لطالما اتجهت أضواء السينما والتلفزيون المصرية إلى النجوم الرجال، أكثر من العناصر النسائية، على الرغم من وجود نجمات تفوقن على البطل بخفة ظل وإيفيهات توارثتها أجيال بعد رحيلهن.
وبحسب الناقد الفني رامي العقاد، فإن "الإيفيه"، سواء قدمه رجل أو امرأة، سيستمر إن كان قوياً، وسيحدث تأثيراً. لكن صناع الدراما والسينما، لا يعطون المرأة "الكوميديانة" حقها، فلم تحصل على بطولة مطلقة، ومورست الذكورية في اختيار بطل العمل حتى فترة قريبة.
وأوضح العقاد أن إيفيهات نجمات الكوميديا في مصر، أثرت بشكل كبير بالمجتمع، والجمهور المصري يرددها دائماً، حتى بعد رحيلهن.
"انسان الغاب طويل الناب"
في الفيلم الكوميدي الشهير ابن حميدو (إنتاج 1957)، استدرجت زينات صدقي (حميدة) اسماعيل ياسين (ابن حميدو) إلى المطبخ، وأغلقت الباب وراحت تصرخ مستنجدة بعائلتها، لتدعي أنه اعتدى عليها، ليجبروه على الزواج منها. وبعد أن كسروا الباب ودخلوا، قالت لهم إن مَن اعتدى عليها هو "الوحش الكاسر الأسد الغادر إنسان الغاب طويل الناب". ويقال هذا الإيفيه، حين يريد الإنسان التحرش بفتاة. &t=2m40s"يا سارق قلوب العذارى"
وفي المشهد نفسه، خبأت زينات صدقي مفتاح غرفة المطبخ في صدرها. وحين طلب منها أهلها فتح الباب، طلبت من اسماعيل ياسين إخراجه، مد يده ليأخذه فقالت له "يا سارق قلوب العذارى"، ليصبح هذا الإيفيه منتشر بكثرة بين الشباب، ويقال عن الشاب متعدد العلاقات العاطفية. &t=1m57s"حنفي: هتنزل المرة دي"
حنفي ليس مجرد اسم، بل لقب كل مَن يُعرف عنه التراجع في كلمته والخوف من زوجته. وهو مستمد من مشهد في فيلم ابن حميدو، بين حنفي (عبد الفتاح القصري) وأم حميدة (سعاد أحمد)، فيقول لها: "انتي عارفة كلمتي لا يمكن تنزل الأرض أبداً"، فترد: "حنفي"، ليقول: "خلاص هتنزل المرة دي". &t=0m35s"انتي جايه هنا تشتغلي ايه"
الفنانه ماري منيب في مسرحية إلا خمسة (1963)، تقوم بدور امرأة عجوز، تسكن مع أخيها وخادمته في فيلا خاصة به. يذهب محامٍ ليعمل لديهم سائقاً، بعدما اكتشف أن هناك كنزاً في أحد جدران الفيلا. وتراه منيب داخل الفيلا، فتخاطبه بصيغة المؤنث: "إنتي جاية تشتغلي إيه"، ليصبح هذا الإيفيه، الجملة الرسمية لاستقبال أي موظف جديد، في أي مصلحة مصرية، وأي غريب موجود في أحد الأماكن. &t=0m37s"مدوباهم اتنين"
في فيلم حماتي ملاك (إنتاج 1959)، جسدت الفنانة ماري منيب دور الحماة الشريرة، ولعب دور زوج ابنتها الفنان يوسف شرف الدين. تحاول الحماة التفريق بين ابنتها وزوجها، وتدفعها دائماً إلى التشكيك في حبه لها، وتقول: "اسأليني أنا... مدوباهم اتنين" وتقصد زوجيها اللذين توفيا. أصبح هذا الإيفيه الأشهر في تاريخ السينما المصرية، والأكثر استخداماً، كلما أرادت إحداهن إثبات خبرتها في التعامل مع الجنس الآخر. &t=08m07s"طوبة على طوبة خلي العركه منصوبة"
في حماتي ملاك أيضاً، تمكنت ماري منيب من دق مسمار آخر في نعش زواج ابنتها، وانساقت ابنتها وراءها، ما تسبب في كثير من المشاكل بين الزوجين. في أحد المشاكل، تقول منيب وهي تتنصت على باب غرفة نوم ابنتها، التي تخرج منها أصوات عراكهما: "طوبة على طوبة خلي العركة منصوبة". لتصبح هذه الجملة ملازمة للمصريين، كلما اختلف حزبان أو شخصان. &t=30m58s"اهري يا مهري وأنا على مهلي"
في فيلم الناس اللي تحت (إنتاج 1960)، تؤدي الفنانة ماري منيب دور بهيجة، أرملة عجوز تحب رجائي، وهو رجل عجوز ثري تغيّرت أحواله المادية، وانتهى به الأمر إلى السكن تحتها في غرفة "البدروم".يا سارق قلوب العذارى.. بتعرف إيه عن المنطق.. مدوّباهم اتنين.. جمل نسمعها على لسان المصريين! أصلها وفصلهاتتزوج بهيجة من رجل آخر، وينزل زوجها للبدروم ليطلب من سكانه، ومن بينهم رجائي، إخلاء الغرف، فيتعاركون بالأيدي. وعلى أصوات العراك، تنزل بهيجة وتبدأ بتوبيخ حبيبها السابق وجيرانه، وتقول له: "اهري يا مهري وأنا على مهلي". ليصبح هذا الإيفيه رد المصريين على كل مَن يتحدث بكثرة، أو يقول كلاماً لا يعجبهم. &t=41m57s
"قال إيه بيعدّيني"
الفنانة سناء يونس في مسرحية سك على بناتك (1980)، مع الفنان فؤاد المهندس، الذي يؤدي دور والدها. خلال تأخر خطيبها على الزفاف تروي له ما حدث بينها وبين خطيبها في موقف سابق، فتقول: "يحاول يمسك إيدي يا بابا.. قال إيه بيعدّيني". لتتردد هذه الجملة حين يبادر الرجل لإمساك يد خطيبته أو حبيبته أو زميلته أثناء مرورهم في الشارع، فتمازحه: "قال إيه بيعديني". &t=0m47s"يا فرحة البلد بيكو (بكم)"
الفنانة سهير البابلي في مسرحية مدرسة المشاغبين (1973)، حين كانت تنتقد الطلاب، إذ كانت تلعب دور المدرسة، تقول لهم: "يا فرحه البلد بيكو". لتصبح هذه الجملة الشعار الرسمي للمعلمين وأولياء الأمور في انتقاد المستوي التعليمي لطلابهم أو أبنائهم."تعرف إيه عن المنطق"
في المسرحية نفسها، تسأل البابلي سعيد صالح: "تعرف إيه عن المنطق؟". ليصبح السؤال الأشهر في حياة المصريين. فكلما أراد أحد انتقاد كلام شخص آخر يوجّه إليه هذا السؤال. &t=03m20s"كل الناس بتاكل علشان تتخن وانت بتاكل علشان تطول"
في مسرحية ريا وسكينة (1980) قامت الفنانة سهير البابلي بدور سكينة. وفي مشهد يجمعها بالفنان أحمد بدير (عبد العال)، تراه يلتهم الفطور بدون مشاركتها، فتقول له: "كل الناس بتاكل علشان تتخن وإنت بتاكل علشان تطول". ليتردد هذا الإيفيه داخل كل بيت مصري، للسخرية من أبنائهم محبي الطعام، الذين يمتلكون أجساداً نحيفة. &t=09m55s"شيء لا يصدّقه عقل"
في مشهد من فيلم شنبو في المصيدة (إنتاج 1968)، تقول شويكار بكل رقتها المشهورة، وبصوت مميز: "شيء لا يصدقه عقل". لتصبح هذه الجملة صديق المصريين في التعبير عن حالهم في المزاح المغلف بالجد."داكور يا حج"
انتشرت "داكور يا حج" في المجتمع المصري للتعبير عن موافقة إحداهن على شيء، بعد أن برعت ماجدة زكي في استخدامه بخفة ظل، في مسلسل عائلة الحج متولي (2001)، وشاركها في البطولة النجم نور الشريف وغادة عبدالرازق وسمية الخشاب. &t=13m32s"اللي زيي خلصوا خلاص"
تقول عبله كامل في فيلم خالتي فرنسا (إنتاج 2004) في مشهد في آخر دعائها، وهي تتوسل أحد أولياء الله الصالحين: "ده أنا اللي زيي خلصوا خلاص ما تلاقيش منهم اليومين دول". ليتردد الإيفيه كلما اراد أحد مدح نفسه بطريقه فكاهية أمام الآخرين. &t=0m24s"بتاكل زي أكل الحمار في النجيله لا الحمار بيشبع ولا النجيله بتخلص"
في فيلم سيد العاطفي (إنتاج 2005)، في مشهد جمع "عبلة كامل" بطلعت زكريا، كانت مندمجة في مباراة كرة القدم، فسألها عن بهارات للطعام "كمون"، فقالت له: "بتاكل زي الحمار في النجيله لا الحمار بيشبع ولا النجيله بتخلص". ليصبح هذا الوصف ملازماً للأمهات والآباء المصريين، في وصف أبنائهم حين يأكلون أو يتحدثون عن الطعام أثناء مناقشة موضوع يهم الأسرة. &t=24m36s"وربنا ما انا دي اختي منى"
ربما لم يدرك صناع فيلم عسكر في المعسكر (إنتاج 2003) أن إيفيه يخرج من إحدى "الكومبارسات" في الفيلم، سيصبح على ألسنة المصريين يومياً، حين تريد إحداهن نفي أي عمل عنها بشكل لطيف. ففي مشهد يجمع الفنان محمد هنيدي والفنان محمد شرف "البرنس"، أثناء خروج شرف من السجن لزيارة أهله، بصحبة العسكري خضر (هنيدي)، يسأل "البرنس" زوجته إن كانت تخونه مع ممدوح أو لا، فترد عليه: "وربنا ما أنا دي أختي منى". &t=0m28sرصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 19 ساعةجميل جدا وتوقيت رائع لمقالك والتشبث بمقاومة الست
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أياممقال مدغدغ للانسانية التي فينا. جميل.
Ahmed Adel -
منذ أسبوعمقال رائع كالعادة
بسمه الشامي -
منذ أسبوععزيزتي
لم تكن عائلة ونيس مثاليه وكانوا يرتكبون الأخطاء ولكن يقدمون لنا طريقه لحلها في كل حلقه...
نسرين الحميدي -
منذ اسبوعينلا اعتقد ان القانون وحقوق المرأة هو الحل لحماية المرأة من التعنيف بقدر الدعم النفسي للنساء للدفاع...
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعيناخيرا مقال مهم يمس هموم حقيقيه للإنسان العربي ، شكرا جزيلا للكاتبه.