شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
الحكومة العراقية تموّل ميليشيات

الحكومة العراقية تموّل ميليشيات "الحشد الشعبي" وإيران تديرها

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 29 يونيو 201711:49 م

لم تنم بغداد والمحافظات الشيعية تلك الليلة، فحلقات "الهوسة" العراقية الحماسية وصلت ليل العراق بنهاره معلنة تلبية آلاف العراقيين الشيعة لفتوى المرجع الكبير، السيد علي السيستاني، بالجهاد الكفائي بهدف صد هجمات داعش. وعلى الرغم من أن الفتوى شملت جميع العراقيين فإن ترجمتها الفعلية كانت تكوين قوات شبه عسكرية شيعية عرفت لاحقاً بـ"الحشد الشعبي".

أطلق السيستاني فتواه في 13 يونيو 2014 بعد الإنهيار السريع للجيش العراقي أمام حرب العصابات الخاطفة التي خاضها تنظيم داعش ضده. هكذا ولد الحشد الشعبي الذي خاض أشرس المعارك ضد داعش، محققاً إنجازات عسكرية مهمة ومتلقياً سيلاً من الاتهامات بارتكابه انتهاكات إنسانية وتنكيله الطائفي بالسنّة.

تمويل الحشد

يتقاضى كل فرد في الحشد الشعبي 500$ شهرياً تدفعها الحكومة العراقية التي اشترطت على كل فصيل، ليحظى بالدعم المالي، أن يكون بحجم لواء ويتمتع بهيكلية واضحة. وقد حاولت الحكومة دمج فصائل عدة، ولكنها فشلت. وأحياناً تخرج أرقام مضخمة لعدد عناصر بعض الفصائل ويعود ذلك لا فقط لأهداف دعائية بل لكسب المزيد من الدعم المالي الحكومي.

إلى ذلك، فإن أغلب قادة الفصائل هم من المتمولين، وتتلقى فصائلهم الكثير من الدعم من رجال الأعمال الشيعة. وتعدّ سرايا السلام التابعة للسيد مقتدى الصدر وسرايا العتبات التي تتألف من خدم (بالمعنى الشرعي) المقامات الشيعية الأكثر تمويلاً. فأغلبية رجال الأعمال العراقيين يؤيدون الصدر بينما تتلقى العتبات أموالاً كثيرة من النذور الشيعية للمقامات.

الدور الإيراني

لإيران ممثلةً بفيلق القدس وقائده اللواء قاسم سليماني، دور مركزي في تدريب فصائل الحشد كما تمدها بالسلاح وترسم خطط المعارك التي تخوضها. ومع كل فصيل من الحشد، يتواجد مستشار عسكري إيراني، بالإضافة إلى مستشار عسكري من حزب الله اللبناني (قضى له في سامراء أحد قادته الميدانيين المعروف باسم "الحاج سلمان").

ويتولى الإيرانيون التنسيق بين الفصائل المختلفة في ساحات القتال، ويساعدهم في ذلك أن أغلبية قادة فصائل الحشد يقلدون السيد علي الخامنئي مع أن العناصر يقلّدون السيد السيستاني. وقد أسس الإيرانيون مباشرةً بعض الفصائل. وفي أحيان كثيرة، يقدمون للمقاتلين دعماً نارياً بالسلاح الثقيل عبر قوات متخصصة من الحرس الثوري تنتشر على الأراضي العراقية ويقدّر عددها بالمئات. وقد برز الدور الإيراني بوضوح في معارك سليمان بك حين أغارت الطائرات الإيرانية على المنطقة القريبة من حدودها مع العراق بكثافة، في رسالة واضحة لداعش بعدم الاقتراب من الحدود الإيرانية. وحصل الأمر نفسه في معارك جرف الصخر التي قادها الجنرال قاسم سليماني، وكذلك في حملة الدفاع عن منطقة سامراء.

بين سوريا والعراق

إلى اشتراكها القتالي في العراق، فإن معظم فصائل الحشد الشعبي تقاتل في سوريا. وبعضها عُرف على الساحة السورية قبل نشاطه على الساحة العراقية كسرايا الخراساني.

وبعكس ما يشاع، فإن تطورات الساحة العراقية لم تؤد إلى سحب قوات عراقية شيعية من سوريا. فما زالت عصائب أهل الحق ومنظمة بدر وكتائب حزب الله وحركة النجباء وغيرها ترسل مقاتلين إلى سوريا بالتزامن مع مشاركتها في القتال في العراق وبالوتيرة السابقة نفسها. إذ تستقطب هذه الفصائل مداً بشرياً كثيفاً من الشباب العراقي الشيعي. وسقط لها مئات القتلى على الأراضي السورية في الغوطة ودرعا وحلب.

إنجازات الحشد

يعزو مراقبو الساحة العراقية إلى الحشد الشعبي الفضل الكبير في "تنظيف" منطقة بغداد من جهاديي داعش. فقد ضرب مقاتلو الميليشيات الشيعية طوقاً أمنياً حول العاصمة. وفي المنطقة الغربية حرروا منطقة الضابطية وضربوا طوقاً أمنياً حول منطقة الكرمة ـ الفلوجة. وكذلك حرروا مناطق جرف الصخر، وبلد شرق طريق بغداد ـ سامراء، ومحافظة ديالى. ويقدّر البعض أنهم نجحوا في استرداد 50% من الأراضي المأهولة بالسكان، التي كان قد سيطر عليها تنظيم داعش، على اعتبار أن معظم أراضي محافظة الأنبار صحراوية وغير صالحة للسكن.

وعن التنسيق بين الحشد الشيعي والسنة في قتال داعش، يؤكد مقربون من الحشد الشعبي أنه لا يوجد تنسيق بالمعنى الحرفي في المعارك، وأن مقاتلي العشائر السنية قاتلوا في مناطق الأنبار إلى جانب الجيش العراقي فقط. ولكن الحشد ينسق مع ألوية في الجيش مختلطة طائفياً. وينسق أيضاً مع الشرطة الاتحادية المختلطة طائفياً والمجهزة بشكل ممتاز بمدرعات أمريكية، وقد شاركت في كل المعارك ضد داعش، وميزتها أنها لا تنسق مع الإيرانيين مباشرةً، بل عبر الجيش العراقي فقط.

اتهامات للحشد

اتهمت منظمة العفو الدولية الحشد الشعبي بقتل عشرات المدنيين السنة في "إعدامات عشوائية"، وأضافت أن ممارسات ميليشياته تصل إلى مستوى "جرائم الحرب". كذلك تتهم مكونات سياسية عراقية سنية الحشدَ بالتنكيل الطائفي بالسنّة وبالعمل على إحداث تغيير ديموغرافي عبر التهجير القسري للعائلات السنية من بعض المناطق السنية المحررة، وهدم دور عبادة سنية. واتهم الحشد بقتل مصلين سنة في جوامعهم وبتنفيذ اغتيالات منظمة لأئمة مساجد، وبالمسؤولية عن مجزرة بروانة، في محافظة ديالي، التي ذهب ضحيتها أكثر من 90 شخصاً.

وفي آخر فصول الاتهامات، اتهم الحشد بقتل الشيخ العشائري السني قاسم سويدان الجنابي ونجله وسبعة من مرافقيه، في بغداد. وعلى أثر ذلك، علّق نواب سنة مشاركتهم في أعمال البرلمان. وينفي قادة الحشد الشعبي هذه الاتهامات. على سبيل المثال، أكد هادي عامري، قائد منظمة بدر، في معرض نفيه اتهام الحشد بارتكاب مجزرة بروانة، أن أياً من فصائل الحشد لم تكن هناك. وفي مناسبات عدّة، فتحت الحكومة العراقية تحقيقات في اتهامات تناولت الحشد، مثل جريمة ارتكبت في الأنبار ومجزرة وقعت في محافظة ديالى. كذلك، كلّف رئيس البرلمان العراقي اللجنة الأمنية في البرلمان التحقيق في بعض الاتهامات. وقال نائب رئيس مجلس الوزراء بهاء الأعرجي، إن "المقاتل الذي يضحي بنفسه في ميادين القتال، من غير المعقول أن يقتل مواطناً في بغداد، بل هناك عصابات تستغل دعم الحكومة لقوات الحشد الشعبي، والحكومة جادة في إنهاء وجودها". ويعزو مراقبون انتهاكات بعض فصائل الحشد الشعبي إلى أشخاص داخل الحشد يرتكبون تلك الأعمال انطلاقاً من غريزة انتقامية عائلية وعشائرية دون الرجوع إلى قيادتهم، ثأراً لمقتل أقرباء لهم على يد تنظيمات سنية. ويدّعي مؤيدو الحشد أن مقاتلي داعش يعمدون إلى تفخيخ بيوت ومساجد قبل انسحابهم من المناطق التي يدخلها الحشد، وأن مقاتلي الحشد يضطرون أحياناً إلى تفجير هذه العبوات مما يؤدي إلى هدم البيوت والمساجد. ويستشهدون بما حصل في منطقة جرف الصخر حيث لم يبقَ منزل أو مسجد إلا وفخخته داعش.

سعي شيعي إلى ضبط الوضع

أمام تصاعد السجال الطائفي حول ارتكابات الحشد، أصدر السيد السيستاني فتاوى تحرّم التعرض للمواطنين مما يدل على عمق الأزمة التي يواجهها الحشد على هذا الصعيد، وعمق الأزمة الطائفية العراقية. وأخيراً  أعلن السيستاني 20 وصية إلى "المقاتلين الأعزّة الذين وفّقهم الله عز وجل للحضور في ساحات الجهاد وجبهات القتال مع المعتدين"، هي عبارة عن قواعد أخلاقية لعملهم المسلّح.

وكان لافتاً أيضاً انتقاد السيد مقتدى الصدر تزايد نفوذ "الميليشيات الوقحة"، مشيراً إلى أن "الحقبة السابقة تسببت بازدياد نفوذ الميليشيات وشذاذ الآفاق وتسلطهم على رقاب الشعب المظلوم"، وإعلانه تجميد لواء اليوم المعهود وسرايا السلام الخاضعة لأمرته.

للتعرف أكثر على ميليشيات الحشد الشعبي الشيعية العراقية، من هي ولمن تتبع، يمكن قراءة هذا الموضوع.

إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image