شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
كيف غيّرت هذه المرأة الأسترالية حياة 3 أطفال فلسطينيين؟

كيف غيّرت هذه المرأة الأسترالية حياة 3 أطفال فلسطينيين؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 1 يونيو 201701:07 ص
داخل أحد المنازل في مخيم حي الأمل في خان يونس جنوب غزة، تعيش الأسترالية جين كالدر، البالغة من العمر 80 عاماً، حياةً كرست سنوات عمرها لتحقيقها. تركت أهلها ووطنها أستراليا، وانطلقت قبل 36 عاماً إلى منطقة الشرق الأوسط، واضعة نصب عينيها مساعدة الأطفال للعيش في أمان واستقرار. بدأت قصتها بعد وصولها إلى بيروت عام 1980 كمتطوعة، ثم موظفة في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، ومتخصصة في تعليم الأطفال والعناية بهم. أثناء الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، وفي خضم المواجهات والقصف، كانت جين تخوض معركة نبيلة بهدف الحفاظ على الحياة، لتبحث في المستشفيات عن المحتاجين للمساعدة. جين كالدرجين13 تدخل القدر بشكل كبير في حياتها، التي تغيرت كلياً بعد عثورها على أطفال ثلاثة مجهولي النسب وغير أشقاء، دلال وحمودة وبلال. جميعهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، حمودة يعاني من شلل رباعي وتأخر عقلي، بلال يعاني من ضمور عقلي، أما دلال فهي فاقدة للبصر منذ الولادة. تقول كالدر لرصيف22 إنها تواصلت على الفور مع الدكتور فتحي عرفات، رئيس جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني وطلبت منه الاحتفاظ بالأطفال الثلاثة، فوافق على الفور، وساعدها في عملية إخراجهم من لبنان. انتقلت جين بالأطفال الثلاثة إلى سوريا هرباً من الحرب، قبل أن تسافر بحمودة ودلال إلى مصر تاركة بلال اضطرارياً في مخيم اليرموك في سوريا، لدى إحدى الممرضات من جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، بسبب مشكلة في أوراق سفره منعته من الالتحاق بعائلته الجديدة إلى مصر. عام 1985 نجحت جهود جين كالدر والهلال الفلسطيني في نقل بلال إلى مصر، ليلتئم شمل العائلة، وتتكفل السيدة الأسترالية برعاية ثلاثة أطفال فلسطينيين مجهولي النسب. بعد أن عاشوا في مصر 10 سنوات، ومع عودة السلطة الوطنية الفلسطينية، وفق اتفاق أوسلو إلى الأراضي الفلسطينية، انتقلت جين بأطفالها الثلاثة للعيش في قطاع غزة، بدايات عام 1995 لتستقر في خان يونس. واصلت عملها الذي أحبته واختارته في خدمة الأطفال، وتعويض دلال وبلال وحمودة عن عائلاتهم. اليوم تشغل الدكتورة جين كالدر منصب عميد كلية تنمية القدرات الجامعية، التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني، والتي أنشأتها بنفسها قبل 10 سنوات. تقوم هذه الكلية بدمج الأطفال الأصحاء مع ذوي الاحتياجات الخاصة في بعض الصفوف المدرسية، لتنشئة أطفال متقبلين بعضهم بعضاً. وفي الأقسام العليا من الكلية، توجد تخصصات جامعية تهتم بتنمية قدرات ذوي الاحتياجات الخاصة، وتأهيلهم للدخول إلى سوق العمل. وتضيف الدكتورة جين كالدر أن الأطفال أصبحوا عائلتها لدرجة أنها لم تفكر في الزواج،  فلديها الكثير من الأعمال والواجبات تجاه الأطفال. والأمر يحتاج إلى تفرغ مطلق، مؤكدةً أنها لا تشعر بأي ندم على خوضها هذا الطريق في حياتها. اللافت أيضاُ أن جين كالدر لم تتدخل في ديانة الأطفال، فهي سيدة مسيحية ربت ثلاثة أطفال مسلمين وأبقتهم على دين آبائهم.

حياتها مع ابنائها

حمودة الذي يعاني من شلل رباعي وتأخر عقلي عاش ستة وعشرين عاماً في أحضان أمه جين كالدر وأخويه بلال ودلال قبل أن يتوفى عام 2008 بسبب وضعه الصحي. أما بلال فقد تزوج قبل عامين بمساعده أمه وأخته، في حين أن دلال الفتاة الكفيفة والمحجبة أتمت دراستها وحصلت على شهادة الماجستير في العلوم الإنسانية وتشغل حالياً منصب محاضر جامعي ورئيس قسم كلية التعليم المستمر في الكلية الجامعية التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني، كما تتحدث دلال اللغة الإنجليزية بطلاقة واللغة الفرنسية بشكل جيد. وتقول دلال لرصيف22 إنها لا تستطيع تخيل شكل حياتها لو لم تحتضنها جين كالدر عندما كانت طفلة وتعتني بها معتبرةً أن الفشل أو الموت كانا الخيارين الأقرب لها في ظل واقع صعب في بيروت في تلك الفترة. دلال تعتبر كالدر أمها الحقيقة وهي فخورة بها. أما بلال فيقول بكلمات بريئة وعفوية لرصيف22 أنه يتمنى أن يعيش طوال حياته مع والدته وأخته فهو يحبهما ولا يستطيع العيش بدونهما. عائلة جين كالدر التي تنتظر حفيدها الأول بعد زواج بلال، تعيش في منزل مكون من طابقين أحدهما لبلال وزوجته، والآخر للدكتورة جين كالدر وابنتها دلال، وقد اشترت كالدر ودلال المنزل بأموالهما، وبمساعدة أيضاً من جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، والمنزل مسجل باسم دلال وبلال بناءً على رغبة جين كالدر. انجازات كبيرة صنعتها هذه المرأة بطاقة محركة اسمها الحب، فأنقذت حياة ثلاثة أطفال لا سند لهم في الدنيا ويعانون من أوضاع صحية سيئة، وقضت سنوات عمرها في دعم الأطفال وتحسين مستقبلهم دون تخوف أو تردد بسبب واقعهم الصحي أو الاجتماعي.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image