هل يمكن للنساء في السعودية مشاهدة مباراة كرة قدم من المدرجات؟ الإجابة قد لا تكون بتلك البساطة. تحرص بعض السعوديّات على حضور المباريات الدوليّة المقامة في المملكة، بجانب المشجعات الأجنبيّات للفرق المشاركة، إذ تسمح قوانين الاتحاد الآسيوي لكرة القدم بذلك. يختلف الأمر في ما يتعلّق بالمباريات المحليّة، لأنه حتى من دون وجود قانون أو نظام يمنع السعوديات من الحضور، إلا أنّ العرف الاجتماعي يمنعهن من الاستمتاع بمباراة حماسية. تلك المعادلة الغريبة كانت المحرّك لقصص مثيرة، تمكّنت خلالها السعوديّات من حضور المباريات المحليّة، عبر طرق وأسالبي مختلفة.
من تلك القصص قصّة شابّة دخلت متنكّرة بزيّ شاب، إلى مدرّج ملعب الجوهرة الحديث في جدة، خلال مباراة بين فريقي الاتحاد والشباب. ترد تلك القصّة في فيلم "تسللّ" للمخرج الايراني جعفر بنهاي الذي يحكي قصة شابات إيرانيات تنكرن بزي شباب، لإيهام رجال الأمن بأنهن ذكور، ودخول الملاعب.
كن في الملعب بكل فخر
التجارب النسائیة السعودیة في التسلّل إلى ملاعب الكرة، كثيرة. منها تجربة الشابة رنا جربوع التي تقول إنّها شاهدت مباراة كرة القدم، حين كانت في السادسة عشرة من عمرها. كانت المباراة بين الفریق الوطني السعودي ومنتخب الكویت، ضمن بطولة كأس آسیا. وتتذكر رنا جیداً كيف صبغت وجهها بألوان علم السعوديّة الأبيض والأخضر، وشاهدت المباراة في ملعب داخل البحرین، خلال رحلة مدرسیة. تقول إنّ أهلها عرفوا بمشاركتها من خلال شاشات التلفزيون أثناء المباراة، ولم يعترضوا لاحقاً. وتقول إنّها كانت ترتدي جینزها بكل فخر وتشاھد نفسها للمرّة الأولى على شاشات الملعب الكبیرة. ذھبت رنا بالباض مع مجموعة من الطلاب والطالبات لمشاهدة المباراة، وكانت السعودیة الوحیدة من بین المشاركات.ما رأي الجمهور؟
يميل أغلب السعوديين إلى منع النساء من حضور مباريات كرة القدم، وهي أكثر الرياضات شعبيّة في البلاد. السبب اجتماعي، إلى جانب الرأي الديني الرسمي. وبالرغم من ذلك، يوجد بعض المخالفين، ممن يجيزون حضور النساء للملاعب، مثل التصريح الشهير الذي أدلى به الباحث الشرعي وعضو مجلس الشورى السعودي الشيخ حاتم العوني الشريف. أجاز الشريف حضور المرأة إلى الملاعب، مؤكداً أنّه لا فرق بين مشاهدة النساء للمباريات في المدرجات، أو في منازلهن. وهناك الكثير من المشجعات السعوديات المخلصات لفريقهنّ، إذ يعرف عن المرأة السعودية تعصبها الكبير لناديها المفضل. ينقسم المشجعون الرجال حول ذلك النقاش، لكن يبدو أن الغالبية لا تجد مانعاً من حضور المرأة للمباريات. كذلك هناك بعض القصص والمواقف الطريفة التي عبر فيها الجمهور عن ردات فعل إيجابيّة لمشاركة النساء في التشجيع، كان أشبه بتحيّة لظهور المرأة السعوديّة في المدرّجات. مثال على ذلك اللقطة الشهيرة لسيدة سعودية ثبّتت عليها الكاميرا أثناء حضورها مباراة لمنتخب بلادها، وظهرت مبتسمة على شاشات الملعب، فهتف لها الجمهور.على عين زوجي وأبي
وللسیدات السعودیات تجارب أخرى في ملاعب ریاضية غير كرة القدم، مثل ھناء صالح المتابعة لرياضة البيسبول الأميركيّة. حظيت صالح بفرصة لمشاهدة مباراة لفریق الیانكیز الشهير في نيويورك، وكانت المرة الأولى التي تشاهد فيها مباراة من المدرّجات. كانت هناء متحمسة كثیراً للمشاركة في التشجيع مع جمهور الفريق الكبیر الحاضر في ذلك الیوم، مرتديةً الزي الخاص بفريقها المفضّل. تقول إنّ إحدى الصديقات اقترحت عليها الذهاب معاً إلى المباراة، ونشرت صورها على مواقع التواصل بعد انتهائها، وكانت ردة الفعل جمیلة وإیجابیة ومشجعة من الأصدقاء بشكل عام، والأھل والأقارب بشكل خاص. اللافت في حكايات المشجعات، أن بعضهنّ يتحمّس للظهور أمام الكاميرا، في حين تخشى أخريات ذلك، حياءً، أو خوفاً من ردّة فعل المجتمع والعائلة. وفي بعض الأحيان، كانت النتائج تراجيديّة، حين تطلّقت سيّدة من زوجها العام الماضي، لأنّه رآها على التلفزيون أثناء نقل المباراة على إحدى القنوات. على المقلب الآخر، هناك بعض التجارب الجماعيّة المشجّعة، إذ شاركت بعض السيدات السعوديات في مشاهدة دورة الخليج التي تقام عادة كل سنتين في إحدى الدول الخليجية. كان الحضور النسائي السعودي في الدورة رقم 21 ملفتاً، وظهرت بعضهن في تصريحات تناقلتها وسائل الإعلام.هل سيفتح الملعب أبوابه للنساء؟
ترى سعوديّات كثيرات أنّه بات من الضروري فتح المجال أمامهنّ لحضور المباريات. بالنسبة إليهنّ، لا يوجد سبب مقنع من الناحية الاجتماعية أو الشرعية يمنع ذلك، خصوصاً مع تخصيص مكان محدد ومنعزل عن الرجال، وهو المطلب الأكثر شعبية بين الجمهور السعودي. وتستغل بعض المشجعات السعوديات المباريات الدولية للنزول إلى الملاعب، مثل المباراة الوديّة الشهيرة التي أقيمت استاد الملك فهد الدولي في الرياض، بين السعوديّة والأرجنتين، حين حرصت بعض السيدات السعوديات على الحضور بجانب المشجعات الأرجنتينات. في بعض الحالات، يسمح رجال الأمن للفتيات الصغيرات في السن بالدخول، وأحياناً يسمح بدخول من هي بعمر الخامسة عشرة وأحياناً السابعة عشرة إن كانت برفقة والدها. كما تشارك المشجعات السعوديات في مباريات خارج السعوديّة، تقام إما في دول عربية أو أووربية، مثل مباراة السوبر الشهيرة بين الهلال والنصر التي كانت مشاركة المشجعات فيها كبيرة وغير متوقّعة.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...