امتلأ موقف سيارات البناء الذي تسكن فيه آلاء حسين (26 عاماً، موظفة حكوميّة) بصوت مواء لا يتوقف. اتجهت حسين إلى مصدر الصوت لتجد مجموعة قطط مشردة. قررت مع جاراتها إخصاء القطط في مركز مختص، وإطعامها كلّ يوم. ولكن بعد مدّة قصيرة، طلبت منهن إدارة المبنى عدم إطعام القطط، بعدما قرّرت الاستعانة بشركة لمكافحة الآفات للتخلص منها. وبدأت الشركة بوضع أقفاص تحتوي على سُمّ في موقف السيارات، لاصطياد الهررة.
هربت القطط كلها إلا واحدة، اتجهت نحو يد آلاء حين اقتربت منها، غير مبالية بالطعام الذي أحضرته لها. كانت تبحث عمن يحتضنها، فقررت آلاء أن تتبناها. أخذتها إلى العيادة البيطرية لإجراء فحوص وقائية وأسمتها "توتة" لتصبح رفيقتها في المنزل.
[caption id="attachment_68303" align="alignnone" width="1024"] قطتان في Modern Vert Clinic[/caption]
أصبح اقتناء الحيوانات الأليفة اليوم سهلاً. تكفي زيارة أحد محالّ بيعها، المنتشرة في الإمارات، أو إحدى الصفحات المختصّة بذلك على مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وإنسغرام. كما توجد ملاجىء وعيادات تعرض تلك الحيوانات للتبني وليش الشراء، كالقطة "توتة". فهل هناك فرق بين التبني وشراء الحيوانات؟
مصانع تجبر الحيوانات على التكاثر
لاحظت الطبيبة البيطرية ريناتا ماجكا في "العيادة البيطرية الحديثة في دبي"، أنّ الكثير من الحيوانات المشتراة حديثاً، مريضة. ويأتي أصحابها لمعالجتها من أمراض عدة، كالتهاب السعفة أو اللثة، لأن مناعتها الضعيفة تسبب المزيد من الأمراض في المستقبل. وتقول: "معظم الكلاب التي يشتريها الناس من محالّ الحيوانات، تمنح اللقاحات في سن صغيرة جداً، وبالتالي تكون معرضة للأمراض والالتهابات بصورة أكبر". ويرى الطبيب البيطري إمانويل مانوس أن محالّ الحيوانات لا تخضع لأي رقابة، وتعامل الحيوانات كبضائع. لذلك لا يشجع على الشراء منها، ويقول: "ما لا يعرفه الناس عن هذه الحيوانات، هو أنّها تولد في مصانع كبيرة للتكاثر". تحاول تلك المصانع، بحسب الدكتور مانوس، إجبار إناث الحيوانات على إنجاب أكبر عدد من الحيوانات بطرق غير صحية، ما يؤدي إلى مرض الأم أو الإضرار بالنسل. [caption id="attachment_68196" align="alignnone" width="1024"] الطبيب البيطري الدكتور راؤول رويز[/caption] ويؤكد الطبيب البيطري راؤول رويز الذي يعمل في "العيادة البيطرية الحديثة في دبي"، أنَّ سوق الحيوانات يتسم بالظلم الشديد، وأنّ الشراء منه يزيد الطلب عليه، ما يدفع أصحاب المحالّ إلى زيادة محاولات إجبار الحيوانات على التكاثر. ويقول: "هناك العديد من القوانين التي يفترض أن تحمي الحيوانات، ولكن نادراً ما تطبّق".حين تنتقل المشكلة إلى الشارع
لا تقف المشكلة عند هذا الحد، بل تمتد لتشمل حيوانات الشارع أيضاً، إذ لا يمكن العودة لمحاسبة المحل بعد شراء تلك الحيوانات المريضة، لعدم وجود أي ضمان أو دليل على أن المتجر تسبّب بمرضها. وهذا ما يؤدي إلى تخلّص البعض من الحيوانات بطرق غير إنسانية ورميها خارج المنزل، فيزداد عدد الحيوانات الضالة، وتنتشر الأمراض والعدوى بين حيوانات أخرى في أرجاء المدينة. تجد الحيوانات الأليفة صعوبة كبيرة في التأقلم مع حياة الشارع بعد أن يتخلص أصحابها منها. فهي لا تعرف الدفاع عن نفسها بقوة أو البحث عن الطعام بشكل جيد. وتقول الطبيبة سوزان أيلوت مؤسِسة "منظمة الرفق بالحيوان في أبو ظبي" Animal Welfare Abu Dhabi، إنهم ينقذون عشرات الحيوانات الأليفة أسبوعياً من الشارع، ويعتنون بها إلى أن يجدوا متبرَّعاً يقبل أن يتبناها ويعتني بها. وأسست أيلوت المنظمة بالتعاون مع متطوعين من جنسيات وخلفيات مختلفة، من بينهم أطباء ومهندسون وأساتذة وطلاب، لنشر ثقافة رعاية الحيوانات بشكل صحيح.زرع شرائح تعريفية في الحيوانات المتبنية
تبنّي الحيوانات من الملاجىء يكون بسعر بسيط، يغطي كلفة الفحوص الطبية والإجراءات الوقائية فقط. أما ما تبقى من المال فتستخدمه معظم تلك العيادات لمساعدة حيوانات أخرى. تُجري العيادات والملاجىء فحصاً عاماً للحيوانات الضالة بعد العثور عليها، وتعالجها من أي مرض أو التهاب، ثم تعقّمها وتزرع شريحة تعريفية في كلّ واحد منها، للتعرف إلى هويتها في حال ضياعها. كما تخصي الحيوانات، ما يعتبره البعض غير أخلاقي، في حين يراه البعض الآخر مفيداً، لأنه يساعد في السيطرة على أعداد الحيوانات المتزايدة التي سرعان ما ينتهي بها المطاف في الشارع. كما يحسّن الإخصاء من سلوك الحيوانات المتمرّدة أو العنيفة، ويحافظ على استقرارها النفسي. وتخصي بلدية أبو ظبي قطط الشوارع كي لا تتكاثر. [caption id="attachment_68304" align="alignnone" width="1024"] قطة شاردة تخضع للعلاج بعدما تم العثور عليها[/caption]الخيار خيارك
إذا رغبت في تبني حيوان، هناك العديد من العيادات والمنظمات غير الربحية التي يمكن اللجوء إليها، كمنظمة أصدقاء القطط Feline Friends. لا شك أن لمحالّ بيع الحيوانات زبائنها الذين يفضلون اختيار رفيقهم الأليف من مجموعة كبيرة مخصصة للبيع. ولا شك أنّهم يجدون في ذلك متعة وراحة. ولا شك أيضاً أن بعض تلك المحالّ يراعي أصول التعامل مع الحيوانات. [caption id="attachment_68306" align="alignnone" width="1024"] قطة تنتظر من يتبناها[/caption] تقول خبيرة الموارد البشرية ربا مصلح إنّها اشترت كلبتها "سكر" منذ نحو ثلاث سنوات من أحد المحالّ المختصة في دبي. وكانت في صحة ممتازة، ولم تعانِ من أي أمراض خلال الفترة التي تلت شراءها. وأشارت إلى أنّها كانت في الأصل تفضل خيار التبني، لكنّها حاولت لفترة إيجاد كلب صغير الحجم ولم توفّق. كما أن شروط التبني كانت معقدة بحسب مصلح. "يطلبون أن تسكن في منزل له حديقة ومساحة خضراء، وأن تثبت أنك لن تترك الكلب بمفرده أكثر من أربع ساعات في اليوم". الأمر الذي يستحيل عليها توفيره، لأنها تقيم في شقة صغيرة بمفردها وتعمل موظفة لساعات طويلة. لكنها تحرص على تخصيص الوقت الكافي للعناية بـ"سكر" خلال فرصة الغداء، وفي المساء عند عودتها.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين