يمثّل الأدب بوصفه فناً إنسانياً الصوت الصارخ لضمير الشعوب، والتجلي الأسمى لنداءات الإنسان الباحث عن ذاته الطريدة. والشعر، تحديداً، باعتباره النوتة الموسيقية للكلمة، كثيراً ما يجد طريقه سالكاً إلى الذاكرة.
في الخليج، حيث الاحتفاء بالذاكرة المسموعة، وبالكلمة الرحّالة عبر الصحارى العريضة، الطوّافة حول ناطحات السحاب والمدن الاقتصادية، نجد الكلمة الشعرية الوليدة على طاولة إفطار خشبية لكافتيريا "النور"، أو تلك التي تردّدها القبيلة، أو تلك التي تتغندر على إيقاعها عروس في زفّتها.
الشّعر في الخليج صديق الجميع، ورسول الجميع أيضاً، لذا نرى كثيراً من الشعراء الشباب اليوم وقد وضعوا رحال قصائدهم في تغريدات موجّهة أو ثوانٍ مسجّلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بعيداً عن الصورة النمطية لمسابقات الشعر العامي التفلزيونية، ولأمسيات الشعر وجدلياتها.
يصافح هؤلاء الشعراء عالماً أوسع، متخطّين حدود القبيلة، دون أن يفقدوا صدى الربابة في صدورهم، في رحلة جديدة للخلاص، للصوت، للبحث، ولتكوين عملية تفاعل حديثة، تؤثر على شكل القصيدة/النصّ، وعلى ذاكرتهم المشتركة.
مجموعة من شعراء الخليج الشباب يضعون قصائدهم وتجاربهم مع الشعر العامّي في قالبه الجديد بين يدي قراء رصيف22.
[video width="360" height="640" mp4="https://raseef22.com/wp-content/uploads/2017/03/Shwemi-snapchat-1.mp4"][/video]من سنابشات الشاعر فهد بن شويمي
الخلاص من القافية
"واِنتَ صوتي... في خشوع البسملة أو في حنين الأسئلة أو في كلامي لّما اسمك ينْفلتْ وسْط الحَكي وأتأمّلهْ... اسمك... اللي لو يطيح من الحكي... قبل أوصل آخر حرف فيه أقوم له... وأكمّلَهْ ليه أنا اسمي هديل واسمك الأوّل محمد؟ ما يصير!" هديل الجهني لم تكن القصيدة العاميّة في الخليج بمنأى عن تطوّر شكل القصيدة عموماً، ورغم أن دخولها ملعب قصيدة النثر أو التفعيلة كان غنائياً ومتوازياً مع دخول القصيدة الفصيحة، إلا أن اختزال النشر في مواقع التواصل الاجتماعي ساهم في نقلها نحو الإيجاز البليغ بشكل واضح، لتتفوّق على نفسها مرّة أخرى بكثافتها الشعرية. "دايم بهذا الجَوّ ، فيني يمُرّ أكُثَركْ.. تعال.. أتذكّركْ" الشاعرة نوء الشاعر الذي اعتاد على أمسية متواصلة لساعتين، أمامه الآن عشر ثوانٍ. الأمر الذي تصفه الشّاعرة نوء لرصيف22 قائلةً: "تويتر خلق شعراً جديداً يسمونه "العبقرية"، وهي أن تجعلني أقول "الله!" من صورة شعرية كاملة تنحصر بـ140 حرفاً". "في البال… وحدك تصيرين: أغنية، وأفكاري: الكورال." سامي الجار الله في المقابل، يعتبر الشاعر سامي الجار الله أنها مجرّد حالة تماهي تتفق مع الطريقة الشعرية المختزلة التي يفضلها عادةً في قصائده، لكن "ضمور النشر الورقي" دعم هذه المساحة الإلكترونية وساعد في ازدهارها.مع انفتاح مجالات التواصل الاجتماعي توسعت جغرافيا القرّاء، ومعها توسعت لهجات الشعر الخليجي العامي
إيقاع النشر السريع للشعر المحكي على الإنترنت ولّد أشكالاً جديدة للإبداع والتنافسينحاز شكل القصيدة في وسائل التواصل الاجتماعي إلى التفعيلة النثرية أو العمودية في حدود أبيات قليلة. وقد دفع الإيقاع السريع في النشر عدداً من الشعراء الشباب إلى ممارسة "المساجلة الشعرية" ذات الطابع التنافسي، والذي يستعرض فيه كل شاعر سرعة بديهته وبلاغته في الرد (منشن Mention) على شاعر آخر، في نقل حي وشجاع للمساجلات التي تحدث عادة في المجالس الشعبية أو الاحتفالات إلى ساحة إلكترونية مفتوحة. "معتّق الحزْن دمعه نخْب فاخر، يسلب ألباب والليل حفلة حنين، ضيوفها فقْر وْأماني أرتّب الحاضرين الغايبين بْعاد واقراب وأبعثر الذاكرة : صور / حكايات / وْأغاني" وديع الأحمدي
تحرير المفردة/ اللهجة
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومينتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه