السوريّون شعب جدير بالحياة، رغم الحرب، والموت، والتهجير. ذلك ما تثبته يسرى مارديني، ابنة الثامنة عشرة التي وقع العالم في حبّها خلال الأيّام الماضية. عشرات آلاف التغريدات، ومئات التقارير الصحافيّة، استعادت قصّة نجاة السبّاحة الدمشقيّة اللاجئة في ألمانيا، ومحتفيةً بشجاعتها.
تشارك مارديني في الألعاب الأولمبية مع فريق مؤلّف من عشرة لاجئين، جمعتهم مفوّضيّة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ضمن أوّل فريق للاجئين في تاريخ الألعاب الأولمبيّة.
يتنافس الرياضيون العشرة من دون نشيد وطنيّ، أو علم، وبينهم لاجئان سوريان هما يسرى مارديني (18 عاماً)، وزميلها في رياضة السباحة رامي أنيس (25 عاماً)، إلى جانب العدائين يوناس كيندي (36 عاماً، إثيوبيا)، وباولو أموتون لوكورو (24 عاماً، جنوب السودان)، وييتش بور بيال (21 عاماً، جنوب السودان)، وجيمس نيانغ شينجيك (28 عاماً، جنوب السودان)، وأنجلينا ناداي لوهاليث (21 عاماً، جنوب السودان)، ولاعبَيْ الجودو بوبول ميسنغا (24 عاماً، الكونغو)، ويولاند مابيكا (28 عاماً، الكونغو).
العالم يقع في حبّ يسرى مارديني... اللاجئة السورية التي أنقذت قاربها من الغرق
غرّدت يسرى مارديني عبر حسابها الرسميّ على تويتر: "الوطن في قلوبنا وليس رايات ترفرف فقط"لم تتأهّل يسرى إلى نهائيّات منافسات 100 متر فراشة، على أن تشارك بعد غد الأربعاء في سباق 100 متر سباحة حرّة. لكنّ عدم نيلها لميداليّة ذهبيّة في أولى مشاركاتها، لم يجعل الاهتمام بها يخبو، إذ ألهمت قصّتها الآلاف الذين عبّروا على مواقع التواصل عن تأثّرهم برحلتها الشبيهة بقصص الأفلام. وخلال مشاركتها في سباق المئة متر فراشة، امتلأت ضفتي حوض السباحة بصرخات التشجيع والتصفيق. خلال رحلة لجوئها إلى ألمانيا، عاشت مارديني أهوال اللجوء التي عاشها كلّ سوريّ ركب البحر هرباً من الحرب. وخلال رحلتها في المتوسط على قارب حمل 20 شخصا بين تركيا واليونان، واجهت مارديني وشقيقتها سارة الموت. تعطّل القارب، ولم يكن أمام السبّاحتين إلا جرّه لأكثر من ثلاث ساعات، بمساعدة امرأة ثالثة كانت على متنه. مثّلت مارديني سوريا في بطولة العالم في السباحة للمسافات القصيرة العام 2012، ومنذ وصولها إلى ألمانيا في خريف 2015، تتمرّن مع "نادي واسرفروندي سباندو 04" في برلين. تقول يسرى في الصفحة التعريفيّة عنها على موقع مفوضيّة اللاجئين: "أريد أن أمثّل جميع اللاجئين لأنني أرغب في أن أثبت للجميع بأنه بعد الألم والعاصفة، يحل الهدوء. أريد أن أحثهم على القيام بأمور جيدة في حياتهم". قد يكون ذلك الكلام مجرّد عبارات ورديّة مكرّرة، لو لم يصدر عن شابّة اختبرت العاصفة، وخرجت منها بكلّ إرادة، منقذةً حياة آخرين. وبمشاركتها في الأولمبياد، تنتصر مارديتني لذكرى آلاف اللاجئين الذين غرقوا خلال العام الماضي، ومنهم الطفل إيلان كردي الذي انتشلت جثّته عن شواطىء تركيا. مارديني التي تتمتّع بكاريزما عالية، وتعد بمستقبل كبير في رياضة السباحة، افتتحت أمس حسابها الرسميّ الموثّق على تويتر. وكان حساب باسمها يرجّح أنّه يدار من قبلها أو من قبل مقرّبين منها، حصد خلال اليومين الماضيين أكثر من 11 ألف متابع خلال ساعات، ونُشِرت عبره صور لمشاركتها في الأولمبياد، إلى جانب صورة مع زميلها في فريق اللاجئين ومواطنها رامي أنيس. وشكر الحساب في تغريدة باسم يسرى كلّ من دعموها، واعتذر ممن لم تستطع الردّ عليهم. وكتبت: "حتى لو لم نكن في وطننا، وحتى لو كان طريقنا وعرًا، نستطيع القيام بأمور عظيمة". وأضافت: "رسالتي إلى العالم: لا تستلموا أبداً". وغرّدت أيضاً: "أوطاننا في قلوبنا وليست رايات ترفرف فقط".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...