جريمة بشعة وربما غير مسبوقة محلياً وقعت في مدينة بيت لحم الفلسطينية. خمسة شبان تناوبوا على اغتصاب سائحة بولندية وتصويرها بعدما اعتدوا بالضرب على دليلها السياحي وقيدوه. ومما زاد من بشاعة الجريمة أن القضاء العشائري يسعى لإنهاء القضية بـ"العطوة"، أي التعويض المالي، في ظل محاولات أمنية للتعتيم على القضية.
كان موقع "وطن" الفلسطيني أول من اكتشف القضية في 4 آذار/مارس، مبيّناً أن "خمسة شباب من محافظة بيت لحم (تحديداً من قريتي بتير ونحالين) استدرجوا سائحة بولندية ودليلها سياحي من بلدة العبيدية الى منطقة المخرور في بلدة بيت جالا، وهناك قيدوا الدليل السياحي، وتناوبوا على اغتصاب السائحة".
ولفت المصدر نفسه إلى "محاولات من القضاء العشائري لـ‘احتواء القضية‘ بدفع مبالغ مالية مقابل الإفراج عن الجناة"، لافتاً إلى أن "المتهمين الخمسة متورطون في قضية اغتصاب سابقة".
الجدير بالذكر أن العنف ضد المرأة منتشر في فلسطين، لا سيما من الأوصياء، الزوج والأب والأخ. وتؤكد جهات حقوقية عدة أن تدخل العشائر بالتعتيم على مثل هذه الجرائم أو التصالح مع الجاني مقابل المال، أحد أبرز أسباب تكرارها في ظل غياب النص القانوني الرادع الذي يمكن أن يحمي المرأة الفلسطينية.
محاولات أمنية للتعتيم
لكن الشرطة الفلسطينية حاولت التعتيم على القضية حين تحدثت في بيان عن "جريمة ‘اعتداء‘ على مواطن وزائرة بولندية في منطقة المخرور القريبة من الطريق المؤدية إلى القدس".
خمسة شبان تناوبوا على اغتصاب سائحة وتصويرها في فلسطين بعد ضرب مرشدها السياحي. الشبان اعترفوا باغتصاب سيدة أمام زوجها سابقاً وتصوير الواقعة لابتزاز الزوج مالياً. كل هذا والقضاء العشائري يحاول "احتواء" القضية وإنهاءها بـ"العطوة"
وأضاف المتحدث الإعلامي باسمها لؤي أرزيقات أنه عقب "شكوى تقدم بها مواطن تفيد بالاعتداء عليه وعلى زائرة بولندية كانت برفقته، استخدم فيه المشتبه بهم مركبة غير قانونية وأسلحة بيضاء وانتحلوا صفة رجال أمن وقاموا بالاعتداء عليهما وسلبهما".
وتابع أرزيقات مبرزاً القبض على أربعة من المتهمين الذين ظهروا في مقطع فيديو متداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي المحلية.
وأشار المتحدث الإعلامي إلى "اعتراف المضبوطين بجريمتهم وتعرّف المعتدى عليهما (المرشد والسائحة) عليهم ثم إحالة القضية للنيابة العامة، في 29 شباط/فبراير الماضي".
وناشد المسؤول الأمني الذي لم يشر من قريب أو بعيد إلى تعرض السائحة للاغتصاب المواطنين ووسائل الإعلام "الدقة".
"طلبنا تعويضاً باهظاً"
في سياق متصل، أوضح رجل الإصلاح والقاضي العشائري الفلسطيني خلف العبيدي، خلال مداخلة مع إذاعة "موّال" المحلية عقب الجلسة العشائرية مع ذوي المعتدين: "لدينا وضع سيئ يحدث لأول مرة في محافظات الوطن. مطالبنا كانت عبارة عن رقم مرتفع جداً، بسبب الحدث الذي حصل، فضلاً عن المسروقات وغيرها".
ولفت إلى أن جلسة التصالح انتهت بمنح ذوي المتهمين مهلة حتى بعد ظهر 6 آذار/مارس، لأنهم "لم يكونوا جاهزين لمطالبنا، ولم يكونوا مدركين تفاصيل الجريمة".
وشدد على أن الشبان "اعترفوا بالجريمة من الألف إلى الياء. هذه ليست أولى جرائمهم، فقد اغتصبوا سيدة أمام زوجها من قبل وصوروها لابتزاز الزوج وطلبوا منه 10 آلاف شيكل وإلا فسيفضحونها وينشرون الفيديو. وبالفعل منحهم الزوج المال. الآن تكشّفت جريمتهم ويجب أن يدفعوا الثمن باهظاً".
وأشار أخيراً إلى أنهم يتفاوضون على "حق السائحة قبل حقّنا، لأن السائحة كانت في سيارة الشاب حين اعتدي عليها".
ناشطون فلسطينيون ينددون بمحاولات التعتيم الأمني والضغط على وسائل الإعلام المحلية لعدم تداول القضية بذريعة الحفاظ على صورة فلسطين أمام العالم والخوف على السياحة الفلسطينية. الناشطون يرون في ذلك "غبناً مضاعفاً وقهراً للضحايا الإناث"
استنكار التدخل العشائري
غير أن تكشّف تفاصيل الجريمة البشعة وانتشار مقطع الفيديو الذي صوره المعتدون عبر مواقع التواصل الاجتماعي المحلية أثارا سخط العديد من المواطنين الفلسطينيين الذين استنكروا الحادثة "المخجلة والمثيرة للاشمئزاز"، رافضين أي تدخل عشائري يسعى إلى إنقاذ الجناة من العقاب.
وقالت الإعلامية والناشطة الحقوقية الفلسطينية ناهد أبو طعيمة: "الحادثة يجب أن لا من تمر دون محاسبة قانونية"، مناشدةً النيابة والقضاء الفلسطيني استكمال الإجراءات النظامية ومنع القضاء العشائري من التدخل.
ونددت بـ"إخافة وسائل الإعلام من تغطية القضية خشية على صورتنا (صورة فلسطين) أمام العالم، فهي حوادث تقع فى جميع أنحاء العالم ويجب التصدي لها وإن كانت حالة واحدة".
وأضافت أبو طعيمة: "لا يجوز تحت ستار الخوف على السياحة الفلسطينية دفن رؤوسنا فى الرمال والسماح إلى قوافل وجحافل القبيلة فى التحرك من خلال الوجهاء والعشائر للبيع والشراء بالحقّين العام والخاص".
وختمت: "قضايا كهذه يجب أن تمنع فيها أية وساطة أو تدخلات عشائرية، لأنها تحمل غبناً مضاعفاً وقهراً للنساء وللمجتمع، والتهاون فيها ينتج حالات أبشع وأفظع".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...