب على الأفراد أن يعوا مسؤوليتهم تجاه هذا الوباء، أن يلتزموا بيوتهم وألا يخرجوا إلا للضرورة، إن لم يكن ذلك حرصاً على صحتهم فليفعلوه حرصاً على صحة الآخرين، وبدلاً من التهافت على تكديس المواد الغذائية وشراء مواد التعقيم (إلا للكبار والمرضى) ينبغي التهافت على غسيل الأيدي، والتعود على عدم لمس الأنف والفم والعيون في الخارج، والقيام بالإجراءات التي ترفع المناعة، ومنها ممارسة الرياضة ولو في المنزل، والأهم من ذلك كله تناول الأطعمة التي ترفع المناعة، ومن أهمها الحمضيات التي تحتوي على فيتامين سي، والابتعاد عن ما يخفض المناعة كَتناول السكريات.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image