شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
هل الأردن حقاً

هل الأردن حقاً "جحيم"؟ ماذا فعلت تظاهرات لبنان ببعض العرب؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 23 أكتوبر 201905:27 م
Read in English:

With An Eye On Lebanon, Is Jordan Really A Hell Hole?

"ولا أهضم".

هكذا وصف بعض اللبنانيون شاب أردنيّ لم يرَ في مظاهرات لبنان المُقامة منذ 17 تشرين الأول/أكتوبر، سوى "البَسْطْ"... الكثير منه.

ففي فيديو انتشر عبر فضاء الإنترنت بشكلٍ واسع، قال بشيء من السطحية متناسياً ما يمرّ به الشعب اللبناني ليثور بعيداً من نزاعاته السياسية والطائفية مطالباً بإسقاط النظام: "يا أخوان متى بتزعلوا أنتو؟"، لافتاً إلى أن هذه الانتفاضة تتضمن "كل أنواع الانبساط: DJ، دبكة، رقص، سبّ، ضحك، مزح، ونكت".

وأضاف: "سينتحر الشعب الأردني إن عاش هذه الثورة لثلاثة أيام، لأنه يكون بذلك قد حقق كل أمنياته… سأنتحر إن كنت في مكانكم لأنكم حققتوا مطالبكم، ومطالبنا أيضاً"، واصفاً الثورة اللبنانية بـ"الأنظف" من مهرجانات الأردن.

واعتبر الشاب الأردني أنه لله حكمة في أن يعاني الشعب اللبناني مادياً لأنه "مبسوط بدون مصاري كيف لو معه؟"، على حد تعبيره، متمنياً أن تطول الثورة اللبنانية.


"إلي خاطر أقدّم استقالتي"

في السياق ذاته، أعرب شاب أردني عن رغبته في التقدم بالاستقالة من عمله، لمشاركة المتظاهرين في لبنان، موجهاً رسالة لرئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري: "كيف بتحط ضرائب عليهم هدول؟ والله حرام".

وأضاف أنه كان "سيوزّع الأموال على الشعب" إن كان في محل الحريري لأن "المظاهرات أحلى من الأعراس في الأردن"، على حد تعبيره.


"يخرب بيتهم"

وفي تسجيل صوتي انتشر على مواقع التواصل، قال رجل أردنيّ يتابع الثورة اللبنانية: "يخرب بيتهم، رقص وأغاني وطبل وتزمير وتعبيط وأحضان وهاد بيتجوّز هاي وهاد بصاحب هاي، وبرفعوا المذيعة وبنزلوا المذيعة"، مؤكداً أنه كان سيُشارك حتماً في المظاهرات إن كان في زيارة إلى لبنان في هذا التوقيت.

واعتبر أيضاً أن على الحكومة اللبنانية "دفع أموال من جيبتها" إلى الشعب بدلاً من فرض ضرائب عليه، مكرراً: "يخرب بيتهم ما أحلى مظاهراتهم".


نكات

وانتشرت بعض النكت التي تتمحور حول السياق ذاته من بينها: "أردني في لبنان أهله طلبوا منه يرجع بسبب الاحتجاجات، رفض وقال الاحتجاجات عندهم أحسن من مهرجان جرش"، و"أردني عم يتفرج على مظاهرات لبنان ع التليفزيون، دخلت مرتو غيّرت المحطة على حرب اليمن".

عدا رؤية هذا الجانب فقط من الثورة اللبنانية وتجاهل مشاهد أخرى كاحتجاج مريضة سرطان، ودمعة جندي، وبكاء مسنّ، وتجاهل التحديات الاقتصادية والمعاناة التي تمرّ بها المرأة اللبنانية بشكل خاص، لا بد من طرح سؤال هام: هل الأردن حقاً "جحيم" مثلما صوّره البعض؟

هل الأردن حقاً جحيم؟

"الفرق بيننا وبين الشعب اللبناني أنه متصالح مع نفسه ومتعايش مع التقدّم الحضاري. أما هنا، فالغالبية العظمى منافقون، يتمسكون بعادات وتقاليد وقيم دينية ظاهراً ويتبرؤون منها باطناً"... هذا ما قالته الشابة الأردنية شروق مكحل في حوار مع رصيف22 لافتةً إلى أن الأردن لم يكن بعمره "جحيماً".

واعتبرت في حديثها تعليقاً على الفيديوهات المنتشرة وإعجاب بعض الشباب بمظاهرات لبنان: "إن لبست الفتاة الأردنية الثوب الأردني التقليدي ورقصت فيه أثناء مظاهرة ما، سيُقال إنها قليلة احترام وشرف، أما الفتاة اللبنانية، فيُقال إنها تعبّر عن رأيها بطريقتها الخاصة والمفرحة مهما كان لبسها".

"يخرب بيتهم، رقص وأغاني وطبل وتزمير وتعبيط وأحضان وهاد بيتجوّز هاي وهاد بصاحب هاي، وبرفعوا المذيعة وبنزلوا المذيعة"... هل الأردن حقاً "جحيم"؟ ماذا فعلت مظاهرات لبنان بالبعض؟
"الفرق بيننا وبين الشعب اللبناني أنه متصالح مع نفسه ومتعايش مع التقدّم الحضاري. أما هنا، فالغالبية العظمى منافقون، يتمسكون بعادات وتقاليد وقيم دينية ظاهراً ويتبرؤون منها باطناً"... ماذا فعلت تظاهرات لبنان بالبعض في الأردن؟

ورأت أن ما قاله البعض ما هو إلا نتيجة "نفاق اجتماعي"، مشيرةً إلى أن تعليقات بعض فئات الشعب الأردني أوضحت الفروقات بين الشعبين، "فاللبناني لا ينافق ولا يحكم على المرأة من مظهرها"، على حد تعبيرها.

وتابعت: "حتى على سبيل النكتة هناك فروقات، إن قالت فتاة أردنية نكتة 18+، تأتي التعليقات: مجربة؟ خبرة؟، بينما لن تواجه الفتاة اللبنانية الحكم ذاته".

وتمنت مكحّل أن يتخلّص الشعب الأردني من النفاق ليستعيد الصفات التي سُلبت منه تحت مسمى "عادات وتقاليد ومجتمع محافظ".

"مسلسل جنّ خير مثال"

من جهة أخرى، تقول شابة أردنية تدعى علا أبو علي إن المشكلة لا تكمن في الأردن كبلد، بل بشعبها منذ زمن، لا مع اندلاع الثورة اللبنانية فقط.

وأشارت في حديثها مع رصيف22 إلى أن فئات كثيرة من الشعب الأردني (التي تعتبر نفسها محافظة) لطالما نظرت إلى لبنان واللبنانيين على أنهم أكثر حرية ولكن هناك أردنيون يتمتعون بنفس مقدار الحرية داخل البلد، موضحةً أن "من خرج بهذه الفيديوهات هم الذين يحبون رؤية مظاهر انتفاضة لبنان ولكن ليس في بلدهم".

وتساءلت أبو علي عن التناقض ما بين رغبة البعض في تطبيق هذا "الانفتاح" في الأردن وبين احتجاج البعض في حزيران/يونيو الماضي على مسلسل "جن" الأردني الذي بات المسلسل الأشهر عربياً على شبكة نتفليكس بعدما ضجّ الشعب الأردني واصفاً إياه بـ"الإباحي" بسبب بعض المشاهد "المنافية للعادات الأردنية"، بما في ذلك مشاهد التقبيل وشرب الكحول وتعاطي المخدرات واستخدام الكلمات البذيئة، التي تُحكى في الشارع الأردني، ولكن يُرفض تقديمها في عمل فنّي عربي عالمي لأنها "لا تمثل الشعب الأردني".

هل التأييد يعني الانتقاص مما لدينا؟

وكان للصحافية الأردنية عبير أبو طوق وجهة نظر أخرى، قائلةً في حديث مع رصيف22: "لديّ وجهة نظري الخاصة تجاه التعليقات المبطنة سواء الفكاهية أو السياسية، مع الاحتفاظ بحق الجميع في ابداء الرأي بحيث لا يُجرح ولا ينتقص ولا يهزأ من أي شخص على وجه الأرض ومطالبه المشروعة في نيل حقوقه والدفاع عنها، ولكن هل تأييد أي فعل عربي أو ربما عالمي يعني بالضرورة الانتقاص مما لدينا نحن في الأردن؟".

ولفتت إلى أنها لا تطرح هذا السؤال لتقول إن الوضع "100%" في الأردن، ولكن "الوضع محلياً لا يعني أن ننكر كل ما وصلنا له ولا نزال نطمح لنحقق المزيد، لدينا بطالة، نعم... لدينا محسوبيات، نعم... لدينا ولدينا ولدينا ولكن بالمقابل، علينا أن نكون منصفين ولا نجلد ذواتنا أكثر مما تتحمل"، على حد تعبيرها.

وتمنت أبو طوق أن "نكون منصفين بحق أنفسنا وبحق بلدنا وبحق منجزاتنا وأحلامنا وآمالنا وتطلعاتنا التي نسعى يوميا لتحقيقها"، مشيرةً إلى أن هناك صور ومشاهد ايجابية كثيرة لما يحدث في لبنان والعراق وتونس وغيرهم من الدول، تستحق فعلاً تسليط الضوء عليها أكثر من المشاهد العابرة التي تنتشر انتشار النار في الهشيم في كل لحظة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وشاشات التلفزة والصحف الورقية.

وأنهت حديثها بالقول: "لبنان يستحق الأفضل؛ له مكانة كبيرة في قلوبنا، لبنان الكرامة والشعب العنيد".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image