شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
طلاب غزّة عمّال أيضاً

طلاب غزّة عمّال أيضاً

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

اقتصاد

الأحد 22 مايو 201601:01 ص

عندما تزوجت هدى محمود (23 عاماً) كانت قد أنهت تعليمها الثانوي بنجاح، ولكن سوء الحال في قطاع غزة وضع حداً لرغبتها في إكمال تعليمها الجامعي، إلا أنها قرّرت، بعد 3 أعوام، أن تلتحق بالجامعة مهما كلفها الأمر. والدها أشفق على حالها وقرّر اقتطاع جزء من راتبه الشهري البسيط لسداد أقساطها الجامعية، فيما تكفلت هي ببقية المصاريف.

تقول هدى: "تحمّلت كثيراً من أجل أن أحقّق طموحي. عملت سكرتيرة في إحدى المؤسسات، ثم ساء الحال فأغلِقت المؤسسة. بعد ذلك، بحثت عن فرصة عمل، حتى اضطررت للعمل جليسة لسيدة طاعنة في السن. فكنت أتولى شؤون منزلها كلها".

وكانت هدى تترك طفليها عند حماتها، ولكنها لم تخبر أحداً بعملها إلا زوجها، وتقول لمن يسألها أين ذاهبة، إنها ذاهبة إلى الجامعة. ومقابل عملها من الساعة السابعة صباحاً حتى الـ12 ظهراً كانت هدى تتقاضى 600 شيكل، أو ما يعادل 150 دولاراً أمريكياً. وهو أجر زهيد في ظل تكاليف المعيشة المرتفعة في غزة. غير أنها كانت تدخر المبلغ كلّه لسداد مواصلات الجامعة، وشراء بعض الحاجات لأسرتها.

وبسبب ارتفاع الأقساط الجامعية، يعتمد كثير من الطلبة على نظام المنح أو القروض الجامعية التي زادت من معاناتهم، خصوصاً مع انعدام مجانية التعليم الجامعي وقلة فرص العمل وعدم انتظام رواتب الموظفين. وقد وصلت نسبة البطالة في قطاع غزة إلى 45% في منتصف العام 2014، فيما يعاني أكثر من 38% من سكان قطاع غزة من الفقر الشديد حسب إحصاءات العام 2011. ومع العدوان الأخير زادت النسبة كثيراً وفق الجهاز المركزي للإحصاء.

هدى ليست وحدها

والحال أن معاناة هدى تتكرّر في بيوت كثيرة في قطاع غزة. فمحمد مصطفى يذهب صباحاً إلى جامعة الأقصى في غزة، ينهي دروسه ثم يبدأ دوامه المسائي في مكتبة لبيع الكتب والمستلزمات المدرسية في جباليا شمال قطاع غزة.

محمد في العشرين من العمر. أسرته تتكون من 13 شخصاً، جُلّهم طلبة في المدارس والجامعات. وهو ينفق كل ما يجمعه من عمله على المواصلات والكتب ودفع الأقساط الجامعية. يقول: "راتب والدي بسيط، فهو موظف في حكومة غزة، ولم يقبضه منذ أشهر بفعل الأزمة السياسية، لكنه قبض أخيراً 1200 دولار ذهبت كلها لسداد ديون الباعة. أحاول توفير مستلزماتي ومصروفي الشخصي كي لا أثقل على والدي".

لم يكتفِ محمد بذلك، إذ يملك كاميرا خاصة بعدما تعلّم فنون التصوير، كما يقوم بعمل جزئي يتمثل بتوثيق أعمال مؤسسة خيرية، لقاء مبلغ من المال. وهو يقتصد في مصاريف الجامعة، فيرتاد الباص المخصص، ويصوّر الكتاب الجامعي إذا كان سعره مرتفعاً.  يقول: "إذا كان سعر الكتاب أكثر من 12 شيكلاً، أو ما يعادل 3 دولارات، أصور منه نسخة في المكتبة التي أعمل فيها".

نجاة سمير (21 عاماً) طالبة في السنة الجامعية الرابعة، تعطي دروساً خصوصية في منزلها لعدد من الطلاب كي تستطيع توفير متطلبات الجامعة. والدها يعمل دهّاناً، لكن الوضع في غزة يحتم عليه أن يقضي أشهراً بلا عمل، خاصة مع إغلاق المعابر والحصار الذي يشتد كثيراً هذه الأيام. تضيف: "يبدأ يومي من الساعة السابعة صباحاً، فأعطي الدروس لمجموعتين، واحدة صباحية قبل الذهاب إلى الجامعة، وأخرى مسائية بعد عودتي منها. ثم أخصص بعض الليل للدراسة". الدخل المتأتي من هذه الدروس يغطي مصاريف ملابسها ومواصلاتها.

مبادرة لتخفيض الرسوم

وتلقي أزمات قطاع غزة، خصوصاً إغلاق المعابر ومنع إدخال الوقود وأزمة المواصلات وانقطاع الكهرباء الدائم، بظلالها على تعليم الطلاب. تشرح هدى أن انقطاع الكهرباء أكثر من 8 ساعات يومياً يجعلها تدرس على ضوء الشموع ليلاً، وهو الوقت الذي تشعر فيه بالراحة والهدوء، بعد نوم طفليها وإنهاء أعمال بيتها. علماً أنها تسير مسافة طويلة كي توفّر ثمن المواصلات، وهي كمحمد مصطفى تصوّر نسخاً من الكتب الجامعية الغالية من قبيل التوفير.

يقول منسق مبادرة تخفيض الرسوم الجامعية إبراهيم الغندور لرصيف22  إن طلبة الجامعات يعانون كثيراً لأسباب عدة، أبرزها الحصار وإغلاق المعابر ورفع الأقساط الجامعية والتوزيع المسيس للمنح والقروض وتنامي التمييز بين الذكور والإناث.

وبرغم ذلك كله، ترتفع نسبة التحاق الفلسطينيين بالتعليم، إذ تشير الإحصاءات التابعة لوزارة التربية والتعليم العالي للعام 2012-2013 إلى أن عدد الطلبة الملتحقين بمؤسسات التعليم العالي الفلسطيني بلغت 213,581 طالباً وطالبة (الإناث: 126,38 والذكور: 87,443)، موزعين على 53 مؤسسة تعليمية، منها 18 مؤسسة تعليمية بين جامعة وكلية جامعية ومتوسطة، و5 جامعات تقليدية، واحدة منها حكومية في قطاع غزة.

غير ان الغندور يلفت إلى أن هذه الظروف تحرم الكثيرين من الالتحاق بالتعليم العالي برغم تفوقهم، وقد أُجبر عدد كبير من الطالبات على اختيار تخصصات لم يطمحن إليها يوماً. ويؤكد أنه ومجموعة من الشباب، قادوا حملة للضغط على صناع القرار بهدف تخفيض الرسوم الجامعية وإثارة مشاكل الطلبة وقضاياهم، وصولاً إلى تحقيق مجانية التعليم الجامعي.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image