كان قارب صغير يحمل عشرين من اللاجئين في الطريق البحرية المعتادة، بين تركيا واليونان، أوشك على الغرق ككثير من القوارب الأخرى. على متنه هذه المرة، كانت بطلتان سوريتان في السباحة، يسرى مارديني وأختها سارة، وبمساعدة شخص ثالث، قادوا الجميع إلى بر الأمان.
لم تتوقف الأحلام بالنسبة إلى يسرى مارديني، في السابعة عشرة من عمرها، عندما غادرت سوريا قبل عام، بل زادتها المصاعب، والمواجهة الحاسمة مع الموت، إصراراً على بداية حلم جديد في عالم السباحة. وبعد أن كانت بطلة سوريا في السباحة الحرة وسباحة الفراشة، وبعد أن شاركت أيضاً في بطولات عدة على المستوى الإقليمي، تبدأ اليوم خطوة كبيرة على المستوى العالمي، وتشارك في فريق اللاجئين لأولمبياد 2016.
البطلة الطفلة
سلكت الأختان مارديني، طريق الهجرة غير الشرعية، بعد معاناة يومية مع الحرب السورية. وقد روت القصة لعدة وسائل إعلامية، تقول فيها إنها واجهت مع عشرين من المهاجرين الموت بعد ربع ساعة تقريباً، من انطلاق القارب المطاطي من الشواطئ التركية. إذ ثُقب وبدأ الماء يتسرب إلى داخله. وكانت أختها سارة، قالت لها سابقاً: "إذا حدث مكروه ما، لا تحاولي مساعدة الآخرين". لكن سارة سبقت يسرى إلى الماء، لتوصل الأختان القارب إلى الشواطئ اليونانية، بمساعدة شخص ثالث من الركاب، بعد جر القارب ثلاث ساعات متواصلة في البحر.أولمبياد 2016
بعد أن نجت يسرى من الغرق في مياه البحر المتوسط، ونجاحها في الحصول على اللجوء في ألمانيا، كان حلمها أن تشارك في أولمبياد ريو دي جانيرو، في البرازيل، الذي يبدأ في الخامس وينتهي في الواحد والعشرين من شهر أغسطس المقبل. لكن الرقم الذي في حوزة السباحة السورية لا يصل بعد للمعدل الذي يشترطه الدولي للسباحة للمشاركة في مسابقات كبيرة مثل الألعاب الأولمبية، على الرغم من مجموعة الإنجازات التي حققتها في عمرها الصغير، فقد كانت بطلة سوريا في مسابقات 200 و400 متر سباحة حرة، وفي سباق 100 و200 متر فراشة. وشاركت الشابة السورية في دورة الألعاب الآسيوية عام 2012، وفي بطولة العالم للسباحة في سباقات المسافات القصيرة، في العام نفسه. بعد ذلك، أعلنت اللجنة الأولمبية الدولية تشكيل أول فريق للاجئين، للمشاركة في أولمبياد 2016 الصيفي، وكانت المرة الأولى في التاريخ، التي تبادر فيها اللجنة الأولمبية، لمنح تلك الفرصة إلى مجموعة صغيرة من الرياضيين اللاجئين، مكونة من عشرة أشخاص، ليشاركوا كغيرهم من الرياضيين في البطولة العالمية. وقد نجحت مارديني في الوصول إلى اختيارها لتكون واحدة من الفريق الأولمبي، وتتحضر في هذه الأيام لدخول العالم الأولمبي، حلم كل رياضي في هذا الحقل في العالم.النجاح
خلال إقامتها في أحد مراكز اللجوء في برلين تعرفت يسرى مارديني إلى أحد نوادي السباحة، وحصلت على الدعم الكافي هناك، وتكلفت إدارة النادي بتحمل رسوم اشتراك يسرى وأختها سارة. ويتم الآن الإشراف على تدريباتها بشكل خاص مع مدرب ألماني، يتابع كل أعمال مشاركتها في الأولمبياد. وكانت يسرى من أول الأسماء التي يتم الإعلان عنها للمشاركة في فريق اللاجئين المنتظر. أغسطس المقبل، تدخل مارديني مع تسعة غيرها، من جنسيات مختلفة من اللاجئين، إلى الملاعب الأولمبية، يحملون علم اللجنة الأولمبية الدولية، ويرحب بهم بشكل خاص، على ألحان النشيد الأولمبي. تحقق يسرى حلمها في رسالة للعالم، بأن اللاجئ يستطيع أن ينجو، ويسير نحو أحلامه.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...