لا يزال كثيرون حول العالم مستهترين بالإجراءات الوقائية من فيروس كورونا، ويتعاطون معه ومع المرض التنفسي الذي يتسبب به بنوع من الاستخفاف، بناء على معلومات إما خاطئة كلياً أو مبنية على معطيات قابلة للتغيّر بشكل دائم، خصوصاً أن معرفتنا للفيروس لا تزال حديثة العهد.
يجري ذلك في وقت أعلنت منظمة الصحة العالمية في 11 آذار/ مارس أن كوفيد-19 بات جائحة عالمية، بعد إصابة أكثر من 118 ألف شخص بفيروس كورونا في 114 دولة، ومفارقة قرابة 4300 شخص منهم الحياة.
"ليست هذه مجرّد أزمة صحة عامة. هذه أزمة ستصيب كافة القطاعات. ولهذا ينبغي أن ينخرط كل قطاع وكل فرد في القتال"، قال مدير عام منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس.
معدل الوفيات الذي يبدو منخفضاً لا يعني الكثير
قبل فترة من هذا الإعلان، صرّح غيبريسوس نفسه لوسائل الإعلام أن "حوالي 3.4% من المصابين بكوفيد-19 قد ماتوا. بالمقارنة، تقتل الإنفلونزا الموسمية أقل من 1% ممّن يصابون بها".
معدل الوفيات، الذي بدا منخفضاً نسبياً في هذا التصريح، وفي دراسات أخرى تتوقع أن يكون أقل من 1% لأن هناك حالات إصابة كثيرة غير مسجّلة، والربط مع الإنفلونزا الموسمية، أدى إلى استخفاف عدد كبير من الناس حول العالم بالكورونا.
مدير منظمة الصحة العالمية قدّم معدل وفيات للمرض بحسب ما يتوفر من أرقام عن مصابين ومتوفين، ولكن هذا لا يعني أن هذا الرقم ثابت، فقد بدأ الباحثون بدراسة الكورونا المستجد منذ أسابيع فقط، أما الإنفلونزا الموسمية، فيمكن إيجاد توصيفٍ لأعراضها في ما كتبه أبقراط منذ 2400 عاماً.
في تقرير لمنظمة الصحة العالمية نفسها، في 29 كانون الثاني/ يناير، كان معدل وفيات المرض 2%، أي أنه ازداد بنسبة 1.4% خلال حوالي خمسة أسابيع.
في إيطاليا، البلد الثاني بعد الصين من حيث عدد الوفيات، ارتفعت نسبة الوفيات إلى 6.6% في ظل وجود 12462 إصابة مسجّلة و827 حالة وفاة. نسبة الوفاة في إيطاليا تزيد بذلك عن المعدل الذي أعلنه غيبريسوس بنسبة 94%.
"على الأغلب أنني لن أموت"
قد يظنّ البعض أنهم سيكونون بأمان حتى لو أصابهم فيروس كورونا، وبالتالي فإنهم لا يكترثون كثيراً لإرشادات الوقاية مثل غسل اليدين بالماء والصابون بشكل متكرر، وعدم لمس الوجه، والحجر الصحي الذاتي. "حتى لو وصل معدل الوفيات إلى 10% من المصابين بالفيروس، على الأرجح سأكون من الـ90% الأوفر حظاً"، يعتقد كثيرون.
نعم. من ناحية الأرقام، وبحسب ما يعرفه العالم اليوم عن هذا الفيروس، فإن احتمال عدم موت المصاب لا يزال الأرجح، لكن الموت ليس المعيار الوحيد للأذى.
"لعلّك ستلتقط فيروس كورونا ولا تشعر بأعراضه أصلاً. رائع. أمر جيد بالنسبة لك، تعيس بالنسبة إلى الآخرين. أنت بخير، بالكاد تعطس أو تسعل، ولكنك قد تقتل سيدتين مسنّتين وأنت تتمشى بدون أن تدرك ذلك أصلاً"
"معدّل الإماتة هو المقياس الخطأ. يمكن لفيروس كورونا أن يفسد حياتك بالكثير والكثير من الطرق حتى لو لم يقتلك مباشرة"، كتبت طبيبة في إحدى أكبر مستشفيات أوروبا الغربية في مجلة نيوزويك، منتقدة نماذج عمّا يقوله البعض مثل "كلنا صغار السنّ… حتى لو أصابنا الفيروس، سوف نشفى منه".
"رائع، ولكن ما رأيكم بأربعة أشهر من المعالجة الفيزيائية قبل أن تشعروا حتى بأنكم بشر من جديد؟ أو إصابتكم بندبات في أنسجة الرئتين تحدّ من درجة نشاطكم إلى آخر أيام حياتكم؟"، سألت الطبيبة التي لم تملك موافقة من إدارتها للإفصاح عن هويتها في المقال مضيفةً: "ناهيكم عن إمكانية وسهولة الإصابة بأي فيروس آخر وأنتم في المستشفى… مع نظام مناعي يشتته حتى إنذار كاذب بإنفلونزا عادية".
بحسب البيانات المتوفرة من الصين، فإن 14% من المصابين بالفيروس حالاتهم حادة، و5% حالاتهم حرجة. ويمكن للالتهابات البكتيرية إضعاف الجهاز المناعي الذي بدوره يرفع منسوب استجابته إلى درجات قد تقود إلى فشل بعض أعضاء الجسد، بحسب ما نشرته صحيفة التلغراف.
"معدّل الإماتة هو المقياس الخطأ. يمكن لفيروس كورونا أن يفسد حياتك بالكثير والكثير من الطرق حتى لو لم يقتلك مباشرة"، كتبت طبيبة في إحدى أكبر مستشفيات أوروبا الغربية في مجلة نيوزويك
بعض الذين نجوا من المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (سارس)، المشابهة لكوفيد-19 ببعض جوانبها والتي اجتاحت العالم بين العامين 2002 و2003، لم تتعافى رئاتهم أبداً، بحسب التلغراف.
مسؤوليتك ليست فقط حياتك وحدك
"لعلّك ستلتقط فيروس كورونا ولا تشعر بأعراضه أصلاً. رائع. أمر جيد بالنسبة لك، تعيس بالنسبة إلى الآخرين"، قالت الطبيبة في مجلة نيوزويك. "أنت بخير، بالكاد تعطس أو تسعل، ولكنك قد تقتل سيدتين مسنّتين وأنت تتمشى بدون أن تدرك ذلك أصلاً".
تشدّد المراكز الصحية والباحثون على أن مسؤولية الناس اليوم ليست فقط حماية أنفسهم، بل حماية الآخرين أيضاً. درء انتشار الفيروس أصبح بمثابة واجبٍ اجتماعي مفروض على الجميع.
قد تكون مصاباً بالفيروس ولا تشعر بذلك، كما قالت مجلة نيوزويك، وقد لا تكون مصاباً بالفيروس ولكنك تحمله على كفّيك (لا يخترق فيروس كورونا الجلد)، وبالتالي يمكن أن تنقله لآخرين جهازهم المناعي أضعف واحتمالات وقوعهم ضحايا للفيروس أعلى.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
HA NA -
منذ 3 أياممع الأسف
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ أسبوعحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ أسبوععظيم