قليلة هي الدول التي لم يستهدفها الإرهاب بأشكاله المتعددة. وعلى الرغم من أن عمليات التفجير واستهداف المدنيين ليس جديدة، فإن مصطلح "الإرهاب" بمضامينه الحالية، بدأ ينتشر بقوة بعد اعتداءات 11 سبتمبر التي ضربت الولايات المتحدة.
من أبرز التنظيمات الإرهابية التي ظهرت خلال العقدين الماضيين، "تنظيم القاعدة"، و"حركة طالبان"، و"جماعة أبو سياف" الفيليبينية، و"بوكو حرام" النيجيرية، وتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش).
ولكن، ما هي دلالات أسماء هذه التنظيمات، وكيف نشأت ولماذا ولأي أهداف؟ وكيف تتطوّر وتمتد وتجذب المقاتلين؟
"تنظيم القاعدة"
من أبرز التنظيمات الإرهابية وأشهرها، وتختلف الروايات حول تأسيسه. فثمة من يقول إنه تأسّس على أيدي شبّان عرب في أفغانستان إبان الحرب ضد القوات السوفياتية التي غزت أفغانستان عام 1979. بينما يقول آخرون إنه تأسس عام 1988 على يد أسامة بن لادن وعبد الله عزام وأيمن الظواهري وسيد إمام الشريف. لكن المؤكد أن التنظيم شهد نقلة نوعية في فبراير 1998، حين صدر البيان التأسيسي لتشكيل "الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والنصارى". في البداية، كان الهدف من تأسيس التنظيم محاربة القوات السوفياتية في أفغانستان، بدعم وتمويل من الولايات المتحدة عبر المخابرات الباكستانية. ولكن لاحقاً، جذب التنظيم متطوّعين من ذوي الاختصاصات العسكرية والتأهيل القتالي من معظم الدول العربية. وتحوّل رمزاً للمجاهدين، وغدا بن لادن وعزّام عنوانين بارزين للمجاهدين العرب في أفغانستان، قبل اغتيال الأخير في 24 نوفمبر 1989، لتخلو الساحة لبن لادن قائداً. استمد التنظيم اسمه بمحض الصدفة من "قاعدة المعلومات"، إذ كان المشرفون عليه بقيادة بن لادن يستقبلون الشبّان العرب الآتين للجهاد في أفغانستان، ويسجلون معلوماتهم الأساسية قبل توزيعهم على معسكرات الجماعة التي كانت تسمى "القاعدة". ويتحمّل التنظيم مسؤولية آلاف العمليات الإرهابية حول العالم، لكن يبقى أبرزها اعتداءات 11 سبتمبر 2001، التي أسفرت عن مقتل 2973 شخصاً، إضافة إلى 24 مفقوداً، وخلّفت آلاف الجرحى والمصابين.طالبان
بعد انسحاب القوات السوفياتية عام 1989، أصبحت أفغانستان فعلياً بلا سلطة حاكمة لمدة 7 سنوات، وعانت القتال المستمر بين الحلفاء السابقين ومجموعات مختلفة من المجاهدين. وخلال تسعينيات القرن الماضي، بدأت تظهر "الحركة الإسلامية لطلبة المدارس الدينية" طالبان، وهي جمع كلمة طالب في لغة البشتو. واستمدت اسمها من طلاب المدارس الذين تيتّم الكثير منهم جرّاء الحرب، وتلقوا تعليمهم في شبكة من المدارس الإسلامية المنتشرة في قندهار، ومخيمات اللاجئين على الحدود الأفغانية - الباكستانية. تأسست الحركة على يد الملا محمد عمر عام 1994، بمساعدة طلبة المدارس الدينية الذين بايعوه أميراً لهم، وحكمت أفغانستان بين عامي 1996، حين أعلنت قيام "الإمارة الإسلامية في أفغانستان"، و2001 حين شنّت الولايات المتحدة وبعض حلفائها حرباً لإسقاط حكم الحركة بعد هجمات 11 سبتمبر. كثرت التحليلات والروايات عن الجهات الخارجية التي كانت وراء إنشاء الحركة. فبعض الروايات ينسب نشأتها إلى المخابرات الباكستانية، والبعض الآخر إلى المخابرات الأميركية. بينما نفت الحركة كل ذلك على لسان الملا عمر، الذي أكد أن فكرة تأسيس الحركة راودته، بعد أن رأى الفساد المستشري في ولاية قندهار ورغبته في وضع حد له.-
أبرز هجماتها
"جماعة أبو سياف" في الفيليبين
تأسست في جنوب الفيليبين على يد عبد الرزاق أبي بكر جنجلاني، المكنى بأبي سياف وحملت اسمه، عام 1991، حين انشق عن "الجبهة الوطنية لتحرير مورو" احتجاجاً على عقدها هدنة مع الحكومة الفيليبينية. كان هدف الجماعة إنشاء دولة إسلامية غربي جزيرة مندناو، حيث تقطن غالبية مسلمة. ويتوزع المئات من مسلحي أبو سياف في جزر باسيلان وسولو وتاويتاوي. ويصل نشاطهم إلى مانيلا، بينما نشأت علاقتهم بالمتشددين العرب عبر الطلاب والعمال من المنتمين إلى الجماعة في الشرق الأوسط، وأثناء التدريب والقتال في أفغانستان. التحق أبو سياف بمراكز التدريب التابعة لـ"جبهة مورو الوطنية" في ليبيا، بعد دراسته الجامعية في السعودية. وتلقى في ليبيا تدريبات عسكرية وقيادية، عاد بعدها إلى مسقط رأسه في جزيرة باسيلان، وهي جزيرة كبيرة ومنعزلة. ووجه مشاعر المحيطين به إلى العداء للمسيحيين، زاعماً أن المسلمين هناك يعانون من اضطهاد المسيحيين الآتين من الشمال، الذين دفعت بهم الحكومة وساعدتهم لتغيير الخارطة السكانية في الجنوب المسلم. قتل زعيم الجماعة أبو بكر جنجلاني خلال اشتباكات مع الشرطة الفليبينية في ديسمبر 1998، ليستلم شقيقه الأصغر قذافي جنجلاني القيادة. لكن الجماعة انقسمت إلى مجموعتين. الأولى، هي الأكبر ويقودها رادولان ساهيرون، والثانية هي مجموعة القذافي نفسه وهي الأصغر، لكنها كانت تتميز بوجود قائد بارز فيها يدعى أبو الصبايا، يُعتقد أنه قتل عام 2007. وتطلق الجماعتان على نفسهما اسم "أبو سياف".-
أبرز هجماتها
بوكو حرام
تأسست الجماعة السلفية الجهادية عام 2002 على يد محمد يوسف، وأخذت من قرية كاناما في ولاية يوبه شمال شرقي نيجيريا على الحدود مع النيجر، مركزاً لها. الاسم الرسمي للجماعة هو "جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد"، لكنها أطلقت على نفسها اسم "بوكو حرام". وتعني كلمة بوكو باللغة الهوسية "التعليم الغربي"، وحرام هي كلمة عربية. فيكون المعنى "التعليم الغربي حرام"، أو "منع التعليم الغربي". عملت الجماعة على تسليح نفسها جيداً، وهدفها تطبيق الشريعة الإسلامية في كل ولايات نيجيريا. وباتت تسيطر على مناطق في شمال نيجيريا، كما نفذت عمليات إرهابية في الكاميرون والنيجر، في مسعى لإقامة ما تسميه "إمارة إسلامية". أعدمت السلطات النيجيرية يوسف في يوليو 2009، بعدما ألقي القبض عليه. وتسلّم القيادة حينها أبو بكر شيكاو، الذي بايع تنظيم "الدولة الإسلامية"، في تسجيل صوتي على الإنترنت في مارس 2015، وغيّر اسم الجماعة ليصبح "ولاية غرب أفريقيا".-
أبرز هجماتها
"الدولة الإسلامية في العراق والشام"
بخلاف معظم التنظيمات الإرهابية، لا تاريخ محدد لتأسيس تنظيم داعش. إذ تطوّر التنظيم الأساسي منذ العام 2003، وتبدّل اسمه مرات عديدة، ولكنه يتشابه في أهدافه مع التنظيمات المتطرفة الأخرى. إذ يسعى إلى إعادة "الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة" في مناطق نفوذه. ظهر التنظيم للمرة الأولى في العراق تحت اسم "جماعة التوحيد والجهاد"عام 2004، بقيادة أبو مصعب الزرقاوي، الذي أعلن بعد أشهر قليلة البيعة لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وغيّر اسم تنظيمه ليصبح قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين، الذي اشتهر باسم تنظيم القاعدة في العراق. عام 2006، اندمج التنظيم مع مجموعة من التنظيمات الأخرى، وشكلوا مجلس شورى المجاهدين في العراق، قبل أن تستمر عمليات الدمج خلال العام نفسه، ويُعلن الاسم الجديد "دولة العراق الإسلامية"، بزعامة أبي عمر البغدادي. كان هدف التنظيم من هذا الاسم، جذب أكبر عدد من المتشددين الإسلاميين من مختلف الدول العربية. في أبريل 2010، قتل البغدادي خلال عملية عسكرية للقوات الأميركية والعراقية في منطقة الثرثار في العراق، ليحل مكانه أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش حالياً. ظهر تنظيم داعش للمرة الأولى في أبريل 2013، عندما أعلن البغدادي في تسجيل صوتي أن جبهة النصرة امتداد لتنظيمه. مؤكداً دمج التنظيمين تحت اسم "الدولة الإسلامية في العراق والشام". لكن النصرة سارعت في اليوم التالي إلى رفض عرض الاندماج. حينها، قرّر البغدادي نقل نشاط تنظيمه رسمياً إلى سوريا، وتحديداً إلى مدينة الرقة، حيث دارت معارك عنيفة مع كل التنظيمات المسلحة هناك، ومن بينها النصرة، أدت إلى سيطرة داعش على المدينة، التي باتت لاحقاً أبرز معاقله. في يناير 2014، تسللت قوات من داعش إلى مدينتي الفلوجة والرمادي، واحتلتهما بعد أشهر من تصاعد العنف في محافظة الأنبار. وفي تطور مفاجئ في 10 يونيو، شن داعش هجوماً أدى إلى سيطرة سريعة على مدينة الموصل، ثاني أكبر المدن العراقية. ووسع سيطرته إلى محافظة صلاح الدين، التي تربط وسط العراق بشماله وتضم مدينة بيجي، حيث أكبر مصافي النفط العراقية. وحاول الاقتراب من محافظة كركوك الغنية بالنفط والمتنازع عليها، لكن قوات البشمركة الكردية سارعت إلى احتلال المحافظة بعد انسحاب الجيش العراقي. وأعلن التنظيم في 29 يونيو 2014 قيام "دولة الخلافة الإسلامية" بقيادته، ومبايعة زعيمه البغدادي خليفة للمسلمين، وتغيير اسم التنظيم إلى الدولة الإسلامية. وألغى الحدود بين العراق وسوريا، ودعا المسلمين إلى الهجرة إلى دولة الخلافة. انتشر التنظيم لاحقاً في جنوب اليمن وليبيا وسيناء وأزواد والصومال ونيجيريا وباكستان، عبر تنظيمات إرهابية متشددة بايعته.-
أبرز هجماته
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...