منذ أن تحوّل العرب إلى أقلية داخل إسرائيل بعد حرب 1948، ظل التوتر قائماً بينهم كأقلية، وبين اليهود كأغلبية. ولم تفلح محاولات إسرائيل الرامية إلى دمجهم في المجتمع، أو بالمعنى الأوضح، محو هويتهم العربية، في تخويفهم من التعبير عن تميّزها الثقافي، في مواجهة جميع أنشطة إسرائيل.
أولاً: السياسات الإسرائيلية تجاه الأقلية العربية
يشير معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي إلى أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، تعاملت مع الأقلية العربية بطريقتين. وعلى الرغم من أنهما متناقضتان، فإن إحداهما تكمل الأخرى. الطريقة الأولى هي العمل بجد على تقليص الوجود العربي، وربما نفيه نهائياً من الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية، من خلال سن قوانين لتكبيل هذه الأقلية. من الناحية السياسية، رفعت نسبة الحسم في انتخابات الكنيست لأكثر من مرة حتى وصلت في آخر مراحلها إلى 3.25%، للحيلولة دون وصول الأحزاب الممثلة لعرب إسرائيل إلى الكنيست. ونسبة الحسم هي عدد الأصوات التي يجب أن يحصل عليها أي حزب أو قائمة انتخابية، ليكون له تمثيل في البرلمان بمقعد واحد. فمن الناحية الثقافية، اتضح هذا الأمر في المبادرة التي قادها أعضاء الكنيست من حزبي الليكود وإسرائيل بيتنا عام 2014، لإلغاء مكانة اللغة العربية كلغة رسمية في الدولة. وعام 2011، وقع نحو 20 عضو كنيست، من بين 28 في حزب كاديما على مشروع قانون لإلغاء مكانة اللغة العربية في إسرائيل كلغة رسمية، وفي 2008 تقدم عضو الكنيست عن حزب الليكود ليمور ليفنت، بمقترح مماثل. وتشير صحيفة هاآرتس وموقع One place الخاص برصد الانتهاكات الإسرائيلية للعرب داخل الخط الأخضر، إلى أنه على الرغم من اعتبار العربية والانجليزية إلى جانب العبرية، لغات رسمية للدولة، إلا أن العديد من الوزارات والمؤسسات الحكومية ترفض تقديم أي خدمات باللغة العربية، وتتجاهل أي وثائق مقدمة لها بالعربية، وتصر على إرفاق ترجمة لها بالعبرية. أما الطريقة الثانية، التي تعتبر مناقضة للأولى، فهي محاولة دمج الأقلية العربية في الاقتصاد الإسرائيلي لتخفيف الأعباء على الناتج القومي وزيادته. وذلك من خلال السماح للعرب بالعمل في قطاع المشروعات الصغيرة، ولذلك أنشأت إسرائيل "إدارة التنمية الاقتصادية للقطاع العربي والدرزي والشركسي" عام 2007، وترأسها العربي أيمن سيف، الذي عمل على توسيع مشاركة العرب في سوق العمل وعمل المرأة العربية. ويشير معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي إلى أن العرب، على مدار عشرات السنوات الماضية، منذ تحولهم من غالبية إلى أقلية، واصلوا الإعراب عن عدم ارتياحهم تجاه إسرائيل، وواجهوا سياساتها المستمرة، التي صنفتهم على أنهم "تهديد أمني" و"طابور خامس"، وعملت على تعميق عدم المساواة في النواحي الاقتصادية وحقوق المواطنة.طرق المواجهة العربية للسياسة الإسرائيلية
دفعت السياسات الإسرائيلية العنصرية العرب الفلسطينيين إلى أساليب عدة لمواجهتها، ويمكن تصنيفها على النحو التالي:المقاومة العنيفة:
تشير دراسة صادرة عن جامعة "حيفا" إلى أن المقاومة العربية العنيفة منذ قيام إسرائيل عام 1948 حتى عام 1966، لم تكن لها أصداء قوية داخل الدولة، نظراً لأن السكان الفلسطينيين كانوا يعيشون تحت مراقبة أمنية محكمة، ساهمت إلى حد كبير في تقليل أحداث المقاومة العنيفة. لكن بعد تخفيف القبضة الأمنية، بدأ حراك المقاومة العربية في الظهور، وتجسد بشكل واضح في أحداث يوم الأرض في 30 مارس 1967. حينها، نظم الفلسطينيون، للمرة الأولى منذ قيام الدولة، تظاهرات احتجاجية واكبتها أعمال عنف واشتباكات مع قوات الأمن الإسرائيلية، على خلفية قيام السلطات بمصادرة آلاف الدونمات من الأراضي، وأسفرت الاشتباكات عن مقتل 6 فلسطينيين وإصابة واعتقال العشرات. وفي فترة الانتفاضة الأولى، التي امتدت من 1987 حتى 1993، تصاعدت حدة أعمال العنف من قبل عرب 48. ولم تتوقف تلك الأعمال إلا مع توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، وفي منتصف سنوات التسعينيات، تصاعدت حدة المواجهة مرة أخرى من جانب عرب 48 القاطنين في منطقة النقب وأم الفحم، بسبب قيام السلطات الإسرائيلية بمصادرة أراضيهم وهدم منازلهم. ووصلت تلك الموجة إلى ذروتها بنهاية عام 1999، عندما قام العرب في المدينة بتنظيم تظاهرات والاشتباك مع قوات الأمن الإسرائيلية، بالإضافة إلى قطع طريق وادي عارة. وأسفرت المواجهات عن مصرع 3 أشخاص وإصابة العشرات، وألقت إسرائيل باللوم على قائد القسم الشمالي من الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر، الشيخ رائد صلاح.طرق المواجهة المتعددة التي يعتمدها فلسطينيو الداخل لمقاومة إسرائيللم يكن عرب 48 بعيدين عن الانتفاضة الثانية عام 2000، فتم تنظيم تظاهرات حاشدة احتجاجاً على تدنيس شارون للمسجد الأقصى، أسفرت عن مقتل نحو 12 عربياً على يد قوات الأمن الإسرائيلية. وبحسب القناة الثانية الإسرائيلية، في الفترة من 2001 إلى 2005، تم ضبط نحو 104 خلايا للمقاومة داخل الخط الأخضر، انضم لها نحو 200 شخص من عرب 48. وتراجع عدد تلك الخلايا في الفترة من 2005 إلى 2006 إلى 38 خلية. وخلال السنوات القليلة الماضية، زاد معدل اعتناق الشباب من عرب 48 لفكر المقاومة. واتضح ذلك من خلال ما أطلق عليه اسم "انتفاضة السكاكين"، أي "الانتفاضة الثالثة".
المقاومة الناعمة:
بخلاف أساليب المقاومة العنيفة، استخدم العرب داخل الخط الأخضر أساليب مقاومة ناعمة، للرد على السياسات الإسرائيلية، اتضحت في العديد من المواقف والقضايا.-
الانتماء للدولة الفلسطينية
-
التضامن مع أقرانهم الفلسطينيين
-
التوحد السياسي
-
صياغة موقف جماعي عربي
-
إعلان حيفا
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...