دأبت حركات المقاومة في فلسطين على استعمال وسائل قتالية عديدة في مواجهة الجيش الإسرائيلي، بدءاً من الحجر وقنابل المولوتوف، وصولاً إلى الصواريخ والطائرات التي عملت على تطوير العديد منها محلياً لمواجهة الحصار المفروض عليها.
ورغم التطور العسكري الذي يمتاز به الجيش الإسرائيلي، ما زال عاجزاً عن إيجاد حلٍ لأسلحة المقاومة الفلسطينية بشكل كامل، وقد فوجئ بكمية ونوعية الأسلحة التي استخدمتها حماس في الحرب الأخيرة على غزّة. تواصل القوى الفلسطينية تصنيع الأسلحة والمواد القتالية وتطويرها، رغم التضييق والحصار الذي تعاني منه للتزود بالمواد الأساسية والذخائر اللازمة لذلك، وتسعى لتعويض النقص الكبير الذي تعاني منه في الإمكانيات التسليحية عبر ابتكار وسائل بديلة تتمتّع بقدر من الفعالية. في ما يلي الأسلحة التي استخدمتها المقاومة الفلسطينية في حروبها مع إسرائيل، وبالأخص، تلك التي عملت على تطويرها.
الصواريخ
تمكّنت المقاومة الفلسطينية من إطلاق أول صاروخ باتجاه المستوطنات الإسرائيلية عام 2001 وكان "صاروخ القسام" محلي الصنع. لم يتجاوز مداه حينذاك الـ4 كم ووصل إلى أطراف مستوطنة "سيديروت" شمال القطاع، واتصف بعدم الدقة والفعالية، لكنه شكل تطوراً في نهج المواجهة التي تتبعه المقاومة الفلسطينية.
يعتبر صاروخ القسام أول صاروخ فلسطيني تم تصنيعه وتطويره من طرف مهندسيكتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس. يعود الفضل للقياديّ نضال فرحات، بمساعدة عدنان الغول في تصنيع أول صاروخ منه. أطلق عليه هذا الاسم نسبة للشيخ "عز الدين القسام" الذي حارب قوات الانتداب البريطاني والعصابات الصهيونية. يحمل الصاروخ رأساً متفجّراً يحتوي على مادة "تي إن تي" TNT، ومادته الدافعة هي مزيج من نترات البوتاسيوم وسكر القصب.
خلال الأعوام التي تبعت صناعة صاروخ القسام عملت كتائب عز الدين القسام على تطويره، فباتت الأجيال التي تبعت النموذج الأول تتمتع بمدىً وقدرة تأثيرية أكبر، آخرها الجيل الرابع الذي يعتقد أنه قادر على تحقيق مدى يبلغ 15 إلى 17 كيلومتراً.
أما سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، فقد استطاعت أن تطور صاروخ "الكاتيوشا" الإيراني الصنع تحت اسم "صواريخ قدس". أصدرت السرايا أول جيل من هذه الصواريخ، قدس1، عام 2002، ثم تبعه الجيل الثاني والثالث (قدس2، قدس3) التي تعتبر صواريخ بعيدة المدى، يصل مداها إلى 18 كيلومتراً. تحمل رؤوس صواريخ قدس كميات كبيرة من مادة "تي إن آي" TNA المتفجرة، ويصل طول صاروخ قدس3 على سبيل المثال نحو مترين، ووزنه 70 كيلوغراماً.
طوّرت سرايا القدس أيضاً صواريخها فأنتجت صاروخ "قدس متوسط المدى" برأس متفجر أكثر تأثيراً إذ يحوي على موادّ حارقة ومتفجرة وشظايا، إضافة إلى عملها على تطوير صواريخ "غراد".
"ألوية الناصر صلاح الدين" استطاعت تصنيع وتطوير صاروخ بعيد المدى تحت اسم "صواريخ ناصر" وأنتجت منها ثلاثة أجيال (ناصر1، ناصر2، ناصر3). يحمل آخر الأجيال رأساً متفجراً يزن 13 كيلوغراماً تقريباً، ويتعدى مداه 15 كيلومتراً، وبحسب خبراء، فإن صواريخ "ناصر" تتفوق على نظيرتها "القسام" من حيث القدرة التأثيرية. طورت الألوية صواريخ "ناصر" لتنتج الجيل الرابع منها (ناصر4) ومعه بات صاعق الصاروخ داخل جسد الصاروخ وليس في رأسه، لضمان حتمية انفجاره عندما يلامس أي شيء.
"صواريخ الأقصى" التي تشبه إلى حدٍ كبير نظيرتها "القسام"، صنعتها وطورتها كتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري لحركة التحرير الفلسطينية (فتح). أصدرت فتح منها جيلين (أقصى1، أقصى2)، الجيل الأول يصل مداه إلى خمسة كيلومترات ويطلق من منصات ثابتة وبطاريات خاصة، أما الجيل الثاني فهو يشبه إلى حد كبير صواريخ أرض- أرض ويمكن استخدامه ضد المواقع الأرضية.
خلال حرب "حجارة من سجيل" عام 2012 استخدمت كتائب عز الدين القسام نوعاًجديداً من الصواريخ التي صنعتها وطورتها وهي صواريخ M75 أو "مقادمة 75" وسمي كذلك نسبة للمفكر الحمساوي إبراهيم المقادمة. يصل مدى الصاروخ حتى 75 كم وتتكتم حماس على مواصفاته، وهو شبيه بصواريخ فجر 4 و5 الإيرانية الصنع، شأنه شأن صاروخ J80 أو "جعبري 80" الذي صنعته وطورته كتائب القسام أيضاً، واستخدم أول مرة خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزّة في يوليو 2014. سمّي كذلك نسبة للقائد الحمساوي حمد الجعبري، وهو بحسب خبراء عسكريين لا يسير بانتظام ويتمايل بعيد إطلاقه حتى الوصول إلى الهدف، ما يساعد على تجنبه أي اعتراض من نظام القبة الحديدية الذي تملكه إسرائيل، ولذا استطاع الوصول إلى مدينة تل أبيب.
خلال الحرب نفسها، كشفت الكتائب عن صاروخ جديد صنعته وطورته داخل القطاع يحمل اسم R160 نسبة للقائد الحمساوي عبد العزيز الرنتيسي، ويعبر الرقم 160 عن المدى الذي يستطيع الصاروخ قطعه، وتمكنت الكتائب عبر هذا الصاروخ من استهداف عمق المستوطنات الإسرائيلية وصولاً إلى حيفا، ووصفته وسائل الإعلام الإسرائيلية بسلاح "يوم القيامة"، إضافة لصواريخ براق 70 و100 وكذلك سجيل 55.
القذائف والمدافع
أعلنت كتائب عز الدين القسام عام 2003 عن تصنيع صاروخ مضاد للدروع تحت اسم "صاروخ البتار" وأطلق أول نموذج منه في يناير 2003. لا يحتاج الصاروخ لوجود العنصر البشري في مكان إطلاقه، وينطلق على هيئة صواريخ (أرض- أرض) ولكن بارتفاع يوازي الآليات. ينصب على الأرض ويطلق بواسطة جهاز تحكم عن بعد عند اقتراب الهدف، وهو عبارة عن ماسورة طولها متر، وقطرها 6 إنشات، وبداخلها مقذوف صاروخي يشبه الـ"آر بي جيه" RPG. يزود الصاروخ بقناص ونيشان، ويصيب الهدف بدقة.
تصنع الكتائب أنواعاً أخرى من الصواريخ المضادة للدروع تسمى "البنا1" و"البنا2" وهي صواريخ محمولة على الكتف، وتشبه صواريخ الـ "آر بي جيه". طورتها لاحقاً لتنتج "قذيفة الياسين"، المخصصة لاستهداف العربات والمدرعات وكذلك التحصينات العسكرية. أقصى مدىً للقذيفة 250م فيما يبلغ مداها المؤثر 150م، ومدفعها خفيف الوزن وسهل الارتداد، وهي استنساخ لقذيفة PG-2 المضادة للدروع روسية الصنع.
المقاومة الفلسطينية تستخدم أيضاً صواريخ مضادة للدروع روسية الصنع كصواريخ الكورنيت، فاغوت، RPJ7، ومالوتكا، والإيرانية الصنع كرعد، نادر، طوفان، توسان والصاعقة، كما صواريخ مضادة للطائرات روسية الصنع كصواريخ "سام7" التي تُحمل على الكتف.
البنادق
مع تطور الأداء العسكري لفصائل المقاومة في فلسطين، بدأت وحدات مختصة بتصنيع مسدسات من عيار 9 ملم من نوع جولد ستار وكانت نسبة نجاح هذا السلاح %50 تقريباً وذلك نظراً لقلة الخبرة والإمكانيات المتوفرة. ثم توجهت عام 1993 إلى مشروع آخر وهو صناعة سلاح "عوزي حماس" الشبيه بالبندقية الإسرائيلية الشهيرة "عوزي". تم تصنيع قرابة 350 قطعة منها، وكانت نسبة نجاحها من %60 إلى %70.
خلال عام 2014 وإبان الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزّة، أعلنت كتائب عز الدين القسام عن "قناصة غول" التي صنعتها وطورتها. البندقية من عيار 14.5 ملم، بمدى قاتل يبلغ 2 كلم، وذلك مقارنة ببندقية "دراغونوف" الروسية من عيار 7.62، وبندقية القنص النمساوية "شتاير" من عيار 12.7، وسميت كذلك تيمنًا بأحد أبرز قادة الكتائب العسكريين، عدنان الغول، الذي قتل عام 2004 بغارة إسرائيلية.
المتفجرات
أنتجت المقاومة الفلسطينية منذ انطلاقتها نماذج عدة لعبوات ناسفة، من بينها "عبوة شواظ" التي استخدمت أول مرة في فبراير 2003 وتعد آخر ما صنّعته المقاومة من عبوات. لها أربعة أجيال (شواظ1، شواظ2، شواظ3، وشواظ4) وهي ذات قدرة عالية على الاختراق، بل أعلى ممّا يعرف عن العبوات التي تستخدمها المنظمات الفلسطينية.
كما تمكن مهندسو المقاومة من تصنيع قنابل يدوية من البلاستيك والحديد، وتتميز بكون شدة انفجارها أقوى من قنابل "الملز" و"اف 1". جرى تطوير قاذف لهذه القنابل، مستوحى من قاذف القنابل المسيلة للدموع، وهذا ما يجعل مدى القنبلة المقذوفة يصل إلى 150 متراً على الأقل. بدأت المرحلة الأولى لصناعة القنابل عام 1994 وقد كان النموذج الأول للقنابل مصنعاً من علب الطلاء، وبدأت بالتطور منذ عام 1996.
كما تعد المقاومة الفلسطينية ضليعة في صناعة الأحزمة الناسفة وتجهيز السيارات المفخخة والتي تعتبر من الأساليب الأولى التي واجهت فيها الجيش الإسرائيلي.
الطائرات
مع بداية عام 2003 بدأت كتائب عز الدين القسام بوضع التصاميم الأولية لطائرات بدون طيار تحمل اسم "أبابيل 1" على يد نضال فرحات الذي تمكّنت إسرائيل من اغتياله ورفاقه قبل إنجازها. وفي يوليو 2014 خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزّة، أعلنت الكتائب استخدامها لأول مرة. لأبابيل ثلاثة نماذج هي الطائرة A1 A وهي ذات مهمّات استطلاعية، والطائرة A1 B وهي ذات مهمّات هجومية- إلقاء، وطائرة A1 C وهي ذات مهمّات هجومية- انتحارية.
نادرة هي المعلومات التي تتحدث عن وسائل دعم المقاومة الفلسطينية، لكن الأخيرة تستفيد بالدرجة الأولى من حلفائها وخاصة في سوريا وإيران حيث تخضع كوادرها لتدريبات على صناعة واستخدام السلاح، فضلاً عن شبكة الإمداد من السودان عبر البحر الأحمر إلى مصر وحتى سيناء التي كانت تزود قطاع غزّة بالأسلحة والصواريخ. تملك المقاومة في فلسطين شبكة إنفاق معقدة يعتقد أنها المصدر الرئيسي لعمليات الدعم، وتتولى وحدات الهندسة تطوير وصناعة الأسلحة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...