ماذا لو كنت تمل وزناً زائداً وتريد أن تلعب كرة القدم؟ إذا كنت تعاني من الزيادة المفرطة في الوزن، ولا تستطيع أن تجري كما يجب وراء الكرة، وتكتفي فقط "بالفرجة" من بعيد، ولا تجرؤ حتى على طلب فرصة للعب، كي لا يكون نصيبك السخرية، فأنت إذاً مدعو لتقرأ السطور التالية.
"الكورة مش بس أجوان" (الكرة ليست فقط أهدافاً)، مقولة تؤكد أن مضمون كرة القدم لا يقتصر فقط على إحراز الأهداف. لكن هناك أموراً أخرى تتضمنها ويُعبّر عنها عادة بـ"اللعبة الحلوة".
"فات يونايتد" حلوا مشكلة كل أصحاب الوزن الزائد في تحقيق حلمهم بلعب كرة القدم. الفريق مكون من 8 أشخاص، وزنهم جميعاً أكثر من مئة كيلوغرام، بل هناك من يتخطى وزنه الـ160 كيلوغراماً. كونوا فريقاً لحبهم كرة القدم، وعدم قدرتهم على مشاركة أي من الفرق اللعب. وجدوا أن بإمكانهم تغيير حياتهم وتحقيق المتعة لأنفسهم في الوقت نفسه. وجميع أفراد الفريق يعملون في وظائف مرموقة، فمنهم القاضي وضابط الشرطة والطبيب ورجل الأعمال والمهندس.
"هزار من غير ولا جون"
يقول القاضي شريف الماحي: "الموضوع بدأ هزار (مزاحاً). فنحن مجموعة من الأصدقاء كنا نلعب كرة القدم منذ كنا صغاراً، ومرت الأعوام دون أن نفعل ذلك. ولكن في إحدى مقابلاتنا وجدنا أننا جميعاً زاد وزننا بشكل كبير، وفي الوقت نفسه كنا نتمنى أن نلعب مرة أخرى. وطبعاً نعلم جيداً أننا لا نستطيع ذلك بسبب أوزاننا، فاقترحنا الفكرة بشكل هزلي. ولكن سرعان ما لاقت رواجاً كبيراً في مدينتنا الصغيرة، المنصورة". المنصورة هي عاصمة محافظة الدقهلية المصرية، وتقع على الضفة الشرقية لنهر النيل، وتبعد 120 كيلومترا شمال شرق القاهرة. وأضاف الماحي: "بالرغم من أن بعضنا يعاني زيادة مفرطة بالوزن حتى وصل إلى حالة مرضية، تمسكنا بالفكرة وبنجاحها". وتابع: "في البداية قوبلت فكرتنا بالسخرية من البعض، وفي كل المباريات الودية التي لعبناها، لم نحرز أي هدف، ما يزيد من سخرية بعض الناس. لكننا فوجئنا بعد ذلك، برد الفعل من الشركات الراعية، التي طالبت بوضع إعلاناتها على "تي شيرتات" خاصة بالفريق وانهالت العروض المطالبة برعاية الفريق".توجيه الدخل للأعمال الخيرية
وروى الماحي كيف قرّر الفريق إطلاق حملة لتسديد ديون الغارمات (المسجونات بسبب عدم دفع غرامات) في المنصورة، من خلال دخل الفريق من الشركات الراعية. ويقول: "وأطلقنا عليها المنصورة بلا غارمات، ولاقت الحملة رواجاً كبيراً داخل المدينة حتى أن البعض أصبح يوجه زكاة ماله لمصلحتها". وقال الطبيب البيطرى إيهاب عباس، وهو أحد أفراد الفريق: "أنا صاحب أقل وزن في الفريق. وزني نحو 80 كيلو فقط". وتابع متهكماً: "لكنه وزن كبير جداً بالنسبة إلى لاعب كرة". ولفت إلى أن الأمر تخطى فكرة لعب الرياضة المفضلة، لتحقيق عمل إنساني. وأضاف: "نجحنا بالفعل في تسديد ديون عدد كبير من المغرّمين عن طريق حملة كبيرة أطلقناها على Facebook. وبعد إطلاق الحملة بأسبوع واحد جمعنا 750 ألف جنيه مصري". رجل الأعمال سيد عيطة، أحد أفراد الفريق، يبلغ وزنه 165 كيلوغراماً. قال: "هناك الكثير من المواقف المضحكة أثناء اللعب. فخلال إحدى المباريات وكانت مباراة تحمل اسماء بعض الأطفال الذين لقوا حتفهم في حادث مروري، لم نستطع إحراز أي هدف، وكان يشاركنا اللعب الكابتن محمد شوقي نجم كنوع من المساندة للفريق، فقمت بحمله والجري به في أنحاء الملعب، ووقعنا على الأرض، لأنني لم أستطع مواصلة الجري، ما جعل كل الحاضرين يدخلون في موجة من الضحك الهستيري، كذلك فعل ذوو الأطفال المتوفين. ما جعلنا نشعر بالسعادة لأننا أخرجناهم من حالة الحزن التي مروا بها ولو للحظات". أما لاعب الفريق شادي رؤوف، فقال إن الفريق تلقّى دعوات أهلية وليست رسمية، من بعض المعارف في الكويت للعب مباريات ودية، في إطار حملة إنسانية.لكل مشجع للكرة مذهب
وأعلن النجم محمد شوقي، لاعب النادي الأهلي ومنتخب مصر السابق، دعمه الكامل للفريق ومساندته التامة له، ولعب معه مباراتين وديتين لمصلحة الغارمات. وتمنى أن ينجح في إجراء مباراة ودية بين فريق "فات يونايتد" وفريق النادي المصري البورسعيدي، لتحقيق الفكرة وتسديد ديون الغارمات في المدينة، كما فعلوا مع غارمات المنصورة. ورأى مصطفى السطوحي مراسل برنامج العاشرة مساء من الدقهلية، أن فكرة الفريق نبيلة تستحق التشجيع، لأنها ستساعد أسراً كاملة على المضى قدماً في حياتها. وستساعد أمهات على الخروج من السجن. كما أن الفكرة ساهمت في التخفيف من العنصرية التي ينظر بها المجتمع لأصحاب الوزن الزائد. لكن رغم كل الحفاوة التي لاقتها، لا تزال خطوة الفريق تواجه الرفض من الكثيرين، في انعكاس للعنصرية الكبيرة التي يواجهها أصحاب الوزن الزائد. يقول الموظف عبد الخالق عبد الحميد مثلاً إنه لن يشجع فريقاً "أعضاؤه بهذا الحجم، ولا يستطيعون إحراز هدف واحد، بصرف النظر عن العمل الخيري الذي يقومون به".للنقاد رأي آخر
الرياضة بصفة عامة وكرة القدم بصفة خاصة وجدت للمتعة، وهي متاحة للجميع على سبيل الترفيه. يشدد حسن السعدني، الناقد الرياضي بموقع وجريدة أهل مصر، على هذه الفكرة معتبراً أن فريق "البدناء" لكرة القدم فكرة عبقرية للتخلص من زيادة الوزن والعودة إلى أجواء الرياضة، وذكريات الطفولة. وبحسب السعدني، كل شخص يصلح للعب الكرة بهدف الترفيه، ولكن احتراف اللعبة يتطلب مقومات خاصة، منها ما يتعلق بالوزن أو الكشف الطبي على القلب، واللياقة البدنية والسرعة، بجانب المقوم الأساسي وهو المهارة.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...