بجملة ميصحش كده، عبّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن غضبه من انتقاد أحد الإعلاميين له عندما غرقت شوارع الإسكندرية بسيول الأمطار، في نوفمبر 2015.
كثيراً ما يبدي النظام المصري عدم رضاه عن أدء وسائل الإعلام التي تشكل الرأي العام. ولكن السؤال: هل يحرّك النظام الإعلام في الدولة كما يريد؟
إطاحة غير المرغوب بهم
روى عمار (اسم مستعار) الذي كان يعمل في قناة "أون تي في" أن مدير تحرير البرامج في القناة أبلغ الإعلامي الشاب أحمد خير الدين برغبة القناة في عدم ظهوره على الشاشة، لأن الدولة "في حالة حرب" والوضع السياسي لا يحتمل تناول الأحداث بأسلوبه. وكان "خير الدين"، قبل ذلك قد أدان على الهواء قتل الأمن لمتظاهريْن على حكم براءة الرئيس الأسبق حسني مبارك، في قضية قتل المتظاهرين.وبحسب عمار، جاء استبعاد "خير الدين" من "أون تي في" تنفيذاً لاتفاق رؤساء القنوات الخاصة، في اجتماع لهم رتّبته السلطات عقب الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي وإغلاق السلطات للقنوات الدينية، على "منع تسلل داعمي الإرهاب في الإعلام".فيديوهات الجيش
وروى عادل (اسم مستعار) الذي يعمل معدّاً في قناة خاصة انطلقت بعد ثورة 25 يناير، أن القوات المسلحة المصرية تطلب في بعض الأحيان عرض فيديو معين، فترسل قرصاً مدمجاً لكل قناة. وأضاف أن القرص المدمج يُرسل في سيارة تمرّ على مقرّات القنوات في مدينة الإنتاج الإعلامي، ويتضمن مشاهد لـ"جولة لوزير الدفاع أو عمليات للجيش في سيناء أو شيء آخر". وأشار عادل الذي يعمل حالياً في برنامج غير سياسي إلى أن مسؤولين في الجيش غضبوا بشدة من القناة التي يعمل فيها في إحدى المرات بسبب قطع الفيديو قبل عرض "تتر النهاية"، إذ يشددون على ضرورة "عرض الفيديو حتى نهايته". وفي سياق غير بعيد، أشار منصور (اسم مستعار)، مقدم برنامج في قناة خاصة، إلى حصوله من جهة رسمية على فيديوهات تدّعي تآمر بعض منظمات المجتمع المدني على النظام الحاكم، إلى جانب فيديوهات أخرى تتحدّث عن تآمر الغرب على الدول العربية (ليبيا، سوريا، مصر)، وفيديو يتحدث عن عن ما يسمى بـ"حروب الجيل الرابع".تركيز سياسي على قضايا معيّنة
وقال خالد (اسم مستعار) الذي يعمل في برنامج في قناة يملكها عضو في غرفة صناعة الإعلام إن رئاسة الجمهورية تعطي تعليمات لإدارة القناة، وبعد ذلك تصل إلى معدّي البرامج، بنقاش موضوع بعينه، ضارباً المثل التالي: "حين قُتل المواطن المصري عادل حبيب في لندن طُلب منّا مناقشة القضية بشكل موسع ليكون لها زخم مماثل لقضية المواطن الإيطالي جوليو ريجيني الذي قُتل في مصر". وأوضح خالد أن برامج "التوك شو" في القناة كثّفت بناءً على هذه التعليمات من حديثها عن القضية، مشيراً إلى أنه بالتزامن مع هذه التعليمات تقدم النائب مصطفى بكري بطلب إحاطة في مجلس النواب لوزير الخارجية لكشف ملابسات مقتل الشاب المصري عادل حبيب في لندن. وذكر خالد نوعاً آخر من التدخل، هو "التدخل بالمنع"، موضحاً أنه "في فترة من الفترات تعترض جهات مثل الرئاسة على ظهور ضيف معين". في هذا السياق، أشار ياسر (اسم مستعار) الذي يعمل معدّاً في قناة خاصة إلى أن المرشح الرئاسي خالد علي هو أحد أبرز الأسماء الموضوعة في قوائم المنع بناء على تعليمات من "مؤسسة الرئاسة" لإدارة القناة. وفي ذات الإطار، أشار صلاح (اسم مستعار) وهو أيضاً معد في إحدى القنوات الخاصة إلى أن فريق إعداد البرنامج اتفق مع الروائي علاء الأسواني على الظهور في البرنامج، في الشهور الأولى من حكم السيسي، إلا أن إدارة القناة دفعتهم إلى الاعتذار منه بسبب ضغوط عليها. وقال إنه لا يعرف الجهة التي قامت بذلك ولكنه يرجّح أن تكون رئاسة الجمهورية.اجتزاء التصريحات
وأشار مصطفى (اسم مستعار) ويعمل معد برامج إلى أنه في 16 أغسطس 2013، استضافت قناة "أون تي في" الدكتور أحمد عبد ربه، أستاذ العلوم السياسية. ولكن قبل دخوله إلى الاستوديو، حاولت إدارة القناة إلغاء الفقرة الخاصة به، بناء على تعليمات من الدولة بعدم استضافة شخصيات مثله تندد بطريقة فض اعتصام أنصار جماعة الإخوان في ميدان رابعة العدوية. وأكمل مصطفى أن القناة اضطرت إلى استضافة عبد ربّه لضيق الوقت وعدم توافر بديل. وتابع: بعد 25 دقيقة من ظهوره على الهواء أتت تعليمات بإنهاء الفقرة وقطع الهواء عن الضيف بفاصل إعلاني، وذلك بعدما أدان عملية فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة. حاولنا التأكد من الواقعة. تواصلنا مع عبد ربه الذي يعيش خارج مصر حالياً، فأكد ما حدث، إلا أنه أشار إلى عدم علمه بما حدث خلف الكواليس قبل دخوله الاستوديو. وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى تضييق آخر تعرض له على قناة "سي بي سي" من قبل الإعلامية لميس الحديدي والإعلامي خيري رمضان، في مايو 2014، بسبب آرائه.ضيوف النظام
في بعض القضايا، تطلب بعض الجهات الكبرى في البلد ضيوفاً معيّنين يتحدثون في مسألة معيّنة. وقال خالد: "أحياناً بيقولو عايزين فلان يتكلم لانه ده هيتكلم بشكل كويس وهيهدي الدنيا»، لافتاً إلى أن الجيش هو أحد أبرز الجهات الرسمية التي تعطيهم قوائم بأسماء معيّنة لاستضافتها أو إجراء مداخلات معها مثل اللواء محمود خلف، الخبير الاستراتيجي ومستشار أكاديمية ناصر العسكرية. في الأول من مايو الجاري، اقتحمت قوات الأمن نقابة الصحافيين المصرية، وألقت القبض على الصحفييْن عمرو بدر ومحمود السقا، فاندلعت أزمة على إثر ذلك، وطالبت النقابة بإقالة وزير الداخلية. حول تلك المرحلة، روى توفيق (اسم مستعار) الذي يعمل في إحدى القنوات الخاصة المملوكة لرجل أعمال مقرّب من النظام أن إدارة القناة طلبت من القائمين على البرنامج الذي يعمل فيه "عرض لقطات ومداخلات مع جبهة تصحيح المسار (أعضاء من نقابة الصحافيين وقفوا ضد نقابتهم وإلى جانب السلطة)، وعدم إجراء أي مداخلات من أعضاء مجلس النقابة". وكانت وزارة الداخلية المصرية قد أرسلت في 3 مايو بالخطأ بريداً إلكترونياً، للصحافيين المكلفين بتغطية أخبارها، تضمن الخطة الكاملة لمواجهة تصعيد نقابة الصحافيين ضدها. وكان من ضمن هذه الخطة "الاستعانة ببعض الخبراء الأمنيين من السادة لواءات الشرطة بالمعاش والتنسيق مع بعض البرامج لاستضافتهم وشرح وجه نظر الوزارة في الواقعة، على أن يتم اختيارهم بعناية فائقة". وعقب اكتشاف الداخلية الخطأ، سارعت إلى النفي ببريد قالت فيه إن هناك خلل تقني لحق بالإيميل الخاص بالوزارة! وفق توفيق وياسر، وصلت التعليمات بعرض لقطات من اجتماع جبهة تصحيح المسار واستضافة وإجراء مداخلات مع أعضائها إلى كل القنوات التابعة لغرفة صناعة الإعلام. ويشار إلى أن عشر قنوات فضائية مصرية كانت قد أسست في يناير 2014، ما يسمى بـ"غرفة صناعة الإعلام المرئي والمسموع". وتضم الغرفة: النهار، سي بي سي، الحياة، القاهرة والناس، أون تي في، دريم، التحرير، صدى البلد، المحور، والفراعين.شهادة شهيرة أمين
شهيرة أمين، إعلامية استقالت من منصبها في التلفزيون الرسمي إبان ثورة يناير لرفض وزير الإعلام تغطية تظاهرات معارضي النظام، أكّدت لرصيف22 إن التدخل بعد الثورة طال أمور عديدة، بعد أن كان قاصراً على تدخلات من الجيش تتمثل في مراجعته للمواد التي تمسه قبل عرضها. وأشارت شهيرة التي شغلت منصب نائب رئيس قناة "نايل تي في" حتى 2011، وعملت كمراسلة لـ"سي أن أن" في شمال أفريقيا حتى عام 2012، إلى أن "كل برامج التلفزيون المصري تتم الآن متابعتها قبل إذاعتها" (تقصد البرامج المسجلة). ولفتت أمين إلى أنه عند وضع دستور 2014، استضافت الدكتور كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية، في برنامجها وقال معلقاً إن "الدستور عظيم جداً، لكن بيِدّي خصوصيات للجيش"، فحذف المسؤولون في التلفزيون الجزء الثاني من التصريح ليظهر كأنه يمتدح الدستور بلا تحفّظ. وتطرقت نائب رئيس قناة "نايل تي في" سابقاً إلى ما يعرف بـ"قوائم المنع"، حيث قالت إن هناك قائمة تأتي من جهة أمنية في الدولة بأسماء شخصيات يحظر استضافتها في التلفزيون الحكومي، لافتة إلى أن هذه الجهة كانت تبرر ذلك بالقول "احنا في حرب واللي مش معانا يبقى خاين". وشددت الإعلامية شهيرة أمين التي تركت العمل في التلفزيون المصري مرّة أخرى، على أن تدخلات الدولة في عمل وسائل الإعلام ليس في صالح الإعلام المصري على الإطلاق، لافتةً إلى أن جزءاً من التدخلات في عمل الإعلاميين يكون مصدره إدارة القنوات، وقالت: "بيكون فيه تدخل من الإدارة... في الإدارة بيكونوا ملكيين أكتر من الملك نفسه".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومينأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ يومينحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ 5 أيامtester.whitebeard@gmail.com