شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"شازلونج" ملاذ آمن في العالم الافتراضي للمرضى النفسيين

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 18 أبريل 201610:58 ص
دخل الرجل، الذي أوشك أن يغادر سنين الشباب، إلى بناية ضخمة وسط القاهرة، امتلأ بهوها بعشرات لافتات الأطباء. مر أمام الحارس الجالس على مقعده، ووقف يتفحص اللافتات بارتباك يحاول إخفاءه. "الدور السادس يا أستاذ". قالها الحارس بنبرة العارف ببواطن الأمور. بعد سنين من الجلوس في مدخل بناية الأطباء، أدرك الحارس أن المريض الوحيد الذي يتفادى سؤاله مباشرة، هو الذي يقصد عيادة الدكتور النفسي. فما زال الاعتراف بالحاجة لمساعدة طبيب نفسي من الأمور التي يخجل منها المصريون والعرب ويتفادونها. تقول الطبيبة النفسية رشا عصام، إن ذلك الخجل مستشرٍ حتى بين الأطباء أنفسهم. وتؤكد: "حتى لو كان المريض من طرف طبيب أو أحد أقربائه، يستشير الطبيب زملاءه من الأطباء النفسيين على استحياء". وتضيف أن الطبيب نفسه يتردد إذا طلب منه إحضار الشخص الذي يستشيره بخصوصه للفحص أو التقييم، وإذا تم التأكد من المرض النفسي، يقاوم المريض وأهله الدواء. وقد وجد الطبيب النفسي محمد الشامي من خلال وسائل الاتصال الحديثة، فرصة لنشر ثقافة العلاج النفسي وتوصيل الخدمة لطالبيها في سرية تامة. وهذا ما دفعه لإنشاء موقع الكتروني يقدم الاستشارات النفسية لمن يرغب بعيداً عن العيون. ويقول: "من الطبيعي أن يبحث الشخص عن أناس يشاركونه في الثقافة والأعراف والتقاليد نفسها ليتفهم ما يمر به. لذا عندما أطلقنا موقعاً للاستشارات النفسية، كان رد الفعل سريعاً داخل وخارج مصر، وتنوع طالبو الخدمة، بين مصريين يخجلون من اللجوء العلني إلى طبيب، ومصريين يعيشون في مناطق نائية لا يتوفر لهم هذا التخصص، لقلة عدد الأطباء الذين يختارون طوعاً التخصص به". هكذا بدأ موقع شيزلونج، الذي سمي باسم شيء راسخ في الوعي كمكون من مكونات عيادة الطبيب النفسي، وفي الوقت نفسه أكثر المكونات راحة. الصفحة الرئيسية للموقع تحمل وعداً بالخصوصية والأمان، وبتغيير حياة المتعامل للأفضل. وتتضمن خدمات الموقع أطباء نفسيين في تخصصات عدة، مثل الأطفال، والمشاكل الجنسية، والإدمان وأمراض الشيخوخة والهوية الجنسية. Screen Shot 2016-04-13 at 4.22.40 PMScreen Shot 2016-04-13 at 4.22.40 PM تحمل الصفحة الرئيسية صور 18 طبيباً ومعالجاً نفسياً، ويمكن لزائر الموقع تفحص السير الذاتية للمعالجين، واختيار من يفضله. إذا حار الزائر، فمن الممكن أن يتصل بدعم الموقع الذي يعمل لمدة 24 ساعة في اليوم، وبعد نقاش يرشد ممثل الموقع المتعامل إلى الأطباء والمعالجين الأنسب لحالته. يحدد الزائر الموعد الذي يناسبه، ويدفع عبر كارت الائتمان، قبل بدء الجلسة. يمكن للجلسة أن تتم عبر الصوت والصورة، أو الصوت فقط، وهو كثيراً ما يختاره المحافظون من المتعاملين، أو أولئك الذين يريدون التحدث عن مواضيع ذات حساسية عالية، بحسب كلام الشامي. Shezlong-DoctorsShezlong-Doctors بعد إطلاق موقع شيزلونج بأشهر قليلة انتبه له المصريون في الخارج، ثم عرب من جنسيات أخرى. يقول الشامي إن هذا الإقبال منطقي، وإن لم يتوقعه: "لو كان المريض في دولة من دول العالم الأول كإنجلترا أو الولايات المتحدة أو ألمانيا، فإن كلفة زيارة الطبيب النفسي باهظة، بالإضافة إلى أنه يستغرق وقتاً طويلاً قد يمتد لأشهر. والحل يكون في موقع شيزلونج، الذي يتيح: المهنية والسرعة والخصوصية. بعيداً عن العالم الأول، وفي الدول العربية مثلاً، يمثل المرضى في السعودية 80% من المتعاملين بعد سنة من إطلاق الموقع. يرجع الشامي تبوؤ السعودية المركز الأول، لقلة عدد الأطباء النفسيين في المملكة، بالإضافة لمساحتها الشاسعة، التي تجعل الوصول إلى مكان فيه طبيب نفسي، رحلة أحياناً كثيرة شاقة بالإضافة إلى صعوبة تحرك السيدات عموماً. يرفض الشامي أن يروي قصص نجاح للموقع، كي لا يفشي أسرار أي مريض. لكنه يؤكد أن عدداً من المرضى يوصون أصدقائهم بتجربة الموقع، وآخرين بعد أن توطدت علاقتهم بمعالجيهم يقومون باستخدام خاصية الصوت والصورة، بعد أن كانت صوتاً فقط في البداية. ويروي أن "الموقع حاز جائزة من وزارة الاتصالات المصرية، هي جائزة الموقع المتميز وتتضمن منحة مالية، بالإضافة إلى عدد من المكاتب في القرية الذكية، لمدة عام تربع فيه الموقع على صدارة المواقع الجديدة المبتكرة". قد يكون الموقع وفر ملاذاً للراغبين في العلاج النفسي بخصوصية، على نحو يساعد في نشر ثقافة الصحة النفسية في العالم العربي، إلا أنه أيضاً مثار خلاف. تعترض على فكرة الاكتفاء بتقديم الخدمة على العالم الافتراضي معالجة أوروبية تعمل في مصر منذ 10 سنوات. وتعلل المعالجة، التي رفضت الإفصاح عن اسمها، بحاجة المصريين وشعوب الشرق الأوسط عامة إلى تعلم الإفصاح عن مشاعرهم وتقبلها. وتضيف: "دوافع ومحركات المصريين وشعوب المنطقة عامة في أفعالهم وردود أفعالهم تكون عاطفية في المقام الأول، لكن على الرغم من ذلك يكتم الناس أنفسهم شعورهم ويخفونه عن الآخرين، حتى إن كانت مشاعر إيجابية، وفيها حب واهتمام. فالبوح بالمشاعر سيحدث فرقاً كبيراً. تقديم خدمة العلاج النفسي عن طريق الانترنت سيؤخر من تحطيم صنم كتم المشاعر، كما أن العلاقة الإنسانية بين المريض والمعالج أساسية في العلاج والتغيير، ولا أعتقد أن العلاقة المطلوبة يمكن أن تنشأ عبر موقع وإن كان بالصوت والصورة". حتى وإن لم يرغب زائرو موقع شيزلونج في البوح بمشاعرهم أو حجز موعد مع طبيب أو معالج، يمكنهم الدخول في عدد من الاختبارات، التي تحدد الصفات الشخصية والنفسية لهم وتعرفهم ببعض المبادىء الأساسية للصحة النفسية، كما يستطيعون متابعة حساب الموقع على تويتر. يبقى مؤسس الموقع وصاحب فكرته د. محمد الشامي مؤمناً بفائدة الموقع وأهميته، وعمق الحاجة إليه. ويأمل في توسيعه لتلبية حاجات جميع المتعاملين، الذين يزداد عددهم كل يوم. تشكل خطة التطوير تقديم خدمات متخصصة مثل خدمة استشارات ما قبل الزواج للمقبلين على الزواج، واستشارات للطلبة قبل اختيار الدراسة الجامعية، بالإضافة إلى الاستشارات التربوية للوالدين لتنشئة أطفال أصحاء نفسياً، واستشارات للشركات لمساعدة موظفيها على مواجهة ضغوط العمل.  

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image