تملك المجتمعات عدداً من الموروثات الشعبية، وتنتشر الأمثال أكثر من غيرها من الألوان الأدبية، لبساطتها، ولأنها جزء من حياة الشعوب.
حين نتحدث عن الأمثال الشعبية في الإمارات العربية، يكون للموضوع زاوية مختلفة. يملك الشعب الإماراتي الكثير من الموروثات التراثية اللغوية، وانعكس ذلك على المفاهيم الحديثة لديه.
إن تقدم دولة الإمارات وزيادة الاستثمارات في شتى المجالات، عنصران لم يأتيا بمحض الصدفة. هذا ما تشير إليه الأمثال الشعبية التي كانت دائماً تحث على العمل والسعي وتشجيع التجارة وتقوية العلاقات. ورغم أن هذه القيم تجد مكاناً لها في الثقافة الشعبية لغالبية الدول العربية، إلا أنها تحظى بحضور كبير في الأمثال الشعبية الإماراتية.
النمو والتطور الاقتصادي
للأمثال الشعبية دور في النهوض الاقتصادي التي تمر بهِ الدولة، وقد أثرت في مجمل الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وهي متأصلة ومتجذرة في ثقافة الإماراتي. وتحمل مفاهيم اقتصادية وتنموية، وقيم الادخار والاستثمار، وتحث على التفكير في المستقبل، وتفضيل العمل على البطالة. من هذه الأمثال: "تراب العمل ولا زعفران البطالة" يوضح هذا المثل أهمية العمل وقيمته مهما كان نوعه. ويقال: "ازرع كل يوم تأكل كل يوم" هذا المثل لشد الهمم لكسب الرزق. وفي معنى التعاون والاتحاد، مثل يوضح مفاهيم تربّى عليها الشعب الإماراتي: "شعرة من هنا وشعرة من هنا يعملون ذقن" ولتشجيع الصناعة والتجارة والعمل، يقولون: "صاحب صنعة خير من صاحب قلعة" ولتوضيح أهمية العمل وإيجابياته: "هات اليوم صوف وخذ اليوم خروف" ويجسد هذا المثل الشعبي معنى الاتحاد: "الناس بالناس والكل بالله" ويقصد به أن الناس يحتاجون إلى التعاون في ما بينهم، فمصالحهم مشتركة، والإنسان قليل بنفسه كثير بإخوانه.أمثال العمل والتجارة
تؤرخ الأمثال الشعبية أيضاً ما يمر به الإماراتيون من تطور ونهضة واتحاد: "للبحر ناس لفيحة... يعرفون التوح من اليره" "موب كل من تاح سريحة... قال هذا خيط وبيّره" يشجع بعضهم بعضاً بهذا المثل على احتراف المهن، فلا يصبح كل من أتى بصنارة ورماها في البحر صياداً. ويقال أيضاً: "قط الخيط وعلى الله الصيد" وهو مثل للحث على العمل والسعي والتوكل على الله. نقل الإماراتيون الأفكار والنصائح التي جالت في حياتهم اليومية، واقتبسوا منها جل أفكارهم، فكانت مجالسهم وأعمالهم وتجارتهم ورحلاتهم، مصادر ارتكزوا عليها في أمثالهم. "لو كل من يا ونجر ما تم في الوادي شجر" يقال هذا المثل للدعوة إلى تعدد المهن، وتفضيل أن يكون لكل إنسان مهنة. وهو يعني أنه لو أتى الجميع بفأس وذهبوا كلهم للتحطيب لما بقي في الغابة شجرة واحدة. كما يقال: "اللي ما عنده عمل يكاري له الجمل" و"اللي ما عنده حيلة يلعب التيلة" يدعو المثل الثاني إلى العمل الجاد والاجتهاد والابتعاد عن الكسل.أمثال الهوية الوطنية
ولأن المواطن الإماراتي تربى على القيم التراثية والشعبية، تعلق الشباب بالتراث، ويحاولون قراءته والتمسك بهِ، وتطبيقه، خصوصاً أنه يعد جزءاً من الهوية. فيقال: "من خان عن داره قل مقداره" و"من زرع في بلد غير بلده لا له ولا لولده" وهما من الأمثال التي تحث على الانتماء للوطن، وعلى ضرورة العمل في أرضه لتستفيد الدولة ويعم الخير عليها وعلى مواطنيها، وإلا فلا خير لعمل في مكان لا تملكه.ترسيخ المبادىء والمفاهيم الإيجابية
وللامثال دور في تعزيز القيم بين أفراد المجتمع، لتصبح جزءاً من الشخصية الإماراتية المعاصرة. ومن القيم والسلوكيات التي تسعى الأمثال إلى ترسيخها، الأخلاق الحسنة والأمانة والتطوع والضيافة وآداب المجلس والترابط. ومن هذه الأمثال: "من رابع المغنين غنى ومن رابع المصلين صلى" يقال هذا المثل للتنويه بأهمية اختيار الصديق، وتأثير الصداقة على الإنسان. "هين الفلوس ولا تهين النفوس" يدعو هذا المثل إلى عدم إهانة النفس، لأنها أغلى من المال. "كل طير يشبعه منقاره" يقال للتشجيع على العمل وعدم الاتكال على أحد. "اللي يطلب العالي يصبر على الراش" يحث على المثابرة والاكتفاء بالرزق المقدر، والرضا بالنصيب. ومن الخصال المستحبة لدى الإماراتيين، الشهامة والرجولة. إذ يقول المثل: "الديك يصقع في البيضة" يبين هذه المثل أن الولد منذ صغره تتضح رجولته وشهامته ويعرف من حركاته، فتتعلق به الآمال، ويعامل معاملة الرجال. "حلي لسانك تلقى الناس خلانك" للتأكيد على أهمية اللسان الخلوق الطيب.ذم الصفات السيئة
"من بغاه كله خلاه كله" يوضح المثل سوء عاقبة الطمع. "من طمع طبع" يقال أيضاً للتوضيح أن صفة الطمع ذميمة، يتطبع الإنسان بها إذا كانت لديه وتربى عليها. "من طالع غيره قل خيره" يعني أنه يجب عدم التطلع لما يملكه الآخرون، وإلا فلن يبارك الله ما نملك. "ابن آدم ما يترس عينه إلا التراب" معنى المثل أن الإنسان دائماً يريد المزيد، وهو انتقاد للطمع والشراهة وعدم القناعة. "حاسدين الفقير على موته اليمعة" (الجمعة) حتى الفقراء قد يطالهم الحسد، وإن كانوا لا يملكون شيئاً من متاع الدنيا، فيحسدهم الناس في الموت يوم الجمعة، اعتقاداً بعظم الأجر لمن يموت في هذا اليوم. قد يكون استعمال الأمثال الشعبية في أيامنا هذه قد قلّ كثيراً، لكن وقع المثل المناسب في الوقت المناسب ما زال جميلاً، ويفرض نفسه.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...