شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
طرزان العصر الحديث... أن تُحضر حيوانات الغابة المفترسة إلى منزلك

طرزان العصر الحديث... أن تُحضر حيوانات الغابة المفترسة إلى منزلك

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

السبت 27 مايو 201710:38 م
هل تذكرون قصة "طرزان"، ذلك الرضيع الذي أتى به القدر إلى الساحل الإفريقي، ليجد نفسه وحيداً بين عددٍ كبير من الحيوانات المفترسة؟ يكبر الرضيع وسط الأسود والنمور والقردة، دون أن يتعرض لأذى كبير، وكأنه تحول من إنسان إلى مفترس مثلهم. رغم أنها قصة خيالية من تأليف الأمريكي إدغار رايس بوروس، شاهدناها في أكثر من عمل فني، إلا أنها لا تبتعد كثيراً عن الواقع الذي يعيشه البعض. فكثيرين لديهم شغف بالحياة وسط النمور والأسود والفهود والثعابين والتماسيح، وأنواع أخرى من الحيوانات والزواحف المفترسة، ويحيطون أنفسهم بها، ليس في الغابة ولكن في منازلهم. تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي صور ومقاطع فيديو لأفراد مع حيوانات مفترسة تعيش معهم في منازلهم، لا يفصل بينهم شيء. لكن هل تسمح قوانين البلدان العربية يذلك؟

جاذبية شخصية الكوبرا

قرر مروان الشهير بـ"مروان كوبرا" أن يستكمل الطريق الذي بدأه جده قبل سنوات طويلة برعاية وتربية أقوى الثعابين السامة في المنزل.
جلس أمام جده وهو طفل ليتعلم منه كيفية الإمساك بجسم الثعبان وفتح فمه والتعامل مع سمه القاتل. قال مروان البالغ من العمر 21 عاماً خلال لقاء رصيف22 في القاهرة إنه دخل عالم الحيوانات والزواحف المفترسة قبل نحو 10 أعوام.  رأى جده وهو يتعامل مع الثعابين دون خوف، ليرى جانباً مختلفاً من هذه الكائنات الخطيرة. قال إنه يعتبر تربيتها فناً مثل أي فن آخر. قرر مروان أن يحول غرفته الصغيرة بمنزل الأسرة إلى متحف لمعظم أنواع الثعابين، والكوبرا هي التي أصبحت مع الأيام الأقرب إلى قلبه بعد أن لاحظ قوة شخصيتها وجاذبيتها التي تميزها عن باقي الأنواع.  أصبح مع مرور الوقت نجماً في عالم الاستعراض بالثعابين السامة، من خلال تقديم حفلات في بعض فنادق مدينة شرم الشيخ. جنى كثيراً من الأموال، وأسس فرقة فنية صغيرة قدم من خلالها كثيراً من العروض قبل أن يحلّها، ويذهب لبيع الثعابين والصقور والنسور والخفافيش، والأسود والنمور أحياناً في سوق الجمعة.
مثل "طرزان" الذي يعيش بين الحيوانات المفترسة، هناك من يعيش بينها اليوم لا في الغابة بل في المنزل
حظرت دبي بيع وشراء الأسود والنمور والتماسيح للحفاظ على الحدود الحيوانات المتوحشة والبشر

تجارة الحيوانات المفترسة عالم خفي

أثير الحديث في سبتمبر الماضي حول انتشار مزارع تربية الحيوانات المفترسة بمصر عقب الكشف عن مقتل طفلة افترسها نمر هارب من مزرعة بمنطقة العياط في الجيزة. وهو ما دفع الأهالي لمطاردة النمر وإطلاق النار عليه حتى لا يقضي على أرواحٍ أخرى. وأوضحت التحقيقات الأمنية امتلاك صاحب المزرعة لعددٍ كبير من الحيوانات المفترسة من ضمنها النمر الفار، حسبما جاء بصحيفة الأهرام. وقد شهدت السعودية حادثة مشابهة قبل ذلك بنحو 6 أشهر، راح ضحيتها رجل كويتي، توفي متأثراً بعضة قاتلة من لبؤته التي كان يمتلكها، بحسب صحيفة البيان الإماراتية. حاول صديقه إنقاذه من بين أنياب اللبؤة بإطلاق النار عليها، لكن دون جدوى، فقدت قضت اللبؤة على حياة صديقه بقضمة واحدة.

الاتفاقيات الدولية تمنع اقتناء الحيوانات المفترسة

3434 يقول المحامي المصري محمد عيسى إن مصر وقعت مع غيرها من الدول في سبعينيات القرن الماضي على اتفاقية "السايتس" التي من شأنها حماية الحيوانات البريّة المُهددة بالانقراض، وحظر التجارة في أنواع عديدة من الحيوانات المدرجة بالاتفاقية. وقد اهتم البرلمان المصري عقب مقتل طفلة التسع سنوات، بمناقشة تجارة الحيوانات المفترسة، حيث تطرق عدد من الأعضاء إلى ضرورة تشديد تجريم امتلاك حيوانات غير مُصرح بامتلاكها. يرفض مروان، الذي يبيع الحيوانات المفترسة في سوق الجمعة، الإفصاح عن المصدر الذي يجلب منه الحيوانات المتوحشة، ويقول إنه عالم خفي مليء بالأسرار. فالموردون لا يكشفون عن هويتهم للأشخاص العاديين، وقد أصبح من السهل إحضار شبل الأسد في دقائق معدودة، وبالمواصفات التي يحددها الزبون. لكن الحصول على هذه الحيوانات يحتاج تراخيص خاصة لما يمثل وجودها من خطر على السكان في محيطها. .
مثل "طرزان" الذي يعيش بين الحيوانات المفترسة، هناك من يعيش بينها اليوم لا في الغابة بل في المنزل
حظرت دبي بيع وشراء الأسود والنمور والتماسيح للحفاظ على الحدود الحيوانات المتوحشة والبشر

الإمارات تدعم اتفاقية السايتس منذ عام 2002

منذ سنوات عديدة بدأت دولة الإمارات العربية في وضع ضوابط وقواعد بشأن تربية الحيوانات واقتنائها، وخاصة الحيوانات البريّة المُعرّضة للانقراض جراء التعاملات الخاطئة. وحسب البوابة الحكومية لمدينة أبو ظبي الإماراتية، في عام 2014 أصدرت هيئة البيئة كتيباً عن "سايتس"، لشرح وتبسيط الاتفاقية لزيادة الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة الطبيعية للحيوان، ولتجنب سلبيات الاقتناء والتجارة. تضمنت الاتفاقية الأسود والنمور العربية والآسيوية والفهود والتماسيح النيلية التي تعتبر الأضخم والأشهر، وكذلك الثعابين من أنواع الأصلة الكروية التي تنتشر التجارة فيها. وقد اتخذت دبي مؤخراً خطوة جديدة نحو الحفاظ على الحدود الفاصلة بين بيئة الحيوانات المتوحشة وبيئة البشر، وصدر قرار يحظر البيع والشراء في الأسود والنمور والضباع والتماسيح، وكذلك بعض الأنواع الأخرى من الحيوانات التي تشكل خطراً على حياة الأشخاص"، حسب ما جاء بصحيفة الإمارات اليوم. ويأتي القرار تنفياً للقانون الاتحادي رقم 22 لعام 2016، والمختص بتنظيم امتلاك الحيوانات البرية. وكان البرلمان الإماراتي قد ناقش في مايو من عام 2016، مواد مشروع قانون تنظيم حيازة الحيوانات الخطرة. وبحسب القانون الإماراتي فإن أي شخص يخالف تعليمات اتفاقية السايتس عن طريق الاتجار بالحيوانات المدرجة بها أو حيازتها، يُعاقب بالحبس ستة أشهر أو أقل، مع تسديد غرامة قد تصل إلى 50 ألف درهم (13.6 ألف دولار أمريكي).

الحيوان الذي يحمل تراخيصه أغلى ثمناً من مثيله المجهول

أطلعنا مروان كوبرا على بعض أسعار الحيوانات، وقال إن سعر الحيوان الذي لا يحمل أي أوراق أو تراخيص أرخص بكثير من مثيله الذي يمتلك تراخيصاً تحمي صاحبه من المطاردة الأمنية. يبلغ سعر الشبل الغير مرخص تفي مصر من 30 ألف جنيه (حوالي 8000 دولار)، أما الشبل المرخص فقد يتعدى ثمنه الـ70 ألف جنيه مصري (حوالي 19 ألف دولار). فيما يتخطى سعر الفهد الـ30 ألف (حوالي 8000 دولار)، وقد يتخطى الـ50 ألفاً (حوالي 13 ألف دولار) إذا كان يمتلك أوراقه ومعروف مصدره. وبالنسبة للذئب فليس هناك سعراً محدداً قد لا يتعدى الخمسة آلاف جنيهاً، لكنه السعر يختلف إذا كان يمتلك تراخيصه وهوية.

هذه الحيوانات يعشقها بعض العرب

"لا يوجد مصدر مُحدد لأنواع الحيوانات"، يقول مروان. لكنه أكد أن جنوب مصر مصدر رئيسي للتماسيح النيلية خاصة المباعة في مصر وبعض الدول العربية، وبالنسبة للأسد فأفريقيا مصدر رئيسي، كما تعتبر مصر مصدر مهم للنسور. يقول مروان أنه لاحظ من خلال خبرته القصيرة في مجال التجارة بالحيوانات أن العمانيون يعشقون شراء واقتناء الصقور، فيما يحب الكويتيين شراء الديب والثعلب، وأشهر أنواع الثعابين، والتمساح النيلي.  أما السعوديين، فبحسب مروان يحبون شراء النمور والأسود سواء الإفريقية أو الآسيوية. وفي الإمارات فيفضلون اقتناء الفهود، بجانب تربية الثعابين.

"غزل" بغداد أشهر وأقدم أسواق الحيوانات 

تنتشر أسواق التجارة في كافة أنواع الحيوانات، فمصر يوجد بها أكثر من ثلاثة أسواق كبيرة، لكن العراق تمتلك السوق الأشهر والأقدم، حيث يعود تاريخه للعصر العباسي. وقد تحول مع الزمن من أشهر أسواق الغزل، إلى سوق لعرض وبيع كافة أشكال الطيور الأليفة وصولاً إلى المفترسة والحيوانات والزواحف المتوحشة.

الحكومة الكويتية تطارد أصحاب الأسود

من خلال الحديث مع أحد الكويتيين المهتمين بتجارة الحيوانات المفترسة والنادرة، رفض ذكر اسمه، قال إن أسعارها تختلف بحسب دولة المصدر. وأخبرنا بأن الشيتا عليها طلب كبير في الكويت، لأنها تعتبر من الحيوانات الدفاعية وليست الهجومية، لذلك يسهل تربيتها بالمنزل مثل الكلاب. كما أوضح أن تجارة الحيوانات المفترسة بالكويت تكون خارج القانون، ولا يوجد تراخيص لها، ورغم انتشار صفحات التجارة بها على تويتر وإنستجرام، إلا أنها تعتبر تجارة خفية وتذهب بصاحبها إلى السجن أحياناً. تحدث المصدر أيضاً عن وضع الأسود في الكويت، مؤكدًا أن الحكومة تسعى بشكلٍ دائم للتحفظ على أي أسد ووضعه في الحدائق الوطنية، لدرجة أنه البيوت الكويتية أصبحت خالية من الأسود الكبيرة. وهناك من سلموا حيواناتهم بأنفسهم إلى الحكومة خشية التعرض للمساءلة القانونية.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image