شعبية كبيرة تشهدها كرة القدم النسوية بين الفتيات الأردنيات، هذه الشعبية تعكس تغييراً في اتجاهات الأردنيين نحو لعبة كانت تُصنف لسنوات ذكورية بحتة، لجهة اللاعبين والجمهور.
دخلت كرة القدم النسوية إلى الأردن عام 2005 بدعم من الأمير علي بن الحسين في البداية. شهدت إقبالاً كبيراً من الفتيات، إذ يصل اليوم عدد لاعبات كرة القدم إلى 750، يتوزعن على 9 نوادٍ، و12 مركزاً للواعدات في كرة القدم. ويتوقع القيّمون على كرة القدم النسوية الأردنية أن تصبح اللعبة أكثر انتشاراً، مع إطلاق صافرة مباريات كأس العالم للسيدات تحت سن 17 في 20 سبتمبر المقبل في الأردن.
اليوم يشجع الأهل بناتهم على المشاركة في اللعبة، وأصبحن مصدر فخر لآبائهم. لكن الحال لم يكن كذلك قبل عشرة أعوام. سولين الزعبي، إحدى أقدم لاعبات كرة القدم الأردنية، التي التحقت بالمنتخب الأردني لكرة القدم عام 2005، تحدثت عن تجربتها لرصيف22. تقول: "أنا الفتاة الوحيدة بين أشقائي الذكور. ومنذ السادسة من عمري، كنت ألعب الكرة في الحارة مع إخوتي. وفي المدرسة، انضممت إلى فريق كرة القدم، وكنت الفتاة الوحيدة فيه".
وتضيف: "عام 2002 بدأت النوادي الرياضية بتأسيس فرق نسوية لكرة القدم. وأذكر في أحد الأيام استقللت سيارة التاكسي وذهبت إلى النادي الأورثوذكسي، لأنضم إلى فريق الكرة النسوية. واجهت رفضاً من عائلتي، لأن اللعبة ذكورية من جهة ومن جهة أخرى الخوف أن يؤثر التزامي بالتدريبات على تحصيلي الأكاديمي".
تتابع: "كنا نتدرب 3 أيام أسبوعياً، وتمكنت من إقناع عائلتي أن التدريب لن يؤثر على تحصيلي الدراسي. أنهيت دراستي الثانوية والتحقت بالجامعة الأردنية بتخصص التحاليل الطبية، عام 2005 والتحقت بالمنتخب الوطني لكرة القدم للسيدات، وكان حديث النشأة حينها".
توضح سولين أنها أكملت دراستها الجامعية في تخصص لم تكن ترغب به. وبعد الجامعة، عملت مدربة رياضية في عدد من المدارس والنوادي، ومنسقة للأنشطة الرياضية، مع التركيز على كرة القدم. تقول: "اليوم أنا في اتحاد كرة القدم الأردني، أعمل إدارية وأوفر الدعم والمساندة لليافعات، كما حصلت على شهادة لتدريب كرة القدم، وأعمل مدربة للأطفال، ومستمرة لاعبةً في فريق نادي شباب الأردن للسيدات".
تؤكد أن كرة القدم النسوية شهدت تغييرات جذرية خلال الأعوام الأخيرة. والإقبال يزداد يومياً. لافتةً إلى أنها غالباً كانت محظورة على الفتيات في السابق، خصوصاً خارج العاصمة عمان، وفي المجتمعات الأكثر محافظة.
تلفت سولين إلى وجود 12 مركزاً للواعدات، تنتشر في محافظات المملكة، وتوفر الفرصة للفتيات الراغبات في لعب كرة القدم. إلى جانب تعزيز الوعي لدى مديري ومعلمي المدارس، لأهمية درس التربية الرياضية، وتحديداً رياضة كرة القدم للفتيات.
يتم التعامل مع درس التربية الرياضية، غالباً، وتحديداً في مدارس الإناث على أنها حصة فراغ، أو تكملة لمواد دراسية أخرى. وهذا ما يجعل غالبية اليافعات بعيدات عن ممارسة أي نوع من أنواع الرياضة.
ولتحفيز المشاركة الرياضية لليافعات، نظم اتحاد كرة القدم الأردني دوري كرة القدم للفتيات في المدارس الحكومية، وتم اختيار 12 مدرسة شكلت كل مدرسة فريقها الخاص. "كانت تجربة مميزة. إلى جانب حماسة الفتيات لمسنا حماسة الأهالي وسعادتهم بإنجاز بناتهن"، تقول سولين.
وتقول الصحافية المتخصصة في قضايا المرأة، ورئيسة اللجنة النسوية في اتحاد كرة القدم الأردني، رنا الحسيني: "خلال عشر سنوات تمكننا من كسر الحواجز الاجتماعية، التي طالما اعتبرت اللعبة ذكورية، وهذا النجاح يتوج اليوم باستضافة الأردن لكأس العالم لفئة تحت 17 عاماً".
وتشير الحسيني إلى أن اللاعبات ينتمين لخلفيات متنوعة، منها عائلات محافظة، وأخرى أكثر انفتاحاً. وينتمين إلى مناطق ومدن مختلفة.
وتقول: "لضمان تعزيز مشاركة الفتيات في اللعبة، وضمان استمرارهن بعد تخرجهن من الجامعة، خصصت مكافآت شهرية للاعبات، تغطي مصاريف المواصلات ومصاريفهن الشخصية". وتلفت الحسيني إلى مسألة السماح بلبس الحجاب خلال لعب كرة القدم، وكيف ساهم قرار الفيفا، الذي اتخذ بعد حملة كسب دعم وتأييد، أطلقها الأمير علي، في مشاركة عدد أكبر من الفتيات.
[caption id="attachment_62151" align="alignnone" width="350"] جيدا النبر[/caption]
جيدا النبر وفرح الزين لاعبتان في المنتخب الأردني، الذي سيشارك في مباريات كأس العالم للسيدات دون سن 17. للفتاتين تجربة تختلف تماماً عن سولين، لجهة الدعم الأسري ومواجهة الصعوبات المجتمعية.
فجيدا سبق لقريبات لها أن اشتركن في المنتخب الوطني عند تأسيسه عام 2005. تقول: "بدأت لعب كرة القدم في little league وبسبب وجود لاعبات في عائلتي، شكل ذلك دعماً مضاعفاً لي".
أما فرح، فتلفت إلى الأثر الإيجابي لكرة القدم على مستواها الأكاديمي. تقول: "كنت أسمع كثيراً عبارة أن الالتحاق بالمنتخب سيؤثر سلباً على دراستي. شكّل هذا التحدي دافعاً أمامي لبذل جهد مضاعف وتحقيق علامات أعلى".
تسعى كل من جيدا وفرح إلى احتراف كرة القدم مستقبلاً، خصوصاً أنهما ستلتحقان بجامعات أوروبية، ما يوفر لهن فرصة أكبر في الاشتراك بأحد نوادي المحترفين خلال سنوات الدراسة الجامعية.
مقابل تلك النجاحات، يبقى الكثير من التحديات قائماً، بحسب الحسيني. أبرزها توفير التمويل اللازم للمنتخب الوطني والأندية، إضافة إلى إيجاد الآلية والتسهيلات اللوجستية للفتيات من المحافظات للمشاركة في المنتخب، تحديداً المتعلقة بالمواصلات من مراكز التدريب إلى أماكن سكنهن".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين