لدى كل مؤسسة دينية فن خاص بها يعكس ثقافتها وتاريخها ونجومها. وتلجأ الكنيسة الأرثوذكسية المصرية للحفاظ على تاريخها من خلال صناعة السينما القبطية، أي إنتاج الأفلام التي تقدم سير القديسيين والبطاركة، وقصص أنبياء الكتاب المقدس. وترى الكنيسة أن السينما القبطية فرصة للحفاظ على التراث القبطي، ومحاولة جذب الأقباط للتاريخ القبطي، وتقوية إيمانهم. وتحاول الكنيسة الحفاظ على تلك الصناعة من الانهيار، بعد تعرضها لأزمات متتالية.
نجوم ومشاهير الافلام القبطية
شاركت في الأفلام الدينية المسيحية مجموعة من الفنانين، الذين كانت انطلاقتهم من تلك الأفلام، على رأسهم هاني رمزي، الذي قام ببطولة فيلم "الشهيد مارمينا"، إخراج سمير سيف، ثم انطلق بعد ذلك إلى الأفلام والمسرحيات خارج الكنيسة. وشاركت الفنانة الراحلة سناء جميل في فيلم "الشهيد مار جرجس"، لكن الفيلم لم يكن في بداية مشوارها الفني. وشارك في بطولة الفيلم أيضاً الكوميدي يوسف داوود، لكنه لم يؤدِ دوراً كوميدياً، بل قام بدور أشهر إمبرطور روماني في تاريخ المسيحية، معروف بتعذيب وقتل المسيحيين، هو الإمبراطور دقليديانوس. وتعددت مشاركات الفنان ماجد الكدواني في السينما القبطية، في فيلم "أم الغلابة"، وفيلم "القديس أندراوس الصموئيلي"، الذي أدى دور البطولة فيه. حقق هذا الفيلم شهرة واسعة، ولكن رغم نجاح الفيلم، انشغل الكدواني بالعمل في الأفلام السينمائية التجارية، وغاب عن السينما القبطية فترة طويلة، إلى أن عاد إليها هذا العام مرة أخرى. وقام الفنان لطفي لبيب أيضاً بعدة بطولات في الأفلام الدينية، مثل فيلم "الأنبا بولا أول السواح"، أدى فيه دور القديس نفسه، بالإضافة إلى مشاركته في أفلام أخرى مثل فيلم "القديس الأنبا برسوم العريان"، الذي أدى فيه أيضاً دور القديس. ويكشف لطفي لبيب لرصيف22 أنه لا يتقاضى أجراً مقابل اشتراكه في فيلم ديني، لأنه يعتبر ذلك العمل عشور لله وخدمة". ويقول لبيب إنه لم يترك السينما القبطية، ويقبل الأدوار التي تعرض عليه رغم انشغاله بأعمال فنية الأخرى، وآخرها فيلم 49 شهيداً. وبالرغم من الأزمات التي تمر بها السينما القبطية، لدرجة توقف إنتاج الأفلام عدة سنوات، إلا أن الكنيسة الأرثوذكسية نجحت من خلال مساهمة دير القديس أبو مقار ببرية شهيت، في إنتاج فيلم "49 شهيداً، شيوخ برية شهيت"، الذي شهد عودة الفنان هاني رمزي مرة أخرى للسينما القبطية. وشارك فيه عدد من النجوم، أبرزهم ماجد الكدواني، لطفي لبيب، ومنة جلال. وكرّم البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقصية، أبطاله، في حفل خاص، آملاً في إحياء السينما القبطية مرة أخرى.مسلمون في السينما القبطية
لم تقتصر السينما القبطية على الممثلين الأقباط فقط، بل شارك فيها عدد كبير من الفنانين والمنتجين المسلمين، أبرزهم الفنانة سلوى خطاب والفنانة إيمان والفنان الراحل غسان مطر والفنانة الشابة منة جلال. ومن الأفلام التي شارك فيها مسلمون فيلم "العبد الهارب"، إنتاج محمد أبو العزم، وبطولة الفنانة إيمان والفنان غسان مطر. وتكشف منة جلال لرصيف22، عن تفاصيل مشاركتها في أول فيلم ديني مسيحي لها، فيلم 49 شهيداً. وتقول إنها شاركت في الفيلم بسبب وجود تشابه في ملامح وجهها، مع الفنان هاني رمزي الذي قام بدور الإمبرطور الذي قتل الرهبان. ولم تتردد عندما عرض عليها الفيلم لأنه تجربة مختلفة.عن الأفلام القبطية التي يُمنع عرضها خارج الكنائس، إرضاءً للأزهر
لدى كل مؤسسة دينية فن خاص يعكس ثقافتها وتاريخها.. تعرفوا على السينما القبطية بما تركته من تأثير وما أنتجته من نجوموتشير جلال إلى أن التجربة الأخيرة شجعتها كثيراً، وأنها لا تهتم بالانتقادات التي توجه لها كفنانة مسلمة تشارك في عمل فني مسيحي، لأن ذلك من صميم عملها. مشيرةً إلى أن أجرها في الأفلام الدينية المسيحية ليس كبيراً نظراً إلى أن الكنيسة لا تستفيد من الفيلم مادياً، وهو أمر ينطبق على النجوم المشاركين في السينما القبطية. [caption id="attachment_83608" align="alignnone" width="700"] منة جلال[/caption]
عوائق السينما القبطية
تعرضت السينما القبطية لعوائق عديدة أدت إلى انهيارها، أبرزها سرقة الأفلام عبر الانترنت، فكان العائد المادي من تلك الأفلام يتأتى من بيع أسطوانات الأفلام في الكنائس والأديرة. لكن بسبب القرصنة، عزف عدد من المنتجين عن الإنتاج، ما أفضى إلى تراجع عدد هذه الأفلام في السنوات الأخيرة. ولم تنجح القنوات المسيحية في إحياء السينما القبطية، بسبب رفضها شراء الأفلام بأجر مادي يناسب التكاليف الإنتاجية. وترفض المصنفات الفنية عرض الأفلام الدينية المسيحية خارج الكنائس، وهذا ما يكشفه فاروق فيكتور، أحد أشهر منتجي الأفلام الدينية المسيحية. وهو قال لرصيف22: "التصريح الذي تمنحه المصنفات الفنية لنا يسمح بتداول المادة الفيلمية داخل الكنائس فقط، وذلك خوفاً من رفض الأزهر ظهور الأنبياء على الشاشة، بالرغم من أن الأفلام الدينية المسيحية غالبيتها اجتماعية، ولا تتحدث كثيراً عن الأنبياء، ولو وافقت الدولة على عرض تلك الأفلام خارج الكنيسة فستكون فرصة لإنقاذ السينما القبطية من الانهيار الذي تشهده". وقال فاروق: "لولا تدخل الأديرة وتحملها مسؤولية إنتاج أفلام بشكل غير هادف للربح، لن يرى الأقباط أي فيلم ديني جديد بعد غياب تام للإنتاج الخاص".الرقيب في السينما القبطية
يخضع الفيلم المسيحي لرقابة صارمة من قبل الكنيسة، فيتولى الأنبا مارتيروس أسقف كنائس شرق السكة الحديد في القاهرة والمسؤول عن المصنفات القبطية مسؤولية منح الموافقة على تصوير الفيلم، بعد مراجعة النصوص الدرامية، والتأكد من عدم مخالفة التعاليم المسيحية. وتعتبر لجنة المصنفات الفنية المسيحية، حلقة الوصل مع لجنة الرقابة على المصنفات الفنية، التابعة لوزارة الثقافة، لإبداء آراء الكنيسة في أي عمل يخص الأقباط أو العقيدة المسيحية.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...