شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
تعرّفوا على المناعة النفسيّة التي تحميكم من الكآبة وأخواتها

تعرّفوا على المناعة النفسيّة التي تحميكم من الكآبة وأخواتها

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 29 يونيو 201709:10 م
"لا تقلق. يومان ويزول المرض"، جملة يرددها الطبيب في كل مرّة تمرض فيها. فجهاز المناعة الجسدي يعمل 24 ساعة، يتفاعل جسم الإنسان بتجنيد كل الأعضاء لمحاربة الأمراض والفيروسات، التي تحاول اختراقه، لنرى أعراضاً كارتفاع الحرارة، والنزل الرشحي المستمر، والتعب البدني. أعراض يستخدمها جهاز المناعة لإحراج المرض ثم إخراجه. هذا بالنسبة إلى الأعراض الجسدية السلبيّة. أما بالنسبة إلى الحالات النفسية، فما الذي يحميكم من شدّة الأحاسيس؟ هل تساءلت يوماً ما الذي يخرجك من حزنك الشديد لفقدان شخص عزيز؟ أو من شدّة الألم بعد انتهاء علاقة، استثمرت فيها كثيراً؟ أو تلقيك الرفض بوظيفة طالما سعيت إليها؟ ضغوط نفسية تعيش بها ومعها، لكن رغم قساوتها، وظنك أحياناً أن حياتك انتهت هنا والآن، إلّا أنك تنتصر عليها! كيف؟ ببساطة، هو جهاز في داخلك لكنك تجهله، سلاح سرّي يحميك من كل شيء، وينقذك من كل سوء. جهاز، إن أدركت قوّته، حققت سعادتك بشكلٍ مستمر. كيف يعمل ذلك الجهاز الذي يلقب بجهاز المناعة النفسية؟ وهل من سبيل لاختبار قوته؟

المناعة النفسية وهم أم حقيقة؟

سأل سابقاً الأستاذ في جامعة هارفرد دانييل جلبيرت تلاميذه: "ماذا ستشعرون لو تم رفضكم خلال مقابلة عمل؟"، جاء سؤاله ضمن مجموعة دراسات أجراها مع مجموعة من الباحثين، أرادوا من خلالها اختبار القوة النفسية الذاتية التي يجهلها الفرد، والمسؤولة عن إعادة إحياء روح الإيجابية لديه، بعد كل حدث أليم يصيبه. اكتشف الباحثون أن إجابات المشتركين تفاوتت في التعبير عن المشاعر، بين من سيشعر بالحزن البسيط، ومن سينهكه الرفض، ومن سيعيش حالة اكتئاب. الكل أجمع أن الألم سيكون كبيراً، وتخطيه صعباً، ولم يدرك أحد أن للإنسان مناعة تحصّنه ضدّ الأحداث السلبية. استنتج الباحثون أن غالبية البشر يبالغون في تقدير المدّة التي سيدوم حزنهم خلالها، وأن الذاكرة المرتبطة بالأحداث الإيجابية تضعف لديهم، ما يجعلهم أسرى حزن يظنون أنه لن ينتهي. في الواقع، إن الأبحاث التي أجريت عن المناعة النفسية كثيرة. بدأت عام 1998، وما زالت مستمرة حتى اليوم. ويركز علماء النفس على أهمية إدراك الإنسان لهذه القوة الموجودة في داخله، لأن مجرّد إدراكها سيحفزه للاهتمام بها، وتعزيزها. تماماً كما يفعل لتقوية المناعة الجسدية لديه من خلال تناول الغذاء السليم، والمكملات الغذائية، وممارسة الرياضة، لتقوية جهاز المناعة. أثار الأمر اهتمام الباحثين النفسيين، لإرشاد الناس حول أهمية الوثوق بالمناعة النفسية وتعزيزها، للسبب نفسه، الوقاية من الأمراض النفسية، كالكآبة المرضية والقلق، وأعراض أخرى يشعر خلالها المريض أنه دخل نفقاً مظلماً لن يخرج منه.

هل للمناعة النفسية تأثير على المناعة الجسدية؟

ذهب الباحثون النفسيون بعيداً في أبحاثهم، فربطوا بين المناعة النفسية والمناعة الجسدية، اللتين تؤثران مباشرة إحداهما في الأخرى. وحاولت دراسات عدة إثبات هذه الحقيقة. خصوصاً المتعلقة بأنواع شخصيات وطباع الأشخاص المعرضين للإصابة بأمراض القلب، وصنفوهم في خانة ما يسمى Personality type A، وهي الشخصيات التي تتميّز بالعصبية الزائدة، الناتجة عن عدم القدرة على تقبل أخطاء الآخرين، وعلى عدم التكيّف مع المتغيّرات المفاجئة، ما يسبب ارتفاع معدّل الضغط النفسي والجسدي، الذي يؤثر مباشرة على انتظام ضغط الدم ودقات القلب. أما في شأن مرضى السرطان، فقد أشارت الدراسات أن شخصيتهم، التي تعتبر Personality type C، تتميّز بكبت المشاعر، خصوصاً السلبية، وعدم التعبير عنها، ما يُضعف جهاز المناعة الذي أصبح معرضاً لاستقبال الفيروسات لأنه سهل الاختراق. علماً أن تجاهل المناعة النفسية يجعل الإنسان ضعيفاً في مواجهة أي طارىء سلبي على حياته. ومن المهم بالتالي، أن نسأل أنفسنا ما مدى قوة جهاز المناعة النفسية لدينا. لذلك اخترنا 7 أسئلة يمكن أن تضيء لكم الطريق، وصولاً إلى إنشاء علاقة صداقة بينكم وبين هذه القوة التي في داخلكم.

1- هل تحترمون شعوركم؟

خيبة كبيرة مررتم بها جراء خسارة ما، لم تستطيعوا التأقلم مع نتائجها، فلجأتم إلى الكحول أو المخدرات أو علاقة مدمّرة لتمرير الوقت؟ أو ربما كان خياركم الهروب من الوجع باللجوء إلى التنجيم، لتسمعوا أن غدكم سيكون أفضل؟ تعتقدون بذلك أنكم ستنسون؟ إن كنتم تفعلون ذلك، فأنتم لا تحترمون شعوركم. فكبت الشعور أو إنكاره لن يفيدكم. لأنه سرعان ما سيظهر من خلال زيادة في وزنكم، أو قلة النوم، أو مشاكل في التركيز، أو كآبة مستمرة. قدّروا حزنكم وثقوا بأن مناعتكم النفسية قادرة على التخفيف منه إن قمتم باستخدامها.

2- هل تعرفون مصدر حزنكم الحقيقي؟

تعرضتم لرفضٍ عاطفي أو عملي؟ رفض أشعركم أنكم غير أهل للحصول على ما تريدون، كأنكم كائنات لا تستحق الفرح؟ لا شك أنكم تعرضتم لمثل ذلك الموقف، وردّة فعلكم عليه ستكون مباشرة باتجاه الشخص الذي تسبب لكم بهذا الشعور، فتلقون اللوم عليه. لكن، اسألوا أنفسكم أولاً: هل الآخر مسؤول عن حزنكم، أو نظرتكم إلى ذاتكم في الأساس هي السبب؟ الأشخاص الذين يرون أنفسهم فاشلين مهما فعلوا فلن يكون الحظ حليفهم، سيذهبون إلى الخيبة بملء إرادتهم، من دون أن يدروا، من خلال اختيارات عاطفية خاطئة، أو تجارب عملية منقوصة. توقفوا عن لوم الآخرين، وابحثوا في داخلكم عن المصدر، فتزول الحاجة لتكرار الخيبات الآتية بأوجه مختلفة، وبالتالي تكون مناعتكم النفسية أقوى.

3- هل تحلّلون أنفسكم كثيراً؟

هل أنتم ممن يكثرون التفكير في الأمور التي يواجهونها؟ هل سبق أن قلتم "سأعالج نفسي" في كل مرة وقعتم في مشكلة؟ حين تكونون جاهلين لأصل المشكلة، تصبح أفكاركم مبعثرة غير مترابطة، والأسوأ أنكم كلما فكرتم أكثر، زادت أفكاركم تعقيداً، وبالتالي أصبح إيجاد حل لمشكلتكم أصعب. لتقوية مناعتكم النفسية، من المهم أن يكون ذهنكم صافياً بمعنى أن الحل لمشكلتكم يكون واضحاً غير محتاج لكل هذا الجهد. وإلا فمن المهم أن تبحثوا عن السبب بمساعدة اختصاصي نفسي.

4- تتفاجأون إن شعرتم بالفرح؟

يسود اعتقاد لدى الأشخاص عامة أن الفرحة لا يمكن أن تكتمل، وأن كل فرحة يوازيها حزن أو مشكلة. فحين يكون الشخص في قمة سعادته، يلجأ لا إرادياً لخلق مشكلة ما، أو تذكّر حدث مؤلم فيغرق في الدموع. إن كنتم من هؤلاء الأشخاص، فذلك يعني أنكم لا تثقون بمناعتكم النفسية. لكن لا بأس... اعلموا أن إدراككم لمدى قوتها سيجعلكم تجدون حلولاً مناسبة لكل أحزانكم ومشاكلكم، والأهم أن سيطرتكم على الأفكار السلبية ستكبر، حتى تصبحوا غير شاعرين بالذنب إذا شعرتم بالفرح.

5- تواجهون مشاكلكم بالانطوائية؟

هل تنعزلون في غرفتكم عندما تواجهكم المصاعب؟ تقولون لأنفسكم إن هذا السبيل الوحيد للتخفيف من الأضرار عليكم؟ لستم وحدكم. كثيرون تتوقف لديهم دورة الحياة، فيتوقف نشاطهم، ويلجؤون إلى الانطواء والاختباء لتمرير الأزمة. إليكم خبراً ساراً! لستم مضطرين للانسحاب. عودوا سريعاً إلى نشاطكم ودعوا مناعتكم النفسية تعمل. فهي ستحميكم مهما كانت ظروفكم صعبة.

6- هل تصغون إلى صوت الجسد؟

هل سبق أن شعرتم بالتعب الشديد جراء كثرة العمل أو بألم في البطن وتجاهلتموه؟ ربما اعتبرتم أنكم لا تريدون الاستسلام له فيغلبكم؟ في الواقع هو لن يغلبكم، بل يحاول أن يوصل لكم رسالة. يقول لكل منكم "ارحمني". فللجسد لغة خاصة، لأنه مرآة النفس وصوتها الصارخ. اصغوا إليه واهتموا به. لا تلوموا أنفسكم إن أمضيتم بضعة أيام في فراشكم جراء تعب أو مرض. لجسدكم ونفسيتكم حقوق، عليكم احترامها ليتمكنا من إنقاذكم عند الحاجة.

7- هل تخافون من الجديد؟

تأتيكم فرص كثيرة في الحياة؟ في نطاق مهنتكم ربما، أو حتى في نطاق التعارف، وإنشاء صداقات مع أشخاص مختلفين. أو ربما شعرتم بالانجذاب لشخص ما، لكنه من بيئة مختلفة فقررتم الابتعاد؟ تخيّلوا أنفسكم تقصدون النادي الرياضي، وتقومون بالتمارين نفسها يومياً. سيتوقف جسمكم عن الاستجابة بعد حين، لأنه ببساطة تعوّد النمط نفسه، وسرعان ما ستشعرون بالملل. الأمر نفسه ينطبق على نفسيتكم. تجرأوا وغذوها بما هو جديد، بأمر تخافونه أو تعتقدون أنكم لستم بالقوة الكافية لتأديته، ثقوا بمناعتكم النفسية، لتصبحوا قادرين على إنجاز كل ما ترغبون به من دون خوف. تذكروا. أنتم لستم ضعفاء. في داخلكم قوة ستحميكم وبها ستنتصرون.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image