"حُرمت من دراسة الطب، وأجبرت على الاستقالة من عملي الأول، وعلى الزواج من شخص مريض مقابل مهر كبير، وعلى الطلاق من زوجي الثاني والد أبنائي وعدم العودة إليه، ومنعت من الزواج بشخص يرغب فيّ وأرغب فيه، كل هذا تحت تهديد أبي وإخواني بإقامة قضايا تغيب وعقوق ضدي… وكنت في كل مرة أرضخ للتهديد".
ليست هذه قصة سينمائية، وإنما إحدى قصص ضحايا بلاغات وقضايا التغيب في السعودية، أم أنس (38 عاماً) التي روت قصتها في حلقة من برنامج "معالي المواطن" عبر قناة "إم بي سي"، في 15 كانون الثاني/يناير، خصصت لمناقشة ظاهرة قضايا التغيب التي يرفعها أولياء المرأة ضدها.
أجبرت على الاستقالة من عملي، زوُجت بمريض نفسي تحت التهديد
— معالي المواطن (@Ma3alialMowaten) January 15, 2020
تفاصيل حكاية أم أنس في حوارها مع #معالي_المواطن#قضايا_التغيب_في_معالي_المواطن#MBC1 pic.twitter.com/NsN2hzAUPt
وتابعت أم أنس: "هذه المرة الأخيرة ابتزني والدي بشراء عمارة وكتابتها باسم أحد إخواني الذي فصل من عمله العسكري وإلا شكا عليّ بالعقوق. لكني اخترت أن أرفض لأول مرة فرفع ضدي قضيتي تغيب وعقوق، علماً بأني مستقلة مادياً وأعيش في منزل خاص مع أبنائي. ورفعت أنا قضية عضل (امتناع الولي عن تزويج المرأة)".
"أقلقت هذه القضايا حياتي، وتعرضت للتهديد بالقتل وتهديدات أخرى لأبنائي وهُدد الخطيب الذي أرغب في الزواج منه، وما زلت أنتظر حكم القضاء"، أردفت.
ورغم الإصلاحات الاجتماعية التي نفذها ولي العهد محمد بن سلمان سعياً لتحسين صورة بلاده دولياً، والتي نالت المرأة النصيب الأكبر منها بمنحها حقوقاً أوسع في العمل وفي الولاية على أبنائها وحرية السفر، فإن ناشطات سعوديات يرين أن كل هذه الإصلاحات "قاصرة" ما دامت لا تنهي "نظام الولاية" بشكل جذري.
"حُرمت من دراسة الطب، وأجبرت على الاستقالة من عملي الأول، وعلى الزواج من شخص مريض مقابل مهر كبير، وعلى الطلاق من زوجي الثاني والد أبنائي وعدم العودة إليه، ومنعت من الزواج بشخص يرغب فيّ وأرغب فيه"... عن معاناة ضحايا قضايا التغيب والعقوق في السعودية
إلى الآن، يحق لأولياء المرأة الذكور في السعودية أن يتحكموا في زواجها وطلاقها وعملها. وتتهم بعض أجهزة السلطة التنفيذية في البلاد، لا سيما الشرطة وبعض القضاة، بالتشدد ضد النساء ومساعدة الأهل في قمع حرياتهن.
وتعليقاً على قصة أم أنس، قالت الناشطة السعودية همسة السنوسي إنها تثق بأن تحركاً من قيادة البلاد سيحسم قضيتها، لكنها طرحت سؤالين بهذا الشأن: "كم من حالة مثل هذه خلف الجدران، ويجري قمعها بحجة ‘رضا الوالدين‘ أو ‘الصبر للأجر‘ أو ‘العيب والفضيحة‘؟ ولماذا يجب أن تظهر كل حالة في الإعلام ليتم تصديقها وإيجاد حل لها؟".
"لا مسوغ قانونياً ولا شرعياً"
في هذا السياق، قالت المحامية السعودية رنا الدكنان: "لا يوجد أي مسوغ قانوني أو شرعي لقضايا التغيب وإنما مجرد تعميمات داخلية. لكن العمل لا يزال جارياً على تقييد (تسجيل) بلاغات التغيب".
الدكنان: لا يوجد مستند قانوني وشرعي لقضايا التغيب.. وسابقاً كان يحكم على الفتاة بالتغيب لمجرد أقوال#معالي_المواطن#قضايا_التغيب_في_معالي_المواطن#MBC1 pic.twitter.com/b2y40YtEtb
— معالي المواطن (@Ma3alialMowaten) January 15, 2020
واعتبرت أن الأوضاع تحسنت نسبياً إذ أصبح "القضاء يسأل عن سبب الدعوى وعلى المدعي أن يقدم الدليل الواضح على دعواه، لذا باتت دعاوى كثيرة تُرد".
لكن واحدة من المتضررات، أم خالد، ذكرت، في الحلقة، أنها تعرضت للسجن والملاحقة برغم أنها كانت مستقلة مع ابنها في سكن معلوم للأهل والجهات التنفيذية، معتبرةً أن "شيئاً لم يتغير حتى الآن".
أم خالد: قمت ببلاغات في دور الحماية والشرطة ولكن الحال لم تتغير#معالي_المواطن#قضايا_التغيب_في_معالي_المواطن#MBC1 pic.twitter.com/7M7awLFEc7
— معالي المواطن (@Ma3alialMowaten) January 15, 2020
قصة هدى لم تختلف كثيراً، إذ قالت: "أنا معنفة منذ كنت طفلة. أجبرت على الزواج، ورفض أهلي طلاقي مراراً. استقللت في منزل مع ابني ورفعت قضية خلع. لكن أهلي اشتكوا للشرطة التي حاولت تسليمي لهم. وبعد التهديدات اضطررت للعودة إلى زوجي مكرهة".
أجبرت للعودة لمنزل زوجي بسبب أهلي
— معالي المواطن (@Ma3alialMowaten) January 15, 2020
هدى تحكي حكاية قضية التغيب التي تعرضت لها#معالي_المواطن#قضايا_التغيب_في_معالي_المواطن#MBC1 pic.twitter.com/sLqjIvg8HA
ما جدوى التمكين؟
هذه القصص استفزت العديد من الناشطين والناشطات في المملكة، ودفعتهم للتساؤل عن جدوى أو حقيقة "تمكين المرأة السعودية" الذي يروج له المسؤولون والإعلام في البلاد.
وتساءل المحامي والمستشار الشرعي عبد الله آل معيوف: "كيف نتحدث عن تمكين المرأة وهي لا تتمتع بحقوقها البديهية والأصيلة مثل الزواج والطلاق والسكن؟ منذ متى والجهاز التنفيذي مسلط على رقاب الناس؟ أي قانون هذا؟ ثمة أولياء يستقوون على الفتيات ببعض الأجهزة مثل الشرطة".
آل معيوف: كل ما يطالبن به هؤلاء الفتيات هي حقوق بديهية#معالي_المواطن#قضايا_التغيب_في_معالي_المواطن#MBC1 pic.twitter.com/eKTaFZfIbJ
— معالي المواطن (@Ma3alialMowaten) January 15, 2020
ومنذ بث الحلقة، دشنت سعوديات عدداً من الوسوم المعبرة عن مطالب المرأة السعودية أو عن العوامل الأساسية لنيل التمكين مثل #تجنيس_أبناء_السعوديات و #لا_لقضايا_العضل_التغيب_
المستشار الشرعي السعودي عبد الله آل معيوف: "كيف نتحدث عن تمكين المرأة السعودية فيما حقوقها الأولية والأصيلة في الزواج والاستقلال بالسكن والعمل لم تحصل عليها؟"
وطرحن عبرها مطالبهن المتمثلة في "إلغاء تهمة التغيب، وإغلاق دور الرعاية، وإلغاء قضايا العضل وتزويج المرأة نفسها، وتجريم العنف ومعاقبة المعنف، وتجنيس أبناء المرأة السعودية، والاعتراف الكامل بأهلية المرأة والمساواة بين الجنسين في الحقوق".
واعتبرن أن قضايا مثل التغيب والعقوق"تهم كيدية طالما أفقدت السعوديات حرياتهن وأهليتهن"، لافتات إلى أنها "أكبر عائق للمرأة السعودية".
وبلغ الأمر ببعضهن أن رأين في "تمكين المرأة السعودية أكبر كذبة"، مشيرات إلى أن استمرار هذه القضايا يعني "تعطيل لا تمكين" السعوديات.
وأضفن: "ما نبي تمكين على الورق والإعلام بس، نبي حقيقي تمكين ملموس في الواقع. وأول شي ليتحقق إسقاط بلاغات التغيّب والعقوق وإخراج نزيلات دور الرعاية وتقديم الدعم المادي والمعنوي لهم وتعويضهم".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...