شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"ثقافة السحل" في سوريا... هل سقطت كل المعايير؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

السبت 13 أغسطس 201603:46 م
خلال الأسبوع الماضي، دارت أبرز النقاشات السياسية-الأخلاقية بين السوريين حول قضيتين: معركة حلب وتسميتها، وسحل جثث الطيارين الروس على يد "الأهالي" والقوى العسكرية المسيطرة، كما أظهرت بعض الصور. وتوزّع السوريون في قراءتهم لكل من الحدثين بين مؤيدين لما حصل ومنتقدين له، وسط تخوّف كبير من أن يؤدي غياب الوعي إلى تكريس ثقافة الانتقام، وهذا ما يشكل خطراً على أي تصوّر ممكن لمستقبل سوريا. فعلى إيقاع هذين الحدثين الرئيسيين، برّر العديد من المثقفين السوريين الفاعلين في الشأن العام المشاهد والأفكار اللاإنسانية.

انشطار المجتمع

وتوزّعت المواقف حول التنكيل بجثث الطيارين الروس الذين أُسقطت مروحيتهم، على فئتين إحداهما مؤيدة للسحل وأخرى منتقدة له، فيما كان صوت العقل هو الأضعف. وبرّرت الفئة الأولى تأييدها للمشهد البشع بأن روسيا تقصف الشعب السوري. وقالت الصحافية السورية نسرين طرابلسي: Nisrine-TraboulsiNisrine-Traboulsi وفي المقابل، لم تقف حالة صفحات الموالين للنظام عند حدود انتقاد السحل، بل طالب بعض الموالين بإزالة محافظة إدلب عن الخارطة، انتقاماً لمقتل الطيارين الروس. فغرّد الصحافي سرجون هدايا بالقول:
قلة قليلة حافظت على توازنها واعتبرت أن "ما يفعله الطرفان من تجاوزات خاطئ ومدان" ولا يصبّ في مصلحة السوريين. ومن هؤلاء عضو الهيئة العليا للتفاوض يحيى القضماني. Yahiya-Al-KadmaniYahiya-Al-Kadmani

ازدواجية تجاه الإجرام

برر الكثير من "المثقفين" السوريين مشاهد السحل في إدلب، باعتبار أن الأهالي يعيشون تحت قصف أولئك الطيارين. هذا مع العلم أن الصور بيّنت أعداداً كبيرة من المسلحين المنتشرين حول مكان الطائرة الروسية، وما كان نسب الأمر إلى "الأهالي" إلا توريطاً لهم. ولكن مقارنة موقف "المثقف" المهلل للمشهد الإدلبي بموقفه من حادثة استعراض المقاتلين الأكراد لجثث قتلى المعارضة المسلحة في عفرين، في ريف حلب، على شاحنات والتجوّل بها في الشوارع، وهي حادثة بشعة وقعت قبل أشهر وأثارت سجالاً أخلاقياً، هذه المقارنة تكشف عن تناقض كبير. فالمعارض السوري غسان المفلح انتقد عرض الجثث في عفرين آنذاك، معتبراً أنه "كرنفال جرائمي" ليس من شيم الأكراد. Ghassan-Al-Mafleh-2Ghassan-Al-Mafleh-2 ولكن عن حادثة سحل الطيارين الروس قال: Ghassan-Al-MaflehGhassan-Al-Mafleh ووصف الكاتب رستم محمود حادثة عفرين بأنها فعلٌ شائن وحقير. Rustum-Mahmoud-2Rustum-Mahmoud-2 لا بل شعر بأنه مضطرّ إلى التبرؤ من هذا الفعل كونه كردياً: Rustum-Mahmoud-3Rustum-Mahmoud-3 ولكن في المقابل، وتعليقاً على سحل الطيارين الروس، اعتبر "أن شفاء الغليل أمر إنساني جداً". Rustum-MahmoudRustum-Mahmoud

المثقفون انساقوا خلف الشارع

واعتبر علاء الزيات، المدير التنفيذي لتحالف "تماس"، أن المثقفين انساقوا خلف الشارع، وباتوا يرون الأمور ليس بعين النخبة بل بعين الناس العاديين، مضيفاً لرصيف22 أن "تضامن المثقفين مع السحل، ربما كان لرغبة في الخلاص من النظام الذي يحاصر 350 ألف شخص في حلب، وربما لعدم تكرار تجربتي حمص وداريا، لكن كان ذلك بتشفٍ واضح غير مقبول". وقال الكاتب والصحافي فاروق حاج مصطفى لرصيف22 إن السوريين عاشوا عقوداً من الضعف والخوف، لذا "بات المثقف يتأثر من دون أن يلعب دور المؤثر في الناس".

"جنّ" الشعب السوري

حاصر معظم السوريين أنفسهم خلف متاريس الطائفية، وصار الحديث الطائفي الكاره للآخر من الأمور العادية. ولا يقتصر الأمر على أبناء الشعب السوري من مختلف الطوائف بل وصل إلى صنّاع الرأي العام. فمدير مؤسسة "أورينت نيوز" الإعلامية غسان عبود، على سبيل المثال، يجاهر مفاخراً بأنه طائفي. Ghassan-AbboudGhassan-Abboud

غزوة ابراهيم اليوسف

وظهر النفس الطائفي جلياً، على خلفية تقدم المعارضة المسلحة في حلب، في مسعى لفك الحصار عن المدنيين. فقد تباينت مواقف الناشطين حول تفاصيل المعركة التي يقودها "جيش الفتح" و"جيش فتح الشام". واتخذت المعارضة المسلحة لهجوم حلب اسم "غزوة إبراهيم اليوسف". وإبراهيم اليوسف هو منفذ عملية "مدرسة المدفعية" التي قُتل فيها ضباط علويون في مرحلة صراع الإخوان المسلمين والنظام السوري في سوريا خلال سبعينياتالقرن الماضي  وثمانينياته. وكانت هذه التسمية بمثابة تطبيع لصورة الصراع المذهبي السني-الشيعي (العلوي) في سوريا. واحتفل المعارض السوري حكم البابا بهذه التسميات ببضع منشورات منها: Hakam-Al-Baba-2Hakam-Al-Baba-2 وذهب أبعد من ذلك إلى الدعوة إلى التخلي عن أخلاقيات الحرب: ولكنّ بعض المعارضين اعتبر أن اختيار التسمية لهجوم فك الحصار عن حلب هو "اغتيال للثورة".

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image