كلّ ممنوع مرغوب! فما إن قرّرت بضع بلديات في فرنسا منع ارتداء البروكيني على الشاطىء، مع فرض غرامة على "المخالفات" حتى زادت مبيعاته! ذلك ما أكدّته صاحبة علامة "عاهدة" لبيع البوركيني، المصممة اللبنانية الأسترالية عاهدة الزناتي (48 عاماً). وقالت الزناتي في تصريحات صحافية، إنّ مبيعات البروكيني في فرنسا زادت 40% خلال الفترة الماضية، كما أنّها افتتحت ثلاثة مستودعات جديدة في أفريقيا وبريطانيا وكندا. وأكّدت الزناتي أنّه كلما صدرت تصريحات سلبية حول البوركيني، ارتفعت مبيعاتها.
ليس ارتفاع المبيعات فقط، بل أن 45% من زبونات "عاهدة"، من غير المسلمات. وقالت الزناتي لصحيفة استرالية أنّ لديها زبونات من مختلف البلدان والديانات. على سبيل المثال، فقد تلقت رسالة من سيدة أميركية جاء فيها: "أنا من جنوب كاليفورينا، ولست مسلمة. شفيت منذ مدة من سرطان الجلد، ولا أستطيع أن أتعرض للشمس".
أداة اندماج
افتتحت الزناتي، وهي ام لثلاثة اولاد، اول متجر لها في سيدني العام 2005. وفي العام 2008، صمّمت عاهدة البروكيني، وسجّلته كعلامة تجارية باسمها، ومنذ ذلك الحين، باعت أكثر من 700 ألف قطعة، وتزود ببضاعتها تجار جملة في سويسرا وبريطانيا والبحرين وجنوب افريقيا. وقد تداولت وسائل الاعلام خلال اليومين الماضيين قصصاً كثيرة عن سيدات أنقذهنّ البروكيني، وسمح لهنّ بارتياد البحر مع عائلاتهنّ، بعد سنوات من استحالة ذلك. فحين ابتكرت الزناتي مصطلح البروكيني، كانت تفكر بجعل السباحة أسهل بالنسبة للشابات المسلمات، من خلال ابتكار زيّ يشكل أداة اندماج لهنّ، ويتيح لهنّ التمتع بشكل تام بحياة الشاطىء. وقالت: "الشاطىء وركوب الأمواج والشمس تمثل جزءاً من الثقافة الاسترالية، ولدي إحساس بانني حرمت من هذه الانشطة خلال فترة شبابي". وقالت الزناتي إنّها حين ابتكرت البروكيني، لم تكن تقصد توجيهه الى النساء المسلمات حصراً. برأيها، يحقّ للنساء بمختلف دياناتهنّ وأعراقهنّ اختيار ما يرتدينه، ولا يحقّ لأحد أن يسلبهنّ ذلك."نرتدي بكيني تحته"
ولدت الزناتي في مدينة طرابلس اللبنانية، وهاجرت مع عائلتها الى أستراليا حين كانت في الثانية من عمرها. ووصفت الزناتي القرارات الفرنسية بمنع البروكيني، بأنّها حدّ لحريّة كثيرات في ممارسة السباحة، على اختلاف دوافعهنّ، سواء كانت صحية أو دينية أو مجرد رغبتهنّ الشخصية بتغطية أجسادهنّ. وقالت إنّ السياسيين الفرنسيين "يستخدمون كلمة بوركيني كمصطلح سلبي اسلامي في حين أنها مجرد كلمة اخترعتها لتسمية منتج اصنعه. لا نخفي قنابل تحت اللباس، ولا يستخدم في تدريب ارهابيين". وأضافت: "الغرض من اللباس هو الاستجابة لحاجة محدّدة. البوركيني نوع من اللباس لنشاط محدد. وان كانت هذه المعلومة تساعد، فنحن نرتدي بيكيني تحته".تجربة شخصية
استلهمت الزناتي تصميم البوركيني بعد تجربة شخصية تعود إلى أكثر من عشرة أعوام، حين كانت تراقب قريبتها المحجبة تلعب كرة الشبكة، واذا بها تجد أنّ زيها غير ملائم بتاتاً للعبة، إذ كانت ترتدي زي الفريق الرياضي، فوق ملابسها الطويلة، فقررت أن تبتكر شيئاً مناسباً لها. هكذا صممت في العام 2004 ملابس رياضية خاصة بالمحجبات أسمتها Hijood، وهي عبارة عن زي ارتدته بعض البطلات الأولمبيات في أولمبياد ريو الأخير. لاحقاً، طوّرت عاهدة الفكرة، لتبتكر البوركيني، بعدما قرأت مقالاً يصف صعوبة سباحة الشابات المسلمات بالبرقع. تقول: أردت ألا يحرم أي شخص من أنشطة رياضية بسبب قيود تفرض بداعي التعفف". تجربة البروكيني في أستراليا أخذت معاني معاكسة تماماً لما يجري تداوله في فرنسا. اذ ترافق ظهوره مع أعمال شغب على شاطىء كرونولا في سيدني بين شبان من أصول شرق أوسطية، وأستراليين أرادوا "استعادة" الشاطىء. وكان لأعمال العنف هذه وقع الصدمة ما دفع "جمعية المنقذين" إلى تنويع السباحين الذين توظفهم والبدء في توظيف مسلمين. وطلب من الزيناتي حينها تصميم ملابس سباحة طويلة للجمعية الأسترالية باللونين الأصفر والأحمر.صندوق بمليون يورو
في سياق متصل، أعلن رجل الأعمال الجزائري رشيد نكاز عن نيته دفع الغرامات عن كلّ النساء اللواتي يتحدين قرارات منع ارتداء البروكيني على الشواطىء الفرنسية. وقال نكاز لصحيفة "تلغراف"، إنّه يعارض البروكيني والنقاب على صعيد شخصي، لكنّه يؤمن أنه في إطار الديمقراطية، يجب أن يكون لكل فرد الحق بتحديد ما يرتديه، من دون أن يعتبر ذلك تهديداً لحرية الآخرين، أو لأمن البلاد. وأعلن نكاز أنّه أنشأ صندوقاً بمليون يورو لدفع غرامات كلّ من يتحدين المنع الفرنسي، وأنه دفع الى الآن نحو 260 ألف دولار لمساعدة نساء غرّمن بسبب نزولهنّ الى الشاطىء بالبوركيني.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...