تتكوّن شخصية الإنسان من مجموع أساليب تفكير وعادات وتصرفات، ومشاعر مرتبطة بها. ولطالما شغلت الشخصية البشرية وتكوّنها الفلاسفة وعلماء النفس، وكان أبرزهم أبقراط وأرسطو وسيغموند فرويد.
اعتبر بعض العلماء أنّ شخصية الإنسان ثابتة لا تتغيّر، فيما اعتبر البعض الآخر أنّها على الرغم من ثباتها خلال وقتٍ ومكانٍ معيّن، فقد تتغيّر بحضور بعض العوامل. فإلى ماذا توصّلت الدراسات الأخيرة في هذا الشأن؟
لفت باحثون من الجمعية الأمريكية لعلم النفس، إلى أنّ شخصية الفرد من الممكن أن تتغيّر مع مرور فترات طويلة من الوقت، إذ نصبح نتمتّع بقدر أكبر من المسؤولية مثلاً ونصبح أكثر استقراراً على الصعيد العاطفي.
تظهر هذه التغيّرات بعد مرور أعوام عدّة من الحالة الرئيسية، وتعتبر هذه التطوّرات في الشخصية، طبيعية ونوعاً من النضج.
واختار هؤلاء الباحثون الإجابة عن السؤال التالي: "هل يستطيع العلاج النفسي أن يغيّر شخصية الفرد في مدّة قصيرة؟". وركّزوا على الميزات الخمس في شخصية الفرد ألا وهي الانبساط والاستقرار العاطفي والانفتاح والوعي والقبول.
واستندت الدراسة إلى أكثر من 200 بحث جرت خلال مدد زمنية مختلفة كان متوسّطها 24 أسبوعاً، واستخدم المشاركون فيها عقاقير وعلاجات نفسية متنوعة.
وجاءت نتائج هذه الدراسة على الشكل التالي:
1- العلاج يمكن أن يغيّر الشخصية فعلاً
جاء معدل المتغيّرات في الشخصية من فئة بسيط إلى متوسّط، إي أنّ الأشخاص المقرّبين من المشارك في الدراسة يمكنهم أن يلاحظوها.
مثال: إن كان الشخص المشارك في الدراسة يستاء بسرعة من أي أمر مزعج بالنسبة إليه، أصبح بعد العلاج يتعامل بطريقة أفضل وبروية مع المؤثرات. وحصلت هذه التغيّرا لدى الأشخاص من الجنسين ومن جميع الفئات العمرية.
2- التغيّرات دامت على مرّ الوقت
تمّت مراجعة الكثير من الأشخاص الذين شاركوا في الدراسة بعد فترة من انتهاء فترتهم العلاجية، ولمدّة 6 أشهر، وتبيّن أنّ التغيّرات في الشخصية الناتجة عن العلاج، بقيت كما هي أو زادت بعد 6 أشهر من توقف العلاج، وحتى بعد سنة.
3- بعض الميزات كانت أكثر تجاوباً مع العلاج
كان الاستقرار العاطفي أكثر الميزات التي تجاوبت مع العلاج. وجاء الانبساط في المرتبة الثانية، أمّا الانفتاح فكان الأقل تجاوباً.
وأشار الباحثون إلى أنّ جميع الميزات يمكن أن تتغيّر إلا أنّ الهدف وراء العلاج يمكن أن يوثّر في النتائج المتعلقة بالميزات. مثال: إذا كان هدف العلاج التخلص من الاكتئاب، فإنّ الهدف الأول من العلاج يكون زيادة الاستقرار العاطفي.
4- الكثير من التداخلات أحدثت تغيّراً في الشخصية
على الرغم من أنّ العلاج السلوكي الذهني كان الأنجح والأكثر تأثيراً، فإنّ الأنواع الأخرى من العلاج كانت مفيدة أيضاً، وكان العلاج بالأدوية الأقلّ فعالية بين العلاجات كافة.
5- كميّة التغّير كانت مرتبطة بسبب العلاج
تغيّر الأشخاص الذين تلقّوا علاجاً للتخلص من القلق والاضطرابات المتعلقة بالشخصية بشكل لافت، إلا أنّ الأشخاص الذين تلقّوا علاجاً للتخلص من الاضطرابات المتعلقة بالطعام، أظهروا أقلّ نسبة تغيّر في الشخصية.
يمكن القول إذاً إنّ شخصيّة الإنسان تتغيّر فعلاً، ليس فقط مع عامل الوقت وعلى مرّ السنين، لا بل أيضاً عند الخضوع لعلاج نفسي. لا تفقدوا الأمل من الأشخاص الذين تحبونهم إذاً.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...